الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الموت في الحياة-4-

حميد غني جعفر

2012 / 10 / 9
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


( نأسف لهذا الالتباس بنشر
الحلقة الخامسة قبل هذه الرابعة
من هذه المقالة – ومعذرة - )

في الحلقة السابقة تحدثنا عن نموذج من ديمقراطية هؤلاء الساسة المتصارعون ومحاولاتهم في الهيمنة وفرض الوصاية على منظمات المجتمع المدني بتطويعها كأداة لخدمة الحكومة ... فكانت عن الإتحاد العام لنقابات العمال ... ونذكر اليوم نموذج آخر- وما أكثرها - لإطلاع الجماهير العراقية والرأي العام على مدى ديمقراطية هؤلاء المتشدقين باسمها كذبا ونفاقا ، وهذا النموذج يتعلق بمنظمة الشبيبة الديمقراطية ... إذ تقدمت هذه المنظمة – قبل أكثر من عام – بطلب رسميا إلى دائرة تسجيل المنظمات غير الحكومية التابعة للأمانة العامة لمجلس الوزراء ، للحصول على إجازة ... وبعد مداولات ومناقشات طلبوا النظام الداخلي لمنظمة الشبيبة وبعد إطلاعهم عليه ... اشترطوا تبديل فقرات منه ... وتم لهم ما أرادوا بتعديل بعض الفقرات ، ثم أخذ الطلب السياقات القانونية الأصولية حتى بلغ الطلب نهايته في منح الإجازة – قبل أيام – وإذا بالسادة الديمقراطيون يشترطون من جديد على منظمة الشبيبة بتغيير اسم الشبيبة بتسمية أخرى ... بذريعة أن الشبيبة واجهة سياسية ، وأنهم أي الشبيبة شاركوا بمسيرة الأول من أيار ومسيرة 14 تموز وتظاهرات شباط 2011 في ساحة التحرير... وقاموا بإطلاع الزملاء – المراجعين على الطلب – على فلم مرسل من – الداخلية – وفيه صور هؤلاء الشباب ومن معهم في التظاهرة والمسيرات ... لكن منظمة الشبيبة الواعية رفضت هذا الشرط – تغيير اسم الشبيبة –وهي على حق لأن شطب اسم الشبيبة يعني شطب كل تأريخها المجيد ونضالها الطويل وتضحياتها الجسام إلى جانب الشعب العراقي وكل قواه الوطنية المخلصة في كل المعارك الوطنية والطبقية عبر تأريخه العريق ، وبالتالي تطويعها وتسخيرها لتكون أداة للحكومة ... وعند مراجعة أخرى للزملاء – حول الموضوع – طالبهم السادة في دائرة التسجيل من جديد باستبدال اسم الشبيبة – بالشباب – وحذف كلمة الديمقراطية وحتى الوطنية – أي بأن تكون منظمة الشباب فقط – فهم يخشون اسم الشبيبة ويتعوذون بالله من اسم الديمقراطية - وظلت القضية معلقة إلى حين تتقدم منظمة الشبيبة بدعوى قضائية في الأيام المقبلة ، تلك هي الديمقراطية .. وإلا فلا ... لا ندري كيف يفهم هؤلاء السادة – الديمقراطية – يبدو أن الديمقراطية بمفهومهم هي حرية الصراعات بينهم لاقتسام الغنائم و لمن يركض وراءهم – بلا وعي – يهتف ويصفق لديمقراطية الفطحل علاوي أو الطائفي المالكي ... أليس هذا قمع لحرية الرأي التي كفلها الدستور العراقي ؟ في التعبير عن الرأي والتظاهر والاحتجاج السلمي ... إن من حق هؤلاء الشباب وكل العراقيين الغضب والاستنكار والاحتجاج على سوء وتدهور أوضاع البلاد عامة – أمنيا وخدميا – واجتماعيا – واقتصاديا – وسياسيا – وخصوصا الشبيبة منهم المحرومون من أبسط حقوقهم في الحياة الحرة الكريمة ... كيف لا ... وهم يرون قادتهم الميامين ..! يحتمون في المنطقة الخضراء المحصنة وبحمايات مشددة ... و ينامون آمنين مطمئنين ويتنعمون بحياة الرفاه والبذخ وبكل وسائل الراحة – من كهرباء ومكيفات هواء – لا يشعرون بالحر والبرد – ورواتب ضخمة ومخصصات مغرية – هم وأولادهم والمقربون منهم – وكلها من أموال الشعب العراقي – المحروم – كل هذا النعيم – ناهيك عن اللغف من اختلاسات وسرقات بالمليارات على حساب الشعب الجائع وهم يتاجرون باسمه ، في حين أن هؤلاء المواطنين وخصوصا الشبيبة منهم حياتهم مهددة بين لحظة وأخرى بالأعمال الإرهابية ليس لهم من يحميهم ... فهم يتحسرون على ماء صالح للشرب أو كهرباء تقيهم حر الصيف اللاهب أو فرصة عمل للحصول على لقمة عيش كسائر البشر ، لكن هؤلاء القادة الأشاوس يريدون من الشعب الصمت والتفرج فقط على حلبة مصارعاتهم – المخجلة – ليتنعموا هم فقط بأموال الشعب وخيراته وعرق جبينه ... إن من حق الشعب – شيبا وشبانا رجالا ونساءا أن يتظاهروا ويحتجوا لأنهم أيقنوا بأن كل معاناتهم المرّة هي بسبب صراعات هؤلاء الفرسان على المناصب والمغانم لا غير ... ونحن على يقين بأن منظمة الشبيبة الديمقراطية هذه ... لو كانت من منظمات التيارات الإسلامية الحاكمة – وتشارك في المواكب – لكانت قد منحت الإجازة – بيوم واحد – ودون أية شروط أو عراقيل .
تلك هي ديمقراطية هؤلاء المرائين ، مزايدات رخيصة بين الأقطاب الثلاثة لتضليل الشعب وتخدير يقظته بوعود كاذبة وشعارات براقة وبالتسارع بالظهور على شاشات الفضائيات بشكل يومي – كما كان صدام حسين – حتى سئم الناس رؤيتهم ... وكل منهم يلعن الآخر ... ولا ندري من هو المسؤول إذن عن معاناة شعبنا وبلادنا ... إذا كان كل منهم يتهم الآخر ويبريء نفسه ، وهم جميعا شركاء في الحكومة والبرلمان ... فهل هي حكومة شراكة وطنية ... أم هي شركة مساهمة وبرأسمال مدفوع – إقليميا وأجنبيا وبتعاطف أيضا من – الجيران –
هذه لمحات موجزة وهي – قيض من فيض – عن مجمل أداء الحكومة والبرلمان وتوجهاتهما المعادية للديمقراطية و البعيدة عن الدستور وعن مصالح الشعب فلقد كتبنا وكتب غيرنا الكثير وما تنشره الصحافة – المحلية والعربية والأجنبية – أكثر من الفضائح التي تزكم الأنوف و لا يستحون منها .
وليس إقليم كردستان بمنأى أو بمعزل عن كل تلك الصراعات على المصالح – شخصية أو قومية أو طائفية الأمر الذي يزيد – الطين بلة – كما يقال – فالسيد البار زاني يسير بذات الاتجاه الذي ينهجه علاوي المشاكسة بتصعيد حدة الصراعات وإطلاقه التصريحات النارية من أية دولة يزورها و التي تنطوي على التهديد بشكل مباشر أو غير مباشر مع أن تلك التصريحات تتقاطع مع توجهات كتلته – التحالف الكردستاني – تماما كما يفعل علاوي ويصرح على هواه دون الرجوع إلى رأي قائمته – العراقية – وقياداتها ... وهذا التفرد في المواقف من – علاوي والبارزاني هو الديكتاتورية بعينها ، ولا نقول هذا دفاعا عن المالكي وحكومته فهو لا يختلف عنهم بشيء ويتفرد أيضا بقراراته المرتجلة ويمارس القمع والتهميش لخصومه بشتى الأساليب الملتوية والمراوغة وهناك الكثير من الدلائل على ذالك ، منها على سبيل المثال لا الحصر قراره بإعادة كبار الضباط من البعثيين – السابقين - إلى الجيش وهو قرار مرتجل دون الرجوع إلى مستشاريه في الحكومة ودون حسبان لنتائجه ومر دوداته السلبية وتداعياته على أمن وسلامة المواطنين ، ويتفرد باستخدام أجهزته الأمنية في التضييق على الحريات العامة والشخصية وقمع الأصوات الحرة الخيرة ... فكما فعل بالأمس في قمعه لتظاهرات شباط الاحتجاجية 2011 وما أعقبها من ممارسات ومداهمات بوليسية – سبق الإشارة لها في مقالاتنا – يقوم اليوم أيضا بإرسال جلاوزته لنشر حملته الإيمانية بمداهمة النوادي الليلية ومنها إتحاد الأدباء والكتاب بذريعة وجود نادي للمشروبات داخل الإتحاد ... وقد ضجت البيوت السكنية المحيطة به بالشكوى – بحسب زعم جلاوزته – وحقيقة الأمر أن كل الذين يرتادون مقر الإتحاد هم من خيرة الشخصيات المرموقة من المثقفين التقدميين والأدباء وأساتذة وأكاديميين و كتاب وشعراء وفنانين مسرحيين وموسيقيين هؤلاء جميعا كانوا قد احتجوا واستنكروا قرار مجلس النواب بشأن قانون الانتخابات وطالبوا بتعديله ، وبادروا مع منظمات المجتمع المدني وقوى وشخصيات التيار الديمقراطي بحملة جمع تواقيع – لا تسرقوا صوتي – والجميع شارك فيها ، الأمر الذي أغضب المالكي وأزعجه من صوت الحقيقة ولذا عمد إلى استفزازهم في محاولة لخنق تلك الأصوات الحرة بالترهيب والتضييق على حرياتهم الشخصية ، والدليل على ذالك أن ليس حول مقر الإتحاد أية دور سكنية وهذه الحقيقة يعرفها كل الذين يرتادون الإتحاد أو غيرهم من أهالي بغداد ، هذا من جهة ومن جهة أخرى فإن عمر الإتحاد أكثر من نصف قرن ... لم يضج سكان المنطقة بالشكوى فكيف يضجون اليوم بالشكوى ، وفي هذا الوقت بالذات ، بعد تظاهرات شباط 2011 واليوم خلال حملة لا تسرقوا صوتي ، لكن المرض والظلام المتجذر في عقول الأجهزة القمعية البوليسية – ومن يقف وراءها - تسعى لنشر ظلامها على المجتمع كله ، هذا إلى جانب صولات وجولات أخرى على شارع المتنبي والهجوم على – بسطيات باعة الكتب من الكادحين وتحطيمها .


يتبع








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حماس وإسرائيل.. محادثات الفرصة الأخيرة | #غرفة_الأخبار


.. -نيويورك تايمز-: بايدن قد ينظر في تقييد بعض مبيعات الأسلحة ل




.. الاجتماع التشاوري العربي في الرياض يطالب بوقف فوري لإطلاق ال


.. منظومة -باتريوت- الأميركية.. لماذا كل هذا الإلحاح الأوكراني




.. ?وفد أمني عراقي يبدأ التحقيقات لكشف ملابسات الهجوم على حقل -