الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


واقع الشخصية العراقية اليوم بعد الغزو الأمريكي

نبيل عبد الأمير الربيعي
كاتب. وباحث

(Nabeel Abd Al- Ameer Alrubaiy)

2012 / 10 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


لقد وجدت الشخصية العراقية بعد عام 2003 عام التغيير أسيرة في ثقب تأريخي أسود , فاندفعت قسراً مستنزفة طاقة الماضي النفسية لديها لتتحرك في مدارات شُقَت لها سلفاً بمعول المخططين لأمركة الزمان والمكان العراقي, فالتعصب والتفكير النمطي والطائفية التي شهدت سفك الدماء العراقية من جرائها , ما هي إلا طاقة ماضٍ جاهل وإسطوري جرى استحضارها في مختبرات العولمة المتوحشة , مما ولدت القتل وسفك الدماء الثمينة , هي الدماء المحلية التي كان هدفها إلغاء القدسية للحياة والتشاركية مع الآخرين لا جمع الأرصدة المليارية التي تُكدس في خزائن ما وراء البحار .
من هذا بعد دخول الأمريكان للبلد كان هدفهم نشر السايكوباثيا العسكرية في صفوف المعتقلين العراقيين في سجونهم ,ومنها سجن أبو غريب السيء الصيت , وكان من صفاتها بأنها مضادة للمجتمع وافتقادها الشعور بما هو صواب وما هو خطأ , وبالعنف والقسوة والسادية والأنانية وعدم المبالاة تجاه حقوق العراقيين , وبعدم الشعور بالذنب, وعدم التعلم من تجارب الآخرين والامتعاض من العقوبات وعدم الاكتراث , مثال ذلك دور المؤسسة العسكرية الالمانية النازية في الشعب النازي والشعوب المجاورة , فقد كان غزو العراق من قبل القوات الأمريكية قد كشفت عن سادية السجان الأمريكي في سجن أبو غريب , فكانت أفعالهم هي التفريغ الانفعالي الأخرق للشخصية الرأسمالية , والدعوة لغسل أدمغة الشعب العراقي بأسلوب شديد الحدة من خلال تلقين الأفكار في ظل الظروف التي يجري من خلالها تعريض الفرد العراقي لأوضاع نفسية وبدنية مجهدة للغاية ليتقبل تلك الأفكار تحت وطأة الإنهاك النفسي والجسدي بدلاً من قبولها عن طريق الإقناع الواعي في ظل الظروف الاعتيادية , وقد تطرق لذلك العالم الروسي بافلوف , لقد تعرض الكائن الفرد العراقي من خلال غزو القوات الأمريكية لثلاثة أدوار للشدة والضغط المصاحبين لتكنيك غسل الدماغ منها:
الدور الأول: تَبلّد حواس الإنسان المجهد بعد الغزو.
الدور الثاني: ازدياد قسوة هذه المثيرات , إذ يصبح الفرد العراقي ضعيف الاستجابة أمام الأحداث القوية وجاد الاستجابة أمام الأحداث الضعيفة.
الدور الثالث :تبدل عادات ذلك الفرد إلى نقائضها , فقد ينقلب حبه لفكره أو موضوع إلى كره شديد أو بالعكس.
فكان ذلك بعد الغزو الأمريكي عام 2003 بتغييب الأمن المقصود من خلال صناعة الإرهاب وافتعاله ودعمه والتغطية عليه , وهذا ما حدث عامي 2006 و2007 , إضافة إلى لعبة الاستمرار في قطع التيار الكهربائي للمناطق السكنية والصناعية والهدر لمليارات الدولارات ولما يخصص لتطوير منشآت ومشاريع تطوير الطاقة الكهربائية , إضافة إلى لعبة معاناة العاطلين والباحثين عن السكن ولعبة ضخ مئات الآلات من السيارات المستوردة والمستهلكة , وتردي الخدمات في جميع المجالات الصحية والتعليمية , وإغراق المدن بالفوضى الطائفية والعرقية , مما أحدث إجهاداً نفسياً وإحباطاً معنوياً في الشخصية العراقية , مما توغلت في الاغتراب والاكتئاب , و تحقق الدور الثاني كما ذكر في عملية غسل الدماغ العراقي , والدور الأخير والثالث في مرحلة غسل أدمغة العراقيين , القادم لا محال لكن البعض يعتقد أن نجاح عملية غسل الدماغ مرحلياً قد تفشل في نتائجها النهائية بسبب الوعي الإنساني والوطني والانتماء العراقي وجذوره المتأصلة في تربة بلده .
لكن للمثقف العراقي الدور الكبير في التغيير ليضع العربة على السكة الصحيحة لا كما نلمسهُ من خلال النخبة التي أصبحت صامتة منزوية في صومعتها الثقافية , مع العلم لها شأنها القادم في إعادة تأهيل شخصية الفرد العراقي .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. انتخابات تونس.. فوز محسوم لقيس سعيد؟ | المسائية


.. هل من رؤية أميركية لتفادي حرب شاملة ؟ • فرانس 24 / FRANCE 24




.. الهلال والأهلي.. صراع بين ترسيخ الاستقرار والبحث عنه


.. فائق الشيخ علي يوجه نصيحة إلى إيران وأخرى إلى العرب




.. مشاهد لاعتراضات صواريخ في سماء الجليل الأعلى