الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حديث الصراحة مع المعارضة الليبية

مصطفى مجدي الجمال

2012 / 10 / 24
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


شاءت ظروف عملي وموقعي السياسي أيضًا أن أجد نفسي في اجتماع مطوَّل مع مجموعة من المعارضين الليبيين للنظام الحالي بعد الإطاحة بالقذافي.

في الحقيقة كان شعوري مختلطًا بين الشفقة الشخصية على مثقفين نابهين يتعرضون لتجربة المنفي المريرة على أيدي النظام الجديد الذي نصَّبه الناتو، وبين الرغبة الشديدة في توجيه اللوم لهم بالقول: "ألم نقل لكم منذ سنوات طويلة أن هذا هو المآل الطبيعي لتجربة القذافي التي استغرقت من عمر ليبيا وثرواتها وروحها اثنين وأربعين عامًا؟"

الغريب أن معظم هؤلاء المثقفين كانوا يتعرضون للتهميش، وربما المنفى الاختياري أيضًا، في عهد القذافي نفسه. وهكذا فإن الحريصين حقًا على النظم الوطنية ويريدون تطويرها هم الذين يتعرضون في الزمنين- قبل وبعد إسقاط النظام- للإهمال وسوء الفهم وربما الاضطهاد أيضًا.

أما من كانوا يتصدرون المشهد إبان عصر الجماهيرية والكتاب الأخضر والنظرية الثالثة.الخ، فهم إما وجدوا سبيلاً للتعاون مع النظام الجديد أو اختراقه، وإما نفذوا بجلدهم من الجحيم الليبي ومعهم نساؤهم وأطفالهم وحقائب الأموال والذهب ليستمتعوا أيضًا بحساباتهم البنكية وممتلكاتهم بالخارج.

تلك كانت دائمًا ذات الملهاة السوداء المتكررة بعد سقوط كل نظام دكتاتوري ادّعى الوطنية والتقدمية.. أما الأفاقون والانتهازيون فلن يعدموا إيجاد طريقة لتسليك أحوالهم..

المهم.. عرض الإخوة الليبيون تصورهم للنشاط السياسي الذي ينوون القيام به في الظرف الجديد. وفي مقدمته الدعوة إلى "المصالحة الوطنية" مع النظام الجديد.

ودون الدخول في تفاصيل نقاش غير مسموح لي أخلاقيًا بنشرها، فقد عرضت وجهة نظري في النقاط القليلة التالية:

(1) بعد تبدل الأحوال من الوجود في الحكم- بدرجة أو أخرى- إلى الوجود في المعارضة والمنفى، ليست الدعوة إلى المصالحة هي نقطة البداية المثلى، وإن لم تكن مستبعدة بالطبع، وإنما نقطة البدء الحقيقية هي تقديم نقد ذاتي كامل وصادق أولاً عن 42 عامًا ضاعت من عمر الشعب الليبي لصالح جنون العظمة وسلطة الفرد/ العائلة والوحشية وإهدار موارد الوطن وإفقار شعب كان يمكن أن يكون من أغنى شعوب الأرض لو حدثت فيه تنمية حقيقية توفرت إمكانياتها المادية بثروات هائلة.

(2) ترجع أهمية النقطة السابقة أيضًا إلى ضرورة التخلي عن النزعة التبريرية الخائبة لسقوط نظام الطاغية بحصر الأسباب في عدوان الناتو.. ودون التطرق لمواضع العوار الخطيرة في النظام البائد.. وبالابتعاد عن التبرير الساذج سيمكن البحث عن القوى الحقيقية القادرة على إنقاذ ليبيا من مصير أسود على أيدي عصابات قبلية وإرهابية ونخب جديدة ربما لا تقل فسادًا ووحشية.. ومن ثم سيصبح ممكنًا بناء أوسع جبهة ممكنة (وطنية وديمقراطية وتقدمية) في وجه الحكم الحالي.

(3) من خلال تلك الجبهة المنتظرة يمكن الشروع في بحث المصالحة الوطنية في توقيت لاحق وعلى أسس قوية. ومن المهم للقوى المعارضة ألا تبادر بمغامرات مسلحة قبل استنفاد السبل السياسية المتاحة للتعبئة الشعبية ضد الحكم الحالي وحلفائه الخارجيين.

(4) أكبر خطأ يمكن أن ترتكبه المعارضة الليبية الجديدة أن ترتكن إلى أسس وزعامات قبَلية في مواجهة النظام الحالي، لأنها بهذا سوف تطيل عمره وليس العكس.

(5) على المعارضين الليبيين الحاليين أن يتوقفوا عن نقد السياسيين العرب الذين كان النظام السابق يغدق عليهم الأموال، ولكنهم نفضوا أيديهم منه سريعًا بمجرد أن لاحت إشارات سقوطه.. ذلك لأن النظام السابق كان في الحقيقة يبحث عن عملاء لا متضامنين يتمتعون بالاستقلالية. ولكن المشكلة أن تلك النظم المتناقضة لا تعرف خطأها هذا إلا بعد أن يسقط رأسها، فلا تدرك في الوقت المناسب قيمة النصائح التي يقدمها المخلصون، وحينما تقع الواقعة لا نجد مما تبقى من هذه النظم سوى اجترار الشتائم والبكاء على غدر "الأصحاب".

(6) الأمر الأخطر من كل شيء أن يسعى المعارضون الليبيون الحاليون للخروج من أزمتهم عن طريق فتح القنوات مع ذات الدول والاستخبارات التي أسقطت نظام القذافي.. وللأسف هذا يحدث بالفعل.. وهذا حديث معلومات لا إشاعات.

وقى الله شعب ليبيا من كل شر.. وفي المقدمة: شرور أبنائه!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الصحافي رامي أبو جاموس من رفح يرصد لنا آخر التطورات الميداني


.. -لا يمكنه المشي ولا أن يجمع جملتين معاً-.. شاهد كيف سخر ترام




.. حزب الله يعلن استهداف موقع الراهب الإسرائيلي بقذائف مدفعية


.. غانتس يهدد بالاستقالة من الحكومة إن لم يقدم نتنياهو خطة واضح




.. فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران تعلن استهداف -هدفاً حيوياً-