الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-ساعة ونص- قطار إبداع على 8 قضبان

محمد عاطف

2012 / 10 / 20
الادب والفن


يستمر السيناريست أحمد عبد الله في تحدي تجربة الجمع بين العديد من الشخصيات المختلفة في مكان واحد وزمن قصير محدد، وذلك بمغامرة ناجحة مع رفيق مختلف تلك المرة هو المخرج وائل احسان، بعد تعاون لا بأس به مع المخرج سامح عبد العزيز في بداية تلك التجربة التي أظهرت تفاهمًا شديدًا بين الثنائي - "عبد الله - عبد العزيز" – هذا التفاهم الذي انعكس بعد ذلك بشكل سلبي عند المتلقي عملاً بعد الأخر، نتيجة لتعامل سامح عبد العزيز مع "كباريه" و"الفرح" ثم "الحارة" بنفس الحس والأبطال تقريبًا، مما أدي إلى تناول الثلاثة أعمال السابقة كعمل واحد يتكرر في أماكن مختلفة، وبما يجعلنا نؤمن بأن في اختلاف المؤلف والمخرج – أحيانًا- رحمة، وهو الأمر الذي جعل انتظار مشاهدة "ساعة ونص" مشوقًا بعد أن اتجهت التجربة نحو التطور مع اختلاف قائد العمل واختلاف طبيعة المكان الواحد.
يجمع أحمد عبد الله مصائر عدد كبير من المصريين المتباينين اجتماعيًا وثقافيًا- المجتمعين معاناةً وقهرًا- في تجانس تام داخل مكان واحد طبيعته التنوع، "القطار" يختلف عن "الفرح" الذي يتشابه فيه المدعوون من أهل وأصدقاء، وليس "كبارية" تتشابه رغبة رواده، كما أنه غير "الحارة" التي ما يجمع قاطنيها من تهميش وفقر أكثر ما يفرقهم، فجاء " القطار" في أقل من "ساعة ونص" مصححًا لمسار تجربة كاد أن يوشك ابداعها على النفاد.
لا شك أن للمونتاج دور حيوي في تجربة مثل هذه، ويزيد هذا الدور في حالة حذف بعض المشاهد، وهو ما لم يراعى بصورة جعلت عدد من المشاهد، والأدوار أيضًا مبتورة ومفتقدة للسياق مثل مشاهد "هالة فاخر" وبعض مشاهد "ابنة سائق القطار/ ناهد السباعي" و" الشاعر المغمور/ محمود البزاوي" ومشهد عراك " سائق القطار/ محمد فريد" مع ابنته عبر المحمول. لكن لا شك أيضًا أن الثنائي "عبد الله – احسان" كانا في أحسن حالاتهما ليقدما الحلوي السينمائية لموسم العيد من خلال قيادة قطار إبداعي سار على 8 قضبان هي:
1- مفرمة الطعمية
تفرم مكوناتها البسيطة لعمل قرص طعمية يسد رمق ملايين من البسطاء، المفرومين بدورهم داخل الزحام ودوامة السعي وراء لقمة العيش التي رسمت تجاعيد وجوههم، حيث تتحرك العدسة مع بداية الفيلم بين مكونات قرص الطعمية البسيطة وبين تلك التجاعيد في انسياب بديع يؤكد أن طعامنا يشبهنا، وقد يتشابه مصير قرص الطعمية في النار مع مصير كثير منا داخل قطار يحترق بسبب الإهمال والعبثية التى تحيط بنا في كل مكان.

2- عود الغلابة
يشدو عازفه - "محمد عبد المنعم"- لحلمهم في واقع أفضل، وعن خوفهم بانتهاء العمر قبل انتهاء الرحلة بسلام، بكلمات ألفها شاعر مغمور لا يطمح من ورائها سوى توصيلها لأصحابها، لكن لا تفلح المحاولة رغم التنازل والموافقة على أن يتغني بالكلمات مطرب هابط، وتظل النهاية مفتوحة في إطار جعل "عود الغلابة" فيلمًا قصيرًا ربما أفسده مشهد مبتور.

3- كتاب الحب
تأليف مؤلف رخيص تشبهه كلماته، لكن تشاء سخرية الأقدار أن يقوم ببيع كتبه الشاب المثقف "عز/ إياد نصار" الذي يضطر للعمل أي شىء من أجل العيش، وهو في تصالح تام مع ذاته وباعتداد لا يخجله من مصارحة زميل الدراسة أن تلك هي الظروف، ولا يقبل "عز" معاودة التواصل مع زميله لأنه يؤمن بأن ذلك الزميل سوف ينكره، لا عن كراهية، لكن لأن ليس هناك ما يمكن فعله.

4- قبلة على رأس أم
ضاقت المعيشة بولدها فتحجر قلبه وتركها بورقة مكتوب فيها " أرسلوها إلى دار مسنين"، ولا يستطيع "عز" مصارحتها بالمكتوب في الورقة أمام طيبتها وقلقها الشديد على ابنها، ليضطر "عز" بعد ذلك أن يقرأ لها ما في الورقة وهو يجهش بالبكاء، فتلوم " أم عبد الله/ كريمة مختار" نفسها لشعورها بأنها أثقلت على وليدها الذي تركها تواجه مصير غير معلوم، فيزداد انهيار "عز" ويحتضنها طابعًا على رأسها قبلة منا جميعًا لـ "أم عبد الله" لحنانها الجارف، وللقديرة "كريمة مختار" أحد أعظم من لعب دور الأم في السينما المصرية.

5- قضيب قطار
تتعلق سلامتنا جميعًا بوجوده، وتأتي المفارقة أن من يخلعه هم أقرب الناس إلينا فزعيم عصابة سرقة القضبان هو "أخ لخطيبة عز/ محمد عادل إمام" ومعاونه "فلفل/ حبيب ابنة سائق القطار" الذين يسرقون القضبان في غفلة "عامل الفلناكات/ أحمد بدير" رغم مروره إلى جانب القضيب المخلوع إلا أن الفقر والهموم قد سلبت نظره، وعلى القضيب أيضًا لقى عامل الفلنكات حتفه عندما ثار لكرامته.

6- تفاصيل
عدد هائل من التفاصيل التي راعاها صناع "ساعة ونصف" ليخرج إلينا فيلمًا من لحم ودم، من أجهزة المحمول البسيطة في يد أبطال الفيلم البسطاء، مرورًا بنظارة "عز" القديمة التي بدا أنه لم يغير إطارها منذ فترة الجامعة، وحتى ماكياج عصابة سرقة القضبان، تلك التفاصيل التى حاولت إكمال تلك العناصر الفنية المتعددة في فيلم كسر تكامله بعض سلبيات منها ضعف مشهد حريق القطار، وموسيقى ياسر عبد الرحمن التي أتت خارج السياق بإقحام مزعج في كثير من المشاهد.

7- تأكيد حضور
نجوم كبار يؤكدون عملًا بعد الأخر تمكن وحضور قوى، وتطوير لا يكتفي بما حققه ولا يمل من تقديم الجديد، كان هذا سمة أداء كلًا من سوسن بدر " الأم الثرية" وماجد الكدواني "عسكري القسم"، وأحمد بدير "عامل الفلنكات"، ويضاف عليهم الدور المتميز الذي قام به فتحي عبد الوهاب "الزوج الصعيدي" لولا مبالغة بسيطة في اللهجة.

8- ميلاد جديد؟
السبكي من أكثر المنتجين جدلًا في تاريخ السينما المصرية، فعل بها الكثير مما لا يغتفر، ويفعل من حين لأخر ما لا يجب أن ينسى فضله، ويكفي إصراره على مواصلة العمل في وقت آثر فيه العديد الكمون حتى تتضح الأمور بعد تبعات ثورة يناير، ينتج السبكي الآن العديد من وجهات النظر ويتعامل مع مجموعة متنوعة من المبدعين، لكن هل يمكن اعتبار ذلك بمثابة تماشي مع موجة الأفكار المتعددة التي تفرض على السينما بعد الثورة تناولها على اختلافها باعتبار أن لكن منها سوقه، أم يعتبر الاتجاه الذي سلكه السبكي مؤخرًا ميلاد جديد لعلاقته بالسينما؟ اتمنى أن يكون " ساعة ونص" تأكيدًا لتلك البداية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 22 فيلم من داخل غزة?? بالفن رشيد مشهراوي وصل الصوت??


.. فيلم كارتون لأطفال غزة معجزة صنعت تحت القصف??




.. فنانة تشكيلية فلسطينية قصفولها المرسم??


.. فيلم -لا غزة تعيش بالأمل- رشيد مشهراوي مع منى الشاذلي




.. لحظة إغماء بنت ونيس فى عزاء والدتها.. الفنانة ريم أحمد تسقط