الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رجل بدون قضيب n homme sans phallus

الاعرج بوجمعة

2012 / 10 / 23
الصحة والسلامة الجسدية والنفسية


ظلت المرأة كل هذا الأمد الطويل ترزح تحت نير وضغط المجتمع من جهة، وفحولة الرجل من جهة ثانية، نظرا لافتقارها الى عضو الذكر ـ القضيب phallusـ لأنها تعرضت للاخصاء (عقدة الخصاء)، حسب فرويد؛ لكن ليس الخصاء المادي وإنما الخصاء الرمزي المتمثل في التعنيف المستمر الممارس على المرأة، لذلك يقول فرويد S. Freud أن افتقار الفتاة لهذا العضو يجعلها تحب أباها أكثر من أمها، وعندما نبحث عن دلالة القضيب في التحليل النفسي نجده يرمز الى القوة و السلطة و الثراء و النجاح والفحولة... لذلك المجتمعات التقليدية جعلت من الرجل رجلا، ليس بالمستوى الوظيفي والدور الذي يقوم به، وإنما بامتلاكه لهذا العضو مع العلم أن الدراسات البيولوجية والسيكولوجية كشفت على أن الاختلاف بين الرجل و المرأة هو اختلاف وظيفي وفقط، بلغة دوركايهم أن تقسيم العمل والأدوار هو الذي جعل منها إمرأة، وليس أي دليل على استبداد الرجل للمرأة. لذلك فهذا المقال أخذ عنوان رجل بدون قضيب في اشارة الى الدور الجبار الذي تقوم به المرأة، وكذلك لتذكير الرجل بأن المرأة اليوم في تطور سريع يذهل الرجل ولا يكاد يفرق ما بين الهوام الذي تثيره في نفسه وبين الواقع الصارخ، لذلك فمثل هذا المقال وغيره من الحركات النسائية المطالبة بتحرير المرأة ليس من السهل عليهم قلب المفاهيم البالية في المجتمع، فما توارثته الأجيال من تقاليد وعادات لم يكن وليد الصدف، وإنما كان يتحكم به منذ البداية منطق معين، وأسلوب لتحديد مفهوم حياتي يتبع.
فالمرأة قد تطورت ولازالت؛ ولا أبالغ إن قلت إن تطورها في أروبا قد قلب مفاهيم المجتمع، حيث أرغمه على الانتقال من مجتمع القطيع الى مجتمع الحرية الذي يفتح لها هامش من الحرية لكي تحقق ذاتها كإنسان قبل أن تكون امرأة. هذا التطور أفرز معطيات جديدة قد يترتب عليها نتائج هامة في التركيبة العائلية، لذلك فالمرأة ظلت في عين الرجل لغز لم يستطيع فك رموزه، كما قال فرويد Freud "المستنقع الأسود الذي لا تدرك أعماقه وآفاقه؛ فالمرأة ليست موضوع بحث، لأنها ليست حقلا لتجارب واختبارات يستطيع أن يقوم بها الرجل بتجرد وموضوعية". وخير دليل على ما قاله فرويد ما تخلده الأسطورة من قصص حول المرأة، حفيدة شهرزاد هذه الأخيرة التي حاكت الأساطير حول جسدها كلغز مبهم وقف الرجل أمامه وقفة الملك شهريار المستبد بجسد المرأة الحائر حول قدرة ونباهة المرأة. بذلك استطاعت شهرزاد في أخر المطاف أن تفرض هويتها كأنثى لها طابع إنساني؛ كأم، كزوجة، كعشيقة، تختلف عن المرأة الغرض ـ الشهوة، الذي سقط ويتلاشى بعد انفضاض الشهوة الجنسية عنه، بهذا تمكنت من فك الحصار عن نفسها وعن المرأة بصفة عامة.
لقد كان لدراسات الأنثروبولوجية حصة الأسد في الاجابة على هذه الأسئلة المتعلقة بالفروق بين الجنسين، تقول ان هذا التمييز ما بين الرجل و المرأة يعود إلى أحكام مسبقة فرضتها ظروف اجتماعية. سواء كان ذلك نتيجة المرادفات التي كنيت بها المرأة، من قبيل أن المعجم المجتمعي يضع مثلا الأنوثة كمعادلة أو مرادف للسلبية، والرجولة بمعنى الايجابية و الفحولة. وفرويد عندما بحث موضوع الأنوثة رفض هذه الكنايات واعتبرها غير مطابقة للواقع النفسي عند كلا الطرفين، كان يؤمن بالازدواجية الجنسية وبقي يردد ما سبق وقاله صديقه ـ فليس ـ "إنه ما من رجل يخلو من بعض المواصفات الأنثوية وما من امرأة تخلو من الصفات الذكورية، والتمييز بين الرجل و المرأة قائم على تغلب نسبي لقسم من الأوصاف على حساب الأخرى".
فالرجل لا يعترف بسلطة غير السلطة القضيبية، وهذا ما تحكم بتصرفاته وأحكامه ونوعية علاقته بالمرأة عبر الأجيال، لكن بمجيء ـ لاكان ـ سيزيح النقاب عن هذا القضيب ويقول هو في أصله نقصان سواء عند المرأة أو عند الرجل؛ لأن انتصابه لا يطول فهو بسرعة ما يرجع الى حالته الأصلية نحو الذبول و التقلص. بل أكثر من ذلك من يعطي للقضيب استقامته هو المهبل ومن يعطي للرجل رجولته هي المرأة. من هنا كانت نظرة الرجل للمرأة نظرة دونية تمييز وتفضيل عليها، لأن ارتباطه بالقضيب ارتباط نرجسي يحدد هويته، سلطته، مكانته الاجتماعية وحتى رجولته. والمجتمع انبنى على هذه الفرضية التي اعتمدت القضيب أساسا لتنظيم علاقاته، لذلك فالنظام السائد في المجتمعات الحاضرة نظاما أبويا حيث تمحى فيه المرأة وتزول بمجرد زوالها، إن التسلسل العائلي معتمد على امتياز القضيب كصفة رئيسية وشرط أساسي للتسلسل العائلي وانتقال السلطة، فتبعية المرأة للرجل قدر إلهي وحدث تاريخي مستمر منذ العائلة البدائية الأولى.
ختاما، يمكن القول أن المقصود من هذا الاستعراض هو تقويض الأحكام المسبقة التي اعتمدها الرجل في احكام قبضته على المرأة، كما أتمنى أن يكون هذا المقال بمثابة نبراص ينير للشباب طريق الحرية والاعتراف بالأخر ـ المرأة ـ والقطع مع تلك الأفكار البالية من قبيل الفحولة و الرجولة و الذكورة هذه مسميات اصطنعها الرجل من أجل الاستبداد و التسلط على أشرف مخلوق: إنــــــه المـــــــــــــــــــــرأة. هذه الخاتمة تفتحنا على سيلان من الأسئلة: هل بلغ الرجل قدره من الوعي و النباهة لاحترام الأنثى كإنسان قبل أن تكون امرأة؟ هل يمكن أن يقبل نهضة المرأة دون أن يشعر بنقص على أنه مهدد في رجولته وفي مكانته الاجتماعية؟ أم يمكن القول ما قاله فرويد: "لم يستطيع الرجل المتحضر التخلي عن تعدد الزوجات الا على حساب العصاب".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سودانيون يقتاتون أوراق الشجر في ظل انتشار الجوع وتفشي الملار


.. شمال إسرائيل.. منطقة خالية من سكانها • فرانس 24 / FRANCE 24




.. جامعة أمريكية ستراجع علاقاتها مع شركات مرتبطة بإسرائيل بعد ا


.. تهديد بعدم السماح برفع العلم التونسي خلال الألعاب الأولمبية




.. استمرار جهود التوصل لاتفاق للهدنة في غزة وسط أجواء إيجابية|