الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ويستمر الوفاء

ياسين لمقدم

2012 / 10 / 16
الادب والفن



أميه جديد*

كانت عيونه تسح بالمياه الجاريات فيتناوب على ملء القوارير أهل المدينة بعد أن يضعوا على فتحاتها قطعة ثوب تحول دون تسلل العلق. ويشتد الزحام حولها في الساعات القليلة قبل آذان المغرب من شهر الصيام. ويقصده العناز لترعى الشياه على جوانبه المخضرة وتورد. وأما النسوة فكن ينتقلن إليه مع الصبايا والصغار في باكرة الأيام المشمسة حتى يخترن الأماكن المناسبة لتنظيف الملابس وندف الصوف ونشرها على الصخور الكبيرة والمسطحة لتجف قبل الظهيرة. بينما ناسجات الحصائر ولتليين سعف الحلفاء قبل دقها بالرزامة* يغرقنها لأيام عديدة واضعين فوقها أكوام الحجر حتى لا تنجرف مع المياه في مجاري الوادي.

ودارت معارك ضارية بين شباب حواري المدينة للسيطرة على أصلح البرك للسباحة بعد أن هجرها مالكوها الأوائل برحيلهم الأبدي أو لإنشغالات أخرى. بينما جعل الكبار من الحفر على الجروف العاليات مكانا للمنادمة وتدخين الكيف بعد عصر أيامهم المتعبة في أعمال البناء أو الحرف، وفي غيابهم يحولها الفتيان إلى مكان استراحتهم حيث يقومون بشي سمك الوادي أو طبخ ما تعاونوا على جمعه من خضروات على نار أوقدوها في هشيم الأشواك.
ولما تهطل الأمطار بغزارة على الأعالي الشرقية تجرف سيول الوادي في سرعة انهمارها القناطر الصغيرة والقطعان والناس والأراضي المزروعة على جانبيه والسواق وتغمر سدوده الصغيرة بالأوحال .يسمع هدير فيضانه المرعب من مسافات بعيدة، فيهرع سكان المدينة إليه لمشاهدة قوة المياه المتلاطمة في رحلتها إلى البحر المتنائي.

الطحطاحة*

أرض مستطيلة مسطحة تتوسط مجموعة من المنازل الواطئة، اتخذها الشباب ومنذ عقود طويلة كمجموعة ملاعب لكرة القدم يتوسطها ميدان رئيسي دارت فيه مباريات ساخنة بين أجيال مختلفة ومن مختلف أحياء المدينة. وعلى هذه الأرض تخرجت أسماء كثيرة اشتهرت بإتقانها لفن هذه اللعبة على مستوى الجهة. لم يكن يمر يوم دون يتطاير غبار الحماسة لمقابلات كروية تنعقد على ثرى هذه البقعة الصلصالية الصلدة.
في مناسبات بعيدة كانت تدكتها سنابك خيل الفنطازيا للفرجة العامة. وفي جنباتها ترفع خيام الأفراح والأتراح لإستيعاب الأعداد الكبيرة من الضيوف أو المعزين. وشهدت عورضا بالمجان لقوافل السينما المتنقلة.

باكو وباكوية

عاشا في كوخ محاط بالقصب على الرصيف الغربي لسكة القطار. كانا في عزلة عن الناس ولم يكن لهما أبناء، وينهران بشدة من يمر بجانب منزلهما. وكانا يعتنيان بالكثير من القطط، فترى باكو دائم الجلوس قرب كوخه والهرر تتمسح برجليه وتتقافز بين ذراعيه. غرابتهما جعلت الناس تحوك حولهما العديد من الحكايات. في يوم ما غادر باكو الحياة ولم يشيعه إلى مثواه غير نفر قليل، فعاشت بعده باكوية في ضنك شديد إلى أن التحقت به بعد سنوات من البؤس والوحدة.

==============
هامش:
*أميه جديد : وادي جنوب مدينة العيون الشرقية.
*الرزامة : قطعة خشبية أسطوانية تدق بها سعوف الحلفاء لتليينها.
*الطحطاحة : الأرض المنبسطة الخلاء








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المخرج حسام سليمان: انتهينا من العمل على «عصابة الماكس» قبل


.. -من يتخلى عن الفن خائن-.. أسباب عدم اعتزال الفنان عبد الوهاب




.. سر شعبية أغنية مرسول الحب.. الفنان المغربي يوضح


.. -10 من 10-.. خبيرة المظهر منال بدوي تحكم على الفنان #محمد_ال




.. عبد الوهاب الدوكالي يحكي لصباح العربية عن قصة صداقته بالفنان