الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عصر الرصاص 19-22

عبدالله الداخل

2012 / 10 / 13
الادب والفن


19
من شروط الهبوب

أن تكون للبذور أجنحة ٌ

تمسحُ وجه الرمال محوّمة ً

فيحضنـُها ماءٌ

أو تسافر في السهوب،

لأنّ من شروط الله

أن تبدأ صادقاً

ومن شروط الجنون

أن تبدو عاقلاً

ومن شروط قطاع الطرق

أن تصلي قبل امتطاء الجياد

فيغدو من شروط الموت

أن تحيا

ومن شروط البقاء الهروب


20
أجْمِلْ بالخيال الذي من صَنـْعتي

بظل نخل ٍشاحبٍ

عند أقدام الكثيب !

لكنْ ليس يصنعني إلاّ خيالي

فليس به من غيوم الرصاص

نديفٌ غريب

فكم فراشة ًبيضاءَ يصطادُها القـَطـْرُ

حطت من غيمةٍ ظلماء

إلى أقدام فيل!

وكم ملاكاً يكتب الشعرَ بأقلام غفلته!

وكم من أبيقور ٍ

يرقص الطبالون حوله

حين يلقي محاضرة ً

عن تمرد الحقيقة التي تعود لنا!

وكم من عقول ٍبأرض الوطن

قـُتِلـَتْ لأنها قد عاشت المعنى!

أغيمة هذي ٌوعصفٌ يروّع منا الصغار

أم دخانُ حريق ٍكبير

فنعفي اللهَ من لون سجيّته الغزير

ولون ِ ِما جرى فينا ومنـّا

على الأرض والجدران

في عتـْمةِ الشفق الأخير

بين الحقيقةِ والدروب؟


21
منذ الخلية الأولى

قبل ازدحام الملح في البحر

تقررُ الأشجارُ أن تغادرنا

إلى الشمس

فهي وفيّة ٌ لمن يُطعمها

فاكتستْ ببعض الرصاص أبدانـُها

وارتدتْ كثيراً من حشوةِ المدخنة

تنـّوراتٍ لها

كما يرتدي مقبضُ الفأس شفرتـَهُ

أو ترتدي أغصانـُها الميتة

أخلاق َالعصا

فالنـُخـَيلاتُ تهوِي بكل الحفيف الذي سيفوتـُها

فوتَ الغافلات الثكالى

نحيبَهنَّ على أسرى الحروب

فتهوي الأمّ ُ للأرض

وتهفو إلى الأبواب

عاصفة ً وغيثَ نحيب


22
ظلت طحالبُ النظام تحب الرصاص

فتميلُ صوب الظل

وكان الورد ينمو

عيونه تتفتح

لكنْ بعد أن تـُغمَضَ عينُ الله

فمن جبل الرصاص جاءتنا وصايا:

في الوصية الرصاصية الأولى

لا تكذب

لذا تراهم جميعاً يكذبون

لا تقتل

فصاروا مجرمين

تلك أقلامٌ تـُرِكتْ لأنها تـُبرى

فينثر صمتُ الكلام أنفاسَه في الشظايا الداكنات

فهي ترى بأبصارها السوداءَ كلَّ مكتوبٍ على بياض ٍ

أو غير ِمكتوب

تـُحيطه الفئرانُ والأشجار

والطحالبُ والزهور

إحاطة الرمادِ وشعر ِالرأس

بالهموم الهاربات من الذنوب

بعصر ٍفيه تمتزجُ الدِّما

بدمع محبرةٍ عند احتضار

فتحتلني جيوش الشك بجدوى الأفق

ومعنى انتظار الشمس ثانية ً

بعد غروب.


1
يمرّ ُ بي عصرُ الرَّصاص ِيَحُثّ ُخيولـَه

مقلـّداً عصرَ الحجار ِليُنبتَ الماضي أمامي

فيُنهِضُهُ حِراباً

يُميتُ الحاضرَ شوكاً

يورقُ فيَّ ذبولـَه

2
يتلوّى الرصاصُ فيّ َ خفيفاً، سحاباً

سريعاً، جنونَ أباطرةٍ

لذيذاً، نبيذاً، سامّا ً

يجتازُ أكاذيبَ الذهب

وأقدامَ البرونزِ المطلِّ على الساحات

وفي نوافذِ المرايا

فأرقصُ في اختفاءِ الله

من زوايا المدن ِالجميلة

3
عصرُ الرصاص لا يفاجئُنا بالجنوبِ

أو الوراء

في لوحةِ الغـَمام ِ يُرينا

كيف يزدحم اتجاهان

باكتظاظ الفقر والصبر

فتكون للجدار ِ ضرورتان

ألا ّ يُحلـِّقَ القتلى بعيداً

وألا ّ تسيلَ فينا

حدودُ الدماء


4
وحيدٌ هنا

ومزدحمٌ

فقد وصلتُ توّاً

للوحدةِ المفزعة

في الزحام القاتل

5
كيفَ إذن يُنكرونَ حدودَنا؟

ويمرُّ وجهُ الخيانةِ الرصاصيّ ُ

بمعاني المعادن في دمانا فيُفسِدُها؟

لماذا بكلِّ ساحةٍ رُصِفـَتْ للغزوِ جوانبُها

وقبلَ أن تـُفتـَحَ النارُ

ينطفئُ العقلاءْ؟

أتأهّـُباً لمَزيدِ حِمْل ٍ

بين أكتاف الشقاءْ؟

أم لأنهم يعرفون أزمنة َالتوهج

فيواصلونَ رحلتـَهم

داخلَ الشك

فهل في الخوفِ درع ٌ لحياةٍ

وحصنٌ لبقاء؟

6
أما زالَ في القـُرى شيوخٌ مثلنا؟

عاشوا غرباء

ولم تـُنكِرْهُمُ الأجيالُ؟

لأنهم حينَ الحصادْ

يضعون اللهَ في كفةٍ

وفي الكفةِ الأخرى

يُصِرّونَ على الثورة

7
لن أدعوَ اللهَ بموتي

ليقتلـَني فتيّاً

لأني لمّا أموتُ

يتبخـَّرُ البحرُ، أبي

8
بقريتي كان الحبّ ُ جريئاً

وكان لقاءُ الحياةِ زَنا ً

وجريمة!

وكان اللهُ صغيراً

صلباً قوياً

كأحجار ِ الراجمين

غزيرا ً في حلـَقاتِ العراة

يُذهِلُ

يوجِعُ

يُدْمي

ويَقتـُلُ


9
كان هذا عصرَ الرصاص ِ الأولَ

عصرَ دوائر الفقر والأحجار

بها الرجالُ يحمِلون

رؤوساً من الرمل

وأعداداً من اللاهاتِ الصغيرةِ المتماسكةِ القاتلة

حين لم تكن ضرورة ٌ بعدُ

لبنادق ٍ

وجدار

10
يدعو التجارُ إلى السفوح ِ كلّ َمراحلِ البركان

فلن يظـَلّ َ هنا نحاسٌ في الخريف

بل حجرٌ هشّ ٌ تمتدّ إلينا

مساماتـُهُ الكبيرة ْ

بكل اتجاهٍ

فنضيع في مواسم التعذيب الذي يسبق الإعدام

كعادةِ الجدران التي تـُصدئُ الفضـّة َوالقلوب

حيثُ رحلة ٌ فيها الكثيرُ من ظنون ِ البَر

وتأهّـُبِ الأدغال

أو زُرقةِ الفولاذ

11
تليها ليال ٍ فيها القتيلُ

يُعَذ َّبُ ثانية ً، وقوفاً برونزياً

بساحات الطحالب والأسفلت

والرعودِ اليابسات

وأصنام ٍ تجول في احتلال العواصم

وإذعان أريافها

وتماسُك الأحجار في كل شريان ٍ

فأبطالُ حصار الفقر

يخطفونَ كل حصيفٍ

يصادرونَ حرفـَهُ

لينـْضمَّ الى ضرورةِ النشيد

وهم من درَّبَ الطوابيرَ الأخيرة

على نفادِ العتاد

وأفسدَ خمرتـَنا

وخاطَ لنا كَفـَناً

وبنى جدرانـَه فينا،

منفـِّذو إرادةِ الوهم ِ،

ملوكُ فـَقـْر ٍ وفرسانُ حِرمان

أمراءٌ لجيوشِ الحزن هذا

قادة ٌ لفيالقِ العار

ضباط ُ إعدامِنا الفوري

جنودُ الموتِ المؤجّل والمؤبد

تلك جيوش الجريمةِ الشرعية

الجريمة ُالعريضة ُالعميقة ُ العملاقة ُالمقـْـنِعة

جريمة ُ الإهدار،

المسلحون الذين مشـَّطوا مكتبتي

بحثا عن حروفٍ محلقةٍ

لا تستقرّ ُ إلا ّ على خوافي الرماد

بأجنحة ِالفواختِ الجائعة

بتحويم ِ السَّحَر

لأنـّا نحبّ ُ رسائلَ العشق

ببَدْءِ لقاءِ الفجر ِ والأفق

فكلها أملٌ واحدٌ

يجئُ على أشرعةِ الغيومِ التي

تنامُ محمولة ً

بتيار السماء


12
رسائلٌ تكتبُ نفسَها

بجدران ِ الزنازن

أبوابِ الحديد،

على السماءِ بكلِّ أصيلٍ

لأنّ كلَّ أصيلٍ حبيبٌ

سوى مغيبِ الحبيب،

وفي كلّ رمادات ِالغروبِ فجرٌ

يـشبه حزنه التالي

فلا الدماءُ جميلة ٌ ولا

لوحاتُ نشوبِ الحروبْ

ولا خجلٌ في خدود السماء

يُخجِلنا

ولا جمرٌ يدفـِّئُنا

ولا سراجٌ سيَهدينا

كرايةِ الفجر القريبْ


13
حضارةُ التجّارْ

تحتلـّـُني

تـُصْدِرُ أحكاماً مؤبدة ً بالحزن

والإعدام ِ رميا ً بالمسافاتِ

كما فِرَقُ الحجارْ

13
ورثنا عن عادةِ الأنهار

ذاكرة َ السمَك

ومن الأدغال عشقاً للحشائش،

نعود لها بعد كلِّ طِرادٍ

وخسارةٍ للضباع؛

ففي الانحناء

يسودُ الرصاصَ كسادٌ

وتأكسدٌ،

يُصيبه الخمول

فيقلدنا في المرونة

فتـُلوى المسألة ْ!


14
لكنه يحددُ أهدافـَهُ؛

يزاوج الفرضة َوالشـّـُعَيْرة

على قلب الحديد

حين َالقاماتُ نخيلٌ،

فيسمّم المرحلة!

وفي عواصف المغامرة

والأعاصير العدوّة

تختنقُ البوصلة

يُخفي التمردُ وجهَه ُخجَلا ً أو جُحودا

ليُبدي الحنانَ على يتيم ٍ

أويغازلَ أرملة!

لأنـّا في الطوفان ِأنذالٌ

نموتُ قبلهم

(تخنقـُنا الدماءُ وحسرة ٌ لليبابْ):

فتكونُ نساؤنا أوّلَ الغرقى:

تـُنقـّرُها طيورٌ معدِنية ٌ

وعلى رمال ِ الشاطئ السوداءِ

تأكلها الكلاب.


15
لقد خسِرْنا؛

إذنْ فما قد ظنـَنـّا من باطل ٍ بيننا

كان هو الصواب!


16
قدمايَ تهبطان

وها أصابعي تمسُّ الأرض

تـُحِسُّ رطوبة َالعُشب،

رفضتُ الجـِنان

فما عُدْتُ معلـّقا ً

بين الله والحقيقهْ،

فإنْ لم يعُدِ اللهُ عدوّاً

في انحراف العصر

فهي دوما ًصديقهْ!

إخترتُ الجحيمَ لأني

أرى الظلامَ الذي يرعى ما بيننا!

ما زال قلبي يرى الظلامَ غيماً يخِفّ ُ

في الفجر القديم،

ولم يعد محزونا،

هذا الظلامَ الذي يُطوقنا

ويكاد يغزونا!


17
فلمّا مُعْصَبَ العينين

أ ُسْـنـَدُ للجدار

قـُبَيْلَ الفجر الذي طالما يُهان

(كعادتِهِ)

أكونُ (كعادتي)

مطوّقاً بالحجار

أنتظر البنادقَ تهتف للسقوط ،

سقوطي؛

تـُذكـّرُني بما أعادَ الفقراءُ السائبون

في بعض القرى،

من وطني

على أ ُذ ُنـَيَّ

وكانوا تائهين؛

لكنهم ليسوا مثلـَنا

لأنـّا لاتـَمَسّ ُ الأرضَ أقدامُنا،

معلقون!

نشنقُ انفسَنا

بطريقةٍ مُثـْلى!

وإنْ كنا مدمنينَ على النسيانِ

فهل من عدلٍ بنِسْيانٍ

كما في عالم الأسماك؟!

لأنَّ التذكـّـُرَ فينا حليفٌ أمينٌ لنا

وصديق

فكيف يكون عدلـُنا الأكثرَ عدلا ً؟

وما العدلُ الذي تخطـّى عدلـَهم فينا؟

لأنـّا إنْ لم نكنْ سائبينَ

لا نميزُ بعضَنا في الظلام

لتلمّسْنا الطريق،

بل لركعنا على ركبةٍ بجانبه

تحَسَّسْنا ترابَه

أو غبارَ رصيفِه

أو جسَسْنا مواقدَه الخاوية

وتركنا الرمادَ يعود

من بين الأصابع في صحبة الريح،

إلى التواضع الطبيعي

لامتدادِ الدرب.

سيفتحُ الرمادُ عينيه في عَمانا

فنكتشفُ الزوايا المظلماتِ من الطريق ِزاوية ً زاويهْ؛


18
الشعرُ إلحادٌ في دُنى الله؛

إنْ كان سائباً أو مائلاً

صارَ عدوّاً،

قاتلا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفنان عبدالله رشاد: الحياة أصبحت سهلة بالنسبة للفنانين الشب


.. الفنان عبدالله رشاد يتحدث لصباح العربية عن دور السعودية وهيئ




.. أسباب نجاح أغنية -كان ودي نلتقي-.. الفنان الدكتور عبدالله رش


.. جزء من أغنية -أستاذ عشق وفلسفة-.. للفنان الدكتور عبدالله رشا




.. الفنان عبدالله رشاد يبدع في صباح العربية بغناء -كأني مغرم بل