الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التحرر، الوطنية، الديمقراطية.. والاعلام

عدنان فارس

2012 / 10 / 14
ملف حول المنتدى الاجتماعي العالمي، ودور الحركات الاجتماعية والتقدمية في العالم العربي.


المساهمة الثانية
بدءاً لابد من التنويه والتحذير من أن الانحياز، عن قصد او بدونه، في التقييم يقصم ظهر الحقيقة ويبخس ذوي الحق حقهم..
ابانَ حقبة الحرب الباردة بين معسكر الاقتصاد الحر (الراسمالية) ومعسكر اقتصاد السلطة (الاشتراكية) هيمنت وطغت على إعلام المعسكرين، وعلى وجه الخصوص إعلام الاتحاد السوفييتي وكتلته في اروبا الشرقية وكذلك إعلام الانظمة المرتبطة بهما في الاجزاء الثورية من العالم الثالث، جملة من المصطلحات الضبابية والكثير من تعبيرات التلاعب بالعواطف التي يُقصد بها التغبية السياسية للتشويش والتعتيم على مغزى دوافع وأغراض الصراع بين المعسكرين وتشويه حقيقة مايجري ويتم في هذا المجال.. وعليه سادت الضبابية كسمة مميزة لوسائل الاعلام العالمي أنذاك.
الضبابية والشفافية في الاعلام:
وبطبيعة الحال فان الاتحاد السوفييتي الذي تم تشكيله 1924 بحركة ديكورية قوامها إلحاق مستعمرات روسيا القيصرية بروسيا السوفييتية وفق منهج "تصدير الثورة" الاصولي.. بدلاً من منح شعوب هذه المستعمرات حقها في تقرير مصيرها.. إضافة الى قيام ستالين باحتلال دول اروبا الشرقية بعد تحريرها من الاحتلال النازي مسترشداً بمنهج "إقتسام غنائم الحرب" الأكثر والأشد اصولية!!.. اقول وفق طبيعة هذا الحال فان الاتحاد السوفييتي هو الذي كان، اكثر من غيره، بأمس الحاجة الى انتهاج اسلوب الضبابية والتعتيم في وسائل اعلامه المتنوعة ومراكزه الثقافية واسعة الانتشار للتعتيم على نوايا يخشى افتضاح امرها من جهة ولتسهيل تحقيق هذه النوايا من جهة اخرى.. كما ان المعسكر الرأسمالي هو الآخر وبدعوى مجابهة أخطار التمدد الشيوعي لم يكن بوسعه اعتماد الشفافية في إعلامه وتجنب اساليب التأويل والتهويل التي وظف لها طاقات وإمكانات هائلة في ملاحقة كل كبيرة وصغيرة من تحركات وفعاليات الاتحاد السوفييتي الرامية الى النيل من سمعة الغرب وتشويهها لدى شعوب الكتلة السوفييتية والعالم الثالث تحت شعارات لم يزل يتردد صدى بعضها حتى يومنا هذا رغم تفكك ورحيل الاتحاد السوفييتي مثل: الرأسمالية عدوة الشعوب.. لا لأذناب الاستعمار.. والخطأ ليس في النظرية وانما في التطبيق...الخ وهي ذات الشعارات التي ورثتها وترددها جماعات الاسلام السياسي اليوم.
لقد لعب الاعلام دورا ليس أقل اهمية من بقية ادوات الصراع بين المعسكرين في ايصال المشوار الى نتائج 1990 حيث حطت الحرب العالمية الباردة أوزارها وتقلصت ضبابية الدوائر الاعلامية لصالح الشفافية والواقعية ولكن ليست بالكامل فالتركة ثقيلة رغم التطورات النوعية الهائلة في الماكنة الاعلامية على مدى العشرين سنة الاخيرة التي حولت العالم من حيث التواصل الاعلامي الى "قرية كبيرة" كما هو شائع.
في الوطنية والديمقراطية:
الوطنية هي المحلية مثلاً نقول بضاعة وطنية اي انها مصنوعة في البلد او نقول شخص وطني اي انه يحمل جنسية البلد.. هذا في المفهوم اللغوي. اما وقد تم استخدامها تعبير الوطنية كمصطلح سياسي إثر انهيار الامبراطوريات بعد الحرب العالمية ونخص بالذكر الامتراطورية العثمانية فيما يخص العراق فكان الهدف من اصطلاحها سياسياً هو تحفيز الشعب على دعم تأسيس دولته الخاصة به وعلى ارض وطنه حتى لو كان بمعونة الاجنبي اذ لم يكن ذلك ممكناً دون هذا الدعم الاجنبي آنذاك، وهذا ماحدث فعلاً في العراق، وتحقيق الشخصية الوطنية المميزة والدفاع عنها..
ومن ثم وبمجرد الاعلان عن تأسيس الدولة الوطنية ينبغي ان يتطور مفهوم وسلوك الوطنية، من اجل تأسيس الدولة، ويرتقي الى مفهوم وسلوك الديمقراطية الذي يكفل لوحده بناء وإعمار الوطن وإقامة دولة حقوق المواطنة.. وبهذا يمكن القول: ان النزعة الوطنية هي شرط تأسيس الوطن ولكن من يبني ويشيّد الوطن ويصون حقوق المواطنة ويقود البلد نحو مستقبل افضل هم الديمقراطيون الذين تطورت نزعتهم الوطنية الى نزعة ديمقراطية حيث المؤسسات الدستورية وفصل السلطات الثلاثة والتداول السلمي، الديمقراطي، للسلطة.. وهذا، ولسوء الطالع، ما لم يحدث بعد تأسيس الدولة العراقية حيث تفشى وسادَ (الخبَل الوطني) وشعاراته المنافقة المُصاغة بتأثيرات خارجية معادية وباستجابات داخلية متظافرة معها مما ادى، في نهاية المطاف، الى تفليش الدولة في صبيحة الرابع عشر من تموز 1958على يد مجاميع (وطنية). ان ماحدث في ذلك اليوم المشهود ليس ثورة شعب وانما هو ثورة ضباط عسكر مغامرين طامعين بالسلطة على حساب الشعب والوطن.. انه سلوك يحسبه البعض وطنياً، وقد يكون هكذا، ولكنه بالتأكيد سلوك غير ديمقراطي بل ومعادٍ للديمقراطية وفيه خذلان الوطن والمواطنين فاتحاً الباب على مصراعيه امام مسلسل سلطة وحكم العساكر وشقاوات الوطنية والقومية واليوم باسم الدين والتمييز الطائفي.
في مساهمتي الثالثة القادمة سوف اتناول بالحديث مفهوم يطرق مسامعي لأول مرة، حيث قرأته في الدعوة الى المساهمة في "ملف حول المنتدى الاجتماعي العالمي..."، والمُصاغ تحت تعبير: عولمة التضامن في مواجهة العولمة الرأسمالية وكبديلٍ عنها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - استدراك
عدنان فارس ( 2012 / 10 / 14 - 21:37 )
تم الاعلان عن تشكيل الاتحاد السوفييتي في ديسمبر 1922.. وليس كما ورد سهواً اعلاه.

اخر الافلام

.. حماس وإسرائيل.. محادثات الفرصة الأخيرة | #غرفة_الأخبار


.. -نيويورك تايمز-: بايدن قد ينظر في تقييد بعض مبيعات الأسلحة ل




.. الاجتماع التشاوري العربي في الرياض يطالب بوقف فوري لإطلاق ال


.. منظومة -باتريوت- الأميركية.. لماذا كل هذا الإلحاح الأوكراني




.. ?وفد أمني عراقي يبدأ التحقيقات لكشف ملابسات الهجوم على حقل -