الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الصورة الاستراتيجية لمستقبل الشرق الاوسط وعاملها الرئيسي :

خالد عبد القادر احمد

2012 / 10 / 18
مواضيع وابحاث سياسية


الصورة الاستراتيجية لمستقبل الشرق الاوسط وعاملها الرئيسي :
من الحقائق التاريخية الاكيدة, ان منطقة الشرق الاوسط كانت ولا زالت وستكون الاكثر سخونة وعدم استقرار وارتباك وتقلقل وتحمل ويلات صراع قوى الاستعمار العالمي, رغم تناسخ الاسباب العرقية الطبقية الاقتصادية, والمبررات الايديولوجية السياسية التي قدمتها الامم الاستعمارية في تاريخ الصراع الدولي, ورغم تنوع الاصل القاري لمراكز القوة العالمية, ذلك ان هذه المنطقة يلتقي على حدودها المائية لقاءا ثنائيا او ثلاثيا, قارات العالم القديم, اوروبا واسيا وافريقيا, وفي اطارها تتموضع اهم منافذ العبور البحري والمائي بين القارات,
ان القوام الاقتصادي للمنطقة على اهميته لا يتقدم قطعا على العامل الاساسي الرئيسي الاول, للاهتمام الدولي في صراعه العالمي, فالاهمية اللوجستية السياسية لموقع هذه المنطقة في صورة لوحة التواصل العالمي المدني الاقتصادي او السياسي الامني العسكري هو الاهم, ومن ثم يليه قيمها الاقتصادية الضرورية لعمليات الانتاج, او لعلهما على نفس القدر من الاهمية بالنسبة للرؤى الاستعمارية, ونقول التقييم الاخير احتسابا لرؤية ذهنية يمكن لها الفصل بين اهمية عامل الضرورة السياسية الاقتصادية, وعامل قدرة الوصول اليها,
ان تقديم هذه الحقيقة في بدء هذا المقال, لا يعني اننا اول الكاشفين عنها في التاريخ, فقد تلمست من قبل قيادات تاريخية ذات رؤى استراتيجية بعيدة المدى, الابعاد المستقبلية للمنطقة في قادم الصراع العالمي, ومنهم رسول الدين الاسلامي محمد ( ص ) في اشارته للرباط في حديث ( سيبقى قوم من امتي.....الحديث), فهذا الحديث يشير بوضوح الى استمرارية الصراع العالمي واهمية منطقة الشرق الاوسط , ومركزية فلسطين فيه, ايا تكن اطرافه وعوامله واهدافه, لكن تذكيرنا بهذه الحقيقة هنا, يستهدف الاشارة الى بعض متغيرات الاسباب والعوامل والاهداف, التي تؤكد على استمرارية فاعلية هذه الحقيقة واهميتها على المستوى السياسي للحياة الانسانية العالمية بصورة عامة, وعلى المستوى السياسي لانسانية المنطقة خصوصا,
فتاريخيا كانت هذه الحقيقة العامل الرئيسي الاساس والاهم الذي صاغ شرط الحياة الانسانية في المنطقة, ونتيجتها وإن كانت ازدهارا لبعض مجتمعها الانساني, يوم ان كانت ارضه وطنا لها كاكثر مراكز القوة العالمية تفوقا, وبئيسة على باقيها, الا ان ذلك لا يلغي انها في ما عدا هذه المرحلة كان انعكاسها بئيسا دائما على مجتمعاتها, ولا نشير لذلك تفاخرا برؤية فكرية وانما لدعوة ايديولوجية للنخب في مجتمعاتها ان تدرك مستوى الاستقلال والسيادة الواجب على مجتمعاتهم تحقيقها لتحقيق الازدهار الحضاري المطلوب لها, والتحرر من اوهام ايديولوجية حول وجود رابطة اقليمية توحد مصير مجتمعاتها كالرابطة الروحية او العرقية, فما سبق الاشارة له هو عامل وحدة مصير المنطقة ولا سواه,
ان التجاوز السياسي لهذه الحقيقة وانكفاء كل من مجتمعاتها على قراءة اهدافه الخاصة, اورث المجتمع الفلسطيني من بينها على وجه الخصوص بؤسا تاريخيا لا يطاق, كان شكله تواصل الهيمنة الخارجية عليها والاحتلال الاجنبي لها. ولم يجعل من صورة لفلسطين في المنظور السياسي الاقليمي والعالمي سوى انها مطمع استعماري وموقع قتالي, مما جعل الحياة الفلسطينية هولوكوست تاريخي متصل, لم تكن المسالة اليهودية العالمية سوى احد نتاجاته البائسة, اعادت الاستعمار العالمي رد بؤسها بؤسا اكبر على الانسانية في فلسطين في صورة الحالة الاحتلالية الصهيونية الراهنة والجريمة المتصلة التي تستمر قوى الصهيونية وادواتها في الحاقها بهم, ولذلك يمايز الكاتب دائما في كتاباته بين المضمون الايديولوجي ذي المحمل التاريخي لمقولة ( القضية الفلسطينية ) والمحمل الايديولوجي السياسي المباشر في اشارته لحالة فلسطين الراهنة تحت الاحتلال الصهيوني باعتباره حلقة من سلسلة حلقات استعمارية متصلة كبلت تاريخيا الحضارية الانسانية الفلسطينية, وليس تشاؤما القول انه سيستمر طالما كانت البنى الفكرية للايديولوجيات في المنطقة تتجاهل مقولة التعددية القومية فيها و في نفس الوقت وحدة مصيرها الاقليمي في الصراع العالمي, ولا تناقض في ذلك طالما انه يعكس دقة قراءة الحركة الداخلية في المنطقة وعلاقتها بحركتها مع الخارج,
فحتى امس مقولة الربيع العربي, واجهت المنطقة على صعيد الداخل اتجاها للتحرر القومي, افرز استقلالا وسيادة وطنية نسبية لعدد من مجتمعاتها, ترسخ بانجازات وطنية حضارية, في حين اعطيت الاخرى استقلالا وسيادة شكليين دون الانفلات من التبعية الاقتصادية السياسية والدوران في فلك النفوذ الاستعماري, وقد افرز ذلك حراكا شعبيا منحازا للنظام الوطني التقدمي, وفاعلا ضد النظام الرجعي التبعي, حيث واجه الاستعمار العالمي هذه الصورة بهجوم سياسي شرس قوامه الحصار الاقتصادي والعمل العسكري تمخض عن هزيمة عام 1967م, ورغم التناقض الصارخ بين هذه الانظمة, وعداء شعوب المنطقة للانظمة الرجعية منها, الا ان هذه الاطراف جميعا تالفت مؤقتا مما اتاح اتساع حجم فاعلية الثورة الفلسطينية ديموغرافيا وسياسيا, ومهد للانتصار عسكريا في حرب عام 1973م, ومن ثم عمل عامل تنوع وتفاوت الاهداف القومية لكل منها على هزيمة حالة الائتلاف, فاحدث في المنطقة ارتباكا سياسيا شديدا, وارتدادا الى الخلف عن ما حققته المنطقة من انجاز حضاري, رغم التقدم التكنوقراطي التقني التكنولوجي, وكانت الديموقراطية وانعكاساتها السلبية على صورة العلاقات في المنطقة وصورة العدالة الاجتماعية فيها, اهم اشكال الانتكاس الوطني الحضاري في المنطقة, مما اسهم في تهيئة اسباب حدوث انتفاضات الربيع العربي,
ان الصورة التي رسمتها حركات الربيع العربي للمنطقة, تنطوي على مكون انفكاك ولاء الشعوب للانظمة, ومكون تفكك مقولة التضامن بين ذات الانظمة وانفكاك ائتلافها, ومكون التناقض بين الهدف والموقف الشعبي المعادي للاستعمار والمطالب بمزيد من الاستقلال والسيادة الوطنية, واتجاه قوى الاسلام السياسي ( حركة الاخوان المسلمين, والحركة الاسلامية السلفية ) التي قطفت موقع السلطة والحكم والتشريع من بين نتائج التغيير السياسي الذي حصل, للتفاهم مع قوى الاستعمار العالمي والولايات المتحدة الامريكية واوروبا من بينها على وجه الخصوص, الامر الذي بات يربك ويشل ثقة الشعوب بمقولة الربيع العربي
ان الاثقل وزنا والاكثر اهمية من قرائتنا للصورة التي استحدثها في واقع المنطقة حراك الربيع العربي, هو البحث فيها عن المسار السياسي الاستراتيجي الذي ستتحرك عليه المنطقة, والذي ينظم حركته سيطرة قوى الاسلام السياسي, والذي تشير بشائره الى مزيد من التراجع الديموقراطي ومزيد من تخلف التنمية ومزيد من التبعية السياسية الاقتصادية, الذي يتعمق ضررها بعامل قلة الخبرة السياسية لهذه القوى في مجال ادارة الشئون القومية محليا ودوليا, ولعل في ارتباك تناولها القيادي للشأن القومي المحلي والخارجي التونسي والمصري والليبي واليمني, دليلا مؤكدا لما نقول, جيث التكرار اليومي للخطأ القيادي وما ينتج عنه من ازمات داخلية تضعف قدرتها على مواجهة الاطراف الخارجية, فلماذا نقول ذلك ونتوقع هذه التوقعات, رغم طيب النوايا الشعبية الحارسة لانتصارات حركات الربيع العربي
ان الرصيد المالي النفطي الخليجي, هو المظلة المالية التي اظلت نفقات حراك قوى الربيع العربي, قبل ان تصل للسلطة والحكم, وهو المظلة المالية التي تتطلع للاستظلال بها هذه القوى في مواجهة ازماتها الاقتصادية القومية بعد ان وصلت للسلطة والحكم, وهي قطعا ليست مظلة مالية خيرية, بل استثمارية, لها ايضا شرطها الخاص الذي يؤمن وضع استثمارها العالمي, حيث تتموضع كطرف اضعف في علاقة شراكة عالمية طرفها الاخر راس المال مراكز الاستعمار العالمية وتؤمنه بتفوق نفوذها السياسي وتفوق قوتها العسكرية,
ان راس المال النفطي الخليجي سياسيا واستثماريا لا يعدو ان يكون وكيلا اقتصاديا وسياسيا لراس المال العالمي, وهو حريص اكثر من مراكز الاستعمار العالمية نفسها على هذه العلاقة, لان تشابك راسماله الخاص مع الراسمال العالمي غير قابل للفكاك, ولو نجح في الفكاك من هذا التشابك فانه فاقد لفرصة استثماره عالميا بحكم تفوق النفوذ السياسي الاستعماري, وحينها لن يكون امامه سوى اخفاء ربحيته من العائد النفطي تحت البلاطة,
من الواضح ان المنطقة وضعت على هذا المسار وانه في المدى المنظور لن نجد مخرجا قريبا من هذه الصورة, غير ان ذلك لا يعني احباط قواها الوطنية والديموقراطية من الامل, بل يعني البدء باخذ موضوعية الواقع بمستوى اكبر من العقلانية العلمية, ان الاقرار بالتعددية القومية في المنطقة والاقرار بوحدة مصيرها في الصراع العالمي يتطلب وجود درجة من التنسيق الكونفيدرالي بين قوى المنطقة الديموقراطية الوطنية يتيح لكل منها مسارا نضاليا وطنيا مستقلا يؤطره توجها ديناميكيا جماعيا








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الهدنة في غزة: ماذا بعد تعقّد المفاوضات؟ • فرانس 24


.. هل تكمل قطر دور الوساطة بين حماس وإسرائيل؟ • فرانس 24




.. 4 قتلى وعدة إصابات بغارة إسرائيلية استهدفت بلدة -ميس الجبل-


.. القوات الجوية الأوكرانية تعلن أنها دمرت 23 طائرة روسية موجّه




.. حماس وإسرائيل تتمسكان بشروطهما.. والضبابية تحيط بمصير محادثا