الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حتمية تلازم المسارين السوري واللبناني حتى في معركة التحرير

سردار عبدالله

2005 / 3 / 7
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


عندما اضطرت القوات العراقية الى الانسحاب من الكويت في بداية شهر مارس 1991, كان العالم بأكمله قد تغير ولم يعد هو نفس العالم الذي كان قد انتهى في الاول من اغسطس عام 1990. لكن المعضلة كانت في ان الرفاق البعثيين الذين كانوا يحكمون بغداد في تلك اللحظة, كانوا يكابرون ولايريدون ان يفهموا حقيقة ماجرى. فهم رفضوا كل المحاولات والمبادرات العربية والدولية لسحب القوات من دولة الكويت, الى ان جاءت الجيوش الجرارة للتحالف العربي – الدولي واجبرتهم على الرضوخ للامر الواقع. منذ الثاني من اغسطس 1990 وعلى مدى اشهر طويلة تجاهل البعثيون في بغداد جميع القرارات الدولية والانذارات الواضحة من قبل المجتمع الدولي وظنوا ان الأمر لن يتعدى بعض التهديدات التي ستكتفي في النهاية بالتوصل الى حل وسط, ويكافأهم على اساسه المجتمع الدولي, على شيئ من المرونة يبدونه في موقفهم المتصلب. لذلك لجأوا الى المناورة والمراوغة والتلاعب بالالفاظ, وكذلك المزايدة على الرجوع الى حل عربي للازمة, فيما كانت النية الحقيقية لاتتجاوز تكتيكاً خائباً جاء نتيجة الوقوع في فخ خطأ كبير في الحسابات.. فكان العالم كله في وادي بينما كان الرفاق في بغداد في وادٍ آخر... إلاّ ان ساعة الحقيقة جاءت, وخابت كل الحسابات الخاطئة, لكن الكارثة تجسدت فيما بعد عندما ظهر ان الرفاق في بغداد, لازالوا بعيدين كل البعد عن فهم حقيقة ما حدث فعلاً.
على الرغم من كل الكتابات التي شبّهت الحالة اللبنانية بالعديد من الحالات والتجارب العالمية, إلاّ ان الحالة بدت لي ومنذ اللحظة التي تلقيت فيها وبأسى شديد خبر وقوع جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري, شبه متطابقة مع الحالة الكويتية, فعلى الرغم من ارادة الشعب اللبناني المنتفض وعلى الرغم من كل المحاولات والنداءات العربية, وعلى الرغم من وجود القرار الدولي رقم 1559, وكذلك على الرغم من توحد المواقف الدولية, حتى عبر ضفتي المحيط الاطلسي, واخيراً وليس آخراً, على الرغم من مطالبة المثقفين السوريين بالانسحاب من لبنان, الاّ ان الرفاق في دمشق لازالوا بعيدين كل البعد عن حقيقة ما يحدث, وفي تجلّ واضح للوقوع في خطأ كبير في الحسابات.. اخذوا يتلاعبون بالالفاظ, في حركة خائبة ترمي وبوضوح شديد الى ادخال الازمة في لعبة البيضة والدجاجة. الاّ ان العالم في الوادي الآخر لاينتظر احد, وليس مضطراً بأي حال من الاحوال الى الدخول في مثل هذه المتاهات. بينما العالم باكمله مصّر ويبدو انه لن يقبل باقل من الانسحاب العسكري والمخابراتي الكامل من لبنان, وكذلك بأقل من تحرير لبنان, تحريراً حقيقياً ونهائياً.. يتوهم الرفاق في دمشق بأن بعض المناورة والمماطلة, سيؤدي الى الحصول على مكافأة من نوع ما.
في مارس 1991 لم يكن العالم في خارج العراق هو وحده من تغير, ولم يكتشف الرفاق في بغداد آنذاك هذه الحقيقة, الاّ عندما واجهوا اثناء انسحاب قواتهم المحتلة المنهزمة من الكويت, انتفاضة العراقيين المباركة الشاملة التي اشتعلت من اقصى الحدود الشمالية في كردستان الى اقصى الحدود الجنوبية على شواطئ الخليج. كان العراق ايضاً قد تغير.. وكان الشعب العراقي قد قرر ان ينتفض ويتحرر ويحرر العراق كله من احتلال البعثيين البغيظ. ونجحت الانتفاضة العراقية واصبح المنتفضون قاب قوسين او ادنى من الوصول الى (القصور) الرئاسية واسقاط النظام, لكن الموقف المهادن والكارثي الذي تبناه المجتمع الدولي من الوضع آنذاك, ادى الى تقوية صدام من جديد, الذي لم يدخر جهداً في قمع الانتفاضة المباركة وبأقسى الاساليب واشدها وحشية ودموية.. وعلى الرغم من ذلك فإن مناطق شاسعة من كردستان العراق تحررت وجرت فيها انتخابات ديمقراطية برلمانية, ادت الى تشكيل حكومة اقليم كردستان التي تحولت بدورها الى معقل حيوي وهام ومنيع للمعارضة العراقية بمختلف الوانها واطيافها, والمتحالفة من اجل تحرير العراق واسقاط نظام صدام البعثي الدموي, وبناء نظام ديمقراطي فيدرالي عادل. على ذلك هل يمكن ان يتكرر هذا السيناريو بتفاصيله الدقيقة في الحالة السورية - اللبنانية؟ ام ان الرفاق في دمشق سوف يفهمون حقيقة التغييرات الهائلة التي حدثت ويقررون الامتثال لارادة الشعب اللبناني في تحرير وطنهم, وارادة الشعب السوري في تحقيق الديمقراطية والعدالة, واخيراً الامتثال للقانون الدولي وعدم التدخل في العراق والكف عن تعطيل العملية السياسية الواعدة والمنطلقة هنا في العراق, بعد التاسع من ابريل والتي توجت انطلاقتها الكبرى في انتخابات الثلاثين من يناير؟ هل سيظل الرفاق في دمشق على موقفهم المناور والمكابر, وتحصل الكارثة, وتضطر القوات السورية الة الخروج منهزمة من لبنان, الذي سوف يؤدي بالتأكيد الى اشعال انتفاضة تحرير سوريا ايضاً؟ ام انهم سوف يفهمون الحقيقة ويقررون التعامل على اساسها؟ اذا كرر التاريخ نفسه وحدثت الكارثة لاسمح الله فلا احد يستطيع ان يغير من النتيجة التي ستنتهي كما قلنا بتحرير لبنان وسوريا معاً. اما اذا حدث العكس وقبل النظام السوري ان يسلك طريق الحكمة والعقل, فإنه سيكون ملزماً بالقبول بالتغيير الديمقراطي حتى في دمشق. ولكن المشكلة هي ان العقلية البعثية المتصارعة والمتناقضة مع الديمقراطية وبزاوية قدرها 180 درجة, لا تستطيع ان ترى في التغيير الديمقراطي ابعد من(مؤامرة امبريالية – صهيونية تستهدف زعزعة اركان قلعة الصمود والتصدي).. وعليه فإن من الصعب جداً ان يمر سيناريو التغيير السوري الذي سوف يحدث لا محالة, عبر اساليب مدنية قانونية دستورية, اذ ليس هناك في دمشق دستور ديمقراطي يكفل نجاح التغيير عبر القنوات الدستورية, وبالاساليب المدنية. اذن اين يكمن الحل, الحل هو ان تستمر انتفاضة الارز في لبنان الى تحقق جميع اهدافها العادلة, وهنا لابد من التأكيد على عبارة جميع اهدافها. لكن المشكلة هي ان هذه الانتفاضة لن تتمكن وحدها من انجاز مهمة التحرير والتغيير معاً وفي آن واحد. هنا يأتي دور المجتمع الدولي الذي يجب ان يكون صادقاً مع الشعب اللبناني وكذلك مع الشعب السوري. واذا اراد العرب تجنب الكارثة, واذا ارادت الانظمة العربية تجنب تكرار السيناريو العراقي في الكويت, فإن عليهم ان يكونوا واضحين في قراراتهم ويضعوا الاشقاء في دمشق امام الحقيقة التي لامفر منها. ولكن تبقى المشكلة قائمة في حال اذا قرر النظام السوري التمرد على كل محاولات الحل العربية والدولية, عندها لن يبقى سوى بديل واحد لاغير وهو يلوح هذه الايام في الافق. من مارس 1991 الى مارس 2005 هناك حدث هام و عظيم وقع قبل عام من الآن عندما نتفضت مدينة القامشلي ومن بعدها مناطق عديدة من سوريا في مارس من العام الماضي. اننا نمر الآن في الذكرى الاولى لهذه الانتفاضة العادلة التي من المؤمل ان توقد مشعل الحرية في هذه الذكرى ومن دمشق وحلب والقامشلي واللاذقية وحمص هذه المرة لتكمل الانتفاضة اللبنانية المباركة وتكتمل بها ايضاً, ليثبت السوريون واللبنانيون معاً وحدة المصير في التحرر من الطغيان والاستبداد, وليتحقق تلازم المسارين ليس في عملية السلام مع اسرائيل, بل وكذلك في معركة التحرير العادلة من اجل تحقيق الحرية والديمقراطية, وبناء انظمة سياسية عادلة تحترم حقوق الانسان وتعترف بحقوق التلون القومي والمذهبي في بلاد الشام.. الحل الوحيد هو انتقال عدوى انتفاضة الارز السلمية الى سوريا والبدء باعتصامات شعبية سلمية ومدنية في عموم سوريا, عسى ولعل قد يذعن النظام السوري لارادة الانتفاضتين , اذ على مايبدو فانه من الصعب الحديث عن انتصار اي منهما بمعزل عن االاخرى.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. متضامنون مع غزة في أمريكا يتصدون لمحاولة الشرطة فض الاعتصام


.. وسط خلافات متصاعدة.. بن غفير وسموتريتش يهاجمان وزير الدفاع ا




.. احتجاجات الطلاب تغلق جامعة للعلوم السياسية بفرنسا


.. الأمن اللبناني يوقف 7 أشخاص بتهمة اختطاف والاعتداء -المروع-




.. طلاب مؤيدون للفلسطينيين ينصبون خياما أمام أكبر جامعة في الم