الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الجو غائمٌ في كوبنهاغن

هشام إبراهيم الأخرس

2012 / 10 / 17
الادب والفن


الجو غائمٌ في كوبنهاغن

(يوميات مواطن عادي)

يُحب الوطن
لكنَ الوطن مشغول
غير متفرغ لهُ
هناكَ الملايين غيرهُ
هل على الوطن أن يترك الملايين ويبعث لهُ برسالةٍ غراميةٍ .. مثلاً؟

***
شكَ في الوطن وقال:
ما هذا الوطن المتكبر؟
أراهُ ولا يراني!
أحبهُ ولا يحبني!
هل تستمر أي علاقة من طرف واحد؟

***
ظلَّ يبحث عن وظيفة ... ما وجدَ
ولأنَ مختار الحارة يحب الوطن قال لهُ:
هل على الوطن أن يشتري لكَ بيت؟
أو يبحث لكَ عن زوجة؟
هل عليهِ أن يغني لكَ أغاني ما قبل النوم... مثلاً؟
***
لم يقتنع !!
هاجَ وماج
فكّر وتدبّر
ما تركَ سفارة (أجنبية) إلا وجرب على بابها الموصود حظهُ
حتى اتاهُ الرد من سفارة الدنمارك
(مبارك لقد قبلناكَ نادلاً في مطعمٍ لبيعِ المأكولات البحرية)
***
فرِحَ كثيراً
وظلَ في طريقِ العودةِ للبيتِ يرفع نظارتهُ على أرنبةِ أنفهِ ويحرك عيناهُ بخبثٍ من أجلِ قهر الوطن
***

جهّز أمرهُ
حزمَ الحقائب
قبّلَ الوطنَ بين ارصفته
ودّع أمهُ وأخوتهُ
وزارَ قبر أبيهِ
ودَّعَ الأصحاب والأحباب
وفي المطارِِ تجهم جداً في وجهِ الوطن
ومن على سلّمِ الطائرة قال:
(اغرب عن وجهي يا وطن)
***
ظلَ في الطائرةِ يحدّق في الوطنِ بعلوٍ مِن علوٍ
***
حينَ وصلَ الدنمارك، تنفس وطناً جديداً
لهُ طعمٌ غريبٌ
***
نزلَ أرضَ المطار
تاهَ واحتار
(هل يستحمُّ هذا الوطن كل يوم؟؛ يا الله كم هو نظيف!)
***
الجو كانَ بارداً في الدنمارك
***
في سيارة الأجرة، تخيّلَ الشقةَ ومكانَ العمل
وصاحَ؛ ( هل ذاكَ المنفيُّ في الصحراءِ وطنٌ وهذا وطن؟)
***
حينَ وصلَ المطعم
لم يُسلم عليهِ المديرُ
وما رحبَ بهِ الزملاء الجُدد
***
على الفورِ انتبهَ لهُ الرجل الذي يغسل الصحون وكانَ عربياً مِن المغربِ
(أنا مترجمك الأن)
خُذ امتعتكَ واتبعني لبابِ المطعم الخلفي
هذه الشقة المقابلة هيَ مسكننا
عملك في الفترة الصباحية يبدأ عندَ العاشرة صباحاً وينتهي عندَ السابعة
هذا كل شيء

***

ظلَ لأسبوعٍ وهو لا يرى سوى المطعمِ والشقةِ المشتركةِ
يرى نفس الوجوهِ
يشاهد نفس الزبائن
ولا يملكَ المالِ للتسوق أو الحبِّ
(الحبُّ يبُاع في الدنمارك على الأرصفة)
***
في الليلةِ الثامنة لملم اغراضهُ
وحزمَ حقائبهُ وعاد
***
حينَ وصلَ البيت
قالت لهُ أمهُ: ما بِك؟
قال لها:
أنا أحب الشمس يا أمي
والجوُّ غائمٌ في كوبنهاغن

هشام إبراهيم الأخرس








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فنان إسرائيلي يعيد بناء أنفاق حماس تضامنا مع المحتجزين الإسر


.. صابر الرباعي: أتمنى المشاركة في عمل كوميدي مع أحمد حلمى أو ه




.. البلالين ملت الاستوديو?? أجمل أطفال الوسط الفني مع منى الشاذ


.. كواليس أخطر مشهد لـ #عمرو_يوسف في فيلم #شقو ????




.. فيلم زهايمر يعود لدور العرض بعد 14 سنة.. ما القصة؟