الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ولك أوفياء يا حفيد الذئب

ياسين لمقدم

2012 / 10 / 27
الادب والفن



وهو يدير مكعب النرد في القدح القصديري ليلقي به على الطاولة التي يتحلق حولها المقامرون لا يكف عن سرد وقائع غريبة ومواقف طريفة يدّعي أنه كان شاهدا عليها. ومن رواده من يأتي فقط للإستمتاع بالخيال الخصب الذي يطبع مروياته. كان في الأربعينيات من عمره ذي وجه كبير دائري و جبهة عريضة، مربوع القوام قوي البنية وفي الأيام القائضة يفتح كل أزرار قميصه في مشيته المسرعة فتندفع بطنه المنتفخة إلى الأمام وتتمايل.
ومن أكثر قصصه شيوعا والتي لا يمل من ترديدها حكايته عن ضربه لكرة القدم إلى الأعلى في مقابلة رياضية رسمية مع خصوم فرنسيين، ولقوة الرمية انتظر الجميع طويلا لتسقط الكرة من سمائها بينما هو توجه إلى منزله الذي يبعد عن الملعب بحوالي الكيلومتر وتناول ما شاء ليعود إلى الملعب ولَمّا تزل عيون الجميع ترقب السماء انتظارا للكرة.

وكان مغرما بالصيد في نهر ملوية بعد أن جف وادي أميه جديد حيث كانت له بركته التي لا يشاركه فيها إلا هالك. ويحكي أنه تأخر إلى الليل في السباحة بالوادي ولما هَمّ بالرجوع عثر على جدْي صغير فحمله على كتفيه وبعد أن قطع شوطا مهما في درب عودته بين الحقول المقفرة إذ بالجدي يخاطبه بإسمه مستفسرا إن كان قد أتعبه في حمله. ولا يهتم لضحكات جلسائه بل يستمر في الحكي.

وقد يشتري من الجزار رطل لحم ويطلب منه أن يكثر من الورق المقوى الخاص بالتلفيف حتى وإن سأله فضولي في الطريق عما يحمله قال بتواضع مصطنع : فقط بضع كيلوغرامات من اللحم أو الكبد.

وكان لتخيلاته وقع سلبي على نفسيته ويحكي مرافق له في ليلة صيد بسد شمال المدينة أنه تجمدت الدماء في عروقه لما رأوا شيئا ما على شط النهر لم يستبينه أحد في الظلمة فأكد لهم أنه وحش سيباغتهم بالهجوم في أية لحظة، فتقدم أصغرهم يحمل عصاة فلما قلب الوحش وجده جثة حمار ألقاه النهر بعد انحسار فيضانه.

وقد احتاج إلى غرض ما من وسط المدينة البعيد فطلب من طفل أن يبتاعه له واعدا إياه بجولة طيران على الهليكوبتر المركون على سطح بيته، ولما عاد الطفل سريعا من مهمته أخبره أن الجولة بالطائرة قد تأجلت للعودة الغير المنتظرة لصاحب الطائرة والذي لم يكن إلا والده المعروف بشدته فولى الصغير هاربا يطلب النجاة.

وكان يشارك الفرق العيساوية في إحياء حفلات الحضرة فيتعرق بشدة لنقره القوي على دف كبير محركا رأسه بقوة مغمضا عينيه إظهارا لتماهيه مع الإيقاع الروحي مثيرا لتندر من يعرفه.

وأطرف كلام جاء به في وصف جده حينما قال بكل ثقة في حشد من جلسائه على جانب سكة القطار، مكانه المفضل للحكي، حيث يقضي سكان حيه ساعات العشي : "كان لجدي ذيل طويل...كان ذئبا".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفنان المغربي عبد الوهاب الدوكالي يتحدث عن الانتقادات التي


.. الفنان محمد خير الجراح ضيف صباح العربية




.. أفلام مهرجان سينما-فلسطين في باريس، تتناول قضايا الذاكرة وال


.. الفنان محمد الجراح: هدفي من أغنية الأكلات الحلبية هو توثيق ه




.. الفنان محمد الجراح يرد على منتقديه بسبب اتجاهه للغناء بعد دو