الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سياسة ..ام ارتزاق ؟

حميد غني جعفر

2012 / 10 / 9
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


السياسة كما نعرفها ونفهمها – منذ أمد بعيد – أنها مبادئ وقيم إنسانية وأخلاق سامية نبيلة يؤمن بها أصحابها من السياسيين – الحقيقيين – المناضلين من أجل القضايا العادلة لشعوبهم وأوطانهم وفي هدى تلك المبادئ والإيمان الراسخ بقضاياهم قدموا أغلى التضحيات وجادوا بأنفسهم – والجود بالنفس أقصى غاية الجود – من أجل تحقيق طموحات وتطلعات شعوبهم في عيش كريم ومستقبل أفضل وبناء نظام إنساني تسوده العدالة والمساواة وقد حقق أولائك المناضلون بوحدة إرادتهم وتضحياتهم الكثير من الانتصارات والانجازات الكبيرة لشعوبهم وقاموا بأعظم الثورات لتحرير شعوبهم وبلدانهم من قبضة الأجنبي وهيمنته ، في كل بلدان العالم ومنها بلداننا العربية ،هكذا عرفنا السياسة إيمان راسخ وتضحية من أجل قضية عادلة
نبيلة بعيدا عن الأنانية وحب الذات أو المصالح الضيقة .
أما اليوم وتحديدا بعد العام – 1990 – وبانهيار الإتحاد السوفيتي – السابق – فقد انهارت وديست بالأقدام كل تلك المباديء والقيم الإنسانية والأخلاقية السامية – التي كانت سائدة حتى ذالك التأريخ – ومما يؤسف له أنها ديست حتى من الكثير من السياسيين الوطنيين ... وانقلبت كل الموازين والمقاسات ... في عالم القطب الواحد والعولمة المتوحشة بهدف إعادة تقسيم العالم من جديد وفرض ديمقراطيتها – المسخ على العالم - وهذا بالضبط ما كان يسعى إليه الغرب الإمبريالي بزعامة أمريكا ... ولابد من الاعتراف – وإن كان مؤلما – بنجاح أمريكا باستثمار واقع المعاناة القاسية التي تعيشها شعوبنا العربية – من فقر وبؤس وجهل وتخلف – وقمع وكبت للحريات العامة والشخصية - في ظل أنظمة متخلفة فاسدة وديكتاتورية شمولية مارست أبشع أساليب التنكيل ضد شعوبها ... نجحت باستقطاب الكثير من المشردين من بلدانهم – لمختلف الأسباب – وليس السياسيين فقط – فهناك الكثير من الذين لا صلة لهم بالسياسة أو بمصالح شعوبهم من كل صنف ولون - لتجعل منهم – قوى معارضة لأنظمة بلدانهم – وتغدق عليهم الأموال ومختلف وسائل الدعم ... لإضفاء صفة الشرعية على تدخلها العسكري في تلك البلدان بذريعة نشر ديمقراطيتها المزعومة ،
وتسعى أمريكا وحلفاءها بحربها على هذا البلد أو ذاك ليس إلى إسقاط النظام ذاته – أو رأس النظام – بل إلى هدم الدولة بكل بناها التحتية ومؤسساتها ومرتكزاتها الاقتصادية والمؤسسة العسكرية – الجيش – وكل المنظومة القانونية للبلاد لتعم الفوضى والخراب والسلب والنهب ... ثم يصاحبها اختلاق الفتن – قومية أو دينية – أو طائفية – لإشعال حرب بين تلك الطوائف لإشغالها عن قضاياها الوطنية الأساسية لتمزيق وتشتيت وحدة الشعب ليسهل عليها الهيمنة على البلاد ويكون النظام – الجديد خاضعا لهيمنتها بفعل حاجته لإعادة بناء البنى التحتية ... و خضوع النظام لشروط الإخطبوط الرأسمالي المتمثل بالمرتكزات الثلاث – البنك الدولي – صندوق النقد الدولي – منظمة التجارة العالمية – وهذا الثالوث – بطبيعة الحال – يرتبط بأمريكا وحلفاءها – الإتحاد الأوربي – حلف شمال الأطلسي - .
ولا نريد الإطالة والإسهاب في فضح أهداف ونوايا أمريكا وحلفاءها فهي واضحة لكل الشعوب وقياداتها الوطنية التقدمية – وليس من قبيل التنظير – وما تحدثنا عنه هو واقع فعلي وملموس – على الأرض – وليس رجما بالغيب ، وها هي شعوبنا العربية تعيش المحنة والمأساة ... وخصوصا شعوب ما يسمى - ثورات الربيع العربي – التي ثارت شعوبها من أجل الخبز والحرية فالتف عليها أولائك المرتزقة صعاليك السياسة ليحصدوا ثمار ثوراتها بفعل تحالفاتهم مع الغرب ، فكان الربيع هو ربيع الغرب ، وهذا ما أكدناه في مقالة سابقة – طريق ربيعكم يا عرب - ... وهذا واقع حال بلادنا أيضا الذي تحدثنا عنه كثيرا في العديد من المقالات ، وما تنشره صحافتنا يوميا أو مواقع الكترونية – عديدة - من أخبار وتقارير وتحقيقات ليست فضائح – حسب – بل هي جرائم بحق هذا الشعب الذي أبتلي بتجار السياسة والمرتزقة هو أكثر بكثير ... والذي لفت نظري وحّز في نفسي كسائر العراقيين المخلصين لوطنهم هو هذا الخبر الذي نشرته العديد من المواقع الالكترونية وأيضا نشرته جريدة – طريق الشعب في – 11 – 9 – 2012 - وأكدته كذالك جريدة التيار الديمقراطي في – 30 أيلول - 2012 – في مقالة على الصفحة الأخيرة وبعنوان – 15 برلمانيا يحكمون العراق والعراقيين .. لماذا ؟ ومع أن الفضائح كثيرة ولا تحصى والشارع العراقي – كما قلنا في مقالة سابقة – يقرأ الممحي والمكشوف – من خلال معايشته للتجربة المرّة ، إلا أنه لا يدري تفصيليا بما يدور خلف الكواليس من صفقات ومساومات وبيع وشراء للمقاعد والمناصب الحساسة ، لكن هذا الخبر يكشف المستور كما ورد في الجريدة نقتبس منه هذا المقطع ( وفق ما ورد في رسالة الأستاذ جاسم المطير إلى القاضي مدحت المحمود رئيس المحكمة الاتحادية والتي جاء فيها أسماء – 15 مرشحا فقط استطاعوا أن يحققوا العدد المطلوب من الأصوات بنسبتها المحددة في المحافظات وهم : نوري المالكي ، أياد علاوي ، أسامة النجيفي ، طارق الهاشمي ، إبراهيم الجعفري ، خالد شوان ، رافع العيساوي ، باقر جبر ، أرشد رشد ، علي بابير ، حميد عادل ، بهاء الأعرجي ، صفاء الدين الصافي ، عبد الحسين عبد الرضا ، خلف عبد الصمد ) وقد أيد القاضي مدحت ما ورد في رسالة الأستاذ المطير – الجوابية – وهذا يعني أن – 310 – من أعضاء البرلمان قد هيمنوا على أصوات الناخبين الذين لم يصوتوا لهم وتم تعيينهم من قبل رؤساء الكتل المتسلطة ، وردا للجميل صار هؤلاء – صعاليك السياسة – 310 – يتخذون المواقف وفق رغبة رؤساء الكتل – وليس وفق مصالح الشعب .
وهذا يعني أن هؤلاء – 310 – نواب مزيفون ومرتزقة – لا يمثلون الشعب ، فالشعب لم يصوت لهم وفرضوا عليه بإرادات شخصية ومصلحيه هي الأخرى لا تمثل إرادة الشعب ، بل إرادات خارجية ، فماذا ينتظر الشعب من هكذا برلمان ومن هكذا كتل - تبيع وتشتري – بالمواطن العراقي في غفلة منه ... بلا وازع من أخلاق أو ضمير أو دين ... فأين هو الدين والشريعة التي يتشدق بها – الإسلاميون – من هذه العملية اللصوصية ... وأين هي الديمقراطية والشفافية التي تدعي بها الأمم المتحدة وأرسلت بعثتها لمساعدة العراقيين ... يتضح من هذه الألفاظ الجذابة بأنها تضليل للمواطن ... لأن هذا التزوير قد جرى بعلم وإشراف بعثة الأمم المتحدة ... والواقع فإننا كمواطنين عراقيين نعي وندرك جيدا ، مغزى تلك المصطلحات الفضفاضة وأهدافها التضليلية للضحك على الذقون وهذا ما اوضحناه في مقالة سابقة – ديمقراطية أم ضحك على الذقون - وندرك أيضا أن الأمم المتحدة ذاتها واقعة تحت تأثير وضغوطات القوى الكبرى وخدمة مصالحها ولذا فإنها أرسلت بعثتها بذريعة مساعدة العراقيين لكنها في الواقع هو تماشيا و مجارات مع مصالح القوى الكبرى لخلق حالة من التوازنات ، وهذا بالضبط ما دعى إليه الرئيس الأمريكي السابق – بوش – في الانتخابات السابقة – الأولى – أقول نحن العراقيين ندرك كل ذالك ، لكننا أردنا فقط إطلاع كل الشعب العراقي والرأي العام على هذه الحقائق عن ديمقراطية أمريكا الزائفة التي تريد فرضها على الشعوب بالقوة .
وبرلمان مثل هذا قال عنه الشاعر الكبير معروف الرصافي
علم ودستور ومجلس أمة *** كل عن المعنى الصحيح محرف
وهو فعلا تزوير وتحريف وسرقة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سائق يلتقط مشهدًا مخيفًا لإعصار مدمر يتحرك بالقرب منه بأمريك


.. إسرائيل -مستعدة- لتأجيل اجتياح رفح بحال التوصل -لاتفاق أسرى-




.. محمود عباس يطالب بوقف القتال وتزويد غزة بالمساعدات| #عاجل


.. ماكرون يدعو إلى نقاش حول الدفاع الأوروبي يشمل السلاح النووي




.. مسؤولون في الخارجية الأميركية يشككون في انتهاك إسرائيل للقان