الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في حادثة اغتيال -لطفي نقض- او اغتيال الدولة

محمد نجيب وهيبي
(Ouhibi Med Najib)

2012 / 10 / 20
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


في حادثة اغتيال "لطفي نقض" او اغتيال الدولة


حادثة مفزعة وأليمة بكلّ المقاييس عايشتها تونس يوم الاربعاء 17/10/2012 تمثّلت في أوّل عملية قتل متعمّد على خلفيّات سياسيّة ، و تكمن خطورتها في كون مجموعات من الناس مارست العنف المنظّم الى درجة القتل المتعمّد ضدّ آخرين بقصد محاسبتهم على أفكارهم ومعتقداتهم ، وهو المظهر الأوّل في تشكّل الارهاب المنظّم ، وأمّا مظهره الثّاني هو أن يكون هذا الاجرام مسبوقا بالتخطيط ومرتبط بخطاب سياسي وايديولوجي ، وهنا تكمن الطاّمة الكبرى لانّ مثل هذا الحدث يجد مبرّرات تطورّه وانتشاره ليطال أشكالا أخرى من الحقد ومسبّباتها كثر .
انّ الخطورة لم تتوقّف عند حدود اغتيال الحريّات الفرديّة والاعتداء المشين على الذات البشريّة ، لقد تعدّتها الى محاولة ممنهجة للقضاء على سلطة الدولة التي " وحدها من حقّها ان تحتكر العنف" وفق منظومة قانونيّة متّفق عليها .ولهذا فانّ انخراط مجموعة من وزراء الدولة في تبرير الحادثة الأليمة التي جدّت بتطاوين ، والتي ازهقت فيها روح بشريّة عن سبق اضمار ، وربطها بحساباتهم السياسيّة الضيّقة ، لا يمكن الاّ ان يصنّف في خانة التآمر على وحدة الدولة وسلطة مؤسّساتها او على أقلّ تقدير هو تواطئ مع المتآمرين .
لقد أخذت تونس طريق المسار السياسي السلمي لتحقيق الانتقال الديمقراطي ، مع المحافظة على المؤسّسة البيروقراطيّة للدولة موحّدة وثابتة ، وهو ما جنّبنا انزلاقات خطيرة ، كان من الممكن ان تعصف بكلّ المسار الديمقراطي ، وهو ما بات مهدّدا اليوم من خلال الدعوات الرسميّة الى تشكيل لجان حماية شعبيّة ، وتبرير وجود هيئات ( ميليشيات) موازية لأجهزة الدولة وتستولي على جزء من مشمولاتها وأساسات وجودها ، وهي ظواهر منظّمة ومدروسة تهدف الى تفكيك وحدة أجهزة الدولة والتمهيد للاستيلاء عليها .
ويبدوا انّ التصعيد في وتيرة نشاطات ما يسمّى بهيئات حماية الثورة – وهي في حقيقة الامر هيئات للانقلاب على كلّ المسار الديمقراطي في تونس – مدروس ومخطّط له ليتزامن مع موعد انتهاء الاستحقاق الانتخابي للتأسيسي والحكومة ، ورفع غطاء الشرعيّة على تسلّط وأخطاء الترويكا الحاكمة وخاصّة حركة النهضة ، ويبدو انّ الحركة الاسلاميّة بشقّيها النهضوي والسلفي تتقاسم الادوار ، حيث توفّر الاولى الغطاء السياسي والدولاتي للثانية التي تركّز قواعد اجتماعية ومؤسّساتية لاشاعة الفوضى والتعصّب تمهيدا للانقلاب على مؤسّسات الدولة الرسميّة .
قد تظهر الاوضاع السياسيّة وخاصّة وضعية الحريات في تونس – على خلاف الاوضاع الاجتماعيّة – بانّها ليست جد سيّئة ، الّا انّ الاحداث المتعاقبة والمتكرّرة حول أحداث العنف السياسي ، وآخرها قتل ناشط بنداء تونس عن سبق الاضرار ، مضاف لها السعي المحموم من قبل النهضة الى مدّ أذرعها طولا وعرضا في مؤسّسات الدولة والاعلام ، ورفضها الغير عقلاني لمبادرة الاتّحاد العام التونسي للشغل ، توحي كلّها بانّ الهاوية تتجّه رويدا رويدا ولكن بخطى ثابتة لابتلاع تونس .
انّ الدولة المدنيّة ، والمسالة الديمقراطيّة ، والعدالة الاجتماعيّة ، وهي مطالب الغالبيّة العظمى من التونسيين ، باتت اليوم على محكّ الرشد السياسي ، والاستعداد العملي والتنظيمي ، لكلّ الديمقراطيين ولكلّ المناضلين الصادقين منى اجل الحريّة ، فامّا ان يتمكّنو من رصّ الصفوف واستنهاظ همم المواطنين واستعداداتهم من اجل الذود عنها والسعي الى تاصيلها بشكل واضح وجلي ، في الخطاب والسّلوك ، في القانون وعبر المؤسّسات ، وامّا ينجح مشروع الاستبداد الجديد في الدفع في اتّجاه انهيار جهاز الدولة المدنيّة ، وتعويضها بمؤسّساته الداعية الى احتكار العنف لصالح حملة أفكار التكفير ونشر الحقد والعداء للانسان ولحريّة التعبير و حق الاختلاف .
lpl








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - لا لبث الفتنة
hkimi hakim ( 2012 / 10 / 26 - 20:49 )
لطفي النقض هذا لمن لايعرف شخصية نكرة... والله لو كان القتيل مناضلا معروفا في قيمة حمة الهمامي اوشكري بلعيد او كمال الجندوبي اوغيرهم من الشرفاء الذين لهم تاريخ في مقارعة الديكتاتورية لقلنا ان عملية مدبرة للتخلص من شخص يمثل خطرا على السلطة و لوقف الشعب التونسي باكمله لادانة العملية ولكن هذا الشخص لا توجد مصلحة لاية جهة في قتله...موته كان طبيعيا حتى وان حصل تبادل للعنف بينه بين خصومه...اما ان تجعل منه بعض الاطراف الفاشلة شهيدا وبطلا و تستغل حادثة وفاته لبث الفتنة ولاتهام مناضلين شرفاء يتصدون ببسالة لاعداء الثورة وحكومة شرعية تتكون من شخصيات قضت سنوات من عمرها في اقبية السجون او في المنافي فهذه الاعيب سياسية سخيفة لا تخدم مصلحة الوطن

اخر الافلام

.. اجتماع مصري إسرائيلي أميركي مرتقب بشأن إعادة فتح معبر رفح| #


.. المتحدث باسم الخارجية الأميركية لسكاي نيوز عربية: الكرة الآن




.. رئيس مجلس النواب الأميركي يعلن أن نتنياهو سيلقي كلمة أمام ال


.. أربعة عشر متنافسا للوصرل إلى كرسي الرئاسة الإيرانية| #غرفة_ا




.. روسيا تواصل تقدمها على جبهة خاركيف وقد فقدت أوكرانيا أكثر من