الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الغرب يعوّل على الإخوان المسلمين في محاربة الجهاديين

منعم زيدان صويص

2012 / 10 / 9
مواضيع وابحاث سياسية


كان العلمانيون في العالم العربي يأملون أن تنتهي الإنتفاضات العربية إلى حكومات ديمقراطية حقيقية تستند إلى حرية الرأي والتفكير وتضع حدا للإسلام السياسي المعاصر، ولكن الأحداث برهنت على إستحالة تحقيق هذه الآمال في المستقبل المنظور وتبين من الإنتخابات التي جرت في تونس ومصر والمغرب، والإتجاه الإسلامي الذي اتخدته الأحداث في سوريا، أن الشعوب العربية غير مستعدة بعد لفصل الدين عن السياسة، وأن الدين لا يزال سلعة رائجة يمكن إستغلالها سياسيا، وأن غالبية الناس تؤيد الإخوان المسلمين، أوحتى الحركات الأخرى من الإسلام المتطرف. أما في ليبيا فلم يربح الإسلاميون الإنتخابات لأن غالبية الفئة العمرية التي إنتَخبت في ليبيا تتكون من الشباب والكهول ممن تربوا في عهد القذافي، الذي إمتد على مدى ثلاثة واربعين عاما، وهذه الفئة درست في مدارس القذافي التي لم تُعر إهتماما كبيرا للتعليم الديني وتأثرت بنظريات القذافي الفجة وموقفه من بعض المعتقدات والمبادىء التي لن نخوض فيها الآن. ولم يكن الإسلام السياسى واضحا وقويا، لا في ليبيا ولا في غيرها، قبل إنقلاب القذافي في عام 1969 ولم يؤثر على الناس -- كان عبد الناصر لا يزال حيا -- وظهر بعد الثورة أن معظم الإسلاميين السياسيين في ليبيا هم من المتطرفين المتأثرين بالخارج وأن تأييد الشعب لهم لم يكن قويا، والدلالة على ذلك أن الناس في بنغازي تظاهروا ضد أنصار المجاهدين وغيرهم وطردوهم من المدينة بعد مقتل السفير الأمريكي.

لقد نشأت حركات الإخوان المسلمين بعد أن أسسس حسن البنا حركته في مصر عام 1928، ولكن هذه الحركات لم تقوَ أو تتسع إلا بعد 1967 نتيجة لليأس والخيبة التى شعرت بها الشعوب العربية بعد الهزيمة المذلة والنكراء أمام إسرائيل، فقد تخلى الشباب اليائس، تدريجيا، عن القومية العربية التي قادها جمال عبد الناصر في مصر وحزب البعث في سوريا والعراق، ونبذوا بقية الأحزاب اليسارية، وانظم كثير منهم إلى الفكر الأسلامي السياسي، ونجحت كوادرالإخوان في التسرب إلى وزارات التربية والتعليم في الدول العربية المحيطة بإسرائيل وتسلم مواقع مهمه، وخاصة في الأردن ومصر، وسيطرت أفكارهم على أفكار جيلين كاملين، وهم الذين نراهم الآن يتظاهرون في الشوارع. وبعد ذلك بسنوات بدأت تظهر في العالم العربي حركات أسسها متطرفون، كثير منهم تربى في حضن الإخوان المسلمين، ولما وجدوا أن الأسلاميين المعتدلين وشبه المعتدلين يختلفون معهم في الرأي، أنشقوا عن الحركة الأم وكونوا حركات تؤمن بالعنف، والتسلح الشعبي، والثورات العامة، والإغتيالات، والتكفير، ومن هذه الحركات القاعدة، التي ضمت في صفوفها متطرفين مصريين عتاة من أمثال أيمن الظواهري. وكان لهذه الحركات تأثيرمدمر على دول المنطقة وشعوبها وأدت عمليايتها وهجماتها، بطريقة أو بأخرى -- ومن سخريات القدر-- إلى تقوية أسرائيل وسيطرة دول الغرب المؤيدة لها على المنطقة، بالإضافة إلى أنها لم تهاجم أسرائيل أبدا ولم تهبّ لنجدة الشعب الفلسطيني عمليا أو تشن على أسرائيل أي من عملياتها الإنتحارية.

وشعر العالم أن هذه الحركات تراجعهت بعض الشيء قبل ثورات الربيع العربي نتيجة الجهد والضغط الأمريكي الهائل. ولكن بعد إنتفاضات الربيع العربي تبين أن هذه الحركات كانت فقط نائمة، وأنها بدأت تصحو وتنتشر ليس فقط في أفغانستان وباكستان والصومال وبعض الدول العربية في الشرق الأوسط وشمال إفريقبا بل تعدت هذه الدول إلى مالي ونيجيريا وغيرها. وكونت بعض هذه الحركات تحدي واضح لمصرالإخوان عندما هاجم المتطرفون القوات المصرية على الحدود مع غزة وقتلوا عددا كبيرا من الجنود المصريين.

لقد أثبتت التجارب التاريخية أن حركات الإسلام السياسي لم تكن متحدة أو متفقة في أي فترة من التاريخ الإسلامي، وأنها نشات منذ عهد الخلفاء الراشدين، الحكم الإسلامي الحقيقي الوحيد في التاريخ، وأن ثلاثة من هؤلاء الخلفاء الأربعة إغتيلوا على خلفية سياسية، ونعرف ان شيعة علي إنشقت وطورت عقيدة أخرى، ولا يزال العالم الإسلامي يقاسي الويلات من هذا الانقسام. وإذا اردنا أثباتا على أنقسامات الأسلام السياسي يكفي أن نرى عدد الحركات الإسلامية التي ظهرت في الصومال منذ ربع قرن. إن باستطاعة كل إسلامي في الصومال يتمتع بشخصية قوية وحب السيطره أن يشكل حركة جديدة ويجمع المحاربين ويبدأ بقتال الإسلاميين الآخرين، ويدعي أن إسلامه هو الصحيح وان إسلام الآخرين ليس فقط غير صحيح وإنما هو كفر. فكل منهم لديه إنتحاريون لايمكن هزيمتهم، يؤمنون تماما بعقيدتهم ومستعدون للموت دونها، وكل منهم يعتبر قتلاه شهداء. فعندما ظهرت المحاكم الإسلامية في الصومال أستطاعت أن تسيطر على معظم البلاد وظهرأن البلاد أوشكت ان ترى فجر السلام، ولكن حركات متعاونة مع القاعدة ظهرت لتحارب المحاكم ومنها حركة الشباب الحالية التي تحارب أي نوع من الإستقرار والتي أعلنت بعد الإنتخابات الاخيرة أنها ستقتل جميع أعضاء البرلمان الجديد.

قبل الإنتفاضات العربية، حاولت الأنظمة أن تقضي على الإرهاب التي تمارسه الحركات الإسلامية المتشددة، ولكنها لم تستطع. فعلى العكس تكاثرت الحركات المتطرفة، والسبب أن هذه الأنظمة لم تكن إسلامية وكانت الشعوب العربية تحتقرها وتتهمها بالتبعية للغرب وتنفيذ مخططاته. غير أن الوضع في هذه الدول الآن يختلف تماما فالشعب المؤيد للإخوان، والذي كان يحلم بالسيطرة على الحكومات، لن يصدر ضدهم أي إتهامات من هذه القبيل حتى لو أصبحوا مؤيدين للغرب.

ومن المتوقع أن تستمرالحركات الإسلامية في الإنقسام والتكاثر والإتنتشار، وها قد بدأ الإحتكاك بينها وبين الأنظمة الإخوانية، على الأقل في مصر وتونس، وكذلك في ليبيا ،وتبدو حكومات هذه الدول مصممة على تحقيق الإستقرار، والقضاء على الحركات المتطرفة تماما إذا كان لا بد من ذلك. لقد فشلت الدكتاتوريات العربية والغرب في القضاء على الحركات الإرهابيه، وها هى دول حلف شمال الأطلسي تخطط لإنسحاب قريب من أفغانستان، حيث تستعد طالبان للحلول مكانهم، وها هي المنظمات الإرهابية في العراق وسوريا توحد قواها لتستمر فى القتل والتدمير.

ويظهر أن الغرب توصل إلى قرار، مبني على مبدأ "الفوضى الخلاقه" لكوندوليزا رايس، بأن يدعم الإنتفاضات العربية، رغم علمه بأنها ستنتهي بسيطرة الإسلاميين على هذه البلدان، ويحقق هدفين: الأول هو أنه سيربح صداقة وتأييد قطاع واسع من الشعوب الإسلامية، والثاني هو ترك أمر الحركات الإسلامية المتطرفة للأنظمة الإسلاميه الجديدة لتشتبك معها وتقضي عليها نيابة عنه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قيادي بحماس: لن نقبل بهدنة لا تحقق هذا المطلب


.. انتهاء جولة المفاوضات في القاهرة السبت من دون تقدم




.. مظاهرة في جامعة تورنتو الكندية تطالب بوقف حرب غزة ودعما للطل


.. فيضانات مدمرة اجتاحت جنوبي البرازيل وخلفت عشرات القتلى




.. إدارة بايدن وإيران.. استمرار التساهل وتقديم التنازلات | #غرف