الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لا تحب ولا تكره , بل عامل بالمثل

احمد مصارع

2005 / 3 / 6
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


تعليق موجز على خطاب الرئيس بشار الأسد .
إذا كان في الأمر فيض كرم بالعواطف , فهذا يعني الحب ومن يحب يسره أن يضحي من اجل الآخر الذي سيصير محبوبا , فيغرقه بالعواطف الجياشة , فتغيب لغة الكلام الموضوعي , ليحل محلها ( منطق ) الغزل , في فنون التماهي , والانجذاب , ورفع الكلفة , بحيث يضطر الطرفان المتحابان الى نسيان , استقلاليتهم الشخصية , من خلال الاستغراق المبهم , وتجاهل متطلبات أو متغيرات الواقع , وضرورة وضع الأسس المتينة , والفصل بين ما ذاتي وماهو موضوعي , وليس العكس , وعلى تقدير ينبغي حساب أن كل خاصة , محكومة بمحيط إقليمي ودولي متغير , وعدم الالتفات للواقع المحيط , يعني الالتهاء , وتغليب الذات المحلية على التغيرات الخارجية , بل وتوهم الاستقرار لمجرد الرغبة العاطفية .
إذا كان في الأمر نكران , وجحود , فهذا شح مقيت في العواطف , بل كراهية ,تليها حالة عداء , ونشوء وهم , أنا لااحب , إذن أنا أكره , وحينها , فأنا محبط , والآخر يكن لي العداء , لأنه يتملص من الحب , ولايتماهى , أو لا يضحي , ويقابل الإحسان بالإساءة , ويبق السؤال الأهم :
لماذا أحب أو لماذا أكره ؟
إذا كنت عربيا , فلماذا لا أهتم بما يحصل في الساقية الحمراء ووادي الذهب , أو بالصومال , أو بجيبوتي , أو أرتيريا , فان كان لبنان بجواري وخاصرتي , بجانب كلية واحدة , فان العراق في جانبي الأيمن كله , وفيه كبدي , فقد أجرح من لبنان , ولكن ضربة العراق من الشرق ستكون مميتة , وفي الصميم , بل ماذا عن الأردن , وهو جوار حيوي , وماذا عن تركيا الجوار الجغرافي الأكبر في مساحته التاريخية والجغرافية , لماذا أحب لبنان , أو أكرهه , وتغيب كل الاحتمالات الأخرى , وكأن لاجوار لنا , مع ( المحبة والتقدير ولكل جوار ) }إلا لبنان .
وإذا كنت سوريا , فلدي من التنوع الكفاية , في القوميات والمذاهب , والطوائف , ومازال ينتظرني الكثير من العمل الوطني الداخلي الصادق , ولكي أشد لحمة بلدي , بكافة فئاته وشرائحه , وطبقاته الوطنية , أن وجدت , وكذلك كافه أطيافه السياسية , المعززة المكرمة أوا لمهمشة ا المحتقرة , وبنفس الطريقة , أي أنا لا أقدر إلا على ممارسة سياسة واحدة : أي أنا إما أن أحب أو أن أكره !.. فقط لاغير ..
ماذا سنقول لمن يهتم بشأننا الإقليمي والدولي , وعلى نفس الجوار , باختصار : لاشيء .
لبنان هو حبيبنا , ولبنان هو عشقنا الأول والأخير , وهاهو لبنان , يتنكر لمحبتنا , فمن سنحب بعده , ومن سنكره ؟!
لبنان هو العالم المحيط بنا من جميع الجهات ؟ ولبنان يوجه لنا الآن ضربة في الصميم , فلماذا نحبه دون سواه , لماذا نجعله محور استراتيجيتنا العربية أو الإسلامية أوالد ولية , وهل نحن مدعوون اليوم الى كراهيته وبنفس الزخم الذي أحببناه , فنحن لا نملك من فيض كرم عواطفنا سوى سبيل واحد :
إما أن نكره أو نحب .
لماذا هذه العاطفة الجياشة , والتي أحبطت بسهولة تامة , لم تمارس داخليا , ومن أجل تلاحم وطني صادق , حول وجودنا الوطني الداخلي , بالانفتاح على أبناء هذا الوطن , بعربه وأكراده , وكافة مكوناته الاثنية , وكافة فئاته وشرائحه , وكل استثمار داخلي , هو الأجدى من باب تصريف عواطف المحبة , لأن المحبة لاتصدر , ولأن الوطن السوري ينبغي أن يبنى على المحبة , ولا ضير في ذلك , أن كان هناك فيض محبة , والى درجة الكرم , ولن يمل في سماع اسطوانتها المواطن السوري , إن لم نقل بأنه , هو الحق الطبيعي لتصريف كل فائض عاطفي , ولكل أشكال المحبة والتقدير, واعتبار هذا الأمر مفروغ منه , فهذا تجاهل كبير لحقائق الواقع .
.لماذا أتعلق بلبنان دون سواه ؟ ولماذا يفيض في أثاره على حاجتي الوطنية السورية ؟ ..
لبنان ليس هو الجوار الوحيد , والدولة ليست إنسانا بقلب واحد , وفي المقابل , يضيع في زحام الواقع , مبدأ مهم للغاية , ولطالما تم تجاهله , وهو المعاملة بالمثل .
المعاملة بالمثل هو المبدأ الأكثر استقرارا , واستمرارا , لكل سياسة بلد ممكنة , فإذا أهين مواطن دولة تحت سيادة دولة ما فينبغي أن تهدد تلك الدولة بانتهاك كرامة مواطنها , بالمقابل , وهذا من أصول الحماية الموضوعية , لسيادة أي بلد ومهما كان صغير أو كبيرا , بل هو السبيل الوحيد لظهور وطن يحترمه الجميع ..
واليوم , هل نتوحد وطنيا مع خطاب السيد رئيس الدولة السورية , في مواجهة , ( الحبيب اللبناني ) سابقا , ذلك الجوار العزيز , مثله مثل غيره من الجوار العربي أو الإسلامي .
لبنان جوار أحيط بالدلال الفاسد حقا , وسأسوق شهادة لئيمة عن محاضر( لبناني ) ,من تحت قبة برلمان , وليس في لبنان بل في سوريا ,يخطب ( يخبط ) بشكل مرتجل , نحن في لبنان نفهم سورية أكثر مما يفهمها السوريون أنفسهم ؟!
لبنان صغير في حجمه وكبير في فعله , ويستشهد بجمل هي من فيض كرم العاطفة , دون أن يخطر بباله , أنه صغرنا بما فيه الكفاية ..!!
لن أستطرد في بحث الصغائر , فللبنان رجالاته وقادته , ولم ينتهي العالم بعد ؟
لكن ما يهمني , في الدرجة الأولى لمن لاحظ , محيط الخطاب الرئاسي , هو في أن أعضاء ما يسمى بمجلس الشعب , كانوا على شوق كبير للقائه , ولم يقدروا على كتم فيض عواطفهم , للقاء , رئيسهم , كيفما كان , وبأي شكل كان , وتلك لعمري مشكلة الشح في العاطفة الوطنية , بل وإساءة استخدامها , وهذه مشكلة المشاكل , فلبنان يصنع وحدته داخليا ضد كل المخاطر الخارجية , ودون أن يسقط ضدنا سياسة المعاملة بالمثل , بينما نحن لم ندرك بعد , ضرورة أن لا وطن لنا في المستقبل غير سوريا ..!!
احمد مصارع
الرقه-2005
.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. معركة ساخنة بين بايدن وترامب؟ | المسائية


.. الإصلاحي بيزشكيان والمحافظ جليلي يتأهلان للدور الثاني من الا




.. ميقاتي: لبنان سيتجاوز هذه المرحلة والتهديدات التي نتعرض لها


.. حماس تدعو الأردن للتحرك من أجل مواجهة مشروع ضمّ الضفة الغربي




.. أبرز التحديات التي تواجه الديمقراطيين في حال أرادوا استبدال