الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أوباما ومنطقة الشرق الأوسط

محمد سيد رصاص

2012 / 10 / 25
مواضيع وابحاث سياسية


ترك جورج بوش الإبن للإدارة الجديدة بعده تبعات غزوين فاشلين لأفغانستان والعراق،ومشروعاً أميركياً لم ير النور من أجل بناء "شرق أوسط جديد"تم طرحه بعد عشرة أشهر من احتلال بغداد في يوم9نيسان2003.عملياً،أدى سقوط نظام (طالبان)،ثم صدام حسين،إلى نتيجة لم تكن أكثر من تحول ايران إلى القوة الاقليمية الأكبر في المنطقة،وقد انشغل بوش الابن خلال أعوام2006-2008في استراتيجية كان هدفها الأكبر وقف المد الاقليمي الايراني ،الذي نتج عن عدم قدرة واشنطن على وضع رؤية لليوم التالي لمافعلته في كابول2001وبغداد2003.
لم ينشغل باراك أوباما بالأعوام الأربعة الماضية في استراتيجيات كبرى،بل في سياسات كان هدفها تخفيف الضرر من سياسات سلفه:اتبع "استراتيجية الخروج" العسكري من العراق الذي اكتمل في اليوم الأخير من عام2011،ومن أفغانستان المخطط أن يتم في تموز2014،وبعد أن جهد عبر انتخابات برلمان7آذار2010لكي يضمن حكومة عراقية بعيدة عن طهران بزعامة اياد علاوي،من خلال دعم اقليمي سعودي- تركي- سوري ل(القائمة العراقية)التي حلت أولاً في تلك الانتخابات من دون الفوز بالأكثرية،فإن مسعاه هذا لم يصب النجاح نتيجة اتفاق ايراني- سوري في الشهر العاشر من ذلك العام ساهم في تولي نوري المالكي من جديد،وبالتعاون مع الطالباني والصدريين،لرئاسة الوزارة العراقية من جديد.في أفغانستان تتركز كل "استراتيجية الخروج"عند أوباما في ضمان اتفاق يعترف بحركة طالبان من جديد ،وبشكل"ما"في سلطة مابعد تموز2014الأفغانية،بتشارك مع حميد كارزاي،وهو ماترفضه الحركة التي قبلت بفك علاقتها مع (القاعدة)مقابل ضمان وصولها للسلطة،ولكن من دون اعطاء وعود حتى تاريخه بفك علاقتها مع امتدادها الاقليمي عند (حركة طالبان باكستان).
هنا،كان غزو أفغانستان قد أنشأ توترات مع المؤسسة العسكرية الباكستانية التي شكلت حتى سقوط(طالبان)ظهيراً اقليمياً لأكثرية الباشتون بأفغانستان،قبل أن يأتي الغزو الأميركي بحكم (تحالف الشمال)المؤلف من الطاجيك والهزارة الشيعة والأوزبك مع الواجهة الباشتونية التي مثلها كارزاي،وهنا يرمي أوباما من الجهود الكبيرة التي بذلها في سنتي2011-2012للاتفاق مع طالبان إلى ارضاء اسلام آباد التي ترى في حكم الحركة في كابول مدخلاً لتحجيم واحتواء خطر (طالبان باكستان)و(القاعدة)وفي الوقت نفسه تقوية لدورها الاقليمي عند واشنطن بعد تقاربات أميركية- هندية أقلقت الباكستانيين منذ ضرب برجي نيويورك في 11أيلول2001كانت هي السبب الرئيسي في اقناع الجنرال مشَرف بعدها بغض النظر الباكستاني مرغماً عن وصول أعداء اسلام آباد في (تحالف الشمال)للسلطة في كابول.
يبدو أن أوباما في أفغانستان مصمم على أن لايترك كابول كماحصل ببغداد في يوم31كانون أول2011مع حكومة عراقية يهيمن عليها خصوم واشنطن في طهران،الذين حصدوا ثمار الغزو الأميركي لبلاد الرافدين:من أجل احتواء ايران اتجه أوباما إلى تقاربات مع أنقرة والرياض،بعد توترات أميركية مع السعودية عقب(11أيلول) ثم مع كل من الأتراك والسعوديين الذين اجتمعوا على الخشية من عقابيل التحالف الأميركي- الايراني في أثناء غزو واحتلال العراق.لايمكن فصل هذه التقاربات عن سياسات اتبعتها أنقرة والرياض في أعوام 2009-2010لخطب ود دمشق في الموضوعين العراقي واللبناني لابعادها عن طهران،قبل أن تبوء هذه المحاولات بالفشل في بغداد بخريف2010مع صعود المالكي للسلطة من جديد بتقاربات ايرانية- سورية كانت مفتقدة بين طهران ودمشق حتى تاريخه في الموضوع العراقي منذ غزو واحتلال العراق بخلاف الملفين اللبناني والفلسطيني بينهما ،ثم في بيروت الشهر الأول من عام2011مع الجهد الايراني – السوري في اسقاط الحكومة اللبنانية وفي الاتيان بحكومة كانت بعيدة عن التوافق السوري- السعودي.
في بداية عام2011كان واضحاً فشل سياسة أوباما تجاه دمشق من ناحية نقلها بعيداً عن طهران،كماوضح مقدار المكاسب الاقليمية الايرانية في بغداد ثم بيروت:ربما كان هذا هو السبب في تلك النقلة النوعية التي مارستها الإدارة الأميركية،في الأيام الأولى من شهر شباط2011،بالتخلي عن حليفها الرئيس مبارك في القاهرة وتركه يسقط أمام مد جماهيري وثورة وضح من خلال مجرياتها أن الاسلاميين هم قوتها الاجتماعية السياسية الأكبر،وهو ماعنى تخلياً عند الأميركان عن سياسة تفضيل(الدبابة)على (العمامة) التي اتبعوها في مصر وتونس والجزائر بين عامي1991-2010التي أعطت مؤشرات عن نأي وطلاق الأميركان عن تحالفهم الذي كان بزمن الحرب الباردة مع الاسلاميين ضد السوفيات،لتعطي سياسة أوباما الجديدة في متغيرات القاهرة وطرابلس الغرب وصنعاء بعام2011عودة لذلك التحالف مع الاسلاميين من جديد أولاً للعوم الأميركي مع متغيرات داخلية أتت ضد أنظمة كان واضحاً انتهاء صلاحياتها لدى مجتمعاتها،وثانياً للتحالف مع هذه الموجة الاسلامية،التي كان الأصوليون الإخوانيون عمادها،والتي يبدو أن التقدير الأميركي بأنها ستتجه تلقائياً ضد ايران وحلفائها الاقليميين في بغداد ودمشق والضاحية الجنوبية لبيروت ،وضد موسكو وبكين.
في حركات جماهيرية شهدتها المجتمعات العربية خلال مجرى عام2011،لم يكن فيها شعارات تتعلق بفلسطين أوالعروبة أوضد الغرب الأميركي- الأوروبي وإنما تركزت على مطالب تتعلق بالأوضاع الداخلية العربية،كان عوم واشنطن مع موجتها شبيهاً بعومها مع الموجات الديموقراطية ضد حلفاء واشنطن العسكريين في أميركا الجنوبية وشرق آسية بالنصف الثاني من الثمانينيات،ثم باستفادتها من الموجة الديمقراطية ضد خصوم وأضداد الأميركان في "الكتلة الشرقية"في خريف عام1989.من مجرى سياق تحولات عام2011أنشأت واشنطن بسياستها تلك وضعية جعلت مرشد الإخوان المسلمين محمد بديع وزعيم حركة النهضة التونسية راشد الغنوشي بحالة تشبه وضعية فاكلاف هافل وليش فاليسا تجاه الغرب الأميركي في أوائل التسعينيات.هذا على صعيد الداخل تجاه الخارج،أما على الصعيد الجيوبوليتيكي فقد أدت سياسات أوباما في العوم مع المتغيرات العربية الداخلية إلى مكاسب أميركية جعلت مكانة واشنطن الاستراتيجية أقوى في منطقة الشرق الأوسط،وجعلت خصومها في طهران بوضعية أضعف بالقياس لفترة2006-2010،وهو ماينطبق أيضاً على موسكو التي تحاول من خلال الأزمة السورية منع خروجها الأخير من الشرق الأوسط بعد قاهرة1974وعدن1990وبغداد2003وطرابلس الغرب2011.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل يغير نتانياهو موقفه من مقترح وقف إطلاق النار في غزة؟ • فر


.. قراءة عسكرية.. اشتباكات بين المقاومة وقوات الاحتلال




.. ما آخر التطورات الميدانية في قطاع غزة؟


.. أمريكا.. طلاب جامعة كولومبيا يعيدون مخيمات الحراك المناصر لغ




.. شبكات| غضب يمني لخاطر بائع البلس المتجول