الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حول لقاء المالكي بالحزب الشيوعي العراقي

حميد غني جعفر

2012 / 10 / 14
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


في مقالة سابقة – وضوح ما بعده من وضوح – كنا قد وعدنا بالحديث عن هذا اللقاء وبداية أقول – للحقيقة – بأن هذه المقالة كنت قد كتبتها – في حينها – أي منذ اللقاء – لكني آثرت تأجيل نشرها لوقت آخر مناسب وذالك لسببين ، الأول أن ليس من طبيعتي استباق الحدث خصوصا إذا كان مفاجئا – كما هو اللقاء – والثاني هو أن الحزب الشيوعي العراقي قد تعرض إلى النقد من جانب عدد من المثقفين والإعلاميين لهذا اللقاء ، وما أردت لمقالتي هذه أن تدخل ضمن إطار هذا النقد للحزب ، كون الحزب الشيوعي العراقي حزب عريق – كما هو معروف – وذات تأريخ ناصع وتجارب ثرة وله بصماته الواضحة على مجمل أوضاع البلاد السياسية منها أو الاقتصادية أو الاجتماعية أو الثقافية في كل العهود – منذ تأسيسه – وهذا ما يدركه المالكي جيدا ويدرك نفوذه وقاعدته الجماهيرية .
والآن – كما أرى – قد حان الوقت المناسب لنشرها لأنها تأتي في سياق مجمل أوضاع البلاد المتردية – عامة وفي كل الميادين – وتتجه من سيء إلى أسوء بفعل الصراعات – اللامسؤولة – والتي لا زالت محتدمة بين المتصارعين ويشتد أوارها يوما بعد آخر ، وهم جميعا متفقون على أن لا يتفقوا ، حتى فقد فيه الشعب وكل قواه الوطنية المخلصة أي بصيص أمل في انفراج الأوضاع أو حلول للأزمة المستعصية والخروج بالبلاد من محنتها ، الأمر الذي يؤكد أن أي لقاء مع أي من المسؤولين بما فيهم المالكي ليس إلا للتخدير والتضليل وكسب الوقت ، وفي هذا الإطار جاءت دعوة المالكي للحزب الشيوعي العراقي قبل بضعة شهور وتحديدا بعد انعقاد المؤتمر الوطني التاسع للحزب الشيوعي الذي وضع فيه الإصبع على الجرح في الكلمة التي ألقاها سكرتير الحزب في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر أمام الحاضرين والوفود من كل القوى والشخصيات الوطنية ومن بينهم ممثلوا الحكومة و ممثل عن حزب الدعوة ،فهو قد شخص بدقة وعمق أسباب الأزمة ومسبباتها ، وانتقد بشكل جريء و صريح نهج المحاصصة الطائفية مؤكدا على أن المحاصصة هي أساس البلاء ، وأكد بجرأة بأن المتنفذين يحتمون بالأجنبي والمليشيات المسلحة وانتقد ظاهرة وجود المليشيات المسلحة كونها خرقا للدستور وتتعارض مع مبادئ الديمقراطية والدولة المدنية الدستورية ومؤسسات المجتمع المدني ، وأوضح كيفية الخروج من الأزمة – المفتعلة - وطرح الحلول الناجعة لكل المعضلات والمشكلات ومن جميع النواحي – أمنيا – وسياسيا – واقتصاديا – واجتماعيا – ولا نريد الإطالة هنا بسرد كلمة الحزب التي نرى فيها برنامج متكامل ودليل عمل لكل الوطنيين المخلصين إن صدقت وطنيتهم وخلصت نواياهم ، - وكما نرى - فهي أحد أسباب دعوة المالكي للحزب ، ومن هنا فهي تعد مراوغة ومناورة سياسية - من جانب المالكي – وهي ذات أبعاد – سنأتي على ذكرها - .
والواقع فإن هذا اللقاء كان مفاجئة للشارع العراقي وحتى للشيوعيين أنفسهم وتكمن المفاجئة في أن العلاقة بين المالكي والحزب الشيوعي كانت في حالة من التوتر الشديد – أشبه بالقطيعة – منذ تظاهرات شباط الاحتجاجية – 2011 – التي وقف فيها الحزب الشيوعي – كما هود معهود به – إلى جانب الشعب وشبيبته الواعية ومنظمات المجتمع المدني وكل قطاعات الشعب في مطالبه العادلة والمشروعة بإصلاح مسار العملية السياسية ونبذ المحاصصة الطائفية المقيتة وتحقيق الأمن والاستقرار وتوفير الخدمات الأساسية الضرورية للمواطنين والقضاء على البطالة بإيجاد فرص عمل للعاطلين خصوصا للشباب الخريجين ... الخ وقد تصدر الشيوعيون تلك التظاهرات ، الأمر الذي أغضب المالكي وحكومته من الحزب الشيوعي ، وواجهت التظاهرات السلمية- كما شاهدها كل العالم - بإجراءات بوليسية وأطلقت الرصاص على المتظاهرين وشنت حملة اعتقالات للناشطين الشباب ثم تبعتها بحملة بوليسية أخرى لمداهمة مقرات الحزب الشيوعي واعتقال من فيها إضافة إلى فضيحة الكتاب السري من المخابرات العراقية باعتقال الشيوعيين وبالأسماء كما نشرته – طريق الشعب – وصحف أخرى – ومن العوامل المهمة الأخرى وراء دعوة المالكي للحزب الشيوعي هي الأزمة الخانقة التي كان يواجهها – المالكي – والتي كادت تعصف به وبحكومته جراء المعارضة و الصراعات الشديدة ، ليس من جانب الكتل النافذة الأخرى فقط بل ومن جانب التحالف الوطني ذاته الذي ينتمي إليه المالكي و الذي تجسد بانحياز أكبر كتلة برلمانية – من داخل التحالف الوطني – التيار الصدري – إلى جانب القائمة العراقية والتحالف الكردستاني بطلب سحب الثقة عن المالكي واجتمعت هذه الأطراف الثلاثة في أربيل والنجف لهذا الغرض للإطاحة بالمالكي وحكومته ، وخلاصة القول : أن هذه الأزمة الخانقة وعوامل أخرى كثيرة هي وراء دعوة المالكي للحزب الشيوعي والتي تهدف إلى صرف أنظار الشارع العراقي عن حدة وعمق الأزمة والتخفيف من وطأتها – على أقل تقدير – وبالتالي هي محاولة لاستنباط موقف الحزب الشيوعي من تلك الأزمة – هل الحزب مع سحب الثقة أم ضدها – وكيف ستكون سياسته مستقبلا ، وكمحاولة لتلطيف الأجواء واستعادة ثقة الحزب صرح المالكي – خلال اللقاء – بأنه يريد تجاوز الطائفية ويسعى لأن يكون حزبه – الدعوة – عابرا للطائفية بأن يضم في صفوفه – السني والشيعي – والعربي والكردي – والسافرات والمحجبات – بحسب قوله – فالمالكي يدرك جيدا بأن الحزب الشيوعي يرفض الطائفية قطعا ويؤمن فقط بالهوية الوطنية الأصيلة بعيدا عن الهويات الفرعية وبهذا التصريح تلويح للحزب ... فالانتخابات مقبلة ، لكن الأشهر التي مرت على هذا اللقاء – وإلى يومنا هذا تؤكد بوضوح أن نهج المحاصصة الطائفية ثابت ومرسوم وهذا ما تجسد في قرار مجلس النواب – الأخير – بالتصويت على قانون انتخابات مجالس المحافظات والإبقاء عليه كما هو دون تعديل ضاربا عرض الحائط قرار المحكمة الاتحادية العليا الملزم بتعديل القانون ، أليس هذا قفز على الدستور واستهتار بإرادة الشعب ؟ ولم يثمر اللقاء عن شيء يذكر باتجاه خدمة مصالح الشعب العراقي ... فمصالحهم الشخصية هي فوق المصالح الوطنية العليا وما تفعيل قرار المخصصات المالية ، مليونين وربع لكل نائب كل ثلاثة أشهر أي بواقع 750 ألف دينار شهريا نثرية لشراء القرطاسية والمجلات والصحف إلا تأكيد لهذه الحقيقة .
وأخيرا لا ندري كيف يمكن لحزب الدعوة أن يضم كل هذه الأطياف ... فحتى السني المسلم لا ينظم إليه لأنه يتعارض مع معتقداته المذهبية فكيف بالمسيحي أو الصابئي أو اليزيدي ، إذ و كما هو معروف لكل العراقيين بأن حزب الدعوة الإسلامية ومنذ تأسيسه عام – 1957 – هو حزب لطائفة الشيعة .. . ونسأل الله أن يوفق المالكي بهذا المسعى ليستعيد هوية حزبه الوطنية وإن بعد فوات الأوان والله على كل شيء قدير .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تحيةً واستفساراً
حميد خنجي ( 2012 / 10 / 14 - 15:35 )
شكرا للزميل على المقال
ولكن صدقني يا أخي إن قلتُ لك إني لم أفهم بالضبط وُجهة نظرك بالنسبة للمقابلة
هل أنتَ تنتقد هكذا مقابلات أو تؤيده، من باب الضروريات أحياناً. بجانب أن -حشح- يقابل - من وقتٍ لآخر- مختلف القوى السياسية كونهم لاعبين أساس. من هنا أعتقد أن فوائد هذه اللقاءات أكثر من مضرتها، بعيداً عن الإنعزالية و-الشعاراتية- التي يسلكها عادة اليسار المتطرف أو الحاد


2 - الحزب الشيوعي
فهد ( 2012 / 10 / 15 - 01:40 )
في اعتقادي يا سيدي الكريم ان الحزب الشيوعي الحالي قد شارك في الوضع السئ عندما وافق على الانضمام الى مجلس الحكم الانتقالي تحت مسمى الطائفة الشيعية، انا أوافق على ان الحزب الشيوعي العراقي ذا تاريخ مشرف لكن عذرا سيدي الحزب الشيوعي الحالي هو ليس الحزب الشيوعي السابق.
اما السيد رائد الحواري والذي سوف يتهمني على انني من مؤيدين الحكومة الحالية بعد قراءة تعليقي وهي تهمة انا بعيد منها كل البعد فعن اي متطلبات حياة أساسية يتحدث؟وعن اي مستوى مرموق يتحدث؟الم يكن الموظف العراقي يستلم ثلاثة آلاف دينار والم يكن انتشار الرشوى في عهد القائد المقدام الآفة التي تأكل خيرات العراقيين الى حد الان! لا اريد انتقاد النظام السابق ولا الحالي لان كل صفحات الحوار لن تكفي لذلك. ولكم مني تحية

اخر الافلام

.. حماس وإسرائيل.. محادثات الفرصة الأخيرة | #غرفة_الأخبار


.. -نيويورك تايمز-: بايدن قد ينظر في تقييد بعض مبيعات الأسلحة ل




.. الاجتماع التشاوري العربي في الرياض يطالب بوقف فوري لإطلاق ال


.. منظومة -باتريوت- الأميركية.. لماذا كل هذا الإلحاح الأوكراني




.. ?وفد أمني عراقي يبدأ التحقيقات لكشف ملابسات الهجوم على حقل -