الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وفاة مؤسس منظمة العفو الدولية .. المعارضة اللبنانية.. أحد جلادي المغرب.. الاحتلالات -الأزواج-..مصر تتغير.. منظمات المجتمع المدني خليل الزبن

مركز الآن للثقافة والإعلام

2005 / 3 / 3
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


وفاة مؤسس منظمة العفو الدولية عن 83 عاماً

توفي مؤسس الحركة العالمية لحقوق الإنسان المعروفة باسم منظمة العفو الدولية بيتر بننسون، أول أمس، عن عمر يناهز 83 عاماً.

وقد أسس بيتر بننسون منظمة العفو الدولية في عام 1961 كحملة كان من المقدر لها أن تستمر لمدة عام واحد للمطالبة بالإفراج عن ستة من سجناء الرأي، وكان نشر دعوته في 28 مايو/أيار 1961، في مقال في صحيفة الأوبزفر البريطانية، تحت اسم "السجناء المنسيون". ولكن اجتذاب نداءه ألوف المؤيدين (حوالي 43500 حالة من حالات ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان)، كانت إيذاناً ببدء حركة عالمية لحقوق الإنسان.

ورأت الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية أيرين خان: "إن حياة بيتر بننسون كانت دليلاً على التزامه الرائع بمكافحة الظلم في كل مكان من عالمنا"، مضيفةً "في 1961 انبثقت من رؤيته حركة دعاة حقوق الإنسان. وفي 2005، أصبحت تركته حركة عالمية من أجل حقوق الإنسان لن تموت أبداً".



وكان الحافز وراء الحملة الأصلية الإحساس بالغضب الذي استبد ببيتر بننسون عندما قرأ مقالاً يتحدث عن القبض على طالبين في ليشبونه، عاصمة البرتغال، في مقهى بعد أن شربا نخباً باسم الحرية ومعاقبتهما على ذلك بالسجن.

وخلال السنوات الأولى من عمر منظمة العفو الدولية، تكفل بيتر بننسون بتقديم معظم الأموال التي كانت تحتاجها الحركة، وقام بجولات لإجراء البحوث اللازمة لنشاطها، وشارك في كل أمر من أمورها.

وكان بيتر بننسون أضاء الرمز الذي أصبح شعاراً للمنظمة - الشمعة المحاطة بأسوار من الأسلاك الشائكة - في احتفال أقيم بمناسبة العيد الخامس والعشرين لتأسيس منظمة العفو الدولية، وهو يقول:

"إن الشمعة لا تحترق من أجلنا، بل من أجل من عجزنا عن إنقاذهم من ظلمات السجون، ومن أزهقت أرواحهم وهم في طريقهم إلى السجون ، ومن تجرعوا آلام التعذيب، ومن تعرضوا للاختطاف و"الاختفاء". إن هذا ما ترمز إليه الشمعة."




بيتر بننسون في سطور
--------------
وُلد بيتر بننسون في 31 يوليو/ تموز 1921 . وقد ظهر نزوعه للمعارضة في فترة مبكرة من حياته، عندما قدم شكوى إلى مدير مدرسته بشأن رداءة نوعية الطعام الذي كان يقدم في المدرسة، مما ترتب عليها إرسال تحذير إلى والدته من وجود "ميول ثورية" لدى ابنها. وفي سن السادسة عشرة أطلق حملته الأولى: من أجل الحصول على دعم المدرسة للجنة الإغاثة الأسبانية التي كانت تقدم يد العون للأيتام أثناء الحرب الأهلية الأسبانية. وقد "تبنى" هو نفسه أحد أولئك الأطفال، وساهم في مساعدته مالياً.

درس التاريخ في جامعة أوكسفورد، ليلتحق فيما بعد بالجيش البريطاني، حيث عمل في المكتب الصحفي لوزارة الإعلام. ثم ترك الجيش ليمارس مهنة المحاماة. وانضم إلى حزب العمال، وأصبح عضواً قيادياً في جمعية المحامين التابعة للحزب.

وفي مطلع الخمسينات، أرسله مؤتمر النقابات العمالية إلى أسبانيا لمراقبة المحاكمات التي أُجريت لنقابيين. وقد روَّعه ما رأى، فأعدَّ لائحة بالشكاوى التي واجه بها قاضي المحكمة. وقد انتهت المحاكمات بتبرئه ساحة النقابيين، وهو أمر نادراً ما كان يحدث في ظل أسبانيا الفاشية.

بدأ بننسون باكتساب سمعة عالمية من خلال العديد من الأنشطة، ففي قبرص، ساعد المحامين القبارصة اليونانيين في قضايا موكليهم الذين اصطدموا بحكامهم البريطانيين، وأسدى لهم المشورة القانونية. وأقنع المحامين التابعين لأحزاب العمال والليبراليين والمحافظين بإرسال مراقبين إلى المجر أثناء انتفاضة العام 1956 وما أعقبها من محاكمات، وكذلك إلى جنوب أفريقيا، حيث كان من المقرر أن تبدأ محاكمة كبرى عُرفت باسم "محاكمة الخيانة".

وقد أدى النجاح النسبي لهذه الأنشطة إلى تشكيل منظمة "العدالة"، وهي منظمة تعنى بالقانون وحقوق الإنسان، ومقرها في المملكة المتحدة.

وهكذا، فإن الأنشطة المستمرة والدؤوبة هي التي أرست الأساس ومهَّدت الأرضية لمسعاه الرئيسي، ألا وهو تأسيس منظمة العفو الدولية في العام 1961. فقد أثار غضبه ذلك الخبر الذي قرأه في إحدى الصحف عن اعتقال وسجن طالبين برتغاليين، لا لشيء إلا لأنهما شربا نخب الحرية في أحد المقاهي.

ووُلدت منظمة العفو الدولية بنشر مناشدة على الصفحة الأولى لجريدة "ذي أوبزيرفر" بعنوان: "السجناء المنسيون". وسرعان ما أصبح تعبير "سجين الرأي" عملة شائعة، كما أصبح شعار الحركة، وهو الشمعة المطوقة بسلك شائك، رمزاً عالمياً للأمل والحرية.

عمل بيتر بننسون في السنوات القليلة الأولى بلا كلل من أجل الحركة الجديدة الناشئة، فعمل على توفير الكثير من الموارد المالية الضرورية، وقام بزيارات إلى بلدان مختلفة لإجراء أبحاث فيها، ولعب دوراً في جميع مجالات عمل المنظمة.

وقال السيد بننسون فيما بعد، مستذكراً تلك الأيام: "كنا في ذلك الوقت لا نـزال نضع أصابع أقدامنا في الماء ونتعلم. وقد جربنا جميع أساليب الدعاية والنشر، وكنا نشعر بالامتنان العميق على المساعدة التي قدمها لنا، على نطاق واسع في شتى أنحاء العالم، الصحفيون وطواقم التلفزة، الذين لم يزودونا بالمعلومات المتعلقة بأسماء السجناء فحسب، وإنما خصصوا مساحات لأخبار السجناء في وسائل الإعلام التي يعملون فيها حيثما أمكن. إنني أعتقد أن العمل الدعائي الذي قامت به منظمة العفو هو الذي جعل اسمها معروفاً على أوسع نطاق، ليس في أوساط القراء فحسب، بل في أوساط الحكومات كذلك -وهذا هو المهم".

بيد أنه لم يتخلَّ عن قضية النضال من أجل عالم أفضل، فقام بتأسيس جمعية لمرضى البُطان -وهو مرض عانى منه بننسون نفسه. وفي الثمانينات أصبح رئيساً لجمعية المسيحيين المناهضين للتعذيب التي كانت قد أُسست حديثاً، وفي مطلع التسعينات قام بتنظيم عملية تقديم مساعدات إلى أيتام رومانيا في عهد شاوشيسكو.

ولم يفقد بننسون حماسته لمنظمة العفو الدولية على الإطلاق. ففي أواسط التسعينات، عاد ليلعب دوراً نشطاً في الحركة كناطق بلسانها وكمناضل في صفوفها. إلا أنه لم يكن دائماً موافقاً على سياسات المنظمة. فعلى سبيل المثال، أعلن على الملأ عدم موافقته على قرار المنظمة القاضي بعدم تبني موردخاي فانونو، المواطن الإسرائيلي الذي سُجن لأنه فضح برنامج الأسلحة النووية لبلاده، كسجين رأي.

وفي 10 أبريل/ نيسان 2001، منحته "ديلي ميرور" جائزة "مفخرة بريطانيا" على الإنجازات التي حققها في حياته، والتي قبلها فقط لاعتقاده أن حضور الإعلام في هذه المناسبة يعود بالفائدة على منظمة العفو الدولية. وقد تزامن منح الجائزة للسيد بننسون مع الذكرى الأربعين لإنشاء منظمة العفو الدولية.

ولم تكن عاطفته يوماً دفينة. ففي احتفال أُقيم خارج مبنى كنيسة القديس مارتنـز في لندن بمناسبة الذكرى الخامسة والعشرين لتأسيس منظمة العفو الدولية، قام بننسون بإشعال شمعة بالقرب من المكان الذي خطرت له فيه لأول مرة فكرة إطلاق حملة دولية لحقوق الإنسان، حيث ردد الكلمات التالية، التي ظهرت منذ ذلك الحين على الملصقات والقمصان القطنية والبطاقات البريدية بعشرات اللغات في شتى أنحاء العالم:

"إن هذه الشمعة لا تشتعل من أجلنا، وإنما من أجل جميع الأشخاص الذين لم نتمكن من إنقاذهم من السجون، والذين أُطلق عليهم الرصاص وهم في طريقهم إلى السجون، والذين تعرضوا للتعذيب، والذين اختُطفوا والذين "اختفوا". من أجل هذا تشتعل الشمعة".

ومن بين الأنشطة التي قام بها بيتر بننسون خلال حياته: تبني الأطفال الأيتام من ضحايا الحرب الأهلية الإسبانية، ومراقبة بعض المحاكمات كعضو في رابطة محاميي العمال، والمساعدة في تأسيس منظمة "العدالة" وتأسيس جمعية للمصابين بأمراض الجهاز الهضمي.

واليوم تدخل منظمة العفو الدولية عامها الرابع والأربعين، وأصبحت أكبر منظمة مستقلة لحقوق الإنسان في العالم، ولديها ما يزيد على 1.8 مليون عضو ومؤيد ملتزمين بحقوق الإنسان في شتى أنحاء العالم.

بيروت دار الحياة 2005/02/28
--------------------------------------------------------------------------

بهية الحريري : خسرت رفيق ولا اريد ان اخسر ابناءه
المعارضة اللبنانية تسترخي بانتظار رئيس الحكومة المقبل

فداء عيتاني من بيروت: سقطت الحكومة، ووقع رئيس المجلس النيابي اللبناني في حيرة، مطالبا رئيس الحكومة المستقيل عمر كرامي بحقه في اطلاعه على الاستقالة قبل اعلانها "اعتقد انه كان من حقي ان اطلع على قراركم قبل إعلانه" قال رئيس المجلس النيابي نبيه بري مخاطبا كرامي الراحل عن مقعد الحكومة، رئيس الجمهورية اللبنانية اميل لحود قبل وخلال ساعات قليلة الاستقالة، مع توقع اعلان مواعيد الاستشارات النيابية الملزمة لتحديد رئيس الحكومة المكلف خلال الساعات الاولى من صباح يوم الثلاثاء، المعارضة تسترخي، وان كان على وقع بضع طلقات من الرصاص، وظهور مسلح هناك وهنا وتبادل للاتهامات بينها وبين مؤيدي عمر كرامي بمن يطلق النار على الاخر وخاصة في مدينة كرامي الشمالية طرابلس.

المعارضة ترتاح، لا بل تحتفل. والان على المعارضة تحديد نقطتين رئيستين: من المرشح لرئاسة الحكومة، ومن سيدفع الثمن ربما بحياته بحال موافقته على ترؤس حكومة غير مرضي عنها، البعض في بيروت يستبعد مشاهدة المزيد من الاغتيالات السياسية، الا ان النائب بهية الحريري التي خسرت حياة اخيها منذ اسبوعين رفضت وعلنا ادخال أي من ابناء رفيق الحريري او عائلته في التقليد السياسي اللبناني بالوراثة للمناصب، تحت شعار "خسرت رفيق الحريري ولا اريد ان اخسر احدا من ابنائه".

إلى اين ستتجه الاستشارات النيابية بعد ان اعلن الرئيس الاسبق سليم الحص عزوفه عن تسلم المهمة، ومن هو الطرف المحايد الذي سيشكل حكومة دون ان يدخل هو نفسه او أي من انصاره المباشرين في انتخابات نيابية يفترض انها قريبة، او للاشراف على التحقيق بمقتل رفيق الحريري، والذي يبدو ان اهم معطياته قد "مضى عليها الزمن" وبالتالي اضمحلت ملامح التفاصيل الامنية التي تمكن من تتبع اثار المنفذين والمخططين للعملية.

تمتلك اليوم المعارضة قدرة استثنائية ان لم يكن على فرض رئيس الحكومة فعلى وجه الدقة على اسقاط اي حكومة، وربما هي تملك الليلة وغدا وبعد غد القدرة على اسقاط رئاسة الجمهورية في الشارع وبالأسلوب نفسه الذي أسقطت به الحكومة، بحسب مصدر من المعارضة، والتي بات من المعلوم ان مطلبها الحالي هو اجراء انتخابات لتشكيل برلمان جديد كخطوة اولى، اللهم اذا لم يحصل أي طارئ او خلل امني كبير.

ومن الأسماء المطروحة لرئاسة الحكومة والتي تتردد في الوسط السياسي اللبناني وزير الاقتصاد الحالي عدنان القصار، التي تشير مصادر سياسية لبنانية إلى انه وخلال جولته على الامين العام لحزب الله حسن نصرالله والنائب الدرزي المعارض وليد جنبلاط قد حصل على تأييد الرجلين الابرز في لبنان حاليا على ترؤسه للحكومة.

الا ان إشارة من النائب مروان حمادة خلال كلمته في المجلس النيابي صباح يوم الاثنين كانت كافية لتغير المعطى الذي اصبح الكلام فيه من قبيل الكلام السياسي المبتذل، لا... ثمة ما جرى في لقاء القصار مع الهيئات الاقتصادية غير ما اوردته وسائل الاعلام، ثمة كلام (سبق لإيلاف الإشارة إليه في حينه) قيل لمن يعتبر مرشحا محايدا وصديقا شخصيا لرئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، وهو كلام ثقيل ومباشر وحاد، وكذلك قيل كلام مماثل من قبل هذه الهيئات لرئيس الجمهورية خلال لقائه الهيئات الاقتصادية، ودار جدل حاد بين رئيس الجمهورية وهذه الهيئات، وهو طبعا غير ما نقلته وسائل الاعلام اللبنانية عن توجيهات رئيس الجمهورية للهيئات بعدم الدخول في السياسة.

مصادر مطلعة مقربة من رئيس الحزب التقدمي تشير إلى لقاء جنبلاط بعدنان القصار، المرشح لرئاسة الحكومة والذي اسقطه مروان حمادة خلال كلمته من أي منصب وزاري ببضعة تلميحات، حيث تقول المصادر ان جنبلاط سأل القصار بصراحة "ما الذي تفعله بين هؤلاء إلى الان؟" مشيرا إلى حكومة عمر كرامي والموالاة، فاجاب القصار بانه ليس من "ضمن هؤلاء" وانه يعاني ما يعانيه بسبب موقعه الوزاري، وانه متردد في اتخاذ خيار نهائي.

وتقول المصادر ان جنبلاط عدد للقصار، صديقه، المشاريع المالية والصناعية التي يتشارك جنبلاط والقصار فيها معا، ومنذ اعوام، وهي مشاريع يعتقد اللبنانيون ان جنبلاط يمتلكها بالكامل، مع اعتقادهم بالمقابل ان القصار يعنى بالشوؤن المالية وليس التجارية والصناعية، وتضيف المصادر ان جنبلاط وبعد تعداد هذه المشاريع المشتركة سأل القصار "والان كيف تريدني ان ابقى شريكك، وكيف تريدني ان اثق بك"، فاسقط بيد القصار، وانتهى الاجتماع بين الصديقين بشكل سلبي.

علما ان وليد جنبلاط يتصرف حاليا بصفته "الشهيد التالي" في السلسلة الانتحارية للمعارضة اللبنانية، التي دفعت اولا محاولة اغتيال مروان حمادة، وبعده رفيق الحريري، وجاء ارساله لابنائه وخاصة تيمور إلى باريس "لابقاء احد ابناء جنبلاط بامان" وطبعا هذا على الرغم من انه هو يعلم جيدا ان التهديدات التي تلقاها رفيق الحريري شملت حالة "سفر او تسفير ابنائه إلى الخارج".

وفي ظل هذا التأزم تتجه المعارضة إلى اجتماعها المزمع عقده صباح الثلاثاء لتحديد موقف جدي من الخطوات اللاحقة، من رئاسة الحكومة ومرشحها "المحايد الذي لن يرشح نفسه او موالين له" في الانتخابات النيابية، ومتابعة التحقيق بجدية في مقتل رفيق الحريري، ودفع عملية الانسحاب السوري من لبنان إلى الامام ليس من دون مساعدة خارجية واضحة وجلية.



فداء عيتاني GMT 23:45:00 2005 الإثنين 28 فبراير إيلاف


---------------------------------------------------------------


العلاقة بين منظمات المجتمع المدني

والسلطة الوطنية * (2-1)

دراسة من إعداد:خليل الزبن

رئيس تحرير مجلة النشرة

رئيس الجمعية الفلسطينية لحقوق الإنسان

* الصباح تنشر الدراسة للشهيد خليل الزبن بعد حصولها عليها من ارشيفه الشخصي


تتميز تجربة العمل الجمعياتي الأهلي في فلسطين، بخصوصية متميزة وغير عادية، في منطقتنا العربية، كون أن العديد من أعرق الجمعيات الفلسطينية، قد سبقت قيام ونشوء السلطة - الدولة بمئات السنين،




وتمكنت بعض هذه الجمعيات والمؤسسات من النمو والتطور في مشاريع خدماتها المجتمعية والخيرية والإغاثية والثقافية والتربوية، سواء إلى جانب سلطة الأحزاب والقوى الوطنية الفلسطينية، أو بمعزل عنها، من أن تشكل رافعة لتنمية وترسيخ مؤسسات المجتمع وتطويره، وتلبية حاجاته الأولية منذ بدايات هذا القرن.

ونظراً للخصوصية الجغرافية والتاريخية لفلسطين، كمهد للأديان الموحدة، فإن مؤسسات الأوقاف المسيحية والإسلامية، ومنذ غابر تلك الأزمان، أدت دوراً نهضوياً في بناء أسس وركائز مؤسسات المجتمع الوطني الفلسطيني، وشكلت وحدة الكنيسة والمساجد في مواجهة التحديات التي واجهها المجتمع حينذاك سواء في حقبة الخلافة العثمانية، أو في ظل الانتداب الاستعماري البريطاني، الذي أنيطت به مهمة تنفيذ وعد بلفور، إطاراً يحمي النسيج المجتمعي ويحصنه بمنظومة من القيم والثقافات وتجارب ومنجزات الحضارات الإنسانية.. كما ساعد الجمعيات السياسية العربية التي نشأت في مطلع القرن الماضي لمواجهة تركة "الرجل المريض" ومخاطر إتفاقات سايكس - بيكو وما سبقها وتلاها بعد ذلك. (1)

وإستناداً إلى الموروث الثقافي والفكري الذي أبدعه جيل من الرواد الفلسطينيين أمثال : إميل الجوزي، وكلثوم عودة، وخليل السكاكيني، وعارف العارف، وغيرهم الكثير من قادة الفكر والرأي في فلسطين ، فقد أسهمت المؤسسات التربوية والثقافية التي أنشأتها البعثات التبشيرية في فلسطين، إلى جانب المؤسسات الإسلامية المماثلة، دوراً نهضوياً تنويرياً، في مواجهة سياسة "التتريك" الرسمية، في ظل سلطة الخلافة، ساعد على إيجاد قفزة ثقافية تنويرية أعادت الإعتبار للعروبة والتعريب وللثقافة والفكر، في مواجهة عصور الإنحطاط الثقافي، بحيث شهد القرن التاسع عشر إنشاء العشرات من الكليات الأكاديمية، والمعاهد والمؤسسات العلمية في القدس والمدن الفلسطينية الرئيسية الأخرى، التي كانت تدرس مناهجها باللغة العربية، إضافة للغاتها الأصلية: (الفرندر، الفرير، تراسانطة، شنللر، اليسوعية، الأرثوذكسية الروسية وغيرها. (2)

ساعد وصول المطابع إلى فلسطين عام ، وتطور الصحافة في بعض البلدان العربية، على نشوء وازدهار الصحافة الفلسطينية، وعلى هامشها الصحافة الطلابية، التي إضطلعت منذ بداياتها بمهام سياسية ووطنية وثقافية، كان في مقدمتها التصدي للهجرة الصهيونية ومقاومة إستيلاء اليهود على الأراضي الفلسطينية بوسائل مختلفة، بما في ذلك التسهيلات الحكومية العثمانية حينذاك.

ولابد من الإشارة والتذكير هنا، إلى موروث من منظومة القيم التكافلية والتضامنية التي عاشها المجتمع الفلسطيني، وبخاصة في الريف منذ مطلع هذا القرن، وقد مثلت نموذجاً حيـاً متقدماً ومتفتحاً، على أسلوب العمل التعاوني والإشتراكي البدائي.. مثل "العونة" في مواسم الحصاد في الحقول والكروم، ذات الملكية الخاصة أو المشاع، و"الفزعة"، والمشاركة التكافلية.. المالية والمعنوية في الأفراح والأحزان.. في ظل هذا المستوى من التطور المجتمعي، نمت وترعرعت فكرة الجمعيات التطوعية الخيرية والإنسانية في فلسطين منذ بدايات هذا القرن.

وبصدور الدستور العثماني عام 1908 شهدت مدن وريف فلسطين نشوء جمعيات أهلية علنية، بعد إقرار القانون العثماني للجمعيات.. لكن نذر الغزوة الصليبية الجديدة، لم تمكن الولايات العربية من التمتع بالحكم الذاتي الإداري، وبهذا التحول الدستوري الجديد في سلطة الخلافة، بحيث أشعلت نيران الحرب العالمية الأولى السهل العربي كله!! (3)

في بداية عهد الإنتداب الإستعماري لفلسطين، إحتفظت الجمعيات بدورها الهام، وتشكلت جمعيات ونقابات مهنية وشعبية ودينية مثل (جمعية العمال في حيفا 1920، والإتحاد النسائي، والإسعاف، والنجادة، و جمعية الشبان المسلمين، و جمعية الشبان المسيحية، و دار الأيتام الإسلامية، وجمعيات الهلال الأحمر، وجمعية المعلمين في القدس إلخ) وقد شكلت هذه الجمعيات الجديدة، ذات التوجه العلماني إلى جانب الجمعيات القائمة في بقية المدن الفلسطينية، حاضنة للعمل الوطني والسياسي، مما مكن الأحزاب والحركات السياسية، الإضطلاع بدورها في قيادة النضال الوطني الفلسطيني في تلك الفترة.

بعد نكبة عام 1948 أصاب الجمعيات الفلسطينية، وكافة أطر العمل الشعبي ما أحاق بمكونات المجتمع الفلسطيني جميعها، وكيانيته السياسية أيضاً فاندثرت بعض هذه الجمعيات، وما إستطاع منها الإستمرار في ظل الوصاية والإنتداب العربي، في الضفة الفلسطينية وقطاع غزة، إختار لنفسه مهام ووظائف أخرى، تركز معظمها في المجالين الخيري والإجتماعي العام، وأصبحت هذه الجمعيات محكومة بسلطة القوانين الأردنية والمصرية.

وتجدر الإشارة هنا إلى أن ضعف العمل الشعبي، وتشكيل الجمعيات في قطاع غزة منذ الولاية المصرية، يعود إلى حظر سلطات الحاكم العسكري المصري العام، وتشددها في الترخيص لإقامة الجمعيات منذ العدوان الثلاثي على مصر، وإحتلال قطاع غزة عام 56 - 57 من جانب الجيش الإسرائيلي.. كما إنعدمت في تلك الفترة الجمعيات ذات الطابع التعاوني.. رغم أن السلطات المصرية قد إتخذت توجهاً إقتصادياً ذو طبيعة إشتراكية، نشأت في ظله جمعيات تعاونية وإستهلاكية عملاقة، لكنها إقتصرت على مصر وحدها، وذلك نتيجة إعلان قطاع غزة منطقة حرة للتجارة مع الخارج، مما عكس أوضاعاً إجتماعية وإقتصادية معقدة لازال المجتمع الغزي متأثراً بها.

ولم يكن حال الحياة الجمعياتية في الضفة الفلسطينية وبخاصة في القدس بأحسن حالاً، إذ بعد إعلان ضم الضفة الغربية رسمياً إلى المملكة الأردنية الهاشمية عام 1950 ألحقت الجمعيات الفلسطينية بالإتحاد العام للجمعيات الخيرية في الأردن، وأصبحت خاضعة للقانون الأردني، وبخاصة الجمعيات والمؤسسات التربوية والثقافية والصحية، والإجتماعية والمهنية التابعة للأوقاف المسيحية والإسلامية.

هزيمة حزيران 67

ألقت هزيمة حزيران بظلالها السوداء الكارثية على المجتمع الفلسطيني، بعد أن تم إحتلال كامل الأراضي الفلسطينية من جانب قوات الإحتلال الإسرائيلية في الخامس من حزيران عام 1967، وكما نزحت وأجبرت جموع الشعب في الضفة والقطاع على النزوح والتشرد، إنسحب الوضع نفسه وبشكل أكثر صعوبة، على قطاع الجمعيات والمؤسسات وبخاصة تلك التابعة للأوقاف الإسلامية والمسيحية، حيث خضعت لقوانين الإحتلال الحربي الإسرائيلي.. فيما إضطرت العشرات من الجمعيات التطوعية والشعبية إلى الهجرة للضفة الأخرى، أو إغلاق أبوابها أمام خدمة المجتمع، الذي أحاقت به النكبة من جديد؟!



منظمة التحرير

والعهد الذهبي

بعد قيام منظمة التحرير الفلسطينية عام 1964 وتحولها عام 1968 إلى إطار تمثيلي كامل للكيانية السياسية والنضالية والتمثيلية للشعب الفلسطيني، في كافة أماكن تواجده، إنصب إهتمام القيادة الفلسطينية على تشكيل الإتحادات والنقابات والإطارات القطاعية الفلسطينية، وأصبحت دائرة التنظيم الشعبي، واحدة من دوائر م.ت.ف الرئيسية والهامة، وأصبح القطاع الشعبي حاضراً وممثلاً في المجلسين الوطني والمركزي للمنظمة بكل فعالية.

ومن الضروري التأكيد هنا على أن هذا التأطير الشعبي، سبقه تجربة رائدة تمثلت في رابطة طلاب فلسطين التي تشكلت في القاهرة منذ مطلع الخمسينات، ومثلها رابطة الطلبة الفلسطينيين في سورية، والأطر النسائية وإتحاد عمال فلسطين، وهي مؤسسات شكلت القاعدة الشعبية المؤطرة والمنظمة لإنطلاقة الثورة الفلسطينية المسلحة.

وبإستخدام أداة القياس نفسها يمكن إعتبار تجربة جمعية أسر الشهداء والمعتقلين والجرحى، التي تشكلت كمؤسسة إجتماعية عام 1965 من جانب حركة "فتح" في دمشق، واحدة من أهم تجارب العمل الجمعياتي النضالي والإنساني والتنموي في تاريخ الجمعيات الفلسطينية الذي عاصر نشوء فصائل الثورة الفلسطينية، والتي لازالت فروعها في دول الطوق وخارجها، تؤدي مهامها الإجتماعية، رغم كل مصاعب العمل السياسي والحصار المالي، الذي رافق هذه الفصائل في حلها أو ترحالها القسري على النحو الذي نعرفه.

وتجدر الإشارة هنا أيضاً، إلى أن جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني والتي تأسست في الشتات في إطار "فتح" ورافقت إنطلاقتها، كرست منظومة من القيم الإنسانية الأصيلة، والمتأصلة في روح الثورة، سواء في تجربتها الأولى في الساحة الأردنية بعدعام 67 في إطار العمل الإجتماعي والإنساني والصحي للجماهير الفلسطينية والأردنية على السواء.. في القرى والمدن والمخيمات، أو في بوادي صحراء جنوب الأردن ووسطه وشماله وقد كانت مناطق معزولة وفقيرة تستوطنها الأمراض المنقرضة، ولا تصلها الخدمات الأساسية والضرورية لحياة الإنسان (4)

وشهدت المناطق اللبنانية المحرومة في جنوب لبنان ذات الدور الإجتماعي الرائد، منذ عام 1968 حيث أنشأت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني العيادات الطبية الثابتة، والمتنقلة، وبعد ذلك المستشفيات ومراكز الرعاية وعلاج إصابات الحروب والتأهيل، وكانت تقدم خدماتها الإنسانية والطبية للإنسان اللبناني المحروم من هذه الخدمة، بنفس التوجه الذي كان يحكمها إزاء المخيم الفلسطيني، الذي كان هو الآخر مطوقاً في ذلك الوقت، بمجموعة من القوانين وأحكام الطوارىء الإستثنائية، وبالتوازي مع ذلك كانت تلك الخدمات تقدمها جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني للمواطن السوري في جنوب سورية وشمالها وللمخيمات الفلسطينية، بما في ذلك إقامة المستشفيات ومراكز الأبحاث ومصانع الأدوية الأولية، وكل أشكال الرعاية الصحية.

وتعتبر التجربة الجمعياتية لجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني في مصر، نموذجاً رائداً تحتذى به الجمعيات المصرية المماثلة والعريقة في تكوينها ونشأتها وخبراتها.. وحسب رأي خبراء ومتطوعون عرب ومصريين، فإن مستشفى فلسطين، الذي أقامته الجمعية منذ بداية السبعينات في القاهرة يعتبر "أكاديمية طبية" فضلاً عن كونه واحداً من أهم المراكز الطبية العربية في مصر.

ولقد ساعد هذا الوضع وهذه المكانة العربية والدولية لجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، في تدعيم وتمكين المؤسسات والجمعيات الطبية في المناطق المحتلة وبخاصة القدس، من القيام بمهامها وتأطير العلاقة معها، سواء أكان ذلك في ظل ظروف الإحتلال، أو خلال حقبة الإنتفاضة المباركة.. أو في ظل السلطة الوطنية الفلسطينية، حيث تمكنت الجمعية من تعزيز جهود بناء ما هدمه وأهمله الإحتلال، في المؤسسات والمراكز والجمعيات الطبية، ودور الرعاية المتخصصة.. وتعتبر مدينة "الأمل" الطبية، التي أقامتها في خانيونس بمساعدة وتمويل من الدول والجهات الصديقة، صرحاً إنسانياً وإجتماعياً، وصحياً، وثقافياً، وتنموياً، لم تتمكن دول عريقة من إقامته خلال تلك الفترة الوجيزة، لتقديم خدماته لذلك الجنوب المهمش والمهشم!!



الصمود الفلسطيني

في حرب تشرين

مكن صمود المقاتل الفلسطيني على كافة جبهات القتال المصرية والسورية واللبنانية وبخاصة، داخل فلسطين المحتلة منظمة التحرير الفلسطينية، من الفوز بإعتراف العالم السياسي في الأمم المتحدة، بشرعية مقاومتها وحقوق شعبها الوطنية والسياسية في فلسطين.. وقد ساعد هذا الوضع الجديد، والذي إنعكس إيجابياً على وضع المؤسسات الوطنية داخل الوطن المحتل، من خوض واحدة من أكثر التجارب الديموقراطية تقدماً من خلال النتائج التي أفرزتها الإنتخابات البلدية عام 76 في ظل الإحتلال البغيض، وروابط القرى والمدن الخارجة من جحوره!!

فقد فتح فوز القوائم الوطنية في تلك الإنتخابات آفاقاً جديدة، بحيث أصبح لمفهوم العمل الأهلي، مدلولات جديدة تجاوزت المهام التقليدية لدور البلديات، مما جعل لها دوراً وطنياً بارزاً، وخلق الأجواء المساعدة لظهور المؤسسات الوطنية، وشيئاً فشيئاً بدأت تتشكل النقابات والإتحادات والجمعيات، والمراكز والأندية على نطاق أوسع، في كافة أنحاء المناطق الفلسطينية المحتلة، وسرع ذلك من إنخراطها في العمل الوطني - التنموي من خلال قيامها بأداء مهامها المتخصصة التي أخذت تطال مختلف جوانب الحياة المجتمعية.. ولابد من التنويه هنا إلى تجربة فتح الجامعات والمعاهد الأكاديمية في المدن الفلسطينية آنذاك والدور الرئيسي الذي لعبته في تأصيل فكرة وفلسفة العمل الجمعياتي التطوعي، وإنتقالها إلى داخل الخط الأخضر، من خلال الأنشطة الشبابية الإجتماعية ومعسكرات العمل التطوعي.

يقول د. دارم البصام، وهو أحد أبرز علماء الإجتماع والمختصين بفلسفة العمل الأهلي العربي في دراسته التي قدمها للمؤتمر العربي الثاني للمنظمات الأهلية العربية الذي عقد أعماله في القاهرة في الفترة من 17 - 19 أيار عام 1997، بمشاركة وفد فلسطيني مثل كافة أطياف العمل الأهلي وإتجاهاته وأطره.. نقتبس منه ما نصه: " إن رؤيتنا للعمل الأهلي.. توازني وليس الحاقي، دائم وليس طارىء مخطط وليس ظرفي.. وأخيراً مؤسسة، وليس مجرد تنظيم، ومثل هذا التصور المؤسسي الذي نتبناه ينتقل بالعمل الأهلي من معنى الرعاية إلى معنى التنمية، وتعزيز القدرات والدفاع عن الحقوق، والتمكين للجماعات المستهدفة، وتلك غايات، تتطلب تغييرات في الأهداف العامة والإجرائية وآليات عمل للمنظمات غير الحكومية العربية، وكذلك تطوير تصوراتها ولمفاهيمها وقيمها وعاداتها ومهمات الإتصال والتفاوض التي تتبعها، وفي تقديمها للخدمات الإجتماعية، لأنها تقدمها كمؤسسة مصممة أساساً للدفاع عن مصالح الجماعات وحمايتها من أجل حياة أفضل.(5)

هذه الرؤية المتقدمة حكمت في واقع الحال العمل الأهلي الفلسطيني في تلك الحقبة، وأسهمت لاحقاً في فتح آفاق جديدة ومتنوعة لتنظيم مختلف الطاقات والفعاليات في إطار م.ت.ف وفصائلها، حيث رصدت ميزانيات متعددة لدعم هذه المؤسسات، وتمويل مشاريعها المتنوعة.. وقد ساعد تشكيل وتأسيس اللجنة الأردنية - الفلسطينية المشتركة، والتي وجدت من خلال قرار مؤتمر قمة عربي، ورصد في صندوقها الملايين من أموال الدعم العربي والإسلامي، لدعم صمود الشعب الفلسطيني تحت الإحتلال.. على إرساء قواعد وأسس وآلية وإن كانت محدودة وموجهة، لدعم أنشطة بعض الجمعيات والمؤسسات وخاصة القريبة من الأردن، في مشاريعها ومجالات عملها وتخصصها داخل الوطن المحتل.



الخروج من لبنان..

الخروج من سورية

شكل خروج قوات ومؤسسات منظمة النحرير الفلسطينية من لبنان أواخر عام 1982 في أعقاب الغزو والإجتياح الإسرائيلي للبنان وحصار بيروت، وما تلاها من محاولات دامية بعد الخروج، لشق المنظمة والإستيلاء عليها بعد ذلك، في سورية، ضربة قاصمة للمنظمة ومؤسساتها وفصائلها، سرعان ما تمكنت من إحتوائها، ولكن بحجم من الخسائر، والأزمـات لا يستهان بهما، سواء في الساحات العربية المحيطة بفلسطين، أو داخل المناطق الفلسطينية المحتلة التي شهدت هي الأخرى، تحولات واصطفافات مست بنية المؤسسات الأهلية والجمعيات والنقابات، وبرامجها وتوجهاتها، وكان ذلك إنعكاساً طبيعياً لما شهده الخارج من إنشقاقات وتحالفات جديدة، وخروج على إطار م.ت.ف، نتيجة وطأة وضغط الجغرافيا السياسية بعد الخروج من لبنان.

وقد لامست جوانب تلك الأزمة وتأثيرها وآثارها على مؤسسات العمل الأهلي.. الباحثة د. ريما حمامي في مقالتها بعنوان "المنظمات الفلسطينية غير الحكومية.. إحتراف السياسة في غياب المعارضة..كانت قد نشرت بشكل مبكر في مجلة السياسة الفلسطينية في عددها العاشر عام 96، وهي دراسة تضمنت تشخيصاً أولياً لمكامن الخلل - الأزمة.. "الذي ظهرت بوادره خلال عامي 94 - 95 ليس لدى المحترفين سياسياً ممن لا ينتمون لهذه المنظمات، ولكن لدى التنظيمات المعارضة اليسارية أيضاً" على حد تعبيرها.

وتشير د. حمامي.. أن المنظمات غير الحكومية التي نراها اليوم، كانت قد انبثقت، وبشكل واسع، من الحركة الشعبية التي شغلت مرحلة رئيسية من تاريخ هذا الشعب، ألا وهي الفترة التي أصبحت فيها منظمة التحرير في الخارج غير فعالة، وذلك عقب الغزو الإسرائيلي للبنان عام 1982.

وتوضح د. حمامي.. لم يكن الفلسطينيون الذين ظلوا "في الداخل" هم المنظرون لهذه الحركة وحسب، بل قاموا ببلورة إطارها العملي وتوجيه دفتها، وعلى أية حال فإن هذه المؤسسات مختلفة الآن، وبشكل أساسي بنيوياً وإيديولوجياً عن الحركات الشعبية التي نهضت بالكثير منها.. ورغم ذلك، فإن إرث تلك المرحلة المبكرة، لايزال يحمله كثير من سياسيي المنظمات غير الحكومية، أي الكادر السياسي الذي توطدت أركانه في مؤسسات هذه المنظمات أكثر من توطدها في تنظيماتهم، وبالإضافة إلى ذلك فإن شخصيات المعارضة اليسارية، كانت عالية الصوت في دعم المفهوم القائل.. بأن المجتمع المدني يعتمد على وجود منظمات غير حكومية مستقلة عن السلطة الحاكمة.



هبوب رياح التضامن!!

يبدو أن الأحداث التي مرت ببولندا أواخر عام 1980 قد لعبت دوراً في التحولات التي شهدتها الساحة الفلسطينية، لجهة تحول عدد من مؤسسات الحركة الشعبية وقياداتها اليسارية داخل الوطن المحتل، نحو مواقع أكثر ليبرالية، متفاعلة مع نذر المتغيرات الجديدة.. مندفعة بإتجاه طرق أبواب صناديق التمويل الأجنبية، والمنظمات الغربية الدولية، لتدريب الطواقم وإعدادها.. وإقامة شبكة من العلاقات المستقلة مع المانحين.. فكان أول المبادرين في شق هذا الطريق الجديد الحزب الشيوعي الفلسطيني ومؤسساته ومنظماته ومراكزه، وترافق ذلك مع تغيير الحزب لإسمه، وسرعان ما إلتحقت مؤسسات ومراكز الجبهتين الشعبية والديمقراطية في وقت لاحق بتيار "البيروسترويكا" المنفتح والمتفتح على ديمقراطية الغرب حيث بدأت تعتمد في تمويلها الحزبي أيضاً، على الأموال الأجنبية الممنوحه..(6)

وتجدر الإشارة هنا، إلى أن الدعم المالي الذي كانت تقدمه منظمة التحرير الفلسطينية ومؤسساتها لهذه المنظمات في الداخل والخارج لم يتوقف، بل على العكس من ذلك، بادرت المنظمة إلى تأسيس دائرة خاصة لشؤون العمل الأهلي داخل الوطن المحتل، حددت مهمتها بتكثيف التنسيق والإتصال وتوجيه الدعم والتمويل الدولي لهذه المؤسسات ومشاريعها وبرامجها، وتمكينها من إقامة شبكة علاقاتها الخارجية بإستقلالية تامة ومباشرة، وذلك لمواجهة ضغوط الإحتلال وحصاره وسياساته المبرمجة لإعاقة وتطويق وعرقلة عمل المؤسسات الوطنية (7).

الإنتفاضة.. تبعث روح التكافل

.. تجلى هذا التوجه التكاملي في زمن الإنتفاضة، حيث تمكنت تلك الصيغ التأطيرية لقوى الشعب من ترسيخ دور الأداة المدنية المساعدة للقيادة الوطنية الموحدة للإنتفاضة، في إدارة حياة الشعب الفلسطيني تحت الإحتلال، وإستمرت المنظمات الأهلية تقوم بهذا الدور الطليعي، وفق تعقيدات الوضع القائم وضمن الإمكانيات المتاحة.. حتى دخلت "الإنتفاضة" بعد سنوات توهجها، مرحلة العد العكسي في سنواتها الأخيرة. حيث إشتد حصارها العسكري والسياسي والإقتصادي الشامل من جانب قوات الإحتلال التي لجأت إلى ممارسة سياسة الأرض المحروقة، وساعدها في ذلك، الإجراءات والقيود التي فرضت من دول الجوار العربي، إضافة إلى تآكلها الداخلي، وهذا كله إنعكس بشكل سلبي على دور ونشاط وحركة وأداء المؤسسات الوطنية والعاملين فيها وبخاصة النشطاء في معظم المدن والقرى والمخيمات الفلسطينية..



..ذيول أزمة وحرب الخليج!!

بانفجار أزمة وحرب الخليج إشتد الخناق العربي والدولي على كافة مؤسسات الشعب الفلسطيني سواء داخل الوطن المحتل أو خارجه، ووصلت مرحلة تنفيذ سياسة تجفيف موارد منظمة التحرير المالية حدها الأقصى.. إضافة للخسائر الفادحة البشرية والمالية والإقتصادية والإجتماعية، التي أدت إلى تشرد أكثر من نصف مليون فلسطيني من العاملين في الكويت ودول مجلس التعاون الخليجي.. وهي أزمة كان الشعب الفلسطيني ومؤسساته داخل الوطن وخارجه من أبرز ضحاياها المنكوبين، وبتوقف الدعم المالي الخليجي عن المنظمة ومؤسساتها الوطنية داخل الوطن المحتل (جامعات، بلديات، أوقاف مستشفيات، ومراكز أبحاث ودراسات ونقابات وإتحادات وجمعيات).. إكتملت دائرة الطوق لتحكم الخناق على مؤسسات المنظمة وشعبها..



خيار مدريد.. وطريق أوسلو

ما من شك أن أزمة ونتائج حرب الخليج، قد فتحت الطريق أمام عقد مؤتمر مدريد، وكأن هذه النتائج، معّدة سلفاً.. وقد ترافقت وتزامنت مع إنهيار جدار برلين.. وفيما بعد تفكيك حلف وارسو، ودوله الإشتراكية وعلى رأسها الإتحاد السوفيتي!!

"وهكذا بعد إنهيار الإشتراكية، وحلول الخوصصة، بديلاً لشعار التأميم، والعولمة بديلاً للأممية البرولتيارية.. برزت المنظمات الأهلية والتطوعية غير الحكومية، لتقدم نفسها كقطاع ثالث، بين الدولة والسوق.. قطاع يأخذ على عاتقه مهمة التخفيف من وقع الظلم الإجتماعي والإستبداد السياسي على الطبقات المستضعفة، إضافة إلى التخفيف من وقع الكوارث الطبيعية وغير الطبيعية، ولكن ماذا كانت النتيجة.... على حد قول د. محمد عابد الجابري في دراسته بعنوان "أي دور للمنظمات الأهلية في زمن الخوصصة والعولمة"..

"إن الخوصصة والعولمة تعنيان تركيز الثروة في أيد قليلة على صعيد البلد الواحد، أو على الصعيد الدولي، وليس من شأنها تحقيق تنمية حقيقية ثابتة، ولا التخفيف من التفاوت بين الطبقات والفئات، بل على العكس فإنهما تعملان على تنمية الفقر، وتوسيع الهوة بين الفقراء والأغنياء. الفقراء يزدادون فقراً، ومتوسطو الحال يعانون محنة التفقير، بينما الأغنياء يزدادون غنى" (8)

وبإطلالة تباشير إتفاق أوسلو، إنتقلت حالة من الجدل التي سادت كل مؤسسات الشعب الفلسطيني السياسية والإجتماعية، وأدت إلى حالات الإنشقاق والإختلاف التي لازالت سائدة حتى يومنا هذا، بوتائر مختلفة، لكن ضبابية الجدل الذي ساد العديد من مؤسسات العمل الأهلي وبخاصة اليسارية منها، كان متماثلاً للآية الكريمة.. ولا تقربوا الصلاة..!! ذلك أن بنية هذه المؤسسات، قد أعيد هيكليتها وآلية عملها وبرامجها كي تتناسب مع مرحلة ما بعد أوسلو.. لكن خطابها السياسي بقي "رفضاوياً" ومتحاملاً على المنظمة - السلطة.. وهو ما عبر عنه العديد من ممثلي المؤسسات الأهلية الفلسطينية التي شاركت في المؤتمر العالمي للمنظمات غير الحكومية الذي عقد أعماله في بروكسيل.. عام 93 وكان الوفد الفلسطيني برئاسة السيد أحمد قريع " وقيل يومها بصراحة على لسان أحد نشطاء الـ NGOs ، مخاطباً الوفود الأجنبية الصديقة: "أحمونا من منظمة التحرير وتسلطها"!!

وكانت هذه اللغة والمنهجية قد سيطرت على توجهات ونقاشات الوفد الفلسطيني القادم من الوطن المحتل للمشاركة في المؤتمر العالمي الثاني لحقوق الإنسان الذي عقد أعماله في فيينا في وقت سابق من نفس العام.

هذا الخلط بين إهتمام المنظمات غير الحكومية، والقضايا المتعلقة بسياسة المعارضة على حد تشخيص د. ريما حمامي: "دفع هذه الحفنة من المنظمات غير الحكومية، إلى التمترس بالمنبر الوحيد لبعض الكوادر الحزبية العليا لديها.. حيث وجدت نفسها بعد أوسلو أكثر راحة (إنسجاماً) في عالم المنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني" (9)



عودة السلطة الوطنية

كان أول ما تنبهت إليه السلطة الوطنية بعد عودتها، هو ضرورة إلغاء العمل بالقوانين الإسرائيلية الإحتلالية.. وتفادياً لوقوع فراغ قانوني، أصدر الرئيس عرفات المرسوم الرئاسي رقم (1) لسنة 1994 نص في فقرته الأولى على أنه يستمر العمل بالقوانين والأنظمة التي كانت سارية المفعول قبل الخامس من حزيران عام 67 في الأراضي الفلسطينية المحتلة، حتى يتم توحيدها.

وعلى هدي هذا القرار، واصلت المؤسسات الحكومية الفلسطينية عملها بشكل عام، وفي مجال العلاقة مع المنظمات والجمعيات الأهلية بشكل خاص.. مستندة في ذلك إلى تلك القوانين التي قامت قبل حزيران 67 كمرجعية قانونية لها في الضفة الفلسطينية وقطاع غزة والقدس، لجهة الترخيص أو الإشراف أوالمتابعة أو الرقابة والمسائلة. (10)

قبيل إنتخابات المجلس التشريعي والرئاسة، أتخمت مناطق السلطة الوطنية، بالعديد من المؤتمرات الدولية للمنظمات الأهلية وبخاصة حول حقوق الإنسان (إثنان في غزة، وواحد في الضفة).. وقد ساعدت هذه المؤتمرات وغيرها من ورش العمل، وحلقات النقاش والتفكير المتنوعة.. على حسن التدبير، لتأمين أشكال متعددة من دعم الصناديق المانحة لهذه المؤسسات، كما ساعدت عملية الإنتخابات، على تفريخ جمعيات ومؤسسات ومراكز معنية بالإنتخابات والمجتمع المدني والديموقراطية، وعلى فتح أقسام جديدة وفروع متعددة للمنظمات القائمة متخصصة في هذا المجال وغيره.. وقد حصلت كل هذه المؤسسات المستحدثة بأسماء أفراد وعائلات ونخب محترفة، على التراخيص والدعم اللازمين من مؤسسات السلطة القائمة في ذلك الوقت، ومنحت التراخيص كشركات غير ربحية من وزير العدل!!.

وما أن طلبت هيئة "بكدار" من المؤسسات القائمة أن يكون لها دور في تنسيق عمليات تمويل المنظمات غير الحكومية، شرعت "إحتكارات" العمل الأهلي في تنظيم صفوفها، وعقد مؤتمرات داخلية مغلقة في الضفة وغزة والقدس، إستبعدت منها غالبية الجمعيات غير المنضوية تحت لواء "اليسار" وأعلن عن قيام شبكة العمل الأهلي من بضعة جمعيات بعدد أصابع اليد، تعمل كلوبي ينظم وينسق علاقاتها وشراكتها في مشاريع التمويل، وبخاصة مشروع البنك الدولي لدعم منظمات العمل الأهلي الذي أعلن عنه في تلك الفترة، والذي شكل حافزاً لهذه المجموعة وغيرها.. ولم تكن صدفة محضة أن غالبية أفرادها ومؤسساتها ينتمون إلى حزب الشعب الفلسطيني، وتحظى الجبهة الشعبية بمكانه كبيرة فيها.(11)



"بدعة الفراغ القانوني"!!

ولذلك فإن إدعاء البعض من محتكري العمل الأهلي، بالفراغ القانوني، أو بعدم أهلية وموائمة القوانين القديمة النافذة، مع تطور واقع الحياة الراهنة، كان إدعاءَ غير صحيحاً، وينم عن خبث ماكر، وأطماع غير بريئة.. من جانب من احترفوا هذا العمل في زمن الاحتلال والانتفاضة، وسط غياب مسائلة ورقابة المنظمة وفصائلها، وانعدام المحاسبة نتيجة ظروف الاحتلال.

ذلك أن واقع الممارسة وفق هذه القوانين قد كشف الإلتباسات والتباينات والخروقات والتجاوزات في التطبيق، نتيجة العمل وفق تعدد القوانين والمرجعيات القانونية حيث تخضع الضفة للقانون الأردني، والقدس للقانون الإسرائيلي وغزة للقانون العثماني والفلسطيني ذو الصبغة المصرية.(12)

وزاد وطأة هذه الإشكاليات، اختلاف مرجعية التراخيص للمنظمات الأهلية، وتداخل مسؤوليات أكثر من مرجعية حكومية في الوزارات بشكل فوضوي، لمتابعة عمل هذه المنظمات، وصوابية أدائها.. وقبل هذا أو ذاك تماهي ومثولية المزاج المجتمعي العام لظاهرة الخروج على القانون.. وعدم الثقة والاطمئنان بأية قوانين، بسبب أن المواطن الفلسطيني، لم يحكم في أي وقت مضى بقوانين وطنية، وتحرص على تطبيقها سلطة تنفيذية وطنية ومنتخبة.(13)

لكن اختلاف مرجعية التراخيص الحكومية.. قد ساعد من جانب آخر في حصول العديد من هذه المؤسسات على دعم مالي شهري من وزارات السلطة المختلفة ومن مكتب الرئيس.. وعلى تسهيلات استيراد تجهيزات وإعفاءات جمركية للمعدات والأجهزة والسيارات والأثاث، بل اكثر من ذلك فإن بعض هذه المراكز والجمعيات قد حصل على قطع أراضي مجاناً، لبناء صروح مشيدة في المدن الفلسطينية، وبخاصة في غزة التي تعاني من ندرة الأراضي، والجدير بالملاحظة أن تواجد هذه المؤسسات قد تركز في معظمه في المدن الرئيسية، على حساب الريف النائي والفقير، وعلى حساب المخيمات التي هي أحوج ما تكون للخدمة المجتمعية التنموية والمشاريع الإنتاجية زيادة على ذلك فإن مؤسسات "الشبكة" أنشأت ومن فائض قيمة المنح والمساعدات الطائلة التي حصلت عليها (بنوك للإقراض) مستفيدة من التجربة العريقة لمشاريع وبرامج وكالة الغوث الدولية "الأنروا" للإقراض، ومن تجارب بعض المؤسسات الإستثمارية والتمويلية الدولية وشراكتها لها.. وبدراسة واقع واتجاه حركة هذه القروض، والمشاريع التي تتجه لدعمها -أفراد ومؤسسات- وحجم الفوائد المركبة التي يتم جنيها من المقترضين لتعميم ثقافة الاستهلاك ورشوة الفرد، وإدعاء تنمية القدرة البشرية، في حين أن مردود كل هذه الأرباح ينصب على أؤلئك الذين يعملون داخل هذه المنظمات (14).

ونظراً لأن غالبية تلك المؤسسات مسجلة كشركات غير ربحية لدى مسجل الشركات في وزارة العدل، فإن غياب الحياة الديموقراطية داخل المؤسسة وفي اتخاذ القرار، ووضع إستراتيجية العمل يخضع لديكتاتورية الفرد ومصالحه.. ويؤكد ذلك رأي ناصر جبر مدير عمليات الإقراض في الوكالة: بأن عدم وجود برامج فاعلة في هذه المؤسسات، مرده إلى أن بعض الأشخاص يكونون جزءاً من مجلس أمناء خمس مؤسسات، وهم من يرسمون خططها المستقبلية والسؤال.. لمن الولاء.. للمؤسسة أم للفكرة.. وإذا كان الجواب للفكرة.. فكيف يخدمها وهو على رأس خمس مؤسسات.. ولاية مؤسسة يكون الولاء أكثر. (15)

أما د. غسان فمرمند، فيرى في بحثه المقدم عن الجوانب القانونية للجمعيات والهيئات الإجتماعية والمؤسسات الخاصة في فلسطين للمؤتمر الثاني للمنظمات الأهلية العربية.. بأن كثيراً من مجالس الإدارة في الجمعيات أو الهيئات والمؤسسات، يروق لهم الاستفادة من مراكزهم للجمع بين مزايا عديدة مادية وأدبية، نتيجة إبرامهم مع الجمعيات أو المؤسسات أو الهيئات التي يتولون إدارتها عقود عمل مستدامة، وهذه الظاهرة في فلسطين هي أمر واقع؟‍ (16)

**********



الشهيد خليل الزبن: العلاقة بين منظمات المجتمع المدني
-----------------------------------------------



العلاقة بين منظمات المجتمع المدني

والسلطة الوطنية * (2-2)

الشهيد خليل الزبن استشهد في غزة بعد ان اطلق عليه مجهولون الرصاص اثناء مغادرته لمكتبة وهو مستشار الرئيس الشهيد الزعيم الخالد ياسر عرفات لحقوق الانسان


---------------------------------------------------------------

كتاب مغاربة يشجبون استدعاء علي عقلة عرسان

وصفوه باسم أحد جلادي المغرب


أحمد نجيم الدار البيضاء: شحب كتاب مغاربة استدعاء السوري علي عقلة عرسان رئيس اتحاد الأدباء والكتاب العرب ، واستنكر الشاعر رشيد نيني أثناء مناقشة الأوضاع العامة للاتحاد في مؤتمره الأخير في الرباط: "ما معنى استدعاء "رئيس مدى الحياة لاتحاد الأدباء العرب"، لمنظمة ثقافية مشبوهة"، وانتقد "تورط اتحاد كتاب المغرب، من خلال شغل منصب نائب الرئيس".
وقال عن الكاتب السوري الذي كان يبعد عنه بأقل من مترين "هذا ليس كاتبا بل كاتب تقارير عن الأدباء السوريين المعاصرين"، وختم "من أراد أحد أن يدعو كاتبا مماثلا فليدعه إلى بيته وليس إلى اتحاد كتاب المغرب". أما الكاتب والشاعر جمال بودومة فصاح في وجه عرسان وهو يشير إليه "لي صديق شاعر أدخله هذا الرجل إلى السجن، فأي قيمة نجمعني به كي يستدعى إلى مؤتمر كتاب المغرب".
وأضاف أن هذا الشخص، في إشارة إلى رئيس اتحاد كتاب العرب، هو "عرشان سوريا، في إشارة إلى محمود عرشان، أحد المتهمين بتعذيب سجناء الرأي إبان سنوات الجمر. وفي السياق نفسه انتقد نيني عن إدمان دعوة الكاتب الفلسطيني المقيم في المغرب واصف منصور في كل مؤتمرات الاتحاد، واعتبره "كما لو أنه قدر محتوم" على الاتحاد.
وأثار جمال بودومة ما سماه "استجداء الرعاية الملكية للكتاب" وقال "ينبغي أن يكف اتحاد كتاب المغرب عن استجداء الرعاية الملكية للكتاب، لأنها ب"مثابة قتل رمزي للكاتب". وأوضح أن الاتحاد مؤسسة يفترض أن تدافع عن الحداثة والديموقراطية وأن تطالب بإنشاء صندوق مؤسساتي يستفيد فيه الكتاب في حالة المرض،" وأضاف "على كل حال فاتحاد كتاب المغرب، يستجدي الرعاية الملكية للكتاب المعروفين، وهم في غنى عن ذلك، إضافة إلى أن ذلك فهذا ليس دوره". وعرفت الانتخابات التي شهدها الاتحاد صعود عبد الحميد عقار، وانتقد كتاب هذا الرئيس لأنه "لم يسبق له أن ألف كتابا"، وأشار أحدهم "الكتاب الوحيد الذي نشره هو أطروحته الجامعية".


أحمد نجيم
GMT إيلاف 18:30:00 2005 الإثنين 28 فبراير

------------------------------------------------------------------------------------



لكِ الله يا سيناء من تعدد ... الاحتلالات "الأزواج"



قالت له (كما اسرَّ لي صديق) صديقة ذات يوم وكان قد كتب أن الانظمة العربية إنما هي إحتلال من الداخل للامة العربية: "أنت تكتب بشكل استفزازي وحاد سواء تجاه الانظمة العربية أو المنظمات غير الحكومية، وهذا اسلوب غير موضوعي."



قال: قد يكون ذلك صحيحا. فلست أنا الذي يُقيّم نفسه. فما نكتبه يصبح ملكاً للقارىء بعد نشره.



لكنني اعتقد أنني على حق كبير وأتمنى أن لا يكون ذلك غروراً. فلننظر الواقعة التالية:



أوردت مؤخراً منظمة إنسانية تدافع عن حقوق الانسان بأن النظام المصري لا زال يحتجز 2400 مواطن مصري من منطقة العريش. أي ان عدد المعتقلين كان اكثر من هذا العدد بعد عدة اشهر على عملية طابا التي استهدفت المستوطنين متلبسين بالاستجمام على ارض مصر. وبالمناسبة، فإن رئيس الوزراء البريطاني توني بلير، ذهب الى نفس المكان بعد العملية لكي يستجم ايضاً. وقد لا يكون هدفه الاستجمام بل قراءة "الفاتحة الانجليكانية على الضحايا الصهاينة من أمثاله". هو لم يقل هذا بالطبع ولكن من يدري ماذا في بطنه.

اذن ايها الناس، تعتقل المخابرات المصرية أكثر من 2400 مواطن إثر عملية واحدة! لا باس، اليس هذا أكثر فظاعة من هجمات الارهاب الاعتقالي الصهيوني في فلسطين! فلو جرت بضع عشرات من العمليات لقامت الحكومة المباركة باعتقال كافة سكان صحراء سيناء! أما والامر على هذا النحو فهل نلوم فريق (الأنجزة (NGOs)- المنظمات غير الحكومية) والكثيرين ممن يسمون انفسهم في الارض المحتلة باسم "القوى الديمقراطية، عندما يقولوا عن الكيان الصهيوني "إحتلال ديمقراطي"!!!



ما قام به أهل سيناء هو الدفاع عن ارضهم لأن النظام الحاكم ابقاها تحت الاحتلال الاسرائيلي. وما قامت به المخابرات المصرية هو سلوك إحتلالي بلا مواربة. مما يؤكد ان سيناء تحت احتلالين معاً.



إذا لم تكن إجراءات النظام المصري احتلالية، فما الاسم المناسب لإطلاقه عليها؟



إن نظام الحكم في مصر هو الاقرب الى الولايات المتحدة، ومصر هي البلد العربي الاكبر بمختلف المستويات والمعاني. وربما لهذا السبب يجري التركيز الاميركي عليها بشكل مميز ومختلف. وهو تركيز ابتزازي من جهة وداعم من جهة ثانية. ابتزازي بحيث تقدم امريكا لهذا النظام فواتير متواصلة عليه تسديدها وداعم حيث تؤيد امريكا كافة سلوكيات هذا النظام فيما يخص القمع والفساد وتعميق التخلف الاقتصادي.



يتضح يوما بعد يوم ان هذا النظام يقوم بدور وظيفي بلا مواربة كجزء من تنفيذ سياسة الولايات المتحدة في الوطن العربي وحتى في إفريقيا. وابرز وظيفة لهذا النظام هي دوره في تعميق ورطة القيادة الفلسطينية في التسوية. فالنظام الحاكم في مصر هو المشرف والعراب التسووي للفلسطينيين. وقد وصل هذا الدور الى تحويل التسوية الى علاقة مخابراتية يشرف عليها مدير المخابرات المصرية.



إن مجرد قبول قوى مقاومة بالاحتكام الى/مع مدير مخابرات نظام يلعب دورا وظيفيا لصالح مركز العولمة الرأسمالية يحمل في ما يحمل عملية تطبيع وتدجين وتطويع المقاومة لأن مجرد الالتقاء بالمخابرات هو كسر شوكة المقاومة. إن نظاما يساهم في كسر شوكة المقاومة في فلسطين لن يتردد في اعتقال مصر بأكملها "فدية" لمستوطن صهيوني واحد.



بادية ربيع

"كنعان" الالكترونية

---------------------------------------------------------------------------------------

مصر تتغير...


نزع الرئيس حسني مبارك، باعلانه السبت الماضي، طلب تعديل نظام انتخاب رئيس الجمهورية في مصر، فتيل أزمة وانفجار محتمل.

الأزمة تتركز، خصوصاً، على الوضع الاقتصادي المتزايد المتردي لغالبية المصريين، رغم ان الحكومة تطلق الخطط الإنعاشية، وامانة السياسات في الحزب الوطني الحاكم تطلق المشاريع التي يسعى الى تنفيذها الذين انتقلوا منها الى صفوف الوزراء. لكن كل هذه الاجراءات لم تؤد الى تغيير ملموس في حياة الناس. وتتركز الأزمة ايضاً على الجمود في الحياة السياسية التي باتت تتمحور حول مؤسسة الرئاسة، رغم ذلك الحوار المتقطع مع الاحزاب المعارضة الشرعية والتسامح الظرفي مع نشاط جماعة «الاخوان المسلمين».

وتطاول الأزمة ايضاً ذلك النوع من الانقطاع بين أولويات الحكم والأولويات التي تعبر عنها المعارضة، ومعها جمهور لا يستهان به، اذ ان هموم الحكم تركز على القضايا الداخلية بغض النظر عن درجة نجاحه في ايجاد حل لها وعلى ابقاء النشاط الديبلوماسي في المنطقة في دائرة الالتزام الذي تفرضه معاهدة السلام مع اسرائيل. في حين ان المعارضة وجمهورها يدفعان في اتجاه دور نضالي لمصر في القضايا العربية، فكانا أكثر من مرة في تعارض مع السياسة الرسمية.

عناصر هذه الأزمة تعيد الى الأذهان تلك التي سبقت اصوليين الى اعتماد العنف وافتعال تلك المواجهات الدامية التي استهدفت الاقتصاد والنسيج الاجتماعي، تمهيداً لاطاحة النظام. صحيح ان السلطات تمكنت من القضاء على هذه البؤر، وأعلن بعض المعتقلين منها تخليهم عن العنف، لكن احتمالات نشوء بؤر أخرى لا يزال قائماً ما دامت أسباب نشأتها، الايديولوجية والاقتصادية والسياسية، قائمة.

ليس نظام اختيار الرئيس المعمول به حالياً والذي طلب الرئيس مبارك تغييره هو الذي يؤدي الى الازمة والانفجار. العوامل الممهدة لمثل هذا الوضع تجد جذورها منذ انقلاب عبدالناصر، مروراً بالخيارات الداخلية والخارجية التي أقرها السادات. لكن اختيار الرئيس عبر استفتاء شعبي بعد ان يوافق البرلمان الذي يسيطر عليه الحزب الحاكم سيطرة مطلقة، على اسمه يعني ان هذه العملية التي يفترض ان تجدد الحياة السياسية تدور في حلقة مغلقة، مما ينزع عنها وظيفتها الاساسية والاولى، خصوصاً انها تجري في ظل قوانين استثنائية.

ومع الاقتراع الشعبي المباشر الذي يتيح الاختيار بين اكثر من مرشح لا يخضع ترشيحهم للحزب الحاكم المهيمن، تُكسر هذه الحلقة، عبر اجتذاب الجمهور الذي يستبعده نظام الاستفتاء.

والى هذا الجانب في المبادرة، ثمة موقف أخلاقي للرئيس مبارك الذي كرر الى ما لا نهاية ان لا «توريث» في مصر. فالتوريث عمل تفرضه قوة الواقع في الحلقة المغلقة نفسها، وليس الدستور الذي يساوي بالضرورة بين الجميع. ونزع مبارك مسبقاً فتيل اي انفجار يرتبط بالطموح السياسي، المشروع على كل حال، لنجله جمال.

ما تقدم لا يعني ان كل المرجو من التغيير المقترح سيحل كل المشكلات في مصر دفعة واحدة وفي الحال، وانما يعني ان ثمة خطوة دستورية ضرورية ينبغي الاقدام عليها من أجل البدء بهذا التغيير، وقد لا تكون مراكز القوى في الحكم الحالي والقوانين الاستثنائية المعمول بها و«الضوابط» (الضرورية في كل عملية ترشيح على هذا المستوى) التي طالب بها مبارك من معوقات وصول هذا التغيير الى غايته. وانما تتحمل أحزاب المعارضة الشرعية مسؤولية كبيرة، مثلما تحملت في ظل الوضع السابق، في تحويل العملية الى منافسة جدية لمنع تكرار نموذج اختيار المرشح الرسمي لمنافسيه، وذلك عبر تجديد سياساتها وخططها وقياداتها، بما يتناسب مع التحدي الكبير الذي تفرضه عليها المنافسة التي لا سابق لها.

ويهدد التجربة ايضاً اعتبار جماعة «الاخوان المسلمين» التي يفوق جمهورها الانتخابي جمهور الاحزاب المعارضة الاخرى مجتمعة، انه بات في وسعها ان تقفز الى السلطة ببرامجها وافكارها الحالية. وفي هذا المعنى يلقي هذا التغيير عليها مسؤولية كبيرة في دفع مصر نحو النموذج الجزائري او النموذج التركي.

لن تكون الحياة السياسية في مصر، بعد دخول التغيير حيز التنفيذ، كما كانت قبله. وذلك بغض النظر عن كيفية حصول المعركة الانتخابية والمنافسات. واذا لا يشك أحد في نتيجة السباق في حال قرر الرئيس مبارك خوض المنافسة في أيلول (سبتمبر) المقبل، فان هذا التغيير ستظهر مفاعيله الحقيقية في الولاية المقبلة... وهو تغيير لن يكون سهلاً ضبط انتشار عدواه في المنطقة.


عبدالله اسكندر الحياة 2005/02/1
----------------------------------------------------------------------------------------


نشرة تعتمد بمادتها على مايصدر في المواقع الإلكترونية ومايصل بريد مركز الآن للثقافة والإعلام
www.al-an-culture.com
[email protected]
00491626534011
0021261140546
http://rezgar.com/m.asp?i=216








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل تسير مجريات محاكمة ترامب نحو التبرئة أم الإدانة؟ | #أميرك


.. هل أصبح بايدن عبئا على الحزب الديمقراطي؟ | #أميركا_اليوم




.. مسؤولون أمريكيون: نشعر باليأس من نتنياهو والحوار معه تكتيكي


.. لماذا تعد المروحيات أكثر خطورة وعرضة للسقوط؟ ولماذا يفضلها ا




.. سرايا القدس تبث صورا لتفجير مقاوميها بكتيبة طوباس سيارة مفخخ