الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في تسلّقنا الغصن الأسود للصيف

نصيف الناصري

2012 / 10 / 21
الادب والفن



الأفياء التي حلمنا النوم في شواطئها




جروحنا التي لا تلتئم في الجزر المنطفئة للماضي ،
بلا أشرعة ، يطوّقها الأعداء في تجارتهم المضطربة
مع لصوص يغطون وجوههم بأحجيات نعرفها .
نحتاج الآن الى أن نسبل ثمار شاحبة على الصدى
الطويل للقتلى ،
لكن أيّامنا غائمة ويعوزنا الاحتراز
من الرميات المتبدّلة للسهم .
لا يعفينا الخوف من الحدِاد
على من رحلوا وخلّفوا
لنا أحنهم المعادة حرارتها الهائلة
دائماً . ما نركنه في أعقاب
توديعنا لكلّ قتيل ، تقصفه
طائرة ، وسقوف أسرارنا تطلق أريج خمرتها من الخزّانات
التي أودعنا فيها المراثي .
صراع مرير ، والنصر فيه زهيد
الثمن . سناء فجر العالم ، مبسوطة نجوده التي تتمايل فيها
إشارات النداوة الرهيفة للسنبلة ،
وترعى فيها اليراعة العليلة
للربّ . نشوة قليلة هي ما يحتاجها الانسان الذي يدفىء خطيئته
باشعاع موته .
كيف لذواتنا التي تغمرها الوحشة في ثقل صقيع
اللحظة ، أن تطرد عنّها النسيم المحموم
للسأم ؟ كلّ احتياط نخبئه
في باطن ما نتعتقده مقدّساً ،
يتكىء عليه الزمن ، ويهدّمه بين
اللحظات الفارغة .
الضواحي التي علّقنا فوق آفاقها المحظورة
شُعل أغنياتنا في الحصاد ،
تطنّ الآن بالأصداء الشائخة للغائبين ،
والأفياء التي حلمنا النوم في شواطئها الاخوية ،
تنفصل عن الليل
وتغوص في عصف يزلزل
التلميحات التي ننتظرها من الذين يكمنون
لنا خلف الحظائر التي نمضي فيها حياتنا .




الغرقى







شواطىء مهجورة تتضوّع فيها الرياح المتخفّية للغائبين ، نبكي فيها
على الغرقى ، ونتحرّى إشاراتهم المتذّبذبة في رضاب النجوم .
يتجدّد نشاطنا في القرب من الثمرة التي تؤول الى الموت ،
كلّما سمعنا اللحظة والشجرة تنفجران . بوّابة ضالّة في النفثات
الهزيلة للزمن ، لا اليأس يُنجّينا منها ، ولا صلاتنا التي تساند
الفزع ضدّنا . الغائب في أجمته المجنّحة ، يحيطنا لغزه التائه
طوال النهار ، وتؤلمنا شرارات الرأفة لحياته المهملة . كلّ غائب
يُنسينا المعنى المغلوب لخصامنا مع الماضي ، ونحنُ نُنقّب في
الفراغات المدنّسة لليّل ، عن ما يحفزّنا في الركون الى الراحة ،
لكنّ تفكيرنا يتّجه الى الثابت في صاعقته . حياة مفطومة للتو ،
تخلّت عنّها المرضعات في فوضى الغابة الصغيرة للخياطة ، نعيد
بناء خرائبها في كلّ حين ، والجصّ في دموعنا المكبوتة ، يديم
اللحظة الزرقاء للموت . يحرّك الغرقى مراكبنا تحت القصف
الشديد لمنجنيقات الأعداء ، ويتخندقون في أريج نومهم مع الصخور
المذبوحة تحت الظلال الجافّة لأصداء أشباحهم الطاهرة .
شُعل كثيرة تنطفىء في طرقنا وصيفها القانط ، وآبارنا ذابلة ،
ولا تتنفّس فوق ثمارها الشقر ، الصقور .
كلّ سلم نصعده في تعاقدنا مع الغفران الإلهي باتجاه
الهاوية ، يدفعنا الى مجابهة اللحظة
اللامأمونة . نسيم مباغت يتريّث بين الفتحات
النقية لتاريختا ، ويضيّق علينا الأيّام التي
تتعجّل زوالنا . شعوب كثيرة عاشت قبلنا في النسيم
الذي يهدم الأحواض ، تركت أسلحتها التي تتصبّب
عرقاً في الغضب اليائس للآباء ،
وغابت في الأطلال التي تحرسها التماثيل .





مراكب كثيرة





تَصْعَدُ في ليل مقابرنا ، أصوات زيزان تمْتحن رغباتنا ،
وتغدق علينا إشارات لما تركه الرهائن الذين نسينا دفع
فديتهم . تُعطى لنا النسمة المحمودة لنحياها في اللحظة
التي نتأسف فيها على انفجارها ، وحقول قمحنا ليس فيها
ما يصون آبارها المقتلعة عن النهار . مراكب كثيرة واصلنا
فيها الابحار تحت صخب النجوم ، وأحلامنا محجوبة عن
عدالة النحلة . ما نجيء لأجله في صلاتنا المحترسة من
تفتّح الزهرة ، يلاقينا بتعسفات وفرضيات آثمة ، ويجعلنا
في تجابه دائم مع الطغاة الذين يكمنون لنا بين الحشائش
الذابلة للحظة النوم .






فيضان





يصهلُ مهرٌ عند الضفّة المهجورة للنهر الجاف لحاضرنا
وتتطايرُ شرارات اليوم فوق الهضاب بلا حماية .
أشجار رغباتنا مُشرّطة ، والزمن في ذوبانه ، ناصع
في قرعه اليائس لباب السأم . لا البذور التي نقدّمها
للحظة المجرّحة ، تُعيننا على التخلّص من النسيج
اللاشعوري لحياتنا المحتضرة على حجارة الواقع ،
ولا الجسور الطفولية التي نعبرها في الليّل ، ونحنٌُ
نبحث عن الالتماعة الضئيلة للنجاة من سخرية الرغبة ،
تمنحنا الهدنة لمجابهة الأصعب في تسلّقنا الغصن الأسود
للصيف . حياتنا المرهونة الى الفوضى ، تمضي في
مطحنتها ، مناحة إثر مناحة ، وتتبوّل الطيور محبوسه
بين أيّامنا التملّكية المتوقفة . فيضان يجدّد الرحلة ، هو
ما نحتاجه في السباق المتواتر لاضمحلال الأصيل .






21 / 10 / 2012








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حوار من المسافة صفر | الفنان نداء ابو مراد | 2024-05-05


.. الشاعر كامل فرحان: الدين هو نفسه الشعر




.. جريمة صادمة في مصر.. أب وأم يدفنان ابنهما بعد تعذيبه بالضرب


.. عاجل.. الفنان محمد عبده يعلن إصابته بمرض السرطان في رسالة صو




.. انتظرونا غداً..في كلمة أخيرة والفنانة ياسمين علي والفنان صدق