الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تبشير بالأدب الكوني

خلود العدولي

2012 / 10 / 12
الادب والفن


إننا نكتب من ذواتنا و إلى ذوات لم نعلمها بعد.إن ما يتحرك فينا داخليا أو خارجيا هو تعبير عن ذات لازلنا بصدد تكوينها يوما بعد يوم و عن ذوات أخرى تقع في الخارج لكنها ترتبط بشكل أو بآخر بذاتنا الداخلية .هذا الإزدواج ليس بصعب إذا ما إنطلقنا من الذات الكونية التي يتميز بها الكاتب.تلك الذات التي يشترك فيها الشخصي بالعام و الخصوصي بالكوني.إن ما يصدر عن الكاتب ليس بالضرورة حالته الشخصية و لارأيه الشخصي بل إنه في معضم الأمر إستباق لذات يريدها أو تشكيل لأصوات مختلفة في قالب كلمات.الكلمات أشخاص و مواقف و حالات تتبعثر في ذهن الكاتب,شيء منها يخصه,البعض الآخر يخص غيره و كلمات أخرى تخص ما بينه و بين الآخر .يحتوي الكاتب العالم في ذهنه و يبعثره في شكل إنشطارات جمالية .ها هنا يجب علينا أن نكف عن إتهام الكاتب بالذاتية,لأنه و إن غرق في هذه "الأنا" التي تبسط نفوذها فإنه لا يمكن أن يخرج هذه "الأنا" من كونية "النحن".بكل بساطة إن إختلافنا الذي يخلق ملايين الذوات يقوم في نفس الوقت بجعل "الأنا الكونية" ظلا لهذا التعدد و الإختلاف.تحت هذا "الظل" ينطلق الكاتب ليطال تفاصيلنا و ليطمس هذا التضاد بين الذاتي و الكوني :ما أنا عليه و ما نحن عليه.إن الخطوات الأولى نحو الإنسانية المشتركة هي طمس هذا الخط المصطنع بين أصل و تفصيل حيث أن الأدب كوعاء يحتوي الطبيعة الإنسانية و ينطلق من الإنسان إلى علاقته بالأشياء و المخلوقات و الأوهام و الأساطير لا يمكن أن يستمر في رصد و رسم الحياة البشرية دون ضخ دماء كونية فيه.إن الأدب الكوني هو ذاك الكلام المتعدد الألوان يحتمل الأسود و الأبيض و الأحمر و الأصفر لا ليخلق لونا واحدا بل ليخلق لونا ذو أبعاد لونية مختلفة.نحن نتوق لأدب يمكن قلبه على الوجوه العشرة حيث يمككنا رؤية الإنسان فيه كإنسان أولا ثم رؤيته في وجوه متعددة.هو ذاك الأدب الشبيه بمرآة تعكس للوجه الوحيد ألف وجه:إنه الوجه نفسه كل مرة ولكن كل وجه يحمل عمقا خاصا و تعبيرا مميزا.يولد الأدب الكوني عندما يهدم الجدار الفاصل بين الذاتي و الكوني و عندما يمكننا أيضا أن نتحدث عن "الأنا الخاص" كشكل من أشكال الجماعي و أن نتحدث في آن الوقت عن "النحن" كرحم لا يتشكل دون بويضات الذاتية.
فلنبشر بأدب كوني,أدب يمر من أجساد متشابهة في الشكل و مختلفة في الملامح و أجب يشغل فكرا و قلبا مشتركا لكن بألوان مختلطة.لا يمكن لأدب ما أن يستمر تحت راية إستبداد الجماعة لذا فإن الأدب الكوني يقطع مع مركزية الجماعة و سلطتها على الذات بل و يلغي تماما نظرية التضاد بين بين "الأنا" و "النحن".فلنكتب الإنسان:مايجمعنا,مايوحدنا,مانشترك فيه و لنصور من خلال ذلك شخوصنا بأدق تفاصيلها فمع كل تفصيل شخصي تعكسه الكلمات يزداد جزء صغير في الجسد الجماعي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مقال جميل
سيمون خوري ( 2012 / 10 / 13 - 08:46 )
اخي / ي خلود العدولي تحية لك مقال جميل عن الادب الكوني وهو ادب انساني نتمنى ان يتطور الادب الى ذاك المستوى من الرقى الحضاري ...شكراً لك

اخر الافلام

.. صباح العربية | الفنان السعودي سعود أحمد يكشف سر حبه للراحل ط


.. فيلم تسجيلي عن مجمع هاير مصر للصناعات الإلكترونية




.. جبهة الخلاص الوطني تصف الانتخابات الرئاسية بالمسرحية في تونس


.. عام على رحيل مصطفى درويش.. آخر ما قاله الفنان الراحل




.. أفلام رسوم متحركة للأطفال بمخيمات النزوح في قطاع غزة