الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من -المنتدى الاجتماعي- الى -التنظيم الاشتراكي الديمقراطي الانساني-.

بيرم ناجي

2012 / 10 / 18
ملف حول المنتدى الاجتماعي العالمي، ودور الحركات الاجتماعية والتقدمية في العالم العربي.


طلب موقع "الحوار المتمدن" من كتابه التفضل بدراسات وورقات لملف خاص بمناسبة الاعداد للدورة المقبلة "للمنتدى الاجتماعي العالمي" التي ستجرى في تونس السنة القادمة ، ان تركتها الحركة الاسلامية التي تفضل الراسمالية المتوحشة المغلفة بالورع وبالاحسان و الزهد حتى على الرأسمالية اليبيرالية الديمقراطية.
و استجابة لهذا الطلب نرى ان أفضل طريقة لتنظيم الطاقات المتظافرة حول المنتديات الاجتماعية المختلفة منذ مؤتمر بورتو اليغري في البرازيل سنة 2001، وفي كل بلدان العالم تقريبا ، و بشكل خاص عندنا لآنقاذ ما يمكن انقاذه من الخراب الاسلاموي الهاجم، هي بدء التفكير في انشاء تنظيمات يسارية اشتراكية ديمقراطية موحدة.
ان هذه التنظيمات قد تكون جبهة و قد تكون حزبا موحدا ، كل حسب قدرته و نضجه ، ولكنها لا تلغي و لا تعوض المنتديات الاجتماعية بوصفها شكلا جديدا من التنظيم بل تضيف اليها. كما انها لا تلغي تجارب التنظيمات والجبهات بل تستفيد من تجارب النضال العالمي المشتركة و من تجارب الأمميات الاشتراكية و الجبهات العمالية و اليسارية المختلفة و لكن بطريقة نقدية ايجابية جديدة.
يمكن ان تتمحور مدارات التفكير الأساسية حول النقاط التالية التي نراها جديدة و حيوية الآن ، بالنسبة الينا نحن العرب خاصة ، و التي سنقدمها باختصار شديد .

***

1- ان نقطة الانطلاق لابد أن تكون في الاتفاق ان العولمة الرأسمالية ، التي تكونت ضدها المنتديات الاجتماعية، ليست نهاية التاريخ لاهي و لا الراسمالية بكاملها التي قد تعرف مراحل جديدة من تطورها . و لكن الرأسمالية المنتصرة مؤقتا و المتأزمة كثيرا الآن يمكن و يجب نقدها جذريا و تجاوزها نحو افق اشتراكي ديمقراطي انساني جديد و ليس أفقا شيوعيا يمكن للانسانية تأجيل الخوض فيه لقرون دون أن تخسر شيئا و نؤجل نحن الخوض فيه الآن لآعتبارات أخرى.
ان ذلك يتطلب تقييما جديدا من منطلق نظري متطورو جديد ، و لكن متنوع ، للتحولات و للتناقضات الرأسمالية الكبرى و تفكيرا جديدا في سبل و أدوات النضال الانساني المشترك ضدها.

2-ان نقد و تجاوز الرأسمالية لا يمكن الآن ان يكرر لا النظريات الاشتراكية التاريخية و لا التجارب الاشتراكية التاريخية على اختلاف أصنافها الشيوعية أو الفوضوية أو غيرها . و لكنه لا يمكن ان يتم الا بالاستعانة بكل هذه النظريات و التجارب ايجابيا ونقديا في المستويين النظري و العملي معا. و بالتالي لا يمكن الاكتفاء بالقول ان النظريات كانت خاطئة تماما و لا القول العكسي بان النظريات كانت صحيحة و التجارب هي وحدها التي كانت خاطئة. لا بد من التساؤل النقدي الجذري حول النظرية وحول التجربة على السواء دون نزعة عدمية و دون نزعة أصولية في نفس الوقت.

3-ان التنظيم الاشتراكي الجديد لا بد ان يكون تنظيما سياسيا بالتحديد و ليس تنظيما عقائديا و لذلك فالمهم فيها ليس انبناؤه على خط ايديولوجي موحد و صارم بل على برنامج سياسي مشترك . لكن هذا البرنامج السياسي يجب ان يستند الى التفكير العلمي، بالمعنى الواسع للعلم الطبيعي و الانساني، من ناحية والى النزعة الاشتراكية الديمقراطية الانسانية من ناحية ثانية.

4-لا بد اذن من فكر اشتراكي انساني جديد يقوم على تبني الاشتراكية ليس كجنة موعودة و حتمية تتطلب تنظيما أرثوذكسيا حديديا بل كمستقبل ممكن و مفضل يتطلب تظافر كل الجهود الجماهيرية لتحقيقه كأفق انساني أرحب للبشرية التي تعتمد العلوم و التكنولوجيا و ترنو الى أنسنة العلاقات البشرية في نظام جديد اشتراكي انساني يستفيد من كل ماهو ايجابي في التاريخ البشري المتنوع و الرحب.

5-ان النظام الاشتراكي الانساني الجديد لا بد ان يكون ديمقراطيا انسانيا يستفيد من المزج بين الديمقراطية السياسية و الديمقراطية الاقتصادية والاجتماعية و الثقافية في نفس الوقت ويتجاوز الديمقراطية البورجوازية ،المحدودة أحيانا في الحقوق و الحريات الشكلية ، وكذلك الأشكال التاريخية للديمقراطيات الاشتراكية التي تجاهلت الديمقراطية السياسية خاصة مما أدى الى الأزمات و الانهيارات المعروفة. ان هذا يتطلب القبول بالتعدد السياسي ورفض أنظمة الحزب الواحد ذات الخط الواحد و بالتداول السلمي على الحكم مما يسمح بالنقد و المحاسبة و يساعد على النقد الذاتي و التطور الذاتي للجميع .

6- كما ان البديل الاشتراكي الانساني الجديد عليه ان يفكر في الثورة الاشتراكية الديمقراطية الانسانية التي تعتمد النضال الجماهيري السلمي من الانتخابات الى الاضراب السياسي العام حتى العصيان المدني السلمي حيث تشارك أوسع الجماهير فعليا في التحولات التاريخية و بالتالي يتخلى عن فكرة الثورات المسلحة التي لم تعط السلطة في كل التجارب التاريخية سوى للبيرقراطيات العسكرية التي حولت تلك التجارب الى دول مستبدة رغم انجازاتها التاريخية العظيمة لفائدة الكادحين و الفقراء.

7- و للقيام بذلك لا بد من تنظيم اشتراكي انساني جديد يكتفي بالعلوم المتعددة و المنفتحة كمرجعية نظرية و يرفض نموذج الحزب الدوغمائي ذي النظرية الواحدة و الخط الحزبي الواحد و يتوحد حول برنامج سياسي اشتراكي ديمقراطي انساني مشترك يسمح بالاختلاف والتنوع و الصراع الاشتراكي الانساني داخله و خارجه بعقلية و بطرق ديمقراطية فعلا.

8- و في بلداننا العربية لا بد من برنامج قومي ديمقراطي جديد يهدف الى أشكال مرنة و انتقالية من التوحد القومي العربي مع احترام كل الأقليات القومية و العرقية و الدينية و يقر بحق الانفصال لمن يريد من القوميات الطرفية مع حرصه على اقناعها سلميا بالاتحاد الاختياري على ضوء مبدأ الوحدة الانسانية الديمقراطية الجديدة.كما يجب القبول نهائيا بأهمية النضال من أجل الحريات الديمقراطية الضرورية لتطوير النضال السياسي الجماهيري مع الكف نهائيا عن اعتبار الديمقراطية مجرد مرحلة تكتيكية نحو نظام آخر يتجاوزها و يلغيها بل بالعكس لا بد من أن يدعمها و يعمقها.

9- و هذا يتطلب تفكيرا جديدا حول الحركات السياسية المختلفة سواء منها الاشتراكية العمالية أو الوطنية و القومية. و هذا الموقف لا بد ان يختلف مع الصورة الاقصائية أو الهيمنية القديمة التي كان الاشتراكيون يعتمدونها، وهي الموروثة عن البيان الشيوعي و موقفه من التيارات الاشتراكية الأخرى، او عن المواقف اللينينية التي ظهرت في الأممية الثالثة و غيرها من التيارات الاشتراكية الأخرى.

10- كما يتطلب هذا تجديد الموقف من المنظمات و الجمعيات و الحركات الاجتماعية الأخرى بحيث يقع التخلي نهائيا عن التصور الهيمني عليها، بحثا عن هيمنة الطبقة العاملة و خطها ، و التفكير في التصور التشاركي معها حفاظا على التعدد والتنوع و ما يمثلانه من ثراء اجتماعي و فكري للنضال الانساني المشترك مع التيارات القومية الديمقراطية او الحركات الاجتماعية الجزئية كالحركة النقابية أو النسوية أو السلمية أو الشبابية أو غيرها. .

***

ان التفكير في هذه النقاط العشرة لا بد أن يحيل حتما على ضرورة خلق صنف جديد تماما من المناضل الاشتراكي الديمقراطي الانساني الذي يدشن مرحلة جدديدة في تكوين الانسان المعاصرالعامل على تجديد المستقبل البشري برؤية و سلوك جديدين تماما قائمين على العلم المتعدد و المتنوع و المنفتح الذي يقطع مع الأصولية العلومية والوضعية و ما شابههما وعلى الأنسنة الاشتراكية الديمقراطية التي تقطع تماما مع العقائدية الرسولية و الخلاصية الفردوسية نهائيا.
بهذا ربما نكون قد فتحنا الباب فعليا أمام استفادة حقيقية من حركة المنتديات الاجتماعية الرائعة التي مثلت شكلا جديدا من التنظم و النضال الموحدين فرضته العولمة مما قد يساعد على تلمس الطرق المستقبلية الكفيلة بتحقيق التقدم المرجو من الجميع و انطلاقا من مواقع و مواقف مختلفة ، من حسن الحظ ، ونحو مجتمع أفضل و لكنه لن يكون الجنة الأرضية على أية حال.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وزير الخارجية الإيراني: طهران ستفكر بإرسال قوات إلى سوريا إذ


.. غانتس: كان يمكن إعادة المختطفين لكن نتنياهو ماطل في تحقيق صف




.. الناطق باسم جهاز الدفاع المدني في قطاع غزة: هناك واقع كارثي


.. من تاباتشولا في المكسيك إلى الولايات المتحدة.. مهاجرون يبحثو




.. صراعات القوى الكبرى في سوريا.. إلى أين يتجه التصعيد؟ | #غرفة