الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حينما ..ذبحوا ..حبيبتي... 1

ليث الجادر

2012 / 10 / 20
الادب والفن


قبل ثلاثة ايام وفي ظهيرة هذا القيظ الشاذ كشذوذ وضعنا الاجتماعي وانفلاته من كل قيود المنطق والبديهيات , استدرجني القدر بشكل غريب لم اعي لحد الان ماهيته من المكان الذي كنت اروم التوجه اليه (الكراده خارج ) الى (ساحة الوثبه ) ,ثم من هناك الى( سوق الغزل).. الذي ما ان خطوت اولى خطواتي باتجاهه حتى انتابني شعور غريب مبهم ,عكس على سمعي طنين خافت بدى يطغي على الاصوات الصاخبه المتعاليه من حولي واسدل على بصري غشاءا ضبابيا يميل لونه الى الرمادي اكثر من كونه ابيض ..لكنه ايضا ليس رماديا.. انه لونا ما استطيع فقط من ان اصفه هكذا , وبدى قلبي وكانه اكثر استرخاءا ونبضاته المتسارعه التي دأبت على الاحساس بها بدت كانها تهدء وتميل الى الاعتدال , شعور خليط بين الاحساس بالطارىء المريب وبين الاحساس به كغريب ومجهول ,, شيء ما يحدث ولاادري ان كان ينبع من دواخلي ام انه ييرتبط بما هو خارج عني , تحسست الهواء وكانني عدت للتو الى طبيعتي الحيوانيه وانا اشم رائحته .. فاصابني الذهول , ماعاد عقلي يتوافق بين ادراكه للزمن في لحظته وبين قدرته على ربط انعكاس رائحة الزمن الغابر فانا هنا في (الان) .. لكن هذا (الآن).. الذي يحيطني .. يستثير احساسي بدلالة ( ما كان ) ..من المستحيل ان تعبق رائحة الجدران الرطبه التي ترافق ذاك النسيم البارد في ظل ازقة كنت قبل اربيعن عام اسير في احظانها الوديعه... من المستحيل ان يعبق هذا العطر السماوي في هذا المكان الذي اسير فيه الان ,, زاد في ايقاعه ذاك الطنين الخافت واستحال ذلك الغشاء الضبابي الى هالة تحيط بمرئى الاشياء ,,فايقنت في دواخلي بان شيء مريب يحدث , وانني في حال انسلاخه الاحساس عن الجسد , كانت لحظات اساوي الان بين احساسي يها وكيفيته بما يمكنني من ان استرجع كل لحظات الزمن الذي عشته , حيث ذلك الفراغ الرهيب من القدره على التفكير وكان العقل كان قد اطل على حافة السر وحيث النهاية هي كل شيء , لحظات لايمكنني ان اجد مقياسا زمنيا لها , الا حينما عاد كالومضه الهاربه من زمن التلاشي احساسي بما هو حولي وتملكني الاسترخاء الذي حول الاحساس بحرارة القيض الى برد ورذاذ باعث على النعاس ,, وكانت اولى علامات عودة الحياة التي شعرت بها هي.. التثائب ,الذي ما انقضت الثواني التي اغمضت فيها عيني اثنائه حتى ادركت بان بصري عاد الى ما كان عليه , وان الطنين الخافت الذي تملك سمعي انفلت مع صوت تمدد عضلات الاذن , ! وعاد توافق ادراكي بما هو حولي ..فرائحة المكان تعبق بما كانت تلك الازقه تدثها قبل ما يزيد على اربعين عام ... وانا , الان اكتشف المكان الذي اقفه فيه .. حيث استوقفتني خطواتي على اعتاب زقاق من ازقة (ابو سيفين ,).., هذه الحاره التي افرطت بتواجها في ذاكرتي وتشبت بها بعناد وكانها صارت تحتل كل ما في وجودي منذ كنت في السادسه من عمري الى الان .. هي الان تدلق صورها على كل شيء في هذا المكان لكنها تفعل ذلك بروعة ووداعه جعلتني اتعامل مع الزقاق هو كذاته قبل مايزيد عن اربعين عام وان تغيرت هيئته , تلاشت تماما حالة الانسلاخ التي كنت اعانيها , واستعدت توازن وجودي , وانا الج الزقاق واتفحصه , وبدات امارس عن وعي تحسسي له ,, فتعمدت الى اغماض عيني للحظات كي استعيد من الذكريات صور بيوت الشناشيل التي كان الزقاق يضمها , وواجهات دكاكين العطارين التي كانت عباره منضده خشبيه يتربع عليها (الميزان ذي الكفتين ) وتحيط باحد جوانبه ما يخص الاطفال من حلويات , (( الكركري – الشاميه الملونه – بيض اللقلق – وصحون المكاويه وعين العروس ) ..وعلى الجانب الاخر تستقر سلات الحبوب وعلب التوابل ,,,توقفت برهه لاتحسس الماره .. فلم اجد احدا الا شابا يافعا كان يتحدث بهمس في جهازه النقال وهو يتوجه مسرعا الى منزله ,, وما ان اجتازني.. حتى وقفت وقد اعترتني رغبه رائعه في ان اقف وان استحضر طيف عربة (ستار ابو الحلاوه ) وان ابتاع منه في الزمن الذي مضى منذ اربعين عام قطعه من (الدهينيه ) المغطاة بطبقه سميكه من (جوز الهند المبروش) ..او ان اخطو بضعة امتار لاقف عن عربة ( ابو هوبي ) الذي ما ان يرى احدنا قادم نحوه .. حتى يعلو صوته وهو يشدد على مخارج الحروف ( ازبري .. يابه ..اوله افيش ..واخره ..اشاه ) ..وحينما يبقى يكرر صياحه هذا وفي مثل هذه الساعات من النهار كان لابد ايضا من ان يتكرر مشهد احد النساء وهي تخرج راسها من نافذة الشناشيل وتؤنبه على ارتفاع صوته وما يسببه من ازعاج . فيطلق ابو هوبي زفرته الحاده المميزه والتي يلحقها احيانا.. اذا كانت مؤنبته حسناء بعباره (ازززبري .. والله ازززبري ) ؟! وهو يحرك عربته ويدفعها بهدؤ ريثما نكمل نحن اقداحنا التي نحملها بايدينا ونرافقه في السير ونخطوا بايقاع مع صرير عجلات العربه الخافت ..كان دائما لا يعيد مكان توقفه الا عند بداية الزقاق المطله على السوق وامام دكانة الباججي ( صادق ) ...دمدمت كلمة صادق قي جمجمتي فجاة كصفير مشؤوم القى بدفعة واحده على روحي كتلة من سديم اسود , وبدى وكان ذاك الطنين قد عاد بحذر .. ففتحت عيني واطلقت زفيرا كاد ان يسحب معه رئتي , بينما راحت .. قدماي تتسارعان في خطاهما وهي بالكاد تتوازن متجهة نحو نهاية الزقاق .. وشيئا فشيء احسست باني اتجه الى زقاق ما في الذاكره ,, وان الذاكره ذاتها تحولت الى زقاق.. شخص في منتصفه طيف أمرآه.. كانت تمسك بخناق عباءتها وتشير الي من ان انظر الى الخلف وقد ارتسمت على ملامح وجهها ابتسامه مشجعه , جعلتني ادير راسي بهدؤء حذر .. لتقع نظراتي على عتبة البيت الذي كان منذ اربعين عاما بيتي , رسمت الذاكره هيئته التي كانت فيما مضى والقت على جدرانه الجيده لوحة الشناشيل,,وبصمت قادتني .. الى المدخل الذي يفضي الى الباحه , والتي تستدير حولها ابواب الغرف الاربعه وتتفتح عليه الشبابيك وكانها اعشاش حمام منزلي ,.ويتوسطها سلم ادغمت بدايته معها فصار وكانه نافذه توصلك الى الطابق الثاني للدار .. حيث يتكرر المشهد باستثناء وجود السياج الخشبي الذي يحيط بفضاء الايوان
...يتبع








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قضية دفع ترامب أموالا لممثلة أفلام إباحية: تأجيل الحكم حتى 1


.. بايدن عن أدائه في المناظرة: كدت أغفو على المسرح بسبب السفر




.. فيلم ولاد رزق 3 يحقق أعلى إيرادات في تاريخ السينما المصرية


.. مصدر مطلع لإكسترا نيوز: محمد جبران وزيرا للعمل وأحمد هنو وزي




.. حمزة نمرة: أعشق الموسيقى الأمازيغية ومتشوق للمشاركة بمهرجان