الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كل شيء عبث

كامي بزيع

2012 / 10 / 21
الادب والفن


اخذوا من البدائيين جلود الحيوانات وارتدوها بأغلى الاثمان.
اخذوا من البدائيين العري واعتبروه ذروة التقدم.
اخذوا منهم السيجار واعتبروه الرفاهية المطلقة.
اخذوا منهم الوشم واعتبروه تحررا وثورة على السائد.
اخذوا منهم التنجيم واعتبروه علما يكشف المستقبل.
وبعدما قطعت الحضارة والمدنية اشواطا من التقدم والتحضر والرقي، وجدت نفسها تعود الى احضان البدائية، حيث الحياة الحقيقية الوحيدة.
كل الانجازات التي افرزتها العقول وترجمتها المصانع والفبارك لم تستطع ان تمنح الانسان السعادة الموعودة بل على العكس زادت من دوامة قلقه والهته عن مصيره بالركض وراء الاستهلاك.
نستهلك انفسنا ونحن نلهث وراء الموضة، نبعثر ايامنا وراء تلك اللمعية المزيفة والبريق الخادع الذي يبدو زجاجا في الصحراء.
نتسلى...نتسلى باختراعاتنا لكي نقتل ضجرنا.
نتسلى بفنوننا لكي ننسى اننا سنموت.
نتسلى بالحديث عن الاخرين، "ننم " على بعضنا البعض، لكي نقتل وقتنا.
لكننا ابدا لم نحصل على السعادة.
كلها رغبات تسيطر علينا، رغبة المال، المجد، الشهرة، السلطة، الجنس والخلود، ونعود في النهاية الى بدائيتنا، لانها بكل بساطة هي الابسط.
عقدنا حياتنا ليس اكثر
وضعنا التشريعات التي قيدتنا
وضعنا الاديان التي قدسناها
وضعنا القوانيين التي حبستنا كما العصافير
وضعنا الاتيكيت في كيفية الاكل والسلام واللباس، وعدنا نتقاتل كما لا تستطيع الحيوانات ان تفعل.
وضعنا الاخلاق وعدنا ننقضه بعلة مرور الزمن.
دخلنا المدارس لنتعلم، تركنا اسرتنا الدافئة، وهرولنا قبل ان يدق الجرس، حيث ضاقت ادمغتنا الصغيرة بكلمات خاوية زادتنا كآبة مع السنيين.
احرزنا التكنولوجيا الى اوصلتنا الى القنبلة الذرية، التي ستقضي علينا جميعا ذات يوم.
ماذا لو كنا بقينا بدائيين كما البدائيين العراة الذين ارتدوا جلود الحيوانات اتقاء من البرد فقط وليس للمباهاة!
ماذا لو اكلنا على قدر حاجتنا بدون ذلك الخوف الدائم من ان لا يكون في ثلاجتنا مايكفي من الطعام!
ماذا لو نمنا على اسرة من القش، الا كنا بذلك نتدارك العديد من الاوجاع التي كان يمكن تجنبها!.
وماذا لو بقيت بيوتنا العراء، والعرازيل والكهوف!.
وماذا يعني ان يكون عند كل واحد منا "موبايل" نثرثر ساعات مع معارفنا وعندما تحين الساعة نموت وحدنا في النسيان!
ماذا افادتنا حقا كل النظريات التي اخترعناها في الهندسة وعلم النفس والاجتماع والتاريخ والرياضيات والفيزياء والكيمياء وغيرها في مختلف العلوم والاداب، واذا عن هذه الابجدية التي اخط بها الان وجعي؟
وماذا يعني اذا عرفنا ان اصلنا من الماء او من التراب؟.
الم نفعل كل ذلك طمعا بالخلود؟
اليس كل مانقوم به هو محاولة النسيان باننا سنموت؟
الم نخترع التواريخ والرزنامات لنسجل فيها تواريخ امجادنا وانكسارنا؟
اليس كل مانقوم به هو تسلية لقتل الملل؟
كم من الشعارات سقطت؟
كم من الارواح سقطت؟
كم من الاوطان سقطت؟
الى اين نستعجل قدرنا!
كل ماقمنا به كان تحديا للموت
وكا ماوصلنا له جرنا الى الموت
نهرب من الموت الى الموت وليس من مفر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المغرب.. مهرجان موازين للموسيقى يعود بعد غياب 4 سنوات بسبب ج


.. نون النضال | خديجة الحباشنة - الباحثة والسينمائية الأردنية |




.. شطب فنانين من نقابة الممثلين بسبب التطبيع مع إسرائيل


.. تونس.. مهرجان السيرك وفنون الشارع.. إقبال جماهيري وأنشطة في




.. دارفور.. تراث ثقافي من الموسيقى والرقص