الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مروج الألسن

مالكة عسال

2012 / 10 / 13
الادب والفن


عرجت على غصن من الزهو ،اتخذته مملكتي أعلن فيه ربيعي وصيفي، أؤذن لفجري متى شئت ،وأقوم لصلاتي متى أردت ،أفرد وَحْي الأجنحة في فضائي دون حسيب أو رقيب. الأحضان مفروشة لحريتي بالجلنار ورياحين الزكيات... تنش عليها الملائكة بخيط حريري ،و بين الحين والآخر ترشها بالزعفران ،السأم موؤود ،والملل غير موجود ،والضيم مدوفن في ظل مقمر ممدود ،فوق رأسي خيمة فرح ،وتحت قدمي سجادة من الطيف ،وعلى يميني وشمالي واحات دهسَ شلالُها القرمزي بؤرةَ القنوط ،كنت أنطلق فراشة تركض بين خمائل الأمس و الغد مبللة بأريج زيزفوني ،..غير أن شِباكاً من الألسن مبهمة السياق تلتف كالحبال حول عنقي ،ترمقني بنظرتها الزهرية ،تطاردني بين غواصات الزمن ومطاوي الأشياء ، راكضة خلفي ،،تتدفق أمواجها بمشارط حادة ،حين أنفلت من قبضتها الحانية ،تتسكع حولي مكونة دائرة من المتاهات ،وسربا من حمام المخاوف ،مرصعا بهالات الهلع ..حاذيتها كي لاأغرف في محميتها الساخنة أوأصبح أضحية لقتلها الذكي ...كانت تختلف في أمرها وفق ماخلقها عليه ربها ..ألسن سوداوية الكفوف ،حالكة الرحاب ،موصودة المنافذ ،مسيجة الأبواب ،تعودتْ على الحبو في قنوات مبهمة ،مسلحة بالزيف والتحريف ،يقارع تمويهُها الأذهان ،تنِز عروقها بالتكلس والتحجر ،،تراقص المرء على بريقها الشاحب ،أو تسقطه في عرينها فراشة ميتة ،أو تضعه قبصة ملح في تابوت بعد أن تمتص من نخاعه النبض الأبيض..ألسن تعرف للتسيب ألفَ سبيل ،تزلزل بخبثها مجهر الواقع ، تهز بشرورها الجذوع الراسخة،فتخضخض بذلك الهدوء والسكينة ،وعلى الهامة تجهر بجبروتها معلنة القيامة ...
وألسن دأبت على تربية نفسها على الخنوع ،تتلمس الظلال في الأصقاع تحت أجنحة المهانة ،تلعق ريقها ممزوجا بالدم حين تذبح كرامتها على نصب الطغاة ،علّها تجد بين سحناتهم مقاما لايليق ،تعيش تحت وطأتهم منحنية ،منكسرة الهمة ،مسحوقة الرفعة ،تمتثل لحسن الأمر والنهي ،لاتعرف طعم الشموخ ، كما تجهل تماما لذة عزة النفس ،،خاطت على قدْرها أكفانا من جلد الماعز ،لتدفنه في مقبرة النسيان ،تتجرع بين الفينة والأخرى سمها القاتل ،في انتظار أجلها المحتوم ...
وألسن مفتولة بالنار والماء ،تحمل على كتفها الأوطان ،مكللة بديناصورات من القلق والضيم ،مثقلة بمارد التغيير ،مجبولة بهاجس التطهير ،تتلوى منفعلة بين مسافات الإجحاف المسلَّط ،والمتاهات غير المرقمة ،المهندسة على إخفاق اليقين ..تتحمل الغطس في أنهار من الطعن والرجم حتى الموت ،ثم تصعد مع الذرى برياح الضغوط والإكراهات ،متيّمة بمنارة الحرية ،محفوفة بسنابل الأمل ،تنتزع من جلدها صهوة التحدي والصمود ،لتحقق المرجو من الأحلام ،لايضيرها ارتطامها بالصخر ،ولايضجرها تقاذف الأمواج بها في شواطئ القمع والحصار ..تركب موج السمو إلى مكاسب النصر ،داهسة مرافئ الانكسار و الخسارات، واهبة أعنقاها لمدية الذبح فدية للإنسانية ليلتمع جوهرها ،فتضع في كفها سنبلة من الفرح ..تسللتُ بين مروج الألسن أدِبّ بين تضاريسها غائرة المدى ، متشعبة القنوات ،متشابكة الاتجاهات ،أبحث في أعماقها عن صرح تستكين إليه جوارحي ،وتهدأ فيه روحي فيعشوشب بالنبض خاطري ،ثم أكسر صخرة سيزيف التي تفيض كؤوسها بالأتعاب ..
مالكة عسال
11/10/2012








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المخرج كريم السبكي- جمعتني كمياء بالمو?لف وسام صبري في فيلم


.. صباح العربية | بمشاركة نجوم عالميين.. زرقاء اليمامة: أول أوب




.. -صباح العربية- يلتقي فنانة الأوبرا السعودية سوسن البهيتي


.. الممثل الأميركي مارك هامل يروي موقفا طريفا أثناء زيارته لمكت




.. أمسيات شعرية- الشاعر فتحي النصري