الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المافيا و تجارة المجرمين

هشام عقراوي

2005 / 3 / 6
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


عندما يُقال (تجارة) يتبادر الى الذهن مباشرة بيع وشراء كل شئ يؤكل أو يستخدم للاستعمال والاستهلاك البشري، ولكن من المستحيل ان يعني بيع وشراء الانسان و الاتجار بالارواح ومصائر البشر.
أذا كانت الطريقة الاولى اي تجارة الاشياء يقوم بها الانسان و بنو البشر، فلا يمكن ان نطلق على الذين يتاجرون بأرواح الناس و بأجسادهم، ببني البشر. ولابد من أيجاد مصطلح أخر يليق بهم و يعكس ماهيتهم و العمل الذي يقومون به. فالأنسان يتاجر بالاشياء و ليس بالانسان. حتى عندما كانت هناك تجارة بالانسان فأنها لم تكن مرتبطة بفكر معين بل كانت مرتبطة مباشرة بالربح و الخسارة. التجارة بالبشر حرمت عالميا منذ زمن قد يكون قصيرا نسبيا الا أنه ارتبط بثورات عالمية و بتغيير في السلوك العالمي.
اية ثورة أو عمل سياسي لمعارضه مسلحة كانت أو غير مسلحة، لديها اسسها وقوانينها و ضوابطها، تحدد فيها اعتمادا على الفكر السياسي و الهدف أصول القتال أو العمل السياسي المسالم. عدم وجود الضوابط يعني عدم استناد ذلك العمل على فكر سياسي أو أنساني واضح و بالتالي لا يمتلك اية حجج أو مصداقية للعمل و لا يمكن أن نطلق على هكذا حركة بمعارضة سواء كانت عنيفة في نهجها ام هادئة.
لكي نستطيع ان نصنف اي عمل أو حركة ضمن المقاومة او المعارضة وجب على الاقل توفر الشروط سالفة الذكر وفي الوقت الحاضر يجب أن يخلو من اي شئ يمس كرامة الانسان ويؤدي الى خلق فوضى وخلط في الاوراق. وضوح الفكرة و الدافع لتنفيذ اية عملية مسلحة او حركة تعكر الهدوء و النسق اليومي للمواطنين، يجب أن يكون مبررا و واضحا و يفهمة المواطنون و يتقبلونة وألا فأنه سيؤدي الى أنحسار التأييد الشعبي و بالتالي الى الفشل سياسيا و فضحهم أمام الجماعة المستهدفة و تصنفهم حسب العمل الذي يقومون به. فالسياسي سياسي، و السارق سارق، و الارهابي ارهابي والمسلم مسلم ولا نستطيع أن نطلق عليهم شيئا أخر أو تسمية أخرى.
أي اننا كي نستطيع ان نصنف اية حركة او حزب ضمن المقاومة فيجب أن تمتلك نهجا وفكرا واضوحا و عملا مقرونا بالاقوال، وان يحرز عملهم على التاييد الشعبي. قد تستطيع اية حركة أن تخدع الشعب لفترة من الزمن خاصة أذا كانت تحمل شعارات براقة و أن يكون الواقع مساعدا لتصديق ما يُقال ولكن من الصعب أن تستطيع خداع كل الشعب و لفترة طويلة خاصة أذا كانت أعمال تلك الجهات منافية للاعراف الوطنية و الانسانية.
بعد سقوط صدام و أفراغ السجون من المناضلين و المجرمين معا، توجة المناضلون أما الى بيوتهم لقضاء ما تبقى لهم من العمر مع عوائلهم و احباءهم او أستمروا في خدمة وطنهم ومحاولة مساعدتة في محنتة و بناءه. المجرومون ايضا عادوا الى مزاولة أعمالهم و التي هي الاجرام و استغلوا الخبرة التي تلقوها من اسيادهم الصداميين في السجن و جمعوا ما تسنى لهم من المجرميين الصداميين الذين أزيجوا من مناصبهم وعادوا الى ساحة الاجرام و لكن هذه المرة بـطريقة اخرى و اسلوب أخر. فبعد ان كانوا يسرقون و يبتزون الاموال بالقوة و بصورة مباشرة، تحولوا الى سراق و مافيا واستغلوا اسماء الانبياء و الرسل والرسالات السماوية ويريدون ان يقولوا للمجتمع انهم تحولوا بقدرة قادر الى مناضلين مخلصين وأنهم يفدون الوطن بأرواحهم وأموالهم وهم في الحقيقة ليسوا الا بتجار للاجرام و القتل و ابتراز الاموال.
أكثر من 80% من العمليات التي تحصل في العراق باسم (المقاومة) و الجهاد هي عمليات الهدف منها الكسب المادي الصرف و المباشر وتتلخص أما بالخطف و طلب الفدية أو طلب الاموال بصورة مباشرة و تهديد المواطنين. و 20% الاخرى هي لترهيب المواطنين و تسهيل عمليت الابتزاز. ولو حسبنا الاموال التي سرقوها من المواطنين فتقدر بملايين الدولارات. فهنا يختطفون طفلا او طالبة جامعية أو رب اسرة و يطلبون الاف الدولارات من أجل الافراج عنهم. لو كان أمثال هؤلاء يطلقون على أنفسهم مقاومة فماذا سنطلق على عصابات المافيا؟؟
ايمكن لمقامة أن تختطف الصحفيين بل و حتى رجال السياسية وتقتل الابرياء!!!
في العديد من الدول عندما تسقط الانظمة أو تضعف الحكومات، تتكون مافيا خاصة بظروف تلك الدول و تقوم بأعمال الخطف و سلب الاموال وترهيب المواطنين. هذا الترهيب جزء من عمل المافيا كي تستطيع الاستمرار في عملها و تسهيل العمل و أجبار المواطنين على التسليم بالامر الواقع. زعزعة الامن هي من أحدى المستلزمات الضرورية لنجاح عمل المافيا. لو قارنا ما تقوم به جماعات المافيا في دول الاتحاد السوفيتي القديمة و دول أوروبا الشرقية و في تركيا والهند و ألعديد من الدول الافريقية و حتى في أمريكا والتي تنشط حينا و تهدأ احيانا، لوجدنا تشابها كبيرا بين ما يحصل في العراق الان و بين ما هو موجود أو كان موجودا في الدول سالفة الذكر.
الفارق الوحيد بين مافيا تلك الدول و بين ما هو موجود في العراق هو أن (مافيا) العراق تدعي أنها ذات مبادئ و تتخذ من الفكر الاسلامي و القومي و الوطني عباءة تخفي من تحتها جرائمها أي أنها تتاجر حتى بالدين و القيم ، كذلك فأن مافيا العراق اكثر شراسة من مافيا الدول الاخرى و لا مانع لديها من ممارسة ابشع الطرق من اجل اخافة المواطنين و الحصول على أكبر قدر من الاموال و تقوية تجارتهم. فبينما كانوا في وقت صدام يسرقون عن طريق المناصب و السرقة المباشرة أو القتل الاجرامي، نراهم الان يستخدمون الانسان كوسيلة للحصول على الاموال و تحولوا من سراق الى مجرمين وهمجيين وقتلة ليس للانسان عندهم قيمة و الكل لديهم تحولوا الى مادة يكسبون من خلالة المال.
لو قارنا عمل المعارضة العراقية القديمة بعمل ما تسمى الان بالمقاومة لعرفنا المدى الفرق الشاسع بينهما و عرفنا ايضا كم هذه الاطراف و المافيا بعيدة كل البعد عن شئ اسمة المعارضة.
لم تقتل المعارضة العراقية في زمن صدام أي عراقي برئ و لم يخطفوا اي شخص و كان هدفهم المباشر أزلام النظام لا غير. ليس هذا فقط بل أن المعارضة العراقية القديمة كانت تبذل قصارى جهدها من أجل حماية المواطنين و دفع البلاء عنهم و في الكثير من الاحيان كانوا يمتنعون عن تنفيذ العمليات الفدائية حرصا على ارواح المواطنين. ولهذا السبب و هذه الخاصية لم تتهم المعارضة العراقية القديمة و التي هي في الحكم الان، بأنها ارهابية أو مجرمة بل أن مكانتها والتأييد الشعبي لها يزداد يوما بعد يوم على الرغم من قساوة صدام. الخاصية الاخرى هي أن المال و الربح لم يكونا يوما من الايام هدفا للمعارضة العراقية ولم يتحول العراقيون الى مصدر لابتزاز الاموال و الكسب الغير مشروع ولم تتحول ارواح واجساد و أمن المواطنين الى مادة تجارية لديهم بل كانوا هدفا و مستعدون للتضحية في سبيل راحة المواطن و حريتة و كرامتة. أما هذه المافيا التجارية فلم تمضي سنتان على سقوط صدام حتى بدأت تنكشف للشعب و يزيح القناع الذي تحاول الاختفاء وراءه. هذه المافيا أتخذت من العراقيين و ارواحهم مادة للكسب الغير مشروع و الثروة. واذا كانوا يدعون خلاف ذلك فاليقتدوا بالمعارضة العراقية الحقيقية و ليتحول الانسان العراقي لديهم الى هدف و ليس المستهدف.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. منظومة الصحة في غزة الأكثر تضررا جراء إقفال المعابر ومعارك


.. حزب الله يدخل صواريخ جديدة في تصعيده مع إسرائيل




.. ما تداعيات استخدام الاحتلال الإسرائيلي الطائرات في قصف مخيم


.. عائلات جنود إسرائيليين: نحذر من وقوع أبنائنا بمصيدة موت في غ




.. أصوات من غزة| ظروف النزوح تزيد سوءا مع طول مدة الحرب وتكرر ا