الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مقاربة الى الاقتتال الاثني

كامل داود
باحث

(رويَ اêيçï المïèçل ئ الكêçè في الïيوçنيé)

2012 / 10 / 18
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات


اولاً: بناء فكرة الكتاب
تقوم الفكرة الاساسية لكتاب الحروب الجديدية والحروب القديمة (الذي هو من تأليف:ماري كالدور، و ترجمة:حسني زينة، وقامت بنشره دار دراسات عراقية، بغداد-اربيل –بيروت) على ان نمط تنظيم الحروب قد اختلف خلال عقدي الثمانينات والتسعينات من القرن العشرين، وان مؤلفة الكتاب تسمى هذه الانماط من العنف (الحرب الجديدة)، و ان الهدف من كتابها هذا لا ينحصر في تقديم المعلومات فحسب بل هو تقديم منظور جديد مستمد من تجاربها في شتى المنابر الدولية.

تقول في المقدمة ان الحروب الجديدة هي مزيج من الحرب والجريمة وانتهاك حقوق الانسان و انهيار الشرعية، وقد تآكل احتكار الدول لوسائل العنف المنظم بفعل خصخصة العنف، فأمست الحروب الجديدة جزءاً من عملية مسارها يعاكس مسار الدولة الحديثة وبرزت خصخصة العنف كنتيجة لظهور الجماعات المسلحة غير النظامية التي تهدف للسيطرة على السكان بتصفية المخالفين والتهجير القسري و استخدام تقنيات الترهيب، ومن الملاحظ ان هذه الجماعات المحاربة تتولى تمويل نفسها ذاتيا بالنهب والسوق السوداء لتتمكن من زرع الخوف والحقد.
لذا فأن الحروب الجديدة هي حروب بين الخصوصية والكوزموبوليتية(الكونية)، بين الهوية الجزئية والتعدد الثقافي وقمع قيم المدنية.

ثانياً:الحروب القديمة
استندت الكاتبة بتحليلها للحروب القديمة الى طروحات “كلاوز فيتز” وهو مفكر عسكري الماني تأسر في روسيا عندما كان في جيش نابليون المتحالف مع بروسيا،ويعد كتابه “ في الحرب On war “ مرجع مهم في العلوم العسكرية، يؤكد فيه ان الحرب هي نشاط اجتماعي ويعرفها على انها “ فعل عنيف المراد به هو ارغام خصمنا على تلبية ارادتنا “ وهي استمرار للسياسة بوسائل اخرى،ويقول كلما كان الهياج الذي يسبق الحرب اعنف كلما كانت اشد توجها للقضاء على الخصم،
لقد طور “كلاوز فيتز” في كتابه المذكور نظريتي الاستنزاف والمناظرة، وكان من ابرز استنتاجاته هي اهمية القوة القاهرة والاستعداد لأستعمالها.
وفي الحروب القديمة يمضون الرجال للقتال لعدة اسباب منها المغامرة والشرف والخوف وحماية الاهل والديار، ويعامل فيها الجنود كأبطال لا مجرمين.

ثالثاً:الحروب الجديدة “حرب البوسنة والهرسك وحرب العراق”
ارادت المؤلفة ان تتقصى اوجه القصور في طرق دراسة الحرب، وقد اختارت حرب البوسنة والهرسك 1992-1995، وهي حرب شهدت مقتل اكثر من ربع مليون انسان ومآسي انسانية تركت اثرا واضحا في الوعي الانساني اكثر من اية حرب اخرى في العالم في القرن العشرين والواقع ان حرب البوسنة والهرسك هي المثال النموذجي للحرب الجديدة وفقا للمبررات التالية:
1. ان جمهورية البوسنة والهرسك اكثر جمهوريات يوغسلافيا اختلاطا اثنيا ((البوشناق 48%، الصرب 1ر37%، الكروات 3ر14%)) وان ربع السكان متصاهرون
2. وجود انقسامات واحقاد قديمة “الْجٍمَت مؤقتا خلال الفترة الشيوعية لتعود وتنفجر ثانية مع اول انتخابات ديمقراطية “ ص53
3. كانت شرعية الحكم مستمدة من: أ: نضال الانصار خلال الحرب العالمية الثانية ب: مكاسب اقتصادية ج: موقع يوغسلافيا الوسط في الحرب الباردة وتزعمها حركة عدم الانحياز.
4. استطاع سلوفودان ميلو سوفيتش ان يوسع استعمال الاعلام لنشر رسالته القومية وتغذية ذهنية الضحية والتمييز ضد الصرب.
فعلى الرغم من ان الخوف والحقد ليسا متوطنين بل تتم تعبئتهما في بعض الفترات لأغراض سياسية، كما عبّر احد الصربيين قائلا “كان لا بد للحرب من ان تكون دموية الى هذا الحد لأن الصلات فيما بيننا قوية جدا “ ورأوا في البوسنة ارض التسامح والتعايش وبلد الخوف والحقد ص65
وقد ادى تفكيك مؤسسات الدولة اليوغسلافية وتوفر الاسلحة الى تسيد المجرمون من ذوي السوابق، ودأبوا على حرق ونهب المباني الثقافية وقتل المثقفين وهي عملية واعية لألغاء معارضة متوازنة والقضاء على الاعتدال السياسي “ ابادة النخبة “ ص80

رابعاً: التدخل الدولي
ان ما حدث من تدخل دولي في يوغسلافيا فعلا مخيبا جدا للآمال ومسببا للسخرية الموجعة واليأس ص87 وكان ثمة شكلان للتدخل:
1. سياسي رفيع المستوى.
2. شكل جديد من التدخل الانساني.
وقد وجدت المؤلفة ان حل النزاعات من الاعلى يؤدي الى تعزيز شرعية الاطراف المتحاربة ويتيح لها الوقت لاعادة الامدادات، ويمكن خلق تصور عن التدخل الدولي بأستعارة قول احد المهرجين: ان قوات الامم المتحدة في سرايفو “كالخصيان في مجلس خلاعة ومجون “
فقد افلح الساسة القوميو النزعة الذين كانوا السبب في اندلاع الحرب في خلق نزعة قومية لم تكن موجودة قبل الحرب على المستوى المحلي ص102
وخلقت صدمة الحرب ذيولا من الاحاسيس السلبية تستلزمها تطمينات يوفرها الانتماء الأثني ولم تستطع القوى المتنورة من القوميات الثلاث ان توفر قناعة كافية للأنتماءات المواطنية.

خامسا: سياسة الحروب الجديدة
في حقبة العولمة تتأثر حياة الناس تأثرا عميقا بحوادث تقع بعيدة وثمة امكانيات جديدة لتعزيز دور السياسة المحلية بالارتباطات العالمية.
وقد تؤسس العولمة لأزمة في الهوية ويعتري السكان شعور بالاستلاب والضياع يصاحب تفكك الجماعة الثقافية ص114
لذا فقد ظهر هناك اهتمام متجدد في بقاء الثقافات المحلية وهو رد على ضغوط العولمة.
وقد اطلقت الباحثة (سياسة الهوية) على “ الحركات التي تعبئ جمهورها حول هوية اثنية او عرقية او دينية بغية المطالبة بالسلطة “ والتي غالبا ما تكون هذه الحركات:

1. ناظرة الى الوراء (ماضي بطولي،مظالم)
2. استبعادية
3. تفتيتية
4. لا بد وان تولد أقلية مستبعدة، وان الهوية الاستبعادية لا تبنى الا بحرب قذرة لخلق الكراهية.
وتقول ان الشعور بالهوية فرضه الاوربيون بعد ان كان فضفاضا وجاء ذلك من شغفهم بالتصنيف والاحصاء والاوراق الثبوتية، وتطورت الهوية بتطور وسائل الاتصال، وتبدد الآمال ما بعد الاستقلال ونشوء الاقاليم المحددة.
وكانت الحرب الثورية تحقق اهدافها عبر كسب السكان المحليين بدلا من انتزاع الاراضي من العدو، ومن ستراتيجياتها تحاشي المعارك للمحافظة على العتاد والرجال، وفي الحرب الثورية يكون الولاء للفكرة، اما الحرب الجديدة فيكون الولاء لميسم إثني او ديني اما السيطرة على الارض فتأتي عبر الدعم الشعبي، وعبر تهجير السكان المعارضين بمختلف تقنيات التهجير
كالقتل المنظم،والتطهير الاثني،وجعل المنطقة غير قابلة للسكن ص150
اما تمويل المجهود الحربي ف” تنشأ مجموعة جديدة من العلاقات الاجتماعية يتمازج فيها الاقتصاد بالعنف امتزاجا عميقا داخل الاطار المشترك لسياسة الهوية:” ص160

سادسًا:نحو مقاربة كونية (كوزموبوليتية)
ساد التفاؤل بعد الحرب الباردة وارتفع سهم احتمال حل المشاكل العالمية وحدثت اخفاقات وقدمت لها تفسيرات متعددة وتؤكد المؤلفة في ذلك على ان:
1. مفتاح السيطرة على العنف هو في اعادة بناء الشرعية ص172
2. لا توجد حكومة تستند الى العنف وحده.
3. في الحروب ينهار احتكار العنف
وقد وجدت ان للحلول التفاوضية التي اعتمدها المجتمع الدولي عيوب كثيرة، فقد تساعد على اضفاء نوع من الشرعية على اشخاص ربما كانوا مجرمين،كما ان تلك الحلول غالبا ما تعمد الى التقسيم والمبالغة في افتراض تنفيذ الاتفاقات وان ذلك يشمل الحرب الجديدة في العراق، وان كانت حرب تخاض من مسافة بعيدة بأستعمال الحواسيب وتقنيات الاتصالات الحديثة هذا من جانب، ومن الجانب الاخر ازدهرت مقولة “صدام الحضارات” وجاءت فكرة الحرب على الارهاب لبناء تهديد جديد يحل محل الشيوعية.

وقد شخصت المؤلفة جملة من الاخطاء التي وقع بها التحالف منها:
1. حل الجيش
2. عدم فصل البعثيين المجرمين عن البعثيين المجبرين
3. عدم التشاور مع عراقيي الداخل والاعتماد على المعارضين المغتربين
4. عدم اعطاء مجلس الحكم صلاحيته.
وكان لنسبة التمرد ان تقل كثيرا لولا هذه الاخطاء.
وخلاصة ذلك ان في كل حقبة هناك علاقة معقدة بين عمليات الحاكمية والشرعية واشكال الامن، اي كيف تدار الشوؤن الانسانية وعلى اي اساس تقوم شرعية السلطة وما هي طريقة التحكم بالعنف المنظم.
لذا فأن الكتاب يرسم،بفصوله الثمانية، سوسيولوجا انماط العنف لحقبة “ما بعد الحداثة “ ويضع بين ايدي السياسيين ودعاة التقارب المجتمعي جملة من التصورات والافكار التي يمكن ان تبنى عليها الجسور ومقترباتها الرصينة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. زاخاروفا: على أوكرانيا أن تتعهد بأن تظل دولة محايدة


.. إيهاب جبارين: التصعيد الإسرائيلي على جبهة الضفة الغربية قد ي




.. ناشط كويتي يوثق خطر حياة الغزييين أمام تراكم القمامة والصرف


.. طلاب في جامعة بيرنستون في أمريكا يبدأون إضرابا عن الطعام تضا




.. إسرائيل تهدم منزلاً محاصراً في بلدة دير الغصون