الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


امير قطر يزور قطاع غزة ام حركة حماس؟:

خالد عبد القادر احمد

2012 / 10 / 23
القضية الفلسطينية


في مراسم ربما تفوقت احتفاليتها, على قلة المدعوين اليها, احتفالية مراسم توقيع اتفاقية اوسلو في حديقة البيت الابيض, استقبلت حماس, امير قطر في قطاع غزة, ولا عجب في ذلك, فما تقدمه هذه الزيارة من مكاسب لحركة حماس, هو بالضبط ما يناغم وطنيتها المريضة, تمكين سياسي لسلطتها في القطاع على خلفية رخاء اقتصادي ستجلبه عملية اعادة اعماره, وهو ما افاض اعلام الاسلام السياسي الحمساوي في الاشارة اليه, ولكن دون ان يتطرق المتلهفون على الرخاء المعيشي الى طرح اسئلة من مستوى : لماذا يفيض الكرم القطري على قطاع غزة ومحتجز عن الضفة الغربية التي شهدت انتفاضة لسوء الحال المعيشي, والقدس التي يجري يوميا خنق ( الجالية الفلسطينية ) فيها اقتصاديا على طريق تهويدها؟
ان الزيارة القطرية اذن ومهما بذل من محاولة لاضفاء طابع الانسانية عليها, تبقى سياسية بامتياز, ولا تتعلق ابدا بالكرم العربي الذي انقطع بموت نموذجه حاتم الطائي, والسياسة ينتفي منها الكرم, فالمساومات السياسية والاقتصادية حلت محله في العلاقات الدولية, ولا بد اذن من بديل قدمته حركة حماس لدولة قطر في مقابل المكاسب التي ستعود عليها على خلفية الزيارة القطرية وكرمها؟
مواز للحقيقة السابقة ايضا ومؤشرا على سلامة استنتاجنا لها , دور الدكتور محمد مرسي رئيس مصر الصديق الوفي لرئيس الكيان الصهيوني بيريز العظيم في التنسيق والاعداد لهذه الزيارة وحرصه البروتوكولي على مواكبتها برفقة وزير التربية والتعليم المصري, الامر الذي شكل خرقا للعزل والحصار السياسي المفروض على حركة حماس في قطاع غزة والذي يعاقب بالعزل والحصار كل القطاع بسببه, مما اورث شعبنا في القطاع وضعا اقتصاديا معيشيا مزريا, يشكل بذاته قابلة موضوعية لمنهجية المقاومة العنيفة ومستنبتا للفصائل التي تدعو اليه وتعتاش عليه, دون ان يتطور الى مقاومة وطنية سليمة المنهجية والتوجهات, وهو يناسب المنظور الصهيوني للصورة التي يجب ان يبقى عليها الصراع مع الفلسطينيين, طالما ان اختلال موازين القوى بين الطرفين يضمن للكيان الصهيوني الانتصار في كل مجالات الصراع السلمية والعنيفة,
فالكيان الصهيوني يهمه تواصل حالة الانشقاق والانقسام الفلسطينية على خلفية الاختلاف بين مقولة المقاومة المسلحة ومقولة المقاومة الشعبية السلمية, فهو يقدم لها عامل تعدد الشرعيات الفلسطينية, وعامل هاجس الامن, كمبررات للتهرب من استحقاقات التسوية على خلفية المنظور العالمي مؤطرا بمقولة حل الدولتين, ويظلل لها في نفس الوقت على تطبيقها المنفرد لمنظورها الخاص الاستيطاني الاحلالي للتسوية على ارض الواقع, ولا نستغرب ان دفع المجتمع الفلسطيني لممارسة العنف في الضفة الغربية هو احد اهداف الحصار الصهيوني العام المفروض عليها, العنف الذي ترفض بشدة اللجوء اليه قيادة حركة فتح والسلطة الفلسطينية, دون اهمال هدف ممارسة الضغط العنيف على الضفة الغربية لتقديم تنازلات تفاوضية تهبط بحجم الحقوق الفلسطينية من مستوى مطلب الدولة الى قبول الحكم الذاتي الاداري الثقافي الذي يعتمده الكيان الصهيوني سقفا لتنازلات محتملة له في المفاوضات
ان مقولة المقاومة المسلحة الغزية تحرج التوجه التفاوضي للضفة الغربية, ويفاقم في هذا الاحراج, التعنت التفاوضي الصهيوني وانحياز الوسيط الامريكي وعجز اللجنة الدولية الرباعية الامر الذي افضى بموقف الرئاسة الفلسطينية الى رفض قاطع للعودة لعملية ومسار لتفاوض, وذهب بها الى مسار تدويل القضية الفلسطينية, ويهدد باعتراف دولي من الجمعية العامة للامم المتحدة بفلسطين دولة وإن غير عضو فيها, مما سيضفي مزيدا من التعقيد على عملية التفاوض في حال استعادة الحركة على مسارها,
ان الصورة السابقة تخدم الموقف الصهيوني من التسوية وتتعارض مع مقولة حل الدولتين المعتمدة عالميا, وتعتمده ايضا الولايات المتحدة الامريكية وان خارج الصورة والمعنى الفلسطيني له, في صراع النفوذ بينها وبين الكيان الصهيوني, وقد ان الاوان للولايات المتحدة الامريكية بعد استعادتها نفوذها في المنطقة من خلال انتصارات الربيع العربي وسحبها اوراقه من حيز النفوذ الصهيوني وانتظام اغلب الاصطفاف السياسي الاقليمي في اطار نفوذها الخاص, والانهاك الذي يعاني منه من عرف سابقا بمحور ممانعة النفوذ الامريكي, ان تبدأ في تأديب الكيان الصهيوني واعادته لبيت طاعتها, ووضعه الوظيفي الجيوسياسي المرسوم له منذ وعد بلفور, حيث لا افضل من قطاع غزة مدخلا لبدء هجومها المضاد
ان بنية المنظور السياسي الفلسطيني للصراع مع الكيان الصهيوني مكونة من مقولتين, هما مقولة المقاومة المسلحة, ومقولة نهج التفاوض, ومن الواضح ان العامل الاقتصادي يلعب دورا كبيرا في رسم نسب القوى بين المقولتين وقواهما وتحققاتهما في الساحة الفلسطينية, حيث نتج عن تدفق المساعدات الاقتصادية السابق على الضفة الغربية, والرخاء الذي جاء به, انحيازا اجتماعيا لمنهجية اللاعنف, عمقت ترسخه الاجتماعي سياسات ومؤسسات السلطة الامنية والحكومية, في حين بقي قطاع غزة اسير حصار اقتصادي يدفع بمجتمعه وخاصة القوة الشبابية العاطلة عن العمل الى الانخراط في فصائل الكفاح المسلح بدافعيهم الوطني والمعيشي, ولذلك تنامت احجام فصائل الاسلام السياسي ذات التمويل الجيد, ( حماس والجهاد الاسلامي على وجه الخصوص ) على حساب احجام الفصائل الوطنية التي تنتظر مخصصاتها من منظمة التحرير, وكان لا بد للولايات المتحدة ان تاخذ هذا العامل بعين اعتبارها في سياق محاولتها معالجة مقولة الكفاح المسلح والعنف في قطاع غزة, والتي لا تقف انعكاساتها الخطرة على حدود القطاع فقط بل تتجاوزه الى سيناء لنهدد اتفاقيات كامب ديفيد, وهكذا تحركت ادواتها السياسية لمعالجة هذا الخلل بدءا من عملية سيناء الارهابية الشهيرة لتطلق مسار تعامل جاد مع قطاع غزة من الواضح ان مصر وقطر هما من يتولى ادارة هذه المعالجة, ولم يكن يقف حجر عثرة يعيق هذا التوجه سوى تباين الاتجاهات الداخلية في حركة حماس في الموقف من المصالحة الفلسطينية والملف النووي الايراني والازمة السورية, وهي حسابات داخلية حكمها عاملين, الاول منهما الحذر من فقدان الحركة مصادر تمويلها, والاخر وضع الحصار السياسي الذي تعاني منه والذي كانت سوريا وايران متنفسهما الرئيسي فيه, وبهذا الصدد مثل السيد محمود الزهار في هذه التباينات الداخلية التيار الاكثر تشددا والاشد مساومة, كما اثبت قدرته على احراج الحركة بزيارته لايران ولبنان...الخ
وها هي زيارة امير قطر تعطي لحركة حماس مخرجا من مازقها, وتضعها خارج حيز النفوذ الصهيوني مرة واحدة, فرسمية الزيارة كسرت حاجز الحصار السياسي, وتحمل لحركة حماس رسالة التقبل الامريكي لها كمكون لا يمكن تجاوزه من مكونات الجيوسياسة الفلسطينية, وها هو التمويل الخليجي يبدأ في الانهمار على قطاع غزة, مما سيقلص من منحى التوجه الاجتماعي لممارسة العنف المسلح, ويسهل من شروط سيطرة الحركة على القطاع, ويقلل المشاكل التي كان يعكسها القطاع على مصر وكانت تحرج حكم جماعة الاخوان المسلمين فيها......الخ,
ومن الواضح ان مكاسب حركة حماس هنا لن تتجه الى زيادة هوة الشق الفلسطيني بل على العكس من ذلك فانها ستتجه الى تقليصه باتجاه التصالح الذي سيكون باتجاه الانخراط في التسوية, لا باتجاه الصورة الشعبية العاطفية لمقولة التحرر الوطني الفلسطيني








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تحسين الوضع الاقتصادي لحماس
نبيل ( 2012 / 10 / 23 - 17:33 )
من الممكن أن المكاسب الاقتصادية لحركة حماس سيزيد من استقلاليتها عن السلطة الفلسطينية و بالتالي سوف تطرح نفسها على انها المنقذ للشعب الفلسطيني و ايضا ستطالب بإزالة السلطة الفلسطينية ! ماهو رأيكم و شكرا


2 - عزيزي نبيل:
خالد عبد القادر احمد ( 2012 / 10 / 23 - 19:52 )
تحيتي واحترامي
المكاسب الاقتصادية مشروطة, والا لما اعطيت, ومن الطبيعي ان يكون هناك ممتنعة حمساوية لموضوعة التصالح ولكن ذلك سيتم التغلب عليه على اي حال
تحياتي واحترامي

اخر الافلام

.. إسرائيل تغلق -الجزيرة- والقناة القطرية تندد بـ-فعل إجرامي- •


.. حسابات حماس ونتنياهو.. عقبة في طريق المفاوضات | #ملف_اليوم




.. حرب غزة.. مفاوضاتُ التهدئة في القاهرة تتواصل


.. وزير الاتصالات الإسرائيلي: الحكومة قررت بالإجماع إغلاق بوق ا




.. تضرر المباني والشوارع في مستوطنة كريات شمونة جراء استهدافها