الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عام على مجلس اسطنبول

محمد سيد رصاص

2012 / 10 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


جرت محاولات محمومة ،بين يوم الثلاثاء23آب2011عندما سقط القذافي من باب العزيزية ويوم قيام"المجلس الوطني السوري"في الأحد2تشرين أول2011باسطنبول ، من أجل انشاء إطار واسع للمعارضة السورية،كانت كثير من المؤشرات تدل من خلال الأطراف الدولية - الاقليمية الساعية إليه أنه يراد منه أن يقوم بدور"المجلس الليبي الانتقالي" كستارة محلية للناتو بين شهري آذار وتشرين أول2011حتى مقتل القذافي في سرت.
كانت هناك شرارة من واشنطن أطلقتها هيلاري كلينتون في أواخر تموز عندما سألت أشخاصاً معارضين ،اجتمعت بهم آنذاك،السؤال التالي:"ماهو عنوان المعارضة السورية؟..." . في محادثات الدوحة،التي جرت بالأسبوع الأول من أيلول بين "هيئة التنسيق"و"اعلان دمشق"و"الاخوان المسلمون" لتشكيل "ائتلاف عريض"للمعارضة السورية،قال شخص عربي ،شارك بالمحادثات عندما طرح أحد أعضاء "الهيئة"مطلب (رفض التدخل العسكري الخارجي)،الكلمات التالية:"هذا سيخربط سيناريوهات".عملياً،أدى اصرار"الهيئة"على هذا المطلب،ومطلب (رفض العنف)،إلى اتجاه "اعلان دمشق"و"الاخوان" إلى تشكيل المجلس باسطنبول .
في المؤتمر الصحفي باسطنبول لاعلان قيام المجلس،أوحى الدكتور برهان غليون بحجم التوقعات التي انبنى قيام المجلس عليها،لماقال بأن«الأصعب كان تشكيل هذا المجلس في حين ان الاعتراف به هو الخطوة الأسهل. الجميع ينتظرون ولادة إطار موحد للمعارضة لتأييده والاعتراف به بعد أن فقد النظام السوري ثقة العالم» ولما اعتبر المجلس بأنه«هيئة مستقلة ذات سيادة تجسد استقلال المعارضة السورية وسيادة الشعب السوري الذي تمثله في سعيه لتحقيق حريته المنشودة» في تلبيس للمجلس وضعية هيئات سياسية أخذت شكل الحكومات ،مثل حكومة فرنسة الحرة أثناء الحرب العالمية الثانية،لتعتبر نفسها ممثلة للسيادة والأرض والشعب.
في السياسة لاتعبر كلمات من هذا النوع عن حقوق وإنما عن حجم الأفاق التي يتصورها ويظنها ويعتقدها قائلها،وهو المنفي المطارد خارج بلده،وهذا لايأتي من وقائع محلية على الأرض كانت لاتشي بذلك،وإنما يأتي من قراءات عند قائل هذا الكلام لحجم وقوة الحائط الدولي-الاقليمي الذي استند إليه المجلس في لحظة ولادته:خلال شهرين من عمر المجلس تبددت هذه التوقعات،ويبدو أن الفيتو الذي مورس في يوم4تشرين الأول من قبل روسيا والصين في نيويورك قد جعل امكانية تكرار السيناريو الليبي تساوي الصفر في سوريا،وهو ماتأكد لما قال مراقب"الاخوان"رياض الشقفة من اسطنبول"أن السوريين مستعدون للقبول بتدخل تركي في بلادهم " وبعثت موسكو على إثره بأسبوع أسطول البحر الأسود إلى طرطوس في أواخر تشرين الثاني.
كان اتجاه(المجلس)إلى محادثات استغرقت أسابيع مع(الهيئة)وانتهت بتوقيع ورقة اتفاق 30كانون أول بالقاهرة تعبيراً عن نزوله من أعلى الشجرة،بكل ماعنته رمزياً تلك المحادثات من تخليه عن اعتبار نفسه ك"إطار موحِد للمعارضة" ومن اعتبار نفسه "ممثلاً " للشعب والسيادة،هذا إذا لم نتحدث عن كون تلك الورقة كانت تتضمن سياسات تجاه (التدخل العسكري الخارجي) و(العنف) من الواضح أن وجهة نظر (المجلس)لم تكن هي الراجحة فيها. كان رفض المكتب التنفيذي للمجلس في يوم 4كانون ثاني لتلك الورقة ،التي وقعها رئيسه الدكتور برهان غليون بناء على تفويض منه في المحادثات وأثناء التوقيع ،تعبيراً عن تخبط وصراعات كانت تنهش (المجلس) ،اجتمعت لكي تزيد من تبلبل المجلس الذي انبنى على توقعات من الخارج الدولي-الاقليمي لم تتحقق ووضح أن هناك حائطاً دولياً – اقليمياُ صاداً ومانعاً لها في موسكو وبكين وطهران.
في الواقع،كانت شعبية المجلس في الداخل مرتفعة خلال الأشهر الثلاثة الأولى من عمره،ولم يكن أحد آنذاك يبزه في ذلك:انبنت تلك الشعبية عند شارع متحرك معارض على توقعات ،بعد الوصول إلى قناعة بأن القوة الذاتية للحراك لاتستطيع تحقيق شعار اسقاط النظام الذي طرح منذ أواخر حزيران،بأن (المجلس)سيكون طريقاً إلى تكرار السيناريو الليبي،وقد أوحى (المجلس)في شعارات أيام الجمع التي كان يضعها أنصاره بأن ذلك ممكناً،مع أن كل المؤشرات البالغة الوضوح كانت تقول العكس منذ ذلك الفيتو الروسي-الصيني بنيويورك في يوم الثلاثاء4تشرين أول2011،في نزعة شعبوية عند(المجلس)لم تكن تنبني على مقولة(الشعب يريد)،وإنما على شراء شعبية عبر المتاجرة بعواطف وآلام ورغبات المتحركون في (الحراك)،الذين يمكن القول في عام2011وأيضاً في عام2012بأنهم ليسوا كل الشعب السوري ولاغالبيته،وإنما كان السوريون منذ يوم18آذار2011ومازالوا للآن منقسمون إلى ثلاثة أثلاث:ثلث معارض،ثلث متردد،وثلث مؤيد،وهو ماأنشأ توازناً محلياً ،إضافة للتوازن الاقليمي- الدولي،يؤدي إلى الاستعصاء السوري القائم،في معادلة لايستطيع فيها أحد كسر الطرف الآخر.
منذ ربيع 2012،وبالذات في صيف2012،انكشف مرج(المجلس)عند الشارع المؤيد له،وقد بدأ مؤيدوه بالانفضاض عنه منذ تلك الأوقات،وفي الحقيقة فإن شعبيته السابقة تذهب إلى مسارين متناقضين،إلى (الهيئة) بلاءاتها الثلاث،وإلى"الجيش الحر" بعد اقتناع عند الكثيرين من أنصار (المجلس)السابقين باستحالة التدخل العسكري الخارجي وإثر قناعة عندهم بأن الطريق البديل هو (العنف المسلح المحلي المعارض)،و(المجلس)الآن يتبدد ويتفسخ بفعل هذين الاتجاهين المتعاكسين ،ولولا الدعم الدولي- الاقليمي الذي مازال باقياً بعضه له،وهو الذي لم ينل اعترافاً رسمياً حتى من ثالوث رعاته في أنقرة وباريس والدوحة، لكان قد انتقل إلى مرحلة الموت كجسم سياسي.
أمام هذا،لايقوم(المجلس)،بعد عام من عمره،بالمراجعة،وإنما يهرب إلى الأمام من خلال العوم مع موجة (العنف المعارض)التي من الواضح أنه لايستطيع قيادتها وإنما ينقاد ورائها،بالرغم من أن المؤشرات تدل على أن فيلم (العنف المعارض) هو محروق مثله مثل فيلم(التدخل العسكري الخارجي)،وأن القوى الدولية والاقليمية المتصارعة على سوريا تسعى،ولوبعد تلاقيها على سياسة الجرح المفتوح ،إلى اتفاق "ما" للأزمة السورية،ربما كان بيان جنيف في 30حزيران الماضي أقربها كإطار للتسوية السورية، و على الأرجح ستكون هذه التسوية من فوق وبمعزل عن هذين الفيلمين المحترقين.
من يراقب أداء"المجلس الوطني السوري"خلال مجرى عام كامل،يلاحظ بأن حصيلة أعماله تساوي صفراً كبيراً على الشمال بالقياس إلى الأجندات التي وضعها لنفسه،ويبدو أن اتجاه "الاخوان المسلمون"إلى تأسيس تجمع يجمع القوى الاسلامية السورية تحت اسم "ألتجمع السوري للاصلاح"،الذي أعلن عن قيامه بالقاهرة في أواخر أيلول2012،ناتج عن استشعارهم بأن (المجلس)هو مركب على وشك الغرق يجب الاستعداد للقفز منه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حلقة نار من تحدي الثقة مع مريانا غريب ????


.. الجيش الروسي يستهدف تجمعات للقوات الأوكرانية داخل خنادقها #س




.. الطفل هيثم من غزة يتمنى رجوع ذراعه التي بترها الاحتلال


.. بالخريطة التفاعلية.. القسام تقصف مقر قيادة للجيش الإسرائيلي




.. القصف الإسرائيلي المتواصل يدمر ملامح حي الزيتون