الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المجلس الوطني السوري ... عام من الفشل

هيبت بافي حلبجة

2012 / 10 / 12
مواضيع وابحاث سياسية



حينما أحدق في سياسة وتصرفات المجلس الوطني السوري ، وأحدج في شخوصه الواحد تلو الآخر ، يعتورني حزن وغضب لامثيل لهما ، تنتابني قشعريرة تفترس جوانحي وأوصالي ، ولا أصدق ما أسمع أو أرى من مجمل تلك الحيثيات التي تكتنف تقاسيم وأخاديد هذا المجلس المفقوء العينين .
لاأصدق بالمطلق أن يكون المجلس بسيطاُ إلى هذه الدرجة التي يفقد عندها كافة مرتكزات ومسوغات النشاط البدائي السياسي سواء في علاقاته الداخلية كتنظيم سطحي ضبابي ، سواء في علاقاته الخارجية وترنحه وأرتجاجه مابين الإرادات الدولية وتحديداُ ما بين التصريحات الدولية .
ولاأصدق أبداً إن المجلس الذي فيه شخصيات وطنية قوية ،وشخصيات جادة ورصينة وشخصيات على بركة الأبليس ، وشخصيات على بركة الأنتهازيين ، وشخصيات على بركة زيادة الرقم من 100 إلى 101 ، وشخصيات صديقة منذ فترة بعيدة ، قد صدقت مقولة الغرب ألا وهي وحدة المعارضة السورية ، أو ما يسمى جهلاُ وقصداُ بإعادة هيكيلية هذا المجلس !!
لندقق في هذه المسألة خطوة وراء خطوة :
الخطوة الأولى : ألا يحس المجلس الوطني السوري أنه يعبر شكلاً وصورة فقط عن الثورة السورية !! ألا يحس المجلس إنه تكون كظاهرة أغتراب هامشية بجانب ظاهرة حقيقية هي ظاهرة الثورة !! ألا يحس المجلس أنه جسد أو كهف يستطيع الإدعاء بتمثيل ( الثورة ) في موزمبيق ، في غواتيمالا ، أو في جزر المحيط الهندي !! أي هل يستطيع المجلس أن يذكرنا بخطوة واحدة عملية فقط أنطلقت من رحم الثورة ، من وجدانها ، من حجم مأساتها ، من هول الفجاعة التي فيها !! أو ليست كل الخطوات ، وحتى هذه اللحظة ، هي أستغلال بشع للثورة بما فيها مقولة إعادة هيكلية المجلس !! أو ليست هذه الفكرة الأخيرة هي بحد ذاتها أبشع الخطوات على الأطلاق لأستغلال الثورة !!
الخطوة الثانية : بعد مرور تسعة عشر شهراُ ألم يدرك المجلس إن الزمرة المتسلطة على البلاد ( النظام السوري ) هي من أعمق التنظيمات التحتية على الأطلاق سواء على المستوى القطري والمحلي ، أو على المستوى الدولي ، فهل أختار المجلس سياسة تناسب ولو عن بعد هذه التحتية !! أو لم يدرك المجلس إن هذه الزمرة (تشتري ) الشياطين والملائكة ، الدول والرؤساء ، القضية الفلسطينية والكوردية ، العروبة والوحدة ، الشيوعية والرأسمالية ، أريتريا وموريتانيا ، بوليفيا وبلاد ما بين الهرين ، الأسلام والمسيحية واليهودية ، الأدباء والفنانين ، الأديان والعقائد ، الماصونية والصهيونية ، الملل والنحل ، لتبق على سدة الحكم إلى أبد الآبدين !! وبالمقابل ماذا يفعل هذا المجلس سوى الظهور في وسائل الإعلام والتشدق بالخطابات الشكلية !!
الخطوة الثالثة : يا ترى لولا وجود مفهوم الجيش السوري الحر ومقارعته للنظام الأسدي هل كان بالأمكان الحديث عن نجاح الثورة في الحاضر أو في المستقبل !! أي هل الأجتماعات الماراتونية الكرتونية في نيكاراغوا وساحل العاج تؤثر قيد أنملة على سلطة هذه الزمرة !! وهل التصريحات الخلبية المطعونة في مصداقيتها من دول العالم ، وحتى هذه اللحظة ، تحد ولو بمقدار ضئيل من همجية هذه الزمرة التي لن يردعها رادع ولن ينهرها ناهر !!
الخطوة الرابعة : حينما نتحدث عن وحدة المعارضة ، أفلا نتحدث عن أطراف متعددة تتكا لب مع السلطة على إستلام زمام الحكم !! فهل الثورة السورية هي ( حرب ) ما بين أطراف متصارعة على الحكم !! أم ثورة شعبية لأجتثاث تلك الزمرة وبناء المجتمع والدولة على أسس جديدة ديمقراطية تعددية !! أولسنا هنا إزاء حالتين متعارضتين كل التعارض :
الحالة الأولى : هي ليست ثورة ، هي تصارع ما بين إرادات قد تكون إحداها أكثر خيرة وعدالة من الثانية ، وتكون الثالثة أقل همجية وفظاعة من الرابعة ، وتكون الخامسة أكثر شعبية وديمقراطية من السادسة ، وتكون السابعة بريئة والثامنة مجرمة ، لكن لايمكن أن نوسمها بوسم الثورة ، وأضرب مثلاً من التاريخ المصري الحديث ، فما تسمى بالثورة المصرية عام 1952( أو ما تسمى أحياناُ بثورة جمال عبد الناصر ) ماكانت إلا مؤامرة وتآمر حقيقيان ضد الملك ، وهذا الوسم ليس له علاقة بمحاسن أو مساوىء هذه الحركة التاريخية ، كما إنه لايتعلق بما آلت إليه الأمور فيما بعد ، لإن للثورة مقومات سبعة ذكرناها في أكثر من مجال ، ونؤكد الآن ، ومن باب المعرفة العلمية ، إن ما سموه بعض أشباه المثقفين بالهبة في تحليلهم لما حدث في 12 . 03 . 2004 في كوردستان سوريا ، هو ثورة حقيقية أرضت تمام الرضى تلك المقومات السبعة التي يمكن أن نسميها شروط مفهوم الثورة .
الحالة الثانية : هي ثورة بكل المعايير والمقاييس وتستجيب لكل شروط مفهوم الثورة ، فالثورة السورية هي بحق أم الثورات التاريخية كلها فقد ملأت الشرط الجغرافي العام ، والشرط النسموي الشامل ، والشرط العفوي ، شرط أسقاط رأس السلطة ، شرط تغيير دالات الدولة ( وعدم الوقوع في فخ الحوار والمساومة ومحتوى الإصلاحات الجزئية ) ، شرط الدور الثانوي لما تسمى عادة بالمعارضة ، شرط بروز قوى فاعلة جديدة . ويمكن أن نضيف إلى ذلك سمتين خاصتين بالثورات الحديثة وهي القضاء على مفهوم الأدلجة لصالح محتوى القضاء على الظلم والأستعباد ، وكذلك الوصول إلى كافة الشرائح في المجتمع لدى كافة الفئات والطوائف أي تخصيص ( الأشخاص ) الذين يساندون الطلم والقنع على المستوى الشخصي وليس على اي مستوى بنيوي .
الخطوة الخامسة : عندما يطالب المجتمع الدولي بوحدة المعارضة السورية ، فهل هو ينادي بذلك كأمنية وهدف في سبيل تحقيق قوة أعظم تستطيع تحطيم أساس مقومات هذه الزمرة وهو ما لانعتقده لإن ثمة أكثر من مائة قرينة على دحض وتفنيد هذه الفرضية ، أم إنه ينادي بذلك كشرط أمام المعارضة لتقديم مساعدة أفتراضية قوية لها . وفي هذه الفرضية لابد من طرح السؤال التالي : ياترى ماهو حجم المتغير لدى الإرادة الدولية إذا ما توحدت المعارضة السورية ؟ فهل سيتغير الموقف الروسي والصيني !! وهل سيتغير الموقف الأسرائيلي !! وهل سيتغير الموقف الأمريكي الأوربي !! وهل سيتحسن مستوى الأداء الأقتصادي في هذه البلدان الأخيرة !! أو لم تقل الولايات المتحدة لدولة قطر والسعودية بعدم أرسال الأسلحة الثقيلة للمعارضة السورية خوفاُ من أنتقالها ليد المجموعات الإرهابية !! أو لم تقل الإرادة الغربية إن أستعمال الأسلحة الكيميائية دائرة حمراء لكن ماعدها خط أخضر !! وياترى لو قامت مجموعة معينة بقتل خمسين فأرة يومياُ وليس مائة وخمسين منها ، أما كنا شهدنا تحركاً دولياً صاخباً تهدد وترعب هذه المجموعة إن لم تبيدها إبادة عمياء !! أفلا يشعر المجلس إن هذا شرط لاشرط له !!
الخطوة السادسة : حينما نتحدث عن إعادة هيكلية المجلس الوطني السوري ، فهل القصد هو زيادة الرقم من 100 إلى 101 ، أم هو تحسن في مستوى الأداء ونوعية النشاط الحراكي !! أليس هو زيادة فاعلية الثورة ودعمها ، أم هو زيادة فاعلية المجلس ودعمه !! أهو منتوج الإرادة الدولية ، أم نابع من خصوصية الإرادة الداخلية !! أي وبصريح العبارة ما هو المتغير لدى المجلس ؟
أي هل إن المجلس سوف يتخلى عن مركزية قراره كما في الأيام الخوالي !! أم إنه سوف يتعامل بميزانية جديدة تغدق الأموال على الثوار الحقيقين المتواجدين في ساحة المعركة !!
ثم ما هو هذا الشيء الذي يمكن أن يقدمه هؤلاء القادمين الجدد البسطاء ولم يستطع برهان غليون أو عبد الباسط سيدا تقديمه !! ثم ، وهذه هي أهم نقطة جدلية ، هل هؤلاء السادة أتوا وفرضوا شروطاً معينة على المجلس أم ، وهذا هو واقع الحال للأسف ، أضافوا رقماً لايسمن ولايغني من جوع !!
كل الدلائل والقرائن تؤكد إن المجلس سوف يحافظ على هويته التي أنشأته أصلاً ، وإنه لن يكون سوى مجلساً مقيداً بتصور مسبق .
وكل الدلائل والقرائن تشير إن الصراع القادم سيكون ما بين القوى الليبرالية التي ندعمها والتي تشكل كياننا الجوهري فلن نتخلى عنها وعنه ، وما بين القوى التقليدية المحافظة التي لاتستطيع إدراك صيروروة ميكانيزم التطور التاريخي .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السيسي يحذر من خطورة عمليات إسرائيل في رفح| #مراسلو_سكاي


.. حزب الله يسقط أكبر وأغلى مسيرة إسرائيلية جنوبي لبنان




.. أمير الكويت يعيّن وليا للعهد


.. وزير الدفاع التركي: لن نسحب قواتنا من شمال سوريا إلا بعد ضما




.. كيف ستتعامل حماس مع المقترح الذي أعلن عنه بايدن في خطابه؟