الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مسودة الدستور تدعو لتقسيم مصر!

السيد مكاوي زكي

2012 / 10 / 26
مواضيع وابحاث سياسية


غريب أمر هذه الجمعية التأسيسية التي من المفترض أنها تضع دستور يحافظ علي وحدة مصر كدولة و وطن و مجتمع والأغرب أنها تنص علي فكرة الوحدة في مواد 1,5،77 من المسودة ثم تعود و تناقض ذلك بما جاء في المادة "6" من مسودة الدستور الجديد و التي تنص في فقرتها الأخيرة علي أنه :
"لا يجوز قيام أحزاب سياسية على أساس التفرقة بين المواطنين بسبب الجنس أو الأصل أو الدين."

وهذا النص هو تعديل مٌريب للمادة "4" من الإعلان الدستوري لعام 2011 وقلب لمعناها وقد جاء في نص هذه المادة أنه :
" يحظر إنشاء جمعيات يكون نشاطها معاديا لنظام المجتمع أو سريا أو ذا طابع عسكرى ، ولا يجوز مباشرة أى نشاط سياسى أو قيام أحزاب سياسية على أساس دينى أو بناء على التفرقة بسبب الجنس أو الأصل ."

ما الفرق بين هاتين المادتين ؟ الفرق شاسع بين معني المادتين وما يترتب عليهما , فالمادة "4" تجرم ممارسة أي نشاط سياسي أو إنشاء حزب سياسي علي أساس ديني أو بمرجعية دينية وأي كان هذا الدين وهي بذلك تعد حصناً دستورياً ضد خطر الطائفية وما يتبعها من تقسيم للشعب والدولة علي أسس طائفية أو دينية كما حدث في الهند (1947) و السودان (2011).

وطبقاً للمادة "4" من الإعلان الدستوري الحالي- و المستفتي عليه من قبل الشعب و بتأييد تام من الأحزاب الدينية – تعتبر كافة الأحزاب الدينية وعلي رأسها حزبي الحرية و العدالة و حزب النور – مخالفة للدستور و يجب حلها.

وعليه فبدلاً من أن تعدل هذه الأحزاب من برامجها وتتبني المرجعية الوطنية بديلاً للمرجعية الطائفية أو تقبل بحلها لمخالفتها الدستور ، قررت الجمعية التأسيسية - التي تهيمن الأحزاب الطائفية علي معظم مقاعدها - أن تحافظ علي المصالح الضيقة لهذه الأحزاب عبر الدفاع عن وجودها بصيغتها الطائفية مقابل إهدار مصالح الوطن العليا ممثلة في الحفاظ علي وحدته الوطنية وإغلاق الباب أمام شبح الطائفية التي تريد أن تتخفي وراء الدستور و القانون في شكل المادة "6" بمسودة الدستور الجديد التي جعلت وجود هذه الأحزاب بصيغتها الطائفية دستورياً.

هل يقبل عاقل وطني بمصر أي كانت دينه أو مذهبه أو انتماؤه السياسي أن نضحي بوحدة شعبنا و دولتنا التي دامت علي مر سبعة آلاف عام من أجل مصالح حزبية ضيقة ؟ هل ننجز بجهلنا السياسي ما عجزت عنه دبلوماسية الاستعمار البريطاني ( المسيحي) في مصر من تقسيم الشعب إلي مسلمين و مسيحيين . لقد رفض المصريين الأقباط أن يغويهم الإنجليز باسم الدين المسيحي حتي يضحوا بوحدة هذا الوطن فهل نقبل نحن المصريون المسلمون ما رفضه إخواننا الأقباط من قبل و ننحر وطننا بأيدينا ؟
لقد تبنت المملكة المغربية في مسودة دستورها الجديد ( الفصل السابع) نصا مماثل في معناه للمادة "4" من الإعلان الدستوري ولكنه أكثر شمولاً ونصه " لا يجوز أن تؤسس الأحزاب السياسية علي أساس ديني أو لغوي أو عرقي أو جهوي ، و بصفة عامة علي أي أساس من التمييز أو المخالفة لحقوق الإنسان."

فهل المغاربة أحرص منا علي وحدة بلادهم ؟ هل اعتبر المصريون من تجربة السودان الذي أضاع ساسته وحدته باسم الدين والدين من ذلك بريء؟ ألم يعلمنا الإسلام أن دفع الضرر مقدم علي جلب المنفعة ؟ فأين مصالح البلاد والعباد من المادة "6" في مسودة الدستور الجديد التي تجعل من الطائفية عملا دستورياً ؟
أرحموا مصر يرحمنا ويرحمكم الله.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ليبيا: ماذا وراء لقاء رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني


.. صفاقس التونسية: ما المسكوت عنه في أزمة الهجرة غير النظامية؟




.. تونس: ما رد فعل الرئيس الأسبق المنصف المرزوقي بعد فتح تحقيق


.. تبون: -لاتنازل ولا مساومة- في ملف الذاكرة مع فرنسا




.. ما حقيقة فيديو لنزوح هائل من رفح؟ • فرانس 24 / FRANCE 24