الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


موقف الجامعة العربية من الزلزال الديمقراطي

لميس كاظم

2005 / 3 / 5
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


منذ تأسيس الجامعة العربية وهي تُعبر عن موقف الحكومات العربية المتأرجح بين الموقف الرافض للتحرر تارة والموقف القومي الذي يُفرض من خلال بعض القادة القوميين العرب تارة أخرى. ففي الستينات كانت المنطقة تعج بالبلدان المتحررة فجائت قرارات الجامعة العربية معبرة أحياناً عن الأجماع العربي الرافض للأحتلال الإسرائيلي وغيرها من القرارات الموحدة وكان أخرها هو تجميد عضوية مصر من الجامعة العربية،لتوقيعها إتفاقية كامب ديفيد ،في مؤتمربغداد اواخر السبعيات من القرن المنصرم. أحست الدوائر الغربية والولايات المتحدة بهذا الخطر الذي وجه ضدها لذلك فكرت في إقتحام الجامعة العربية والسيطرة الكاملة على كل مؤسساتها وإلحاقها بسياسة الحكام العرب الموالين لأمريكا ونجحت الى حد ما خصوصا بعد ما أعيدت مصر الى الجامعة العربية وعُين وزير خارجيتها الاسبق بطرس بطرس غالي رئيساً للجامعة والذي يمتلك من الحذاقة والدبلوماسية العالية فتجلى الموقف الأكثر وضوحا في شرخ الموقف العربي في إحتلال النظام العراقي البائد للكويت مما أصطف بعض الدول مع العراق واكثرية الدول العربية ضد العراق.

واستمرت هيمنة مصر على الجامعة العربية من خلال وزارء خارجيتها السابقين ، فقد اصبح شبه تقليد ، هو ان الرئيس حسني مبارك عندما يشعر بقوة وشعبية وزيرخارجيته يكافأه على إنهاء مدة خدمته ويعينهُ رئيساً للجامعة العربية للسيطرة عليها ، كما هو الحال بالنسبة لعصمت عبد المجيد وحاليا عمر موسى.
هذا المقال لايتسع للوقوف على كل سياسة الجامعة العربية ولكن سأركز على موقف الجامعة اللاديمقراطي، خلال السنتين الأخيرتيين ،من العراق ولبنان.
بعد سقوط النظام البالي في العراق فزعت الدول العربية من هذا الزلزال الديمقراطي الذي هز العواصم العربية وبالتالي تسرب هذا الفزع الى الجامعة العربية لتعلن إنها ضد إسقاط الأنظمة العربية بالتدخل الأجنبي، وبعدها صرحت أنها ضد مجلس الحكم ، و ضد إنتخاب الحكومة العراقية المؤقتة وأخيراً رفضت الأعتراف بها، بل تجاوزت الحدود المرسوم لها ، في أجتماع وزراء الخارجية العرب في شرم الشيخ، من خلال إستدعاء وفد عراقي غير رسمي الى المؤتمر ، الأمر الذي إستهجنهُ وزير الخارجية العراقي السيد هوشيار زيباري ورفض حضور الجلسات ، بزعمه أن الأجتماع لوزراء الخارجية العرب وهؤلاء هم ليسو منظمات رسمية تمثل العراق، وهو إدعاء سليم وقانوني، مما إخجل الجامعة العربية ، وطلبو فوراً من تلك الزمر مغادرة المكان.

الجامعة العربية تصرفت مع الأحداث في العراق بنفس تناغم دول الجوار والمنطقة ، بإستثناء الكويت طبعاً، الداعم للأرهابيين وتسخير كل الدعم اللوجستي والمادي والأعلامي .هذا الموقف العربي تجلى نتيجة خوفهم من نجاح التجربة الديمقراطية وممكن الرياح الديمقراطية أن تؤثر عليهم.
لكن الحال مختلف مع الجامعة العربية إذ لايجوز لها الإنحياز مع اوضد أي بلد عربي ما الى بقرار عربي يتخذ. لكن هذا التغيير الديمقراطي ممكن ان يشمل الجامعه نفسها وقد أُثيرت تسأؤلات حول سبب هيمنة مصر على رئاسة الجامعة العربية وهل أن التمثيل المصري سيلبي طموح سياسة الشرق الأوسط الكبير مستقبلاً؟ وكيفية سيتم التجديد في الجامعة العربية؟
لذلك ظل رئيسها فاقد توازنه السياسي مع الأحداث في العراق فحتى بعد الأنتخابات خرجت الجامعة العربية لتغسل ماء وجهها بتصريح بائس يفيد إنها تؤيد الأنتخابات لكن شرط أن يحدد موعد زمني للأنسحاب الأجنبي وان الحكومة يجب أن تمثل كل الأطراف السياسية.

هذا خطاب حق يراد به باطل، فمن من الدول العربية يسمح للجامعة العربية التدخل في شؤنها الداخلية؟ واذا كانت الجامعة ترفض الأحتلال ونحن معها لماذا لم تتحدث عن القواعد الأمريكية المنتشرة في معظم البدان العربية؟
إذا كانت الجامعة العربية تتبى تمثيل كل الأحزاب السياسية في الحكومات العربية ، وهذا عين العقل، لماذا لم يعلق عمر موسى غياب تمثيل معظم الأحزاب اليسارية المصرية السياسية في مجلس الشعب ومجلس الشورى ولم يعترض على الأستفتاء الرئاسي الغير دستوري الذي يجريه رئيسة حسني مبارك كل ستة سنوات ومكوثة 24 سنة في الحكم وهو في طريقة لولاية خامسة ، وعلى إقصائه من منصبة بجرة قلم ، ؟ لماذا لم تحاجج الجامعة العربية نظامي البعث السوري والعراقي والنظام الليبي في إستفرادهم للسلطة لاكثر من ثلاث عقود من الزمن؟
لماذا لم تتحدث إذاً عن مجازر النظام الدموي في العراق مثلاً مجزة حلبجة ضد الشعب الكردي مجازر الأنفال والمقابر الجماعية ضد الشيعة؟
لماذا لاتتحدث عن أزمة الديمقراطية في كل البلدان العربية ومنع الكثير من الأحزاب السياسية من مزاولة عملها السياسي علناً؟
أين الجامعة من قوانين الطوارئ وإين هي من خروقات حقوق الأنسان وحقوق المرأة العربية المهدورة؟
أن الجامعة العربية بهذه الدبلوماسية المنافية لإرادة الشعوب العربية أدانة نفسها وإنحيازها لجهات معينة وهذا مايخالف قواعد عملها الدستوري ، لانها ليست منظمة سياسية مطلوب منها إتخاذ قرار وإنما هي منظمة تعني بتنظيم وتوزيع وتنفيذ القرارات التي تتخذها الدول العربية.

نفس السلوك الرجعي مارسته الجامعة العربية ضد لبنان بعد إغتيال المرحوم رفيق الحريري ، فبعد أن طالب الشعب اللبناني بخروج القوات السورية . ففي الأيام الأولي قدم رئيس الجامعة العربية الى سوريا وخرج بتصريح مفاده ان سوريا تؤيد الأنسحاب من لبنان وهذا ما نفته الدبلوماسية السورية واكدت من انه لم يقرء أفكار الرئيس بشار الأسد بشكل صحيح ، مسكين حتى افكار القادة العرب لايفهما، يبدو أن قرار إحالته على التقاعد قد صدر مع وقف التنفيذ.
لكن هذه الأيام عاد من جديد الى تصريحاته النارية ، بأن لايوجد فرق بين إتفاق الطائف وقرار 1559 وهذا التفاف خطير وإجهاز على نضال الشعب اللبناني من أجل الحرية ( المثل اللبناني يقول” شو علاقة طّز بمرحبا”) ، فإتفاق الطائف هو إعادة إنتشار القوات السورية الى البقاع أما قرار1559 فهو إنسحاب كامل للجيش السوري البالغ 12 الف عسكري وجهاز المخابرات البالغ 5 ألأف مخبر سوري يعبثون فسادا في ممتلكات ومؤسسات الشعب اللبناني، وحل المليشات المسلحة لحزب الله .
فمن يعطي الحق للجامعة العربية ان تنشط دبلوماسيتها بالضد من حقوق الشعب البناني؟
لقد دعت الجامعة الى مؤتمر وزراء الخارجية العرب الذي سيعقد هذا الأسبوع ، لبحث القضية اللبنانية ، المضحك المحزن في الإجتماع أن طرفي النزاع رفضا حضور الإجتماع ،بأعذار مختلفة، ،وهذه لطمة كبيرة لدبلوماسية عمر موسى، فلأول مرة يعقد أجتماع لبحث مشكلة عربية وأطراف النزاع غائبين، لانهم يعرفو تماما إن الجامعة العربية لا تهش ولا تنش والموضوع اكبرمن كل العربان ، وقد بررت العملية بإن الموضوع الإنسحاب السوريي لم يدرج في جدول أعمال الجلسة ، وهو فقط يبغي من هذا الأجتماع التهيئة لقرار عربي موحد ، لكنه لم يستطع ان يفعل شيئا ًذلك لان الضغط مستمر بقوة كبيرة على الجانب السوري ، ومن المحتمل ان تخطو سوريا بإتجاه الإنسحاب على مراحل، الدبلوماسية السعودية صرحت علناً، بعد الزيارة التي قام بها الأسد ،بإنها مع الأنسحاب المباشر الفوري من لبنان ، وحتى مصر أدركت خطورة الموقف وأعلنت أنها لاتستطيع المساعدة بشئ، بالوقت نفسة صرح الكثير من الرؤساء العرب علنا بضرورة إنصياع سوريا للمحفل الدولي.
وهنا ادخلت الجامعة العربية نفسها في مصيدة كبيرة وقع بها الرئيس عمر موسى ستؤدي الى أحتمال الغاء تجديد عهده واحداث تغيرات هيكلية كاملة في مؤسساتها منسجمة مع السياسة الجديدة في المنطقة ، لان الجامعة العربية أصبحت هرمة في تصريحاتها، وتقف بالضد من التحولات الديمقراطية المزمع إجرائها في المنطقة.
03.03.2005








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المغرب: حملة -تزوجني بدون مهر-.. ما حقيقتها؟ • فرانس 24 / FR


.. كأس أمم أوروبا 2024: ديشان يعلن تشكيلة المنتخب الفرنسي.. ما




.. هل تكسر واشنطن هيمنة الصين بالطاقة النظيفة؟


.. سكان قطاع غزة يعانون انعدام الخيام والمواد الغذائية بعد نزوح




.. إسرائيل تقدم ردها لمحكمة العدل الدولية على طلب جنوب إفريقيا