الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحلة : جورنيكا القرن الحادي و العشرين

باقر جاسم محمد

2005 / 3 / 3
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


أخـي من يفضـح الجـلاد غيـر دمــائنا تفضـح
معين بسيسو
*************

الحلة مدينة الحلم ، مدينة الطيبة و التسامح و المحبة ، مدينة العلم و الأدب ، المدينة التي كانت منتجعا جميلا حتى أواخر ستينيات القرن العشرين . ( في صيف عام 2002 ذهبت الى محل للتصوير يقع في شارع أبي القاسم و شاهدت صورة كبيرة ملونة لمدينة الحلة مأخوذة في منتصف الستينيات و من أعلى برج البلدية و كانت المدينة خضراء و نظيفة و تبدو مثل مدينة في فرنسا أو سويسرا. رأيت الى جانبي شابا في العشرينيات من عمره فسألته : هل تعرف المدينة التي في هذه الصورة ؟ نظر الى الصورة بإمعان و قال : كلا ؛ فلم يسبق لي الذهاب الى الخارج قلت: و لكنها مدينة الحلة ! نظر مرة ثانية ، و ظهرت على وجهة تعابير الدهشة ثم الابتسام ثم قال بصوت فيه رنة الاكتشاف : نعم أي و الله هذه هي الحلة . لكن ما الذي أحالها الى ما هي عليه الآن يا عم ؟ فقلت ساخرا : أنه التطور . و لم أزد لأن الصنم لم يكن قد سقط بعد . هذه المدينة هي التي انقلبت الى ( خرابة ) في زمن البعث الفاشي ، و الى هذه المدينة يقدم لها أمير الظلام و دراكيولا القرن الحادي العشرين (الزرقاوي ) هداياه من موت و جريمة فيفجر واحدة من سياراته المفخخة في قلب المدينة مستهدفا مكانا يعج بالسابلة و البائعين و المرضى و الناس الذين يبحثون عن شهادة طبية تثبت سلامة بصرهم حتى يجدوا عملا في التعليم أو في مهنة سياقة السيارات أو في الشرطة الوطنية ليحيل كل هؤلاء الى أشلاء ممزقة و مختلطة ببعضها و ليضيف الى قائمة اليتامى و الأرامل أعدادا كبيرة . هؤلاء الأبرياء يشرف حذاء كل واحد منهم كل الزرقاويين و أتباعهم من فقهاء الظلام و سياسيي الكذب و النفاق .
نعم . هذا هو هدف الزرقاوي المثالي . القتل و الدمار و هي خدمة لأطراف داخلية . و النتيجة جريمة توفرت لها كل أركان البشاعة و أدانها ساسة و زعماء من دول كثيرة و صمت عنها العرب . أما الجورنيكا فهي مدينة أسبانية آمنة قصفها الألمان خدمة لأطراف داخلية أيضا و كانت نتيجتها جريمة بشعة صورها الفنان العالمي بيكاسو في لوحة مثلت علامة مهمة في تأريخ الفن في القرن العشرين . فمتى يتصدى فنانونا ذوو الرؤيا الإنسانية لتخليد شهداء هذه الجريمة ؟
نعم . هكذا هو هدف الزرقاوي المثالي و هدف المتعاونين معه : أشلاء لرجال و نساء و أطفال مختلطة ببعضها و دماء هي نجيع طهور ... و هكذا تفضح دماؤنا الجلاد مرة أخرى. و لكن الى متى نظل ندفع أنهارا من الدماء الزكية ؟ و الى متى نظل قانعين بدور الضحية ؟ أم هل تكفي دنانير حكومة علاوى في مواساة الأرامل و اليتامى ؟ و الى متى تظل هذه الذئاب تسرح و تمرح في أرض الرافدين فتضرب يوما في كربلاء و آخر في الكاظمية و آخر في الموصل وآخر في المسيب و آخر في الحلة ؟ متى نعالج الأسباب دون إهمال النتائج ؟ فالزرقاوي الغريب عن العراق و عن العروبة و عن الإسلام ما كان له أن ينجح في جرائمه بحق الشعب العراقي لو لم يجد حاضنة مناسبة له . لذلك نقول للحكومة القادمة : لقد طرحتم أثناء الانتخابات شعار " حين يفشل الآخرون نتقدم نحن " ، و حتى لا تفشلوا أنتم أيضا نقول لكم : لا تنشغلوا بقتل البعوض فقط و إنما جففوا المستنقع . و حينذاك يمكن لكم أن تحققوا ما لم يحققه الذين سبقوكم ، و أن تنهضوا بالبناء في سياق من سيادة الأمن و القانون . و الشعب العراقي الذي اكتشف قوته في يوم الانتخابات المشهود ، هذا الشعب ينظر و ينتظر و يصبر . و لكنه لن يعذر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تحذير من إدارة الطيران الأميركية بسبب -عيب كارثي- في 300 طائ


.. استشهاد 6 فلسطينيين بينهم طفلتان إثر قصف إسرائيلي على منطقة




.. كيف سيكون رد الفعل الإسرائيلي على إعلان القسام أسر جنود في ج


.. قوات الاحتلال تعتقل طفلين من باب الساهرة بالقدس المحتلة




.. شاهد: الأمواج العاتية تُحدث أضراراً بسفن للبحرية الأمريكية ت