الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مبارك: تعدّل.. متعدّلش... برضه كفاية

هويدا طه

2005 / 3 / 6
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


هذا هو أجمل ما في آفة إدمان متابعة الأخبار! أن تكون ممسكاً بالريموت كنترول، تدور به على قنوات التليفزيون، متململاً من أخبار فلسطين والعراق البايتة المتكررة، والتي أصبحت(موضة قديمة)أمام(الجديد المبهر)الذي يحدث في لبنان ومصر! ولا تجد شيئاً سوى الريموت كنترول(تفش خلقك)فيه.. بحسب التعبير اللبناني العبقري، فإذا بقنوات الأخبار- قناة تلو الأخرى- تقذف في وجهك بعبارة(الخبر العاجل)المحببة! خبر عاجل بجد، وليس(خبر مألوف)! هكذا تلقف بعضهم الخبر العاجل:"مبارك يقترح تعديل الدستور كي يسمح بانتخاب مباشر لرئيس الجمهورية في انتخابات متعددة المرشحين"، تعتدل في جلستك، ثم تكتشف أن الخبر يستحق ما هو أكثر من مجرد الاعتدال في الجلسة.. فتهب واقفاً، إيه إللي بيحصل ده! ثم تبدأ بمتابعة ضيوف القنوات المختلفة للتعرف على التفاصيل، بل وتفاصيل التفاصيل، ضيف محسوب على المعارضة(القديمة)التي كانت نائمة على ما يبدو منذ سنين، وصحت تواً لما سمعت الخبر.. فراحت تدعي شرفاً لم تحفظه وليس لها به نسبُ! وضيف محسوب على عينة من نجوم التليفزيونات يسمى المنتمي إليها(مفكر استراتيجي)، يطرح رؤيته العبقرية فيما وراء تفسير الإشكالية على خلفية الخطوة المباركية! أما الضيف المحسوب على الحكومة- وهو الذي كان يوميا على مدى ربع قرن يدافع عن طلاق مبارك البائن للديمقراطية- فقد ارتضى لنفسه فجأة.. أن يقوم بدور(المحلل)! هناك نوع واحد من الضيوف لم يسع قنوات التليفزيون أن تستضيفه، لأن من ينتمي إليه كان مشغولاً في شوارع القاهرة، المصري الذي نزل إلى الشارع ليبدأ مسيرة تقول لمبارك"كفاية"، ورتب نفسه ليخوض معركة سلمية طويلة تبدأ بصرخة"كفاية.. إحنا وصلنا للنهاية"، فإذا به يصيب من أول طلقة! ولا تمر أيام على أول تكشيرة مصرية شعبية حقيقية ضد مبارك، إلا والرجل كان فايت ف الحيط! وأصابه الذعر والهلع، بعد أن عرف أن تكشيرة المصريين هذه المرة( جد مش هزار)، وبعد أن اكتشف إن التضرع لأمريكا هذه المرة لن يجدي، فلم يلق منها إلا ذلك النوع من الركل، الذي تدخره في صورة(نهاية خدمة)، تمنحها لكل حاكم في العالم الثالث من هذا الصنف! لكن لأن مبارك كان مثل(المقرر المدرسي)على المصريين، لمدة وصلت إلى ربع قرن، لم ينجحوا خلالها في الفكاك منه، فقد(حفظوه)عن ظهر قلب، لذلك عرفوا ما وراء مفاجآت(الامتحان الأخير)! وجاءت محاولته الالتفافية مكشوفة، تعديل دستوري يسمح بترشيح أشباح، لا تملك من الإمكانيات ما يتيح لها تعريف نفسها للمواطنين، فكل الأجهزة في جيبه، إعلام وداخلية وأمن ومال الدولة، وكل شيء، وهو ما يعني أنه(ناجح ناجح)! سواء كان ناوي يرشح نفسه.. أو ناوي يرشح المحروس! ولم يكن خافياً على أي مصري، من المفكر الفيلسوف إلى بياع الفول، أنه بعد عند وغطرسة طويلة.. بدأت سلسلة التنازلات، ومناورة تعديل الدستور هي أول التنازلات، وأن التكشير الحقيقي الذي يبديه المصري المنهك أثمر أخيراً، فسقطت أول ثمرة من محصول.. لابد من حصاده كاملاً، إذ من قال إن تعديل الدستور(كفاية)؟! من قال إن(الخروج)إلى الشوارع يتوقف عند أول وعد؟! هل توقف اللبنانيون لمجرد أن حكومتهم التي يريدون إسقاطها- بعد أن حملوها مسؤولية مقتل الحريري- وعدتهم بالتحقيق في الأمر؟ اللبنانيون خرجوا إلى الشارع ولم يرضهم إلا إسقاط الحكومة، والمصريون ذاقوا حلاوة نتائج التكشير بعد صبر سنين، ولن يرحموا مبارك وأسرته بعد اليوم، ستجدهم من الآن وصاعدا، وهم الذين سكتوا وسلموا أمرهم أمام ما فعله بهم على مر السنين،(يطلعوله)الشارع على كل صغيرة وكبيرة! فالمنطقة تتغير.. والمشهد اللبناني أسال لعاب كل مواطن عربي كان يائساً من جدوى(حكاية الخروج إلى الشوارع)، وسوف يتحول الصراخ المصري من مجرد- الإعلان- عن نفاذ الصبر، بشعار"كفاية.. إحنا وصلنا للنهاية"، إلى مرحلة(رأس برأس)!.. لترى المصريين يتشبثون بأن مبارك:(كفاية عليه كده)حتى لو عدّل الدستور! وأنهم لم ولن يبلعوا محاولته الالتفافية.. ولن ينطلي عليهم تلويح واحد صار ظهره للحيط، فشعار المرحلة التالية.. تعّدل.. متعدّلش.. برضه كفاية!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. في الضفة الغربية المحتلة: سياسة إسرائيلية ممنهجة لجعل حياة ا


.. إسرائيل تصادر أكبر مساحة من الأراضي الفلسطينية منذ اتفاقيات




.. مشاركة كبيرة متوقعة في الانتخابات التشريعية البريطانية


.. غزة.. أطفال شردهم القصف الإسرائيلي ونازحون ينزحون من جديد




.. ماذا قدم حزب المحافظين للبريطانيين وما مصيره؟