الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


احببتك مجبرة

سعاد الرملة

2012 / 10 / 14
الادب والفن


احببتك مجبرة
لم يخطر في بالها يوما ان يطرق الحب بابها , فتستجيب له او ان ترتبط بأي كان ,كي تحيا تجربة الحب من جديد . بعدما حصد الحب امالها في اولى سني عمرها وجرف ربيعها الى نهر الذكريات حيث مواقف مؤلمة لاتنسى وجراحات لا تندمل او تشفى
تلك التجربة البائسة في مقتبل حياتها جعلتها عازفة عن الحب وعن الخوض باية تجربة جديدة ممكن ان تنتهي الى ما انتهت اليه سابقتها فتترك قلبها مكلوما وروحها ممزقة ومعنوياتها مثبطة.
استمر عداد العمر يحصد ايامها وسنينها دون رحمة او وقفة راحة او اطمئنان تلتقط فيها انفاسها وتعيد فيها ترتيتب اوراقها .. ومرت الايام رتيبة مملة وهي منشغلة بوظفيتها وبالعناية بشقيقها المريض والذي كانت العناية به تستهلك جل وقتها وجهدها .. كانت حياتها كئيبة ورتيبة وبيتها صامتا خاليا من الصوت الذي يبعث على الحياة .
فبعد ان اجتاح الحب رفرفات قلبها الاولى وازاهير ربيعها الغض واحال امالها الى خريف مبكر تعتلي شجرات اماله واحلامه جراحات عميقة وامال باهتة ..وجدت نفسها تائهة في دهشة الحيرة والتساؤل , تجدها عندما تفرغ من عملها ومن العناية باخيها تسأل نفسها وبإلحاح...
ترى لماذا حصل ويحصل لي كل ذلك .. ولماذا اعيش هذه الوحدة والالم ولماذا كتب علي العناية بمريض لااستطيع تركه او التخلي عنه لانه لااحد له غيري , لماذا لااستطيع ان احب شخصا بعده وبعد خيانته لي وجرحه الغائر في اخاديد الروح وجنباتها.. هذه المفردة ( لماذا ) لازمتها طوال حياتها ولم تجد لها تفسيرا في قاموس حياتها ومفردات ايامها
حينئذٍ اقسم قلبها ان يوصد ابوابه عن شيء اسمه الحب وان يشطبه من تقويم الايام
عملت بنصيحة احدى صديقاتها في العمل والتي تعرف ظروفها وما تعانيه من وحدة وعزلة فاقتنت كومبيوترا علّها تجد فيه بعض مايبدد وحشتها ويرد وحدتها ويجعلها تنشغل بشيء جديد بعد الرتابة التي جعلت حياتها باردة, باهتة, مملة, كئيبة , كل شيء فيها يتكرر مثل سابقه ولاجديد .. لاصوت في ذلك المنزل لافرح لاتغيير .. حياة اشبه ماتكون بآلة تعيد نفس العمل وتكرره برتابة مقيتة ..
التقت به صدفة عبر النت.. وبطريق الصدفة المحضة التي قادته اليها دخل عليها ليلقي التحية ويعرفها بنفسه .. عرف ظروفها وعرف عزوفها عن الحب نتيجة تجربتها القديمة ولكنه لم ييأس .. فحاصرها غزلا وشوقا ولهفة وحبا وسهرا وشعرا .. تساءلت مع نفسها ايكون هو الحلم الذي انتظرت طوال حياتي والتعويض عن ايام الالم وليل الوحدة والسهد... وهو الذي جعل مني اميرة متوجة على عرش قلبه وهو الذي يبعث لي قصائد تهز وجداني وتعبث بروحي وتداعب انوثتتي واحلامي التي ابتعدت عني مسافات وازمنة .. فقد كان يكتب قصائد الحب والشوق والغزل بكل شوق الدنيا وحنين العاشق وهيام المتيّم ولهفة المحب وكانها فُصِلت على هواي ومرامي.
هل يمكن إلا ان استسلم لحبه الجارف وان احبه مجبرة لأبدد وحدة الايام ووحشة السنين التي تعدو بي فجعلتني افيق من سباتي وقد وجدت نفسي على اعتاب الاربعين
اصبحت تفرح لرؤيته عبر الاثير وتسأنس لحديثه وان قاومت حبه كثيرا كي لاتُجرح مرة اخرى بنفس السكين ذبحتها يوما وتركتها حطاما , الا انها وجدت انها احبته مجبرة في خضم ظروفها المؤلمة والتعيسة وحياتها الرتيبة .. فقد كان نافذة امل وسط العتمة التي تعيشها وتؤرقها..
مرت سنتين وهي تنتظر طلته كل يوم عبر جهاز الكومبيوتر والنت تتلهف لسماع صوته المتهدج عذوبة وكلماته الجميلة وقصائد الغزل التي تدغدغ عواطفها وتلامس حرمانها من الحب سنين .. اصبح الحديث معه عبر النت طقسا يوميا تنتظره بلهفة وتنتظر معه ان يخطو خطو جادة في مسيرة علاقتهما التي استمرت سنتين .. لتتفاجأ ذات يوم من احدى صديقاتها انها تعرفت على نفس الشخص ومن سنتين او اكثر وانه يهديها نفس قصائد الغزل والشوق وان له صديقات اخريات يهديهن نفس القصائد ويردد على اسماعهن نفس الكلام المعسول ونفس الوعود
صرخت باعلى صوتها .. يامن احببتك مجبرة لأبدد وحشة ايامي , لقد طعنتني بنفس سكين الغدر التي طعنت بها يوم كنت في العشرين من عمري واحالتني ركاما .. ان جرحي القديم لم يلتئم بعد لتفتح لي جرحا جديدا ساعاني منه طويلا .
قررت ان تهدي الكومبيوتر الى ابن اخيها وان توصد قلبها هذه المرة بالضبة والمفتاح وان تعود لوحدتها والعناية بشقيقها المريض دون احلام او امال او جراحات جديدة.
سعاد الرملة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فاق من الغيبوية.. تطورات الحالة الصحية للفنان جلال الزكي


.. شاهد: دار شوبارد تنظم حفل عشاء لنجوم مهرجان كان السينمائي




.. ربنا سترها.. إصابة المخرج ماندو العدل بـ-جلطة فى القلب-


.. فعاليات المهرجان الدولي للموسيقى السيمفونية في الجزاي?ر




.. سامر أبو طالب: خايف من تجربة الغناء حاليا.. ولحنت لعمرو دياب