الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحلم العراقي القديم

عامر عبد زيد

2012 / 10 / 12
الادب والفن


عجبت لهذا الأنات والصبر لذلك العراقي القديم الذي استطاع إن يهبط من كهفه ليبني أجمل حلم على الأرض ويخط مخاوفه على وجه التاريخ ليصنع منها دينا وثقافة تشكل مجتمعه تلك الحضارة التي جعلت من أحلامها ومن همومها أحكاما لا متناهية وأديان للآخرين .

كانت خطوة جريئة يوم ترك الكهف ليبني في ذهنه عنه جنة بهيجة ،وليحول خوفه المشبع بعذابات النفس وأوهامها التي لم تكن تستطيع إن تفرق يومها بين الحيوان خارج الكهف وبين صورته على الجدران رغم انه كان يتخذ من الصورة صلة للصيد الحي000وانه ،حينما كان يرميها (أي الصور) كان يتخيل انه سوف يصيدها في الخارج .
وعندما نزل من كهفه لم يفارق هذه اللعبة كثيرا ،فكان يتخذ من مفرداته أسماء للحيوانات ،فيجعل من نفسه خالقا لها عندما يرسم لها صورة لفظية أو يجعلها مشابهة له عندما يجعلها تتناسل مثلما يتناسل هو فيشخص كل الأشياء ويغدو هو رهين ذلك الحلم الذي كان سلاحه الوحيد في مواجهة تلك الطبيعة الرهيبة التي كثيرا ما جعلت من أحلامه بقايا أثرية. يبحث بها المنقبون عن سر الحياة الأولى.
انه عندما هبط من كهفه لم يخش زمجرة الريح لأنه أصر إن يخلع عن نفسه حياة الحيوان ليغوص في خلق أحلامه وأوهامه ورموزه التي سوف تشكل ثقافته التي ميزته عن طبيعة الكائنات الأخرى . رغم جرأة الفعل ونتائجه غير المحمودة العواقب ، لأنها لحظات البداية .هذا ما نستشفه عبر النص المنغرس في لحمة الطين الجاف ما زال يردد تلك الآهات والأحلام رموزا متشظية لأحلام ومخاوف ورغبات مارس معها الزمان والمكان لعبة التعري حتى أصبحت تلال مهجورة لا تثير أحدا عبر آلاف السنين سوى السراق القدامى والمحدثين أو مجرد طبعة تحت مني النهر الغريني الذي ذهب بكل الأحلام يوم عربد فأغرق ما كان قد بني هناك ليتحول إلى مجرد طبقات من حضارة وأحلام تهاوت ، لكن سرعان ما يأتي آخرون ليقدموا بدورهم طبقة جديدة على الطبقة القديمة . هكذا تظهر حفريات المعرفة اليوم تلك المراحل ـ لأحلام جديدة على ضفة (أنكي) الجميل الغريزي الخالق على جسد الأرض حقائقه او هكذا أتاحت تلك الطبيعة الجميلة "حيث تلك السهول الفسيحة والسماء الشديدة الزرقة التي ما كانت تشوبها سحب أو تكدرها غيوم ، بينما النجوم تتلألأ فيها "( )
هكذا تجلت تلك الحقيقة في تلك الحقب. ، في أماكن عديدة كانت بمثابة أول الأحلام التي عصفت بها الريح في خضم تراجيديا رهيبة تجعل منها مجرد نصوص أثرية ـ أحلام ظهرت بأشكال هندسية على جدران الفخاريات أو نصوص خطتها أنامل الكهنة( )
فإن المتأمل في تلك البيئة وتلك النصوص يدرك إنها لم تصل إلى هذه المرحلة الكتابية إلا بعد الكثير من التعديلات والإضافات التي تستجيب للتغيرات الاجتماعية والاقتصادية يومها ، وهذا يظهر واضحا من خلال الحفريات في تلك النصوص والمخلفات السابقة من نقوش الفخاريات التي تعكس فعلا طقسيا .
فهناك تأويلات كثيرة متباينة المرجعيات تحاول إن ترسم مشهد البداية بإسقاطات إيديولوجية وعقائدية ،تدخل في مجال إحياء التراث من خلال بناء الذاكرة الجمعية ذات الأفق الوطني أو الكوني ، حيث هناك افتراضات تشير إلى حدث البدايات يشيع الافتراض بأنه في (مناسبة معينة من ألازمان قبل التاريخية ، كانت الأفكار الميثولوجية الأساسية قد "ابتدعت" من قبل فيلسوف عجوز نابه أو نبي ، ومنذ ذلك الوقت "آمن" بها أناس سذّج وضعيفوا الإدراك ،لقد قيل بأن القصص التي يرويها كهنوت ينشد السلطة ليست صحيحة ) إن الملاحظ إن الإنسان العراقي القديم لم يكن يدرك الجانب النظري من رموزه ، وفي هذا يقول فاوست في مسرحية غوتة بذكاء شديد:(في البدء كان العمل) ويعلق يونغ ان ( الأعمال ) لم تبتدع قط كانت ، تفعل أما الافكار ، فهي اكتشاف متأخر نسبيا للإنسان، ويقول يونغ: الحقيقة هي ان البشر في الازمان السابقة لم يفكروا في رموزهم ، انهم قد غاشوها وكان معناها ينشطهم بلا وعي.
أذا كان للرموز وظيفة فهي الدافع الذي يعين ويجعل الإنسان قادرا على المواجهة ، ومن هنا فالنصوص التي ظهرت تشكل مرحلة نضج، اما القراءة فهي من جانب مؤرخي الأفكار وهم الذين يحاولون دراسة مراحل ظهور الرموز والبنية المعرفية التي أنتجتها والظروف التي ساهمت في ذلك أي هي مهمة القارئ الذي يبحث عن المعنى وهذه السطور مساهمة في جهود القراءة فأننا نلمس في الحفريات المعرفية الاثارية التي ظهرت باحثة عن مراحل تكون الفكر العراقي والإنساني القديمين والتي وجدتها تتمفصل إلى ما قبل التأريخ وما بعده .
والتي تعد محاولاتها الحضارية ناضجة وفي نفس الوقت تعد مدوناتها من أقدم المدونات التي تناولت مسائل وجودية:" كالحياة والموت ، وخلق الكون والإنسان ، والخير والشر ، والثواب والعقاب "( ) .كانت تلك المدونات قد عكست قلق الإنسان الوجودي إذ الإنسان قبل " هو كائن قلق الحس ، يبحث عن ملجأ يأتمن إليه "( ).
إلا أنها أيضا جاءت انعكاس لمنظومة سياسية اعتقاديه ، حاولنا أن نعالج المخيال السياسي من خلال بابين الأول منهما تناولنا الإطار النظري وفيه تناولنا فصلين جاء الأول منهما يحوي مبحثان حيث كنا في الأول منهما نحاول التأصيل لمفهوم المخيال وتداخلات المعاني بين حقول مختلفة ثم جاء الفصل الثاني وقد تناولنا آليات التخيل وهي تنقسم إلى السرد التخيلي ومقولتا الزمان والمكان التخيليان ، فيما جاء الباب الثاني موزع على ثلاث حقب توزعت على مفاهيم القرية والمدينة والاقليم اذ تعاملنا هنا مع هذه المسألة من خلال دراسة المهيمنات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية فوجدنا القرية بوصفها مهيمنة لما فيها من روابط شكلت بؤرة الظاهرة الدينية والمجتمع قبل الدولة وملامح الانقسام داخل ذلك المجتمع القروي ، ثم كانت المدينة بؤرة الحدث السياسي وما أصاب المجتمع من تغيير وتبدل وظهور المهن والمعادن وظهور الحاكم السياسي ، ثم تطور الوحدة السياسية والوحدة الدينية التي علت على المدينة في ظل مدينة كونية / الإقليمية، فكانت هي المهيمنة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ظافر العابدين يحتفل بعرض فيلمه ا?نف وثلاث عيون في مهرجان مال


.. بيبه عمي حماده بيبه بيبه?? فرقة فلكلوريتا مع منى الشاذلي




.. ميتا أشوفك أشوفك ياقلبي مبسوط?? انبسطوا مع فرقة فلكلوريتا


.. ياحلاوة شعرها تسلم عيون اللي خطب?? يا أبو اللبايش ياقصب من ف




.. الإسكندرانية ييجو هنا?? فرقة فلكلوريتا غنوا لعروسة البحر??