الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ميشال عون وسوريا، وتضحيات لبنان

منعم زيدان صويص

2012 / 10 / 25
مواضيع وابحاث سياسية


في أيلول سنة 1988، وقبل ربع ساعة من إنتها ولايته، نصّب أمين الجميل، الرئيس اللبناني آنذاك، قائد الجيش ميشال عون رئيسًا للوزراء وشكل الأخير حكومة عسكرية. ولكن عون إصطدم بالقوات السورية بعد أن رفض إتفاق الطائف الذي وُقّع في آب عام 1989 بوساطة سعودية، لأنه ينص على انتشار الجيش السوري على الأراضي اللبنانية ولا يحدد آلية لانسحابه من لبنان. في العام 1990 كانت الولايات المتحدة بأمس الحاجة لإشتراك سوريا في الحملة العسكرية على صدام حسين لتُخرجه من الكويت، وبناء عليه وافقت على الإنتشار، أو بالاحرى، الاحتلال السوري للبنان مقابل إشتراكها في الحملة. وهذا يعني أن الولايات المتحدة لم تعتبر الوجود السوري العسكري في لبنلن تهديدا لإسرائيل، لا في ذلك الوقت ولا خلال الخمس عشرة سنة التالية. وبعد هزيمته أما م السوريين، طُرد عون من قصر بعبدا ولجأ للسفارة الفرنسية ونفي إلى فرنسا بعد حولي سنه وأمضى فيها 15 عاما.

وظل عون معاديا للنظام في دمشق، وفي أيلول 2003، سافر إلى الولايات المتحدة ومثُل أمام الكونفرس الأمريكي وحث أعضاء الكونغرس على إصدار "قانون محاسبة سوريا واستعادة السيادة اللبنانية" (Syria Accountability and Lebanese Sovereignty Restoration Act). و قال مخاطبا أعضاء الكونغرس: "إن أصالة الشعب اللبناني تتضح من حبهم للحرية وحبهم للأمريكان، وأصالة أمريكا تتضح من تأييدها لأولئك المطالبين بحريتهم." وأضاف: "إيماننا لم ولن يتزعزع بأن حلفاءنا الطبيعيين في العالم الحر سيكتشفون أن صراعنا مع سوريا" هو "حرب في سبيل الحرية وضد الإرهاب والطغيان."

من الواضح أن الهدف من رجوع عون إلى وطنه كان المنافسة على السلطة وكرسي الرئاسة، ولكن آماله خابت لأن استقبال زعماء لبنان -- السنه، والدروز، وكثير من المسيحيين -- له كان فاترا جدا وكان واضحا أنهم كانوا سيرفضون رئاسته للبلاد. ولم يكن أحد يتوقع أن الرغبة في الثأر منهم ستبلغ حد التحالف مع حزب الله وسوريا. وعقد عون معاهدة مع حزب الله وزار سوريا سنة 2008 واستقبل استقبال رؤساء الدول. لم يكن من عادة النظام السوري إحترام الساسة والزعماء اللبنانيين، فسوريا لم تعترف بلبنان كدولة ذات سيادة وهي تنظر باستعلاء إلى كل من لبنان والأردن. هل كان أحد يتخيل أن كل هذه العداوة للنظام السوري ستتحول إلى صداقة منقطعة النظير؟

التاريخ الحديث يبرهن أن معظم التحالفات السياسية في لبنان لم يكن هدفها ابدا مصلحة البلاد بل مصالح شخصية وطائفية، فتحالف عون مع حزب الله ليس له هدف إلا تشكيل حكومة أو إسقاطها، وبالتأكيد ليس الحرب مع أسرائيل، فالحزب الوطني الحر لا يقاتل مع حزب الله ولم يحصل أن أستشهد أي من شباب هذا الحزب في أي نزاع مع أسرائيل. ما معنى هذا؟ هل يخاف عون أن يضرب الطيران الإسرائيلي ويدمر مناطق مسيحيه عونيه في الوسط أوالشمال؟ إذا كانت الحرب مع أسرائيل حرب كل اللبنانيين فلماذا لا يشترك بها على الأقل الذين يتحالفون مع حزب الله ويصفقون له؟ لماذا لا يهبّون لنصرة محاربي حزب الله في الجنوب ويخففون الضغط على الجنوبيين؟

بعد هروبه من سورية، روى عبد الحليم خدام، الذي خدم النظام السوري بإخلاص في لبنان، أن سورية ومصر، بعد حرب1973، وصلتا إلى نتيجة مؤداها انه ليس باستطاعتهما أن يتغلبا على إسرائيل بالقوة. مصر أعلنت ذلك صراحة وبدأت بالاستعداد للتفاوض مع إسرائيل، وأما سورية فقررت أن تحارب إسرائيل حربا إستنزافية من لبنان لاسترداد الجولان عن طريق فريق ثالث. ونذكر أن الإعلام والسياسيين السوريين بدأوا في السبعينات يتحدثون عما أسموه "تحقيق التوازن الاستراتيجي مع العدو الإسرائيلي". وبقيت سورية والعرب ينتظرون هذا التوازن بفارغ الصبر ظنا منهم أن الأحداث الدولية ستنتظرهم. ولكن النظام إكتشف أنه راهن على الحصان الخاسر، لأن حليف سورية الاستراتيجي، الاتحاد السوفياتي، بدأ يتهاوى في أواخر الثمانينيات وتفرقت دول هذا الاتحاد في بداية التسعينيات. وعندما تيقن حافظ الأسد من سقوط حليفه أوعز للإعلام السوري والسياسيين السوريين أن يسقطوا عبارة "التوازن الاستراتيجي" من قواميسهم ووسائل إعلامهم ولم يعد العالم يسمع بهذه العبارة. أما العرب فدفنوا رؤوسهم في الرمال ولم يسألوا سورية ولو مرة واحدة لماذا أسقطتها، وحتى الإعلام العربي فشل في التعليق، او حتى ذكر هذا التغيير. ورغم تضحيات اللبنانيين بالنيابة عن سوريا، لم تنسّق الأخيرة مع أي لبناني ولم تستشر أيا من حلفائها اللبنانيين عندما قبلت الوساطة التركية في المفاوضات مع أسرائيل.

هناك أسئلة كثيرة حول لبنان لا يستطيع الناس أن يسألوها، لأن الإجابات عنها محرجة، فيفضلون أن يلتفوا عليها ويتجنبوا الخوض بالتفاصيل، ونتيجة للفشل في الإجابة على هذه الأسئلة دُمّرت المناره الوحيدة في العالم العربي. هل كان مفروض على لبنان أن يُدمّر، وبدون فائدة، في حرب بالنيابة، دفاعا عما يسميه السوريون "قلب العروبة النابض؟" لماذا أجبرالعرب اضعف كيانين لديهم -- اولا الاردن وبعده لبنان -- أن تحاربا نيابة عنهم وتضلا ضعيفتين ومدمرتين إقتصاديا؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تركيا تدرس سحب قواتها من سوريا


.. أوضاع إنسانية صعبة في قطاع غزة وسط استمرار عمليات النزوح




.. انتقادات من الجمهوريين في الكونغرس لإدانة ترامب في قضية - أم


.. كتائب القسام تنشر صورة جندي إسرائيلي قتل في كمين جباليا




.. دريد محاسنة: قناة السويس تمثل الخط الرئيسي للامتداد والتزويد