الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


غيبوبة السياسة السورية

سلامة كيلة

2005 / 3 / 4
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


أصبحت سوريا هي " الهدف التالي ". و ربما لم يعُد يشكّ أحد في أن الدولة الأميركية تحضّر لتغيير النظام فيها، لكن دون أن يكون واضحاً الشكل الذي يتحقّق به ذلك. أو فقط يمكن رسم سيناريو ما، ربما يتحقّق أو لا .
لكن لا يبدو أن السلطة السورية قد توصّلت إلى هذا الإستنتاج، الذي كان واضحاً منذ الحادي عشر من أيلول سنة 2001، و خصوصاً بعد إحتلال العراق. حيث منذ الحرب على العراق و إحتلاله و السياسة السورية تتجاهل منطق السياسة الأميركية، الذي تحدّد منذ الحادي عشر من أيلول، و القائم على إسقاط " الدول المارقة "، و تغيير " الأنظمة المنبوذة "، عبر أشكال متعدِّدة ليست الحرب إلا واحدة منها، و وفق حالة كل دولة. هذا المنطق الذي تحدّد بعد إحتلال العراق بتغيير الجغرافيا السياسية في كل المنطقة العربية. و كانت القائمة التي أعلنها ريتشارد بيرل واضحة في هذا المجال، و التي شملت إضافة إلى أفغانستان و العراق، كل من سوريا و إيران و كوريا الشمالية، و أيضاً مصر و السعودية.
فأولاً إنبنت الحجة في رفض القبول بفكرة أن سوريا هي تحت المرمى الأميركي، على فكرة أن سوريا ليست كالعراق منبوذة، خصوصاً أنها لم توضع في محور الشر. حيث أن علاقاتها مع أوروبا قويّة إلى حدٍّ يمنع الدولة الأميركية من " التحرّش " بها. و بالتالي ليس من الممكن أن تلجأ أميركا إلى ما فعلته في العراق ضد سوريا.
ثمّ إنبنت ثانياً، خصوصاً بعد تفاقم الخلافات مع فرنسا و أوروبا عموماً التي وصلت إلى حدّ التحالف الأوروبي الأميركي في مواجهة سوريا. إنبنت على أن أميركا قد تورّطت في العراق بعد تصاعد المقاومة العراقية و تزايد الخسائر التي باتت تعاني منها هناك. و أن همّها هو الخروج من هذا المأزق. و بالتالي فإن سياستها باتت تنحصر في مواجهة " المأزق العراقي ". و إذا كانت السلطة السورية قد قدّمت ما أرادت أميركا في العراق تحت حجة " سدّ الذرائع "، فقد إعتقدت أنها قادرة على العمل في المناطق الأخرى دون الخوف من إستثارة أميركا، إنطلاقاً من غرق أميركا في " المستنقع العراقي "، و بالتالي عجزها عن الفعل في المناطق الأخرى، خصوصاً سوريا و لبنان.
لهذا قامت سياستها على التوافق مع أميركا، و على تقديم التنازلات، و لم تشعر بالحاجة إلى حسابات مختلفة، و بالتالي لسياسات مختلفة. و من هذا المنطلق قرّرت التجديد للرئيس الياس لحّود رغم المعارضة اللبنانية الشديدة و الإعتراض الفرنسي. و رغم إمتلاكها بدائل عديدة. الأمر الذي أظهر أن لبنان باتت تشكّل " منزلقاً " خطراً، حيث تحقّق التوافق الأميركي الفرنسي لإصدار القرار 1559 في الأمم المتحّدة، و بدأت الضغوط الدولية في التصاعد. مترابطة مع تصاعد الإحتجاجات الداخلية الرافضة للتجديد، و التي باتت تخلق إرباكاً للسلطتين اللبنانية و السورية.
رغم ذلك ظلّ الأساس الذي تنطلق منه السياسة السورية هو أن أميركا متورّطة في العراق، و أنها لن تلجأ إلى فعلٍ ضد سوريا. و لقد بدا أن الضغوط حول لبنان هي من فِعل فرنسا و ليس أميركا، و أن أميركا غير مبالية بما حدث و ما يمكن أن يحدث. خصوصاً أن الإدارة الأميركية كانت قد سرّبت مشروع القرار الفرنسي إلى سوريا قد أن يصدر من الأمم المتّحدة و أوحت حينها أنها تماطل في إصداره نتيجة عدم إهتمامها بهذا الموضوع. و لمّحت أكثر من مرّة إلى تركيزها على الوضع العراقي فقط. لتُظهر الإلحاح الفرنسي على معاقبة سوريا، و ميلها إلى جرّ أوروبا إلى الموقع ذاته.
و لاشكّ في أن في هذا التحليل تبسيط هائل، و غيبوبة لم تسمح برؤية الواقع العالمي الحالي. خصوصاً و أن الإدارة الأميركية قد أعلنت مشروعها الذي لا يتضمّن تكيّف الأنظمة الموضوعة على قائمة الدول المارقة مع سياساتها، بل يتضمّن تغيير هذه الأنظمة. لأنها تهدف إلى تصفية مفرزات مرحلة الحرب الباردة، و تشكيل المنطقة وفق مصالح إحتكاراتها، عبر السيطرة على الأسواق و بناء " الأنظمة العميلة "، و تغيير الجغرافيا السياسية. و إذا كانت تعاني من مأزق في العراق ناتج عن قوّة المقاومة، فإن تجاوزه يرتبط بتوسيع سيطرتها على المنطقة المحيطة، و ليس بالضرورة أن يتحقّق ذلك عبر الإحتلال العسكري، حيث يمكن إدخال الدولة الصهيونية كعنصر في المعادلة و تحقيق تغيير داخليّ بطريقة أو بأخرى.
و لهذا بات لبنان، خصوصاً بعد مقتل الحريري و التأشير على دور سوري في هذا المجال، نقطة ضغط و تصعيد و مؤشّر على بدء مرحلة تغيير تطال النظام السوري. و لأن السياسة السورية إنبنت على وهم، فها هي تفتح الطريق إلى الهاوية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. في هذا الموعد.. اجتماع بين بايدن ونتنياهو في واشنطن


.. مسؤولون سابقون: تواطؤ أميركي لا يمكن إنكاره مع إسرائيل بغزة




.. نائب الأمين العام لحزب الله: لإسرائيل أن تقرر ما تريد لكن يج


.. لماذا تشكل العبوات الناسفة بالضفة خطرًا على جيش الاحتلال؟




.. شبان يعيدون ترميم منازلهم المدمرة في غزة