الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دولة الكرفان وأي باد أردوغان

ساطع راجي

2012 / 10 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


سيقال إنه ليس في الامكان أفضل مما كان والدراسة في الكرفان خير من إلغاء العام الدراسي وحرمان آلاف التلاميذ من الدراسة وتأخيرهم عاما كاملا، وسيخرج من يقول ان الاعتماد على 500 كرفان بدلا عن المدارس التي هدمت في بغداد دون تشييد مدارس جديدة هو حل عبقري يستحق جائزة او درعا للابداع وقد تسير محافظات أخرى على نفس الطريق ونجد أنفسنا أمام تربية "كرفانية" تعطينا جيلا كرفانيا بأفكار كرفانية، وربما يشمر الفاسدون عن سواعدهم لاجتياح هذا المنفذ الجديد للمال العام، ثم هناك من سيفتح أبواب جديدة لتضخيم جيوب الفاسدين وخزائنهم مثل تأهيل الكرفانات وترميمها وهناك ربما بعد عمر طويل مناقصات بيع الكرفانات او ما تبقى منها في حال اكتمال بناء المدارس الجديدة أو في حال القفز الى مشروع عبقري آخر بدلا عن الكرفانات.
لا اعتراض على الحل الكرفاني للمدارس لكن من حقنا كمواطنين أن نسجل إننا هرمنا من أجل هذه اللحظة التاريخية على حد قول التونسي الشهير أحمد الحفناوي، إننا نتعلم في كرفانات بعد كل المليارات التي أهدرناها نزيفا متدفقا من المال العام بشتى الذرائع والعناوين ووصلنا قعرا لم تدخله دول فقيرة جدا بل ان مواقع التواصل الاجتماعي تتناقل صور لمدارس عراقية هي أسوأ من الكرفانات بعد سنوات من الموازنات الانفجارية، وهكذا تكون قوانا الحاكمة قد حطمت رقما قياسيا في القفز على الوعود يتجاوز ما حققه المغامر فيليكس باومجارتنر في قفزته الجوية.
لا إعتراض على الحل الكرفاني لكننا نسجل هنا إن خططنا التنموية وعباقرة السياسة والادارة عندنا أوصلونا الى مرحلة الكرفان وهذا الانحدار ينذر أو ربما يبشر بما هو أسوأ ولنا ان نتوقع ذلك فبعد كل هذا الفشل في بناء المدارس وهي من الابنية السهلة مقارنة بما وصل اليه المعمار الحديث من ابراج وناطحات سحاب ومجمعات سكنية بل مدن متكاملة بينما بناة الحضارة يفشلون في بناء بعض المدارس حتى لو كانت بالمئات بل انهم يفشلون في الزام المتعاقدين على تنفيذ المشاريع ولا يجرؤ أحد على محاسبتهم أو محاسبة من تهاون في متابعتهم ليبقى الامر محصورا في تهديدات اعلامية عابرة بالكشف عن المسؤولين وهي طبعا تهديدات سريعة الذوبان لأنها تنطلق من مؤسسات كرفانية هشة تطيح بها ريح بسيطة.
لا اعتراض على الحل الكرفاني رغم إن الحياة في الكرفان سيئة جدا باجواء العراق وظروفه الخدمية، بإختصار أنت تعيش في علبة معدنية، ولكن من يعيش هنا هو طفل يقضي عدة ساعات من أجل التعلم في زمن تشهد العملية التعليمية حول العالم قفزات هائلة في الشكل والمضمون حتى إن دولة جارة هي تركيا تحديدا قام رئيس وزرائها رجب طيب أردوغان بتوزيع حواسيب لوحية آي باد على 15 مليون طالب ومليون مدرّس وهي جزء من رقمنة التعليم في تركيا!!!، ومع ذلك لااعتراض على الحل الكرفاني بل ان الاعتراض يقوم على العقل الكرفاني الذي يدير الدولة بطريقة كرفانية، فكل شيء وفقا لهذا العقل يمكن "تلزيكه" والدفع به على إنه منجز يستحق التكريم والتقدير.
وفق منهج استبدال الابنية بالكرفانات سنجد أنفسنا نعيش في دولة كرفان أشبه بعلبة معدنية خانقة تتراكم فيها النفايات وبلا كهرباء، تعصف بها الرياح ويعيش الناس فيها مهددون بالانهيار الوشيك دائما، فإبن خلدون يرى في المعمار إنعكاسا مباشرا للدولة، الدولة القوية المتماسكة تشيد أبنية متماسكة وقوية، الدولة الهشة الضعيفة تشيد أبنية هشة وضعيفة، الدولة المهددة بالانهيار تشيد أبنية جديدة على وشك الانهيار، الدولة المنخورة بالفساد تشيد أبنية مغشوشة آيلة للسقوط قبل إشغالها، فما الذي تعكسه دولة تبني مدارس كرفانية؟!.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مقتل جنديين إسرائيليين بهجوم نفذته مسيرة لحزب الله | #غرفة_ا


.. صاعد المواجهات بين الجيش السوداني والدعم السريع | #غرفة_الأخ




.. نتنياهو: دخولنا إلى رفح خطوة مهمة جدا وجيشنا في طريقه للقضاء


.. أسامة حمدان: الكرة الآن في ملعب الإدارة الأمريكية التي عليها




.. مياه الفيضانات تغمر طائرات ومدرجات في مطار بجنوب البرازيل