الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بلادُ الإغريق .. غريقٌ يهفو للنجاة

حميد خنجي

2012 / 10 / 21
العولمة وتطورات العالم المعاصر


بلادُ الإغريق .. غريقٌ يهفو للنجاة

بقلم : حميد خنجي


مازالت تداعيات الأزمة المالية / البنيويّة الحالية للرأسمالية المعاصرة تترى وتتعمق في كل أرجاء المعمورة، لتتكثّف في المركز الرأسماليّ القديم (قارة أوروبا) أكثر منها في معمعان وقلب المنظومة الرأسمالية (الولايات المتحدة الأمريكية). وقد أضحى الصراع الإجتماعيّ / الطبقيّ واضحاً ومتبلوِراً، عبر السنوات القليلة الماضية، التي تلت الفقاعة المالية وثقوبها المهترئة في سنة 2008 ، في القارة العجوز؛ جنوبها بالذات، حيث الوعي العماليّ أكثر تقدماً منه في الشمال الأوروبيّ. والصراع الطبقيّ أكثر بروزاً للعيان، ليس فقط لأن العمال والشغيلة الأوروبية اللآتينية ( اليونان / إيطاليا / إسبانيا ) أدركوا وعانَوا أكثر من زملائهم الطبقيين من البروليتاريا الغربية والعالمية، من جرّاء سياسات التقشّف المجحفة كعلاج وحيدٍ ومؤقتٍ للأزمة المذكورة. بل لأن الشغيلة الاوروبية تعرضت أيضاً منذ عقود قليلة لهيمنة برجوازيتها – المحافظة خاصة- من خلال محاولة فرض منظومة الإتحاد الأوروبي العسكرتارية قسراً، في أغلب البلدان الأوروبية. ولو أن العملية تمّت تحت شعارات وهميّة ديماغوجيّة، من خلال الآلية الشكلية البيروقراطية للديمقراطية الأوروبية، حين بدى الظلم الطبقيّ والعسف الاجتماعيّ غير مرئيّين للمواطن الأوروبي العادي المخدوع والمخدّر حتى النخاع، بسبب سطوة "الميديا" وابواقها الجهنميّة، التي تبث - ليلاً ونهاراً- جرعات من "البروباغندا"، كأفضلِ وسيلةٍ وسلاحٍ فتّاكٍ للاستغلال الرأسمالي "الناعم" في المجتمعات الاوروبية المعاصرة، بشكلٍ تبدو فيه الأفراد أشبه بأشباحٍ لايعرفون بعضهم البعض.. في جوٍ من الغربةِ النفسيّة، الإغترابِ الاجتماعيّ والتفكّكِ العائليّ

باتت أخبارُ الإضرابات العمالية، الحركات الجماهيرية، الإعتصامات والمواجهات بين الشغيلة والطبقة البرجوازية الحاكمة، ترد تباعاً من الدول الأوروبية، خاصة في الجنوب الأوروبي. ها هي اليونان أضحت ساحة حربٍ رئيسةٍ وميدانٍ لمواجهاتٍ يومية، بل صارت رأسِ حربةٍ لحركةِ الشغيلة الأوروبية قاطبةً.. إلى درجة أن المعارضة الراديكالية في اليونان ترفع شعار: "السلطة الشعبية" وضرورة؛ "كنس" الطّغمة البرجوازية اليونانية!؟ والسؤال الذي يدور في ذهن الرّاصد لهذا الصراع غير المسبوق في اليونان: هل بالفعل وصلت الأمور في هذا البلد، بشكلٍ صار بمقدور غالبية الشعب اليوناني إحداث تغييرٍ نوعيٍّ في منظومةِ الحكمِ البرجوازية / الرأسمالية؟! هل الظروف الموضوعية والذاتية ناضجة بما يكفي للدخول في هذا المعترك؟!؟

نعتقد أن الشواهد والمؤشرات لا توحي بمثل هذه الدرجة من التفاؤل وكأن البلد على أعتاب ثورة إجتماعية جذريّة، حتى ولو أن الصراع الإجتماعي وصل إلى مستوياتٍ غير مسبوقة. ومن هنا فإن المعارضة الجذريّة اليونانية متمثلةً أساساً في الحزب الشيوعي اليوناني، الذي يعتبر ثاني أقوى حزب شيوعي في أوروبا الغربية، بعد أكيل القبرصي (الحزب الحاكم في قبرص حالياً). كان بإمكان الحزب الشيوعي اليوناني سلك دربٍ أكثر واقعية وأسهل كلفة، بُغية تشديد الضغط المتواصل على اليمين التقليدي تدريجياً وتراكمياً ومرحلياً، بعيداً عن نهجٍ إنعزاليّ ملحوظ ، يتّسم بسياسة حادة غيرمنسجمة مع واقع الحال وموازين القوى المحلية / اليونانية، والإقليمية / الاوروبية في الوقت الحاضر، كون التركيبة اليونانية وصراعاتها الإجتماعية الحادة- مهما تكن جذرية- لاتؤهلها بعد للركون على أهدافٍ "شعاراتية" صعبة المنال في الظرف الراهن (السلطة الشعبية!). ليس فقط لأن جماهير ومناصري الحزب الشيوعي لوحدها لا تشكل أغلبية بإمكانها الإطاحة الفورية بسلطة رأس المال. بل بسبب أن اليونان كبلدٍ صغيرٍ هو في الواقع الفعلي جزءٌ من كل. وهذا الكل متمثل – بالطبع- في؛" منظومة أخطبوطية / سياسية / إقتصادية / اجتماعية / ثقافية " أكبر وأقوى ألا وهي الإتحاد الأوروبي. ومن هنا فإنه لايمكن الحديث عن "سلطة شعبية" في بلد أوروبي أوحتى عدة بلدان، بدون سيادة وعي اجتماعي / طبقي جامع وميلان شعبي واضح في الرأي العام الأوروبي يرنو لتغييراتٍ راديكالية وحلولٍ جذرية للمشكلات الإجتماعية المتفاقمة. وهذا بالطبع لايحدث إلا بتموضع وضعٍ ثوريٍّ بيّن، الأمر الذي يعتبر حالياً أقرب إلى الطوبى في الافق المنظور! والآن .. هل أخطأ الحزب الشيوعي اليوناني في قراءته للتضاريس السياسية في البلد وفي محيطه الأوروبي، إبان الإنتخابات البرلمانية في صيف العام الحالي؟! أكان نهج الحزب ورؤيته التحليلية لقراءة الواقع المعاصر ماركسية فعلية أم عدميّة متمركسة في أفضل الأحوال ؟! .. لنستعرض ساحة الصراع وموازين القوى من خلال خريطة القوى السياسية على اثر نتائج الإنتخابات اليونانية الأخيرة وتداعيات الوضع اليوناني من الصيف الملتهب حتى الخريف الحالي

في إحدى السانحات التاريخية المفصلية، التي كان من الممكن أن يُسجّل فيها اليسار اليوناني / الأوروبي ، بشقّيه الإصلاحي والجذري، إنتصاراً ملحوظاً أوحتى جزئياً على الهيمنة العسكرتارية الأوروبية، المتمثلة في الإتحاد الأوروبي. بل كان في إمكان مختلف الطّيف اليساري، بضغطٍ مشروطٍ من قطبه الجذريّ-الحزب الشيوعي كرقم صعب- أن يقلع جزءً من مخالب منطقة اليورو الرأسمالية الإحتكارية المعاصرة، ويضاعف من تفاقم أزمة الرأسمالية العالمية (ازمتها المالية والبنيوية الحالية)، الأمر الذي كان من شأنه إعادة الروح المأمولة لإتحاد أوروبي أخرَ تقدميّ، منطلقا من خصائص ومصلحة الشعوب الأروبية المتنوعة ومن مصلحة عموم الشعب الكادح وطبقته الوسطى، بدل "الأمرالواقع" المفروض عنوة على الشعوب الأوروبية، لتسييد إتحاد فوقيّ بيروقراطيّ، منطلقاً أساساً من مصلحة الرأسماليين الكبار وخدمهم التنفيذيّين في الحكم والدولة والمؤسّسات، المتأتّية من فئةٍ تكنوقراطيّةٍ إنتهازيّةٍ أنانيةٍ ضّيقة

نقول كان يمكن أن يحدث هذا الإنجاز المرحليّ الصغير، بدل الكابوس ، المتمثل في ؛ "إنتصار اليمين اليوناني الرجعي في إنتخابات الإعادة"، لو لم يعاند الحزب الشيوعي اليوناني الواقع الموضوعي في اليونان ومجمل القارة العجوز، وفَهَمَ تضاريس الواقع الأوروبي بدقة أكثر (اليونان جزء من منظومة الكل الاوروبي- كما اسلفنا)، محاولاً القراءة العقلانية للوضع الحالي، المستقر نسبياً (غير الثوري حتى الأمد المنظور). ومستفيداً من السانحة المذكورة، التي كانت قد تمثلت في؛ " إمكانية تشكيل حكومة يسارية- وسطية إئتلافية واسعة"، بعد نجاح القوى اليسارية في الإنتخابات البرلمانية العامة، في الدورة الأولى، الأمر الذي - لو حدث المرتجى- كان سيترك تأثيره الملموس في كافة البلدان الأوروبية. ولابد أن "العدوى" كانت ستنتقل كالنار في الهشيم، إلى بقية البلدان الأوروبية، خاصة الجنوبية منها (أوروبا اللآتينية)! ولكن هذه السانحة النادرة، التي لاتتكرر دائما، قد وُئدت – وللأسف- على يد القيادة الحالية للحزب الشيوعي اليوناني، بسبب ضيق أفقها الفكري- النظري (الدوغما). وتخبطٍ شعبويٍّ إنعزاليّ حادّ وغير مرن، على الصعيد العمليّ. غير آبهة بفن "الإستراتيجية والتكتيك"، المتعلق بعدم الخلط بين الأهداف البعيدة المدى (الإشتراكية) والمرحلية منها (ضمن خط اليسار الإصلاحي البرجوازي حالياً)، المتمثلة في؛ أولاً: إمكانية قلع مخالب اليمين الليبرالي التقليدي المحافظ وحلفائه من القوى الفاشية والعنصرية الصاعدة والخطرة. ثانياً:الفصل بين أجنحة البرجوازيات المختلفة (فن تقسيم العدو الطبقي). ثم –ثالثاً- عضد تعبئة الرأي العام الأوروبي المؤيد لإتحاد أوروبي سلمي وشعبي بديلٍ، مناوئٍ لتركيبة الإتحاد الحالي، المعبّرة عن مصالح الإحتكارات اليمينية المحافظة.. كون التكامل أوالإتحاد الأوروبي صيرورة تاريخية موضوعية

نعتقد أن مشكلة الألمعيّين النظريّين في الحزب المذكور، وفي مثيلاتها من الأحزاب الشيوعية؛ حادة التوجه، أنهم يتوهمون حينما يضعون تصوراتهم الفكرية / المعرفية المجردة – الحلم/الوهم- محل الواقع الموضوعيّ، غير المؤاتي لتحولات جذريّة آنيّة لأوروبا المعاصرة، المتّسمة بسيادة وعيٍ ليبراليٍّ مزيّفٍ (واقع افتراضيّ) تتناسب مع التركيبة الطبقيّة الهشّة؛ حيث مفهوم دولة "الرعاية الإجتماعية" يتحكم في الوعي الإجتماعيّ العام، بل ينخر كالدود في ثنايا المجتمعات الأوروبية؛ بسب الحجم الواسع والمنتفخ للطبقة الوسطى، المعتمدة أساساً على العملية الإنتاجية الخدماتية الإستهلاكية، بعد أن تآكلت المجمّعات الصناعية وتراجع حجمها في العقود الأخيرة. وانتقلت إلى حيث توجد العمالة الرخيصة والغرّة في التخوم الواسعة والفقيرة من الكرة الأرضية (الصين والهند وغيرهما)، لتدر فوائض قيمة مضاعفة، تعويضاً عن "تراجع معدل الربح" بفعل قانون "ماركس" الٌإقتصادي، من جهة. وتشويه البُنية الطبقيّة في المراكز الرأسمالية، من جهة أخرى

نظرة عامة على بيان اللجنة المركزية للحزب، الصادر في 18 يونية / حُزيران (بعد يوم واحد من إنتخابات الإعادة)، ينكشف لنا بوضوح؛ مدى إبتعاد قيادة الحزب المذكور عن الواقعية السياسية ونأيها عن الفهم الجدليّ الصحيح لواقع الحال، وذلك بتبنيها شعار؛ "السلطة الشعبية" (هكذا!)، البعيد عن الشروط المادية التراكميّة لتحويله إلى حقيقة مجتمعيّة راسخة.. هذا، عدا ما جاء في البيان عن تبريرات واهية غير مقنعة، لأسباب فقدان الحزب لأكثر من نصف مقاعده ( 12 مقعداً في الجولة الثانية مقارنة بـ 26 مقعداً في الجولة الأولى )! في هذا السياق يجب أن لا نقلّل من دور ضغط الميديا الرسميّة والتجارية – المحلية والأوروبية- على المواطن اليوناني وتخويفه من الجوع الجماعيّ إن لم يفكر في مصلحته الحياتية والمعيشية! بجانب الهجوم المنهجيّ على مواقف الشيوعيين، الامر الذي أسهم إلى حد ما في خسارتهم وتراجع سهمهم التمثيلي. إلا أن تشنّجهم وعصبويّة مواقفهم ونهجهم الانعزاليّ لعبت -كل تلك العوامل- دوراً لايستهان به في قرار فئة متذبذبة من مؤيديهم لعدم التصويت لهم! صحيحٌ أن الموقف المبدئيّ يحتم على الماركسيين والراديكاليين إنحيازاً طبقياً واضحاً.. وتشخيصاً للخصوم والمنافسين بدقة. لكن هذا شأن نظريّ بحت، مقارنة بضرورة مراعاة الموقف العملي على الأرض بدقة علمية -غير ذاتويّة أوإرادويّة – الخاضع فحسب، لمجمل العناصر الموضوعية والذاتية المتحكمة في تشكل وتموضع المجتمع اليوناني اليوم ومحيطه الأوروبي، بجانب ضرورة معرفة مدى قوة التركيبة ودرجة الوعي الطبقيتين، بالإضافة إلى تحديد ميزان القوى المجتمعيّ في الظرف الراهن بشكلٍ دقيق، الأمر الذي تسهم فيه محصّلة تلك العناصر في استنباط خارطة طريق عملية واقعية للتعامل الأمثل مع الواقع المحدد (تحليلٌ ملموس لظرفٍ ملموس)؛ بعيدا عن السقوط في مطبّ الشعاراتية والأكسونية أوحتى الشخصنة !.. فلا يجديك نفعا هنا، أن تنعت الآخر بالإنتهازية فحسب وأنت مجبر على التعامل معه، كونه نداً فاعلاً ولاعباً أساساً أوحتى خصماً سياسياً.. لكنه أقرب إليك من العدو الأكثر رجعية، ضمن الظروف والمرحلة الحاليتين

لنرَ لغةَ الارقام الإحصائية على الأرض ونختبر ما ندعيه من الإمكانية، التي لم تُستغل بالشكل الأمثل في حينه: ... إشترك 22 حزباً سياسياً في الإنتخابات البرلمانية اليونانية الاخيرة، التي جرت في 6 مايو/ أيار من الصيف الفائت ولم تتأهل إلاّ سبعة أحزاب، بسبب عدم تجاوز بقية الأحزاب حاجز الـ 3 % ، حسب القانون الإنتخابي اليوناني. ومن الممكن تقسيمهم إلى يمين (ثلاثة أحزاب متنافرة – بمن فيهم الفاشيين الجدد) ويسار (أربعة أحزاب - بما فيها الحزب الشيوعي). طرأ في وقته ظرفٌ مؤاتٍ للإنقلاب على هيمنة اليمين المحافظ (الديمقراطية الجديدة- 58 مقعداً+ 50 مقعداً بونس للحزب الأول حسب لائحة الإنتخابات اليونانية!).. والعمل على تشكيل حكومة يسارية – وسطية إئتلافية ( قوس قُزحية) خماسية، متكونة من ؛ "سيريزا" 52 مقعداً وباسوك 41 مقعداً واليسار الديمقراطي 19 مقعداً. والمستقلين ( يمين / وسط ) 33 مقعداً. والشيوعيين 26 مقعداً ( لو قبلوا الدخول في الإئتلاف المأمول) / المجموع = 171 مقعداً ؛ مقارنة بـ 300 مقعداً، الذي يشكل إجمالي مقاعد البرلمان اليوناني. إلاّ أن المحاولة قد فشلت بسبب عدم موافقة الحزب الشيوعي في الإشتراك مع من سمَّتْهم؛ أحزاب البرجوازية الناعمة والخادعة، خاصة "الإنتهازيّة" المتمثلة في الكتلة اليسارية "سيريزا"، بسبب أن غالبية كوادر "سيريزا" جاءت نتيجة انشقاقات سابقة من يمين الحزب الشيوعي ويسار حزب باسوك! وغرابة الظرف –لحظئذٍ- تجسدت في تشظي قوى اليمين، إلى درجة أن كتلة اليمين لوحدها لم تستطع تشكيل الحكومة، بسبب الخلافات المستعصية بينها؛ أي بين حزب الديمقراطية الجديدة وكل من المستقلين والفاشيين

أما نتائج إنتخابات الإعادة التي جرت في 17 يونية / حُزيران من السنة الحالية، فقد رست على مشهدٍ جديدٍ نوعا ما، صبّ في صالح اليمين التقليدي المحافظ، الذي استعاد المبادرة بعد أن ضاعت فرصة المبادرة على قوى يسار الوسط، كما أسلفنا. حافظ على المركز الأول "حزب الديمقراطية الجديدة" اليميني، بحصوله على 128 مقعداً ( 78 + 50 مقعداً). و"سيريزا" في المركز الثاني بحصوله على 72 مقعداً. و"باسوك" في المركز الثالث بحصوله على 33 مقعداً. والمستقلون بحصولهم على 20 مقعداً. وعزّز الحزب الفاشيّ مركزه من السادس إلى الخامس ولكن بخسارة مقعدين، حيث حصل على 19 مقعداً. وتقدم أيضا حزب اليسار الديمقراطي من المركز السابع إلى المركز السادس، بحصوله على 16 مقعداً. أما الخاسر الأكبر فقد كان الحزب الشيوعي، الذي تقهقر من المركز الخامس إلى المركز السابع بخسارة 14 مقعداً، وحصوله على 12 مقعداً فقط

لقد تنفست – وقئذٍ- البرجوازية اليونانية / الأوروبية، اليمينية المحافظة ومعها البرجوازية العالمية في المركز الامريكي وفي التخوم الصعداء، ما أن ظهرت النتائج- كما رأينا في الميديا- وهي تبتسم بخبثٍ على الأخطاء القاتلة لقوى اليسار والوسط المتناثرة؛ الجذرية الحادة خاصة!.. ورأينا كيف بادرت سريعاً في تشكيل الحكومة اليونانية الإئتلافية المتكونة من ثلاثة أحزاب، ولكن بهيمنة؛ حزب الديمقراطية الجديدة اليمينيّ المحافظ على حزبيّ السوسيال ديمقراط البرجوازيَّيْن؛ باسوك واليسار الديمقراطي كشريكينِ تابعين!..وهنا لابد من ذكر أنه قد يكون سلاح "الهيمنة والتبعية" الأضعف عددياً في حينه، سبباً وراء عدم إنبثاق الإئتلاف الثلاثيّ مباشرة بعد نتائج الجولة الأولى من الإنتخابات! نعم .. لقد سجّل اليمين المحافظ الآن نقطة على الطيف اليساري إلى حين.. ولكن هل يستطيع هذا الإئتلاف المصلحيّ الهشّ من إخراج اليونان من محنها البنيويًة المستعصية، بعصىً سحرية.. والتقليل من العبء المعيشيّ، الذي يرضخ تحت كاهله كادحو اليونان والشعب اليوناني عامة ؟! وهل يقبل هذا الأخير أن يستسلم لقيوده حسب مقاييس"تقشف" البنك الدولي.. وسياسة "ربط الأحزمة " العائدة لمتنفِّذي وبيروقراطيِّي الإتحاد الأوروبي، القابعين في مكاتبهم الفخمة في بروكسل؟! وهل يقبل رجل الشارع في اليونان أن يستمر في تلقي ضرباط السياط على ظهره العاري في منظومة "العبودية الجديدة"، المتأتية من الوحش المنفلت في منطقة "اليورو"؟! وهل يستسلم للشروط المجحفة للمراكز المالية الثلاثة (الترويكا)، حسب برنامج الإئتلاف الحكومي الحالي؟! هذا ما سيرينا المستقبل القريب








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الرفيق العزيز حميد خنجي
فؤاد النمري ( 2012 / 10 / 21 - 05:39 )
العيب الذي يعتور الماركسيين اليوم هو افتراضهم الخاطئ بأن الماركسي الأصيل هو المعادي للرأسمالية وعليه تراه يبرر ذاته الماركسية بوجود نقيضه وهو الرأسمالية. لم يتعلموا من أوسع وأعمق تجاربهم وهي المشروع اللينيني الذي انهار على أيدي البورجوازية الوضيعة وليس الرأسماليين
هذا العيب هو ما جعل رفيقنا الماركسي اللامع حميد خنجي أن يفترض أن الأزمة التي تمسك بخناق اليونان والاتحاد الأوروبي هي أزمة الرأسمالية فيصل بذلك إلى دعاوى لا تمت إلى الواقع بصلة
كيف يخسر الحزب الشيوعي عدداً من مقاعده والشعب اليوناني في غمار أزمة رأسمالية !!؟
فإما أن يكون الحزب ليس حزباً شيوعياً بل معادياً للشيوعية وإما أن تكون الأزمة أزمة غير رأسمالية !! ـ برأيي أن الطرفين ليسا كذلك
لا يمكن أن تكون الأزمة أزمة الرأسمالية وشعوب أوروبا جميعها تواجه قصوراً في الإنتاج وليس فيضاً في الإنتاج كما هي أزمة الرأسمالية
من يقول بالأزمة الرأسمالية لا يحق له أن يتحدث عن اهتراء المجتمعات الصناعية وانتفاخ الطبقة الوسطى ودولة الرفاه وإنتاج الخدمات وهي سمات مجتمعات لا علاقة لها بالنظام الرأسمالي
لينتهِ وجود الرأسمالية مبرراً للماركسية


2 - (السلطة الشعبية) و(كنس) الطّغمة البرجوازية
انور نجم الدين ( 2012 / 10 / 22 - 15:39 )
السؤال الذي يدور في ذهن الكاتب للصراع غير المسبوق في اليونان: هل بالفعل وصلت الأمور بشكلٍ صار بمقدور غالبية الشعب اليوناني إحداث تغييرٍ نوعيٍّ في نظام الحكم؟!

لقد وقع المستشفى العام من كيلكيس في اليونان تحت السيطرة التامة للعامالين لفترة محددة اعتبارا من 5/2/2012. وجاء في بيانهم:

نحن نحتل المستشفيات العامة ونضعها تحت سيطرتنا المباشرة والتامة. ونطلب التضامن من الشعب والعمال من مختلف المجالات، ومختلف نقابات العمال والمنظمات التقدمية، ووسائل الإعلام التي تختار أن تقول الحقيقة.

هكذا وضع التاريخ إضاءة على ما يقصد طبقة الشغيلة من الإدارة الذاتية، فالإدارة تعود لمن ينظم العمل بنفسه، فالعاملون هم الذين يقومون بتنظيم أعمالهم اليومية، وبتخطيط الأهداف القريبة والبعيدة، وصنع القرارات دون انتظار أوامر عليا من البيروقراطيين والطفيليين الذين لا يساهمون حتى للحظة واحدة في إدارة الإنتاج والأمور. فشعار: (السلطة الشعبية) و(كنس) الطّغمة البرجوازية، تعبير واقعي عن حالة واقعية.
تقبل تحياتي الخالصة


3 - اخر استطلاع للرأي العام
سيمون خوري ( 2012 / 10 / 22 - 17:26 )
أخي حميد خنجي المحترم تحية لك في أخر استطلاع للرأي العام اليوناني حول الخارطة السياسية - الحزبية للبلاد جاءت النتائج صاعقة للبعض فقد إنتقلت الحركة الفاشية من المرتبة الخامسة الى المرتبة الثالثة ...! بينما إنتقل الباسوك الى المرتبة الخامسة أما الحزب الشيوعي فقد إحتل حافة الباب على وشك الخروج من البرلمان حزب سيرزا إحتل المرتبة الآولى وهو وريث ما تبقى من باسوك الى جانب أن اليمين المستقل يراهن على إحتلال موقع اليمين التقليدي - الديمقراطية الجديدة - حزب سامراس. المشكلة الرئيسية الأن هي ظاهرة المد العنصري الفاشي في اليونان ليس فقط ضد الأجانب بل ضد الرأي الأخر من المواطنين بالتحالف مع عناصر يمينية من الكنيسة . إذا جرت إنتخابات قادمة ستكون النتائج كارثية. وهذا مؤشر على أن المسألة ليست شعارات - سلطة شعبية ...الخ الواقع محتلف جداً للمراقب من الخارج.أتفق مع رؤية أخي فؤاد النمري أن هناك قصوراً في الإنتاج ما حدث هو حالة إنتفاخ ووهم بدولة الرفاه مع التحية لك


4 - الرد والشكر الواجبين على الأخوة الكرام
حميد خنجي ( 2012 / 10 / 23 - 22:49 )
الأخوة والرفاق الأكارم الأستاذ فؤاد النمري والزميل الكاتب أنورنجم الدين والزميل الكاتب والشاعر المغترب سيمون خوري
تحياتي وتقديري لكم جميعا وآسف جدا على التأخير في الرد، على مساهمتكم وتعليقاتكم النوعية وليس العددية، لظرف خاص
أولا: الرفيق العزيز والصديق فؤاد. شكرا على كلماتك الجميلة وأشكرك على تبيانك لنقطة الإختلاف بيننا حول نظريتكم: إنتفاء المنظومة الرأسمالية وسيادة الطبقة الوسطى- الوضيعة- على الإقتصاد العالمي منذ السبعينات.. أكيد رؤيتكم أو نظريتكم هذه ليس من السهل مقارعتها في حيز جوابي محدود ولكن سأحاول مستقبلا أن أقارعك حولها في مقال خاص
ثانيا: الزميل العزيز أنور نجم الدين. أكيد نختلف في أمور فكرية، ذي خلفية فلسفية، عديدة! والمسألة الخلافية في حاجة إلى مقالات مخصصة. أما بالنسبة للسيطرة على المستشفيات في اليونان.. فقد حدث عندنا في البحرين نفس السيطرة لفترة زمنية محدودة أبان حركة فبراير 2011 ، ولم تؤدِ الحراك أو الحركة (الإنتفاضة) برمتها إلى أي إنجاز يذكر بل رجعنا إلى الخلف لعقد من الزمن
ثالثا: الزميل والاستاذ الشاعرالأخ سيمون خوري. أشكرك يا أخي على تعليقك النوعي آمل أن تكون بصحة جيدة

اخر الافلام

.. نارين بيوتي تتحدى جلال عمارة والجاي?زة 30 ا?لف درهم! ??????


.. غزة : هل تبددت آمال الهدنة ؟ • فرانس 24 / FRANCE 24




.. الحرس الثوري الإيراني يكشف لـCNN عن الأسلحة التي استخدمت لضر


.. بايدن و كابوس الاحتجاجات الطلابية.. | #شيفرة




.. الحرب النووية.. سيناريو الدمار الشامل في 72 دقيقة! | #منصات