الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ورقة كرمة قرميدية

نبيل جديد

2012 / 10 / 15
الادب والفن


هل انت بخير؟؟
سألته وليفته، ويقينها ينحدر بها نحو الاسوأ، بكفها المرتجفة اقتربت تتحسس جبهته؛ لم تكن الملامسة لتثير مشاعر اللحظة الراهنة، بل اقصى ماتفعله: احياء ذكريات ليالي الصبا العنيفة؛ ولم يكن التحام الجسدين المهدودين ليتم الا ليتكئ كلاهما على كليهما، وينهضان متابعين زحف الاقدام عبر اجواء المنزل الذي يبدو فسيحا ككل الأمكنة، ويبدو الزمن بطيئا يتقافز بين لحظات الاغفاء، ومن لحظة اغفاء الى اخرى حياة قصيرة، يقضي بها احدهما حاجة، ويعرف الاخر وقت الشاي، او اللقمة الخفيفة، فيقوم أيهما اسبق الى تحضير ذلك، حتى فتح النوافذ، او ارخاء الستائرحسب موقع بقعة الشمس المتحركة على ارضيات الغرف، او مسح الغبار ومشوار التسوق اليومي؛ كلها اعمال مقسومة بحكم العادة بينهما، لكن كثيرا مايتم تجاوز ذلك الروتين، فينفذ الثاني اجزاء من مهام الآخر، مرسلا رسالة صامتة تبعث الرضا في النفسين الكليلتين اللتين افتقرتا للغة حتى اختفت الحاجة الى تعابير اجتماعية: كصباح الخير او كيف الصحة، وتم استبدال ذلك بابتسامة ذابلة مع نحنحة خفيفة او سعال متقطع؛ وقد يتم قطع الصمت احيانا بتعبير: كيف ظهرك اليوم؟ او تنتهك حرمة الصباح مع فتح النوافذ بقولة: الطقس جميل ورائع... مع ان الخارج قد يكون مشمسا، غائما، بل ربما ماطرا، فيقفان معا الى فتحة الضوء يرقبان تشكلات الغيوم وتحولاتها، خيوط الماء المتساقطة، أوالسماء الزرقاء المرحة.
كما النوم تتحول اليقظة الى بركة من الماضي: ذكريات اللقاء والزواج والولادة والتربية واخطاء الاطفال المحببة، وضحكات الشباب في اجتماعات العائلة، واعراس الاولاد المتشابهة ثم لحظات هجراتهم المتتالية، والاحفاد البعيدين الذين لم تتبلور ملامحهم الا كنسخ لآبائهم..يجري كل هذا دون كلام، فقد تحدثا بذات المواضيع مرارا، الا ان الصمت لايخفي الحالة، فكثيرا ماتلتقي العيون لتعكس حزنا او كآبة او فرحا، يعرف من خلالها الاخر موقع خليله على شريط الزمن، فيشاركه المشاعر والذكريات التي من الممكن ان تتسع للصداقات القديمة، التي لم تعد ذات مغزى، فمن لم يمت بات عاجزا عن اللقاء.
هل انت بخير؟؟
سألته عندما طالت به قيلولته اكثر من المعتاد، اصطنعت ضجة باسقاط الكأس المعدني مصدرا رنينا ودحرجة ضاجة، لاعادة الوليف الى برنامجه اليومي، ثم احبت ان تذكره بموعد الدواء، بينما في قرارتها ادركت عبث محاولاتها، فتمددت جواره، مسحت جبهته، لسعتها برودة الوجه، لدغها غبار يعلو القسمات؛ جانبته، حضنته...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المراجعة النهائية لطلاب الثانوية العامة خلاصة منهج اللغة الإ


.. غياب ظافر العابدين.. 7 تونسيين بقائمة الأكثر تأثيرا في السين




.. عظة الأحد - القس حبيب جرجس: كلمة تذكار في اللغة اليونانية يخ


.. روبي ونجوم الغناء يتألقون في حفل افتتاح Boom Room اول مركز ت




.. تفاصيل اللحظات الحرجة للحالة الصحية للفنان جلال الزكى.. وتصر