الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حوار مع القاص و الروائي المغربي ياسين أبو الهيثم

علاء كعيد حسب
شاعر و كاتب صحفي

2012 / 10 / 14
الادب والفن


من مراكش إلى مرسيليا رسم القاص و الروائي (ياسين أبو الهيثم) مساره الإبداعي بألوان خاصة، و طبع أسلوبه السردي بكل ما يميز الحياة المراكشية من بعدين مترابطين؛ أحدهما ينهل من خصوصية مغربية ضاربة في القدم و الأصالة، و الأخر يتعدى الجغرافيا إلى الإنسان و يتجاوز الحدود و ما ترتب عنها من اختلاف و تنافر. و في هذا الحوار الأول من نوعه يفصح (ياسين أبو الهيثم) عن تفاصيل كتابة روايته (الفَندق) و عن صراع الأنا و الأخر، كما يتحدث عن تجربته القصصية و روايته الإلكترونية و كثير من النقاط بينها أعماله المستقبلية.


كانت مراكش حاضرة بقوة في روايتك (الفندق) من نوافذ مختلفة تتناقح عبرها ثقافتين متناقضتين نوعا ما. هل يحاول ياسين أبو الهيثم من خلالها تأكيد هويته المغربية (انطلاقا من مراكش) لذاته و لمكانه في المهجر (فرنسا)، و هل يمكن اعتبار هذا العمل مرآة لصراع الإنسان مع الهوية و الأخر النقيض؟
بداية، أودّ الإشارة إلى أني فرغتُ من كتابة "الفَندق" قبيل رحيلي إلى فرنسا. وعموما، إذا هاجر الكاتب، مضطرا أو مختارا، طوعا أو كرها، سيتداعى تحت تأثير حساسيته المفرطة والزائدة للحنين إلى الوطن، وفي هذا الإطار كتبتُ مؤخرا على هامش الرواية مقالتي "عندما يكتبُ المؤلِّف عن أحد أعماله.. رواية الفندق نموذجا"؛ وقد ينشئ الكاتب لدى اصطدامه بثقافة الآخر وقبل أن يسحره المكان ويفتنه أهله، فالعرب تقول الألفة حجاب . وأنا أفضل، إن كان ولا بدّ من هذا القطيعة الميكانيكية البحتة، أن أشتغل في هذا الإطار الثاني.

أنتَ تكتب إذن أشياء قد لا تأتي في رأس سلّم أولوياتك واختياراتك؟
ليس تماما، فهذا التقسيم الذي تحدثتُ عنه منهجيّ فحسب. كنتُ صدّرتُ قصة قصيرة لي موسومة "الروائيّ الأعظم" ب الدنيا كلها حدوثة ، وهي متضمنة في آخر رواية "الفندق" أو بالأحرى جزء منها. فبقدر ما هنالك صراع للإنسان مع الهوية والآخر ثمة حوار وتقارب، وبقدر التنافر الموجود هنالك تجاذب. وهذه العلائق القائمة وما يليها وتثيره من أسئلة وتنطوي عليه من قيم تخدم المرمى العام والغاية الأساس المتمثلة في لعب الأدوار المسندة إلينا، وتتضافر لتتمم فسيفساء الحكاية. في الواقع، اعتقدتُ لمدة طويلة، ولاسيما إبان كتابتي لروايتي الأولى "لمن تُفتح الأبواب؟" أن مراكش في خطر. اعتقدتُ أن أفواج الأجانب التي تأتي اطراداً لتقيم بصفة دائمة بالمدينة أشبه بحصان طروادة الذي سيدخل الخطر من خلاله. ولما زرتُ مرسيليا فهمتُ أن هذا، على العكس مما كنتُ أعتقد، شأن المدن العالمية. هذا الآخر ليس نقيضاً كلية، نقاط الاختلاف لا تتجاوز بحال نقاط التشابه، بل إن الأدب لا تقوم له قائمة في جماعة لغوية لم تبلغ درجة معتبرة من التعقيد في العلاقات والمشاكسة الثقافية والتدافع الفكري.

صرحت لنا بأن رواية (الفندق) كُتبت في مدة لا تتجاوز 45 يوما . كيف كان ذلك و ما هي الدوافع التي سرعت في إنجاز هذا العمل الروائي ؟
مؤسسة المورد الثقافي التي حظي مشروع الرواية بمنحتها للكتابة الأدبية عن سنة 2009 طلبت أن أسلمها النسخة الإلكترونية للعمل قبل متمّ دجنبر 2010، والحقّ أنه كانت أمامي مهلة أطول، بيد أني تهيبتُ طويلا من دخول حضرة الرواية منتشيا بإقناع لجنة تحكيم متألِّفة من علاء الديب، أنور بن مالك عالية ممدوح، منشداً: قد يكون الغيب حلوا إنما الحاضر أحلى

غادرت مراكش إلى فرنسا ضمن البعثة الثقافية للمغرب بمدينة مرسيليا. هل شكلت هذه الرحلة نقطة تحول في مسارك الإبداعي و أين تجلى ذلك ؟
بعثتُ من فرنسا إلى رئيس تحرير أحد المجلات العربية بقصة قصيرة معنونة "الطريق إلى الإلدورادو"، أشاد بالنصّ ورحب بنشره، وفي نفس الوقت ارتأى أنه يحتمل التمديد، ونصح لي أن أعاود الاشتغال عليه كمشروع رواية تأتي على طريق الحي اللاتيني . الرواية المذكورة شهيرة، والأشهر أن العنوان حيّ باريسي يرمز للعلاقة الجدلية بين الشرق والغرب أو بين الشمال والجنوب، بين الأنا والأنا أولا، ثم الأنا والآخر، بين اللقاء الحضاري بين الشرق بعاداته ودياناته ومعطياته الروحية وبين الغرب بمعطياته المادية والعلمية والتكنولوجية... هذه النصيحة، في نظري، تنضح بالكثير.

أول إصداراتك حمل اسم (لمن نفتح الأبواب) و صدرت عن مجلة الكلمة الإلكترونية سنة 2009. هل ساهمت هذه الرواية في التعريف بأبو الهيثم، و هل ترى أن عصر النشر الورقي قد تراجع لصالح النشر الإلكتروني، أم أن المسألة برمتها تتعلق بتوفر إمكانية النشر بالمجان عبر الإنترنت مقابل غياب دعم لنشر هذا العمل في كتاب ورقي ؟
ليس من اليسير نشر العمل الأول، غالبا ما يتعلق الأمر بتمرين روائي. نجيب محفوظ نفسه لم يتمكن من نشر روايته الأولى أحلام قرية ورقيا، علما أنه لم يتوافر وقتئذ الحامل الرقمي. لا يجوز لي أن أقدح في قيمة مجلة الكلمة الالكترونية و ذائقة القائمين عليها، التلقي والقراءات تختلف. هذا، وليس من السهل الالتفات إلى العمل السابق بعد صدور عمل لاحق، هذه القضية معروفة أدبيا. وإن سلمنا بتراجع النشر الورقي لصالح الالكتروني فللكتاب الورقي متصفّحوه الأثيرون، كما يلزم الخروج بالوسيطين من حلبة التصارع إلى دائرة التكامل.

كتبت قصصا قصيرةً بعضها حاز على جوائز أدبية مثل قصة (الروائي الأعظم) الفائزة بجائزة (المؤلفون المغمورون بالمغرب العربي) و قصة (السيارة) الفائزة بجائزة البي بي سي. أين يجد ياسين أبو الهيثم نفسه في الرواية أم القصة القصيرة. أم أن كلا الجنسين مترابطين بالنسبة له و يبقيان بوابة لإبداعه ؟
كلّ كاتب يتغيا أن يتواصل مع قراءه فيبحث عن الوسيلة الأمثل لتبلور و تثمن الفكرة، وعن الأواني الأنسب لتتسع للمعاني، وحتى إن ظنها (الوسيلة) صائبة فهو موقن أن الصواب كثير وبعضه أصوب من بعض، الأمر أعقد مما يتصور، وجملتك الأخيرة تختزل وتبسط الأمر. فعن قصتي القصيرة "السيارة" على سبيل المثال، كتب الناقد عبد الرحيم العلام في عدد فبراير المنصرم من مجلة العربي أنها توظف «الحكاية والتفاصيل، موازاة مع اعتماد القصة للغة رصينة، ودقة في الوصف، بشكل يجعل هذه القصة قابلة للاستطالة، وقابلة أيضا لأن تتخذ شكل رواية». ومن القصة القصيرة جدا إلى الرواية مرورا بالقصة الطويلة والرواية القصيرة (النوفيلا) أثير نقاش طويلا وأسيل مداد كثيرا. وما دام القارئ طرفا مهما في هذه المعادلة، فتوازني غير مستقر، أو أن استقراره حرجا، ألقي بالا كبيرا لرأي القارئ وما أزال أعول عليه.

و أخيرا، هل سنشهد قريبا مولودا جديدا لأبو الهيثم، و هل ستظل مراكش هي ذاتها المكان لمجريات و أحداث مشاريعك الإبداعية المستقبلية ؟
بعد أضمومتي القصصية الأولى "أولاد الدرب.. قصص الحومة" أكاد أنهي أضمومتي الثانية "على هامش الحكاية.. نصوص ميتاقصصية". المجموعة تحفل بالتجريب وبالكتابة عن الكتابة أكثر من اهتمامها بالفضاء. أما روايتي الجديدة فحول الاستغراب (على وزن الاستشراق وعكسه معنى)، سأسمها ب"الطريق إلى الإلدورادو".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم السرب يتخطى 8 ملايين جنيه في شباك التذاكر خلال 4 أيام ع


.. الفنان محمد عبده يكشف عبر برنامج -تفاعلكم- أنه يتلقى الكيماو




.. حوار من المسافة صفر | الفنان نداء ابو مراد | 2024-05-05


.. الشاعر كامل فرحان: الدين هو نفسه الشعر




.. جريمة صادمة في مصر.. أب وأم يدفنان ابنهما بعد تعذيبه بالضرب