الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التوابيت المأهولة

علي الأمين السويد

2012 / 10 / 25
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


سوريا تنتمي إلى محيطها العربي. هذا ما تقرّه الحقائق التاريخية و الجغرافية، فعلى الأقل يوجد جغرافياً ما يسمى سوريا الطبيعية والتي تشمل كيليكية و سوريا الحالية و لبنان و الأردن و فلسطين. و عند توصيف سوريا لايمكن أن نقول أن سوريا هي هذه الحدود التي فزنا بها أو الحدود التي فرضت علينا و اننا كسوريين هبطنا بأرض سوريا من الفضاء في هذا المحيط من التجمعات السكانية التي صادف أنها تشبهنا كثيراً.
إن الانتماء المكاني لا يعني الانتماء الايدلوجي لفكرة مستفحلة الانتشار في هذه المنطقة أو تلك، وما القول بأن انتماء سوريا إلى الوطن ـ المحيط العربي يعني الربط بين سوريا و القومية العربية إلا إزدواجية معايير منافية للمنطق ، وهي كالقول تماما :"آنا أحب البطاطا، و لأني أحب البطاطا حصلت على شهادة دكتوراه في التاريخ"
فالقومية العربية تعبير عنصري ايديولوجي ابتدعه رواد القومية العربية الذين دغدغدوا العواطف العصبية لدى عرب بدايات القرن الماضي للخلاص من الدولة العثمانية، وكان لهم ذلك، ومن ثم استخدمها الحكام العرب كوسيلة من وسائل الضغط على الشعوب لقهرها و إخضاعها لسلطتهم الدكتاتورية للابد، و مع بدء انهيار هذه الدكتاتوريات مبتدئة بإسقاط طاغية العصر الثاني صدام حسين بعد بشار الاسد، بدأت صلاحية القومية العربية بالافول عند القسم الأعظم من العرب و،بات الحديث مجرد الحديث عنها محط سخرية وفكاهة، وصار يطلق على من يدعو للقومية العربية بالقومجي وهو تعبير تلفه السخرية أكثر من الدقة أو الموضوعية.
إذا فالمحيط العربي شيء، والقومية العربية شيء مختلف ولا يمكن أن نربط ارادة التماهي مع المحيط العربي بحتمية الإنخراط في ايدلوجية القومية العربية التي انتهى عصرها وانقضت صلاحيتها.
و لايضاح هذه النقطة نضرب مثالاً، هل يمكن لنا وصف إرادة تركيا للانضمام للاتحاد الاوروبي هو سعي تركي لربط تركيا بالقومية الاوروبية؟ وهل هناك قومية أوروبية؟ أم لربطها بالقومية الفرنسية؟ فالقول أن سوريا جزء من محيطها العربي ليس فيه نية أو شبهات للانخراط في ايدولوجيات يسعى الشعب السوري حالياً للخلاص منها باذلاً دمه في المقام الأول و الغالي و الرخيص في المقام الثاني من أجل استعادة حريته. و أؤكد أن هذه الثورة عرّت مصطلحات كانت تتكرر في حياتنا اليومية مثل اللازمة الغنائية، و أظهرتها على حقيقتها التي أنبئت عن مضمون أجوف لا يغني من جوع، و لا يسمن من شبع و أحد تلك المصطلحات هو "القومية العربية" الذي أسقطه الثوار في لافتاتهم أثناء مظاهراتهم غير ذي مرة. حتى آن المتظاهرين كفروا بالامة العربية، و الاسلامية، والاسرة الدولية تعبيراً احتجاجياً على شعورهم بالخذلان من هذه التوابيت المأهولة بعفن وسائل الإذلال و تحويل الشعوب إلى قطعان ترعى ، لتسمن، فتذبح، فتأكل، فتهضم ، فتطرح من قبل رعاة مأجورين يتحولون لذئاب عندما يرفع كبش قرنه إلى الأعلى قليلاً.
انظر رابط الصورة
https://www.facebook.com/photo.php?fbid=520861597925896&set=a.286519201360138.80379.100000061808381&type=1&theater








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بوتين يعرض شروطه لوقف الحرب في أوكرانيا • فرانس 24


.. انطلاق مناسك الحج في مكة المكرمة وسط درجات حرارة قياسية




.. سلسلة هجمات لحزب الله على إسرائيل وواشنطن وباريس تسعيان لوقف


.. ما بين هدنة دائمة ورفع حصار.. ما هي تعديلات حماس على مقترح ب




.. جبهة لبنان وإسرائيل المشتعلة.. هل تحولت إلى حرب غير معلنة؟|