الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وتستمر حكايات الوفاء

ياسين لمقدم

2012 / 10 / 25
الادب والفن


البراح*

رجل خلوق أديب أريب، كتوم خجول لا يرفع عن الأرض ناظريه، يمشي الهُوينى في دروب المدينة صادحا بصوته القوي مخاطبا القوم عن شيء ما. يتسابق الصغار إلى تحيته ويحترمه الكبار. لا يتغيب أبدا عن الصلوات الخمس في المسجد لا في القر من الأيام ولا في أيقاظها. فإن ضاع لأحد شيء ما التجأ إليه ليعلنه بين الناس متجولا بين الشوارع والدروب. إن تكلم صمت الجميع إلى أن ينتهي من خطابه فيحتدم النقاش حول ماهية الغرض الضائع. وتختلف قيمة الضائعات ما بين المفاتيح أو النقود و العقود أو خروف حتى. ولمن يعثر على أي من هذا سيسلمه إليه ليكون الواسطة بينه وبين صاحب المتاع والملتزم بدفع مبلغ ما مقابل استعادته لما ضاع منه وغالبا يتنزه فاعل الخير عن قيمة التعويض مترجيا أجره من الله. وكان يعلن أيضا بين الناس عن أخبار رسمية كمواعيد التلقيح أو ليتسلم المعوزون معونة ما من المكاتب البلدية أو للإعلان عن مواعيد مباريات كرة القدم. وفي أوقات سحور رمضان كانت لنقراته على طبل صغير نغمة رتيبة ودقيقة يستيقظ لها الناس في ندرة منبهات أخرى. صلُح أولاده في كبرهم بصلاحه وكبريائه فأغنوه عن عمله الذي صار متعبا لتوسع المدينة بالطول والعرض. رحمة الله عليه. ومن بعده صار لها مناد آخر ضرير.


سفينة نوح
حافلة كبيرة متعددة الوجهات داخل الإقليم، وكان لرحلاتها من أو إلى سوق الخميس طابع خاص حيث تغيب فيها جميع قوانين الفيزياء والميكانيك أو قوانين السير. فحتى قبل أن تتوقف في وسط المدينة على قارعة الطريق المتربة يقوم الزبناء بالجري بجانب طرفيها فيلقون عصيهم من نوافذها لتتحول إلى وسيلة حجز وضمان لجلوس صاحبها على الكرسي حيث تقع ولا يجادل أحد في ذلك. وفي رحلاتهم يحمل الركاب كل متاعهم إلى داخلها، فتزدحم الحافلة بالناس وأكياس الدقيق والشياه والدجاج والأرانب فتصدر عن الجميع في رحلتهم احتجاجات لا تتوقف وتدافعات بالمناكب وتناطحات بالقرون وتهديدات بالعصي والعصبية، فتتساقط العمائم عن الرؤوس واللُّثُم عن الوجوه الواشمة. ويختار الشباب ركوب سطح الحافلة تدليلا على الشجاعة ونئيا عما يصدره الرعاع. انقلبت هذه الحافلة مرات متعددة في المسالك الجبلية الغير معبدة ولم يتأدى أحد قط اللهم بعض الجروح الخفيفة، وأشهر المنقلبين من على سطحها لاعب النرد الذي برجله عوج. وأما في رحلاتها إلى المدن المجاورة فخوفا من المراقبة الطرقية كانت تحترم قليلا قانون النقل. وكانت تؤجر أيضا للرحلات المدرسية ولنقل الضيوف في مواكب الأعراس.

===============
هامش:
*البراح : المنادي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حوار من المسافة صفر | المسرحية والأكاديمية عليّة الخاليدي |


.. قصيدة الشاعر العقيد مشعل الحارثي أمام ولي العهد السعودي في ح




.. لأي عملاق يحلم عبدالله رويشد بالغناء ؟


.. بطريقة سينمائية.. 20 لصاً يقتحمون متجر مجوهرات وينهبونه في د




.. حبيها حتى لو كانت عدوتك .. أغلى نصيحة من الفنان محمود مرسى ل