الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نحو عقلنة الخطاب السياسي

جاسم المطوع

2012 / 10 / 17
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية


لا يبدو في المنظور القريب أننا بصدد الخروج من أزمتنا الراهنة بالرغم من اعتراف كافة الأطراف بفداحة الخسائر الاقتصادية والسياسية والاجتماعية التي تستنزف الوطن وتهدد وحدته الوطنية. ولقد كتِب الكثير حول هذه الأزمة وتعددت المحاولات الخيّرة لوضع حد لهذا الاستقطاب وطرحت عدة مبادرات هامة لفتح حوار سياسي معمّق يطال كافة الملفات السياسية والاجتماعية والتنموية، ولكننا لم نر بادرة جادّة تعبّر عن إرادة صادقة تستوعب ظروف المرحلة وتوازن القوى وتستهدف الوصول إلى صيغة من التوافق تعزز المكاسب الديمقراطية، وتؤسس لحوار متواصل يلبي ضرورات تطوير هذه المكاسب نحو تجذير التحول الديمقراطي مع نضوج ظروفه الموضوعية والذاتية. ولعل من أهم أسباب هذا الإخفاق سوء إدارة الاختلاف واعتماد التشنج والتجييش والتخوين والضجيج الإعلامي وتشويه الحقائق في رسم ملامح الوضع القائم بهدف حشد الدعم الخارجي، ومن صور ذلك الحديث عن الترحيل الجماعي وقتل الأطفال، وتكميم الأفواه. لا نرسم هنا صورة وردية لأحوالنا السياسية ولا نختلف على ضرورات تأسيس شراكة مجتمعية حقيقية وتلبية المطالب السياسية والمعيشية العادلة للشعب البحريني كافة، غير أن أي نقد للواقع ينبغي أن يكون موضوعياً وصادقاً إن كنّا دعاة ديمقراطية وعدالة. لا يستقيم رفع شعارات العدالة ومحاربة الفساد مع التضليل الإعلامي والغلوّ في النقد واستخدام مصطلحات لا تعبر عن واقع الحال، أو انكار منجزات شعبنا الراهنة، بعد تضحيات جسام، ومنها علنية الجمعيات السياسية التي يتنكر بعضها لهذه المكاسب ويَسِمها بالعدم وقد كانت شريكا في العمل البرلماني قبل أن تجرفها وغيرها أوهام «الربيع» وثوراته فتتخلّى عن النضال البرلماني ووسائل التعبير التي كفلها الدستور لصالح المواجهة المفتوحة ولوي الذراع. المعارضة مطالبةٌ قبل غيرها بالانسجام مع الشعارات التي ترفعها وتحشد الجماهير بها إذ تطرح نفسها بديلاً للفساد والمفسدين. وكما نطالب السلطة بالمبادرة الى خطوات عملية لإنهاء الأزمة، فإن الوفاق وحلفاءها مطالبون بإظهار القدرة على عقلنة الحراك السياسي والبحث عن وسائل بديلة للمواجهات اليومية لتهيئة الظروف لأي حوار، ولإعادة اللحمة المجتمعية خلف مطالب وطنية مشتركة. ولعل من أهم أسباب هذا الإخفاق كذلك أن المعارضة التي اختارت المواجهة في الشارع والتصعيد الإعلامي الخارجي لازالت تصرّ على اعتبار حركة الاحتجاج الراهنة « ثورة»، وقد بدأت التمهيد للتنصّل من مطلب الحوار إلى مطلب «التفاوض» مع النظام (د. منيرة فخرو) لأنها قررت بأن البلد في حالة ثورة وقادتها يرون النصر قد اقترب وعلى النظام الدخول في مفاوضات مع هؤلاء الذين بدأ البعض منهم زيارات الى مصر وغيرها للتبشير بالإنجاز القادم وتلقي التضامن وتقديمه للزملاء في ثورة»الربيع العربي». ليست هذه متاهة وحسب بل واستخفاف بمصير الوطن ووحدة شعبه ومنجزاته السياسية والاجتماعية والحضارية. إنها ضربة في الصميم للعمل الوطني الجامع الساعي الى الدولة الديمقراطية العادلة. إن الحديث عن «التفاوض» من جانب تنظيم لم يتمكن من توصيل نائب فرد إلى قبة البرلمان وعجزَ عن إدارة تحالفاته في الحملات الانتخابية يعكس طوباوية هؤلاء «الثوار» وبعدهم عن الواقع وطغيان الشعبوية في خطابهم السياسي. فمجمل المطالب التي ترفع في هذا الحراك هي مطالب إصلاحية للنظام القائم مع التأكيد على الثوابت الدستورية، وشتّان بين الإصلاح والثورة التي تعني إسقاط النظام وإحلال نظام آخر على أنقاضه وهو تفويض لم يقدّم لأحد، وطرَحٌ يجهض المطالب الإصلاحية ويربك العمل الوطني ويطيل أمد الأزمة التي يشكو منها الجميع، ويصب في مصلحة القوى التي تضررت من المشروع الإصلاحي والقوى الخارجية واستراتيجياتها في المنطقة. لن تنفرج الأزمة ما لم تنتصر الواقعية والاتزان في إدارة الخلاف واحترام إرادة كافة مكونات المجتمع وقواه السياسية والاجتماعية لدى صياغة الشعارات والأهداف العامة لكل مرحلة من مراحل العمل الوطني.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل بات اجتياح رفح وشيكا؟ | الأخبار


.. عائلات غزية تغادر شرق رفح بعد تلقي أوامر إسرائيلية بالإخلاء




.. إخلاء رفح بدأ.. كيف ستكون نتيجة هذا القرار على المدنيين الفل


.. عودة التصعيد.. غارات جوية وقصف مدفعي إسرائيلي على مناطق في ج




.. القوات الإسرائيلية تقتحم عددا من المناطق في الخليل وطولكرم|