الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الذي يرفض كردستانية كركوك اليوم سيرفضها حتما غدا ايضا

هشام عقراوي

2005 / 3 / 7
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


القاصي و الداني يعرفان لماذا كان الكرد يقاتلون الحكومات العراقية المتتالية. ابتداءً من حكومة عبدالكريم قاسم التي كانت من افضل الحكومات التي مرة بالعراق حسب العديد من المصادر و المحللين و كانت تتغنى بالعراقية و وحدة الشعوب العراقية و أخوة العرب و الكرد و من الصعب أن نجد من بين أقطاب الحكومة الحالية من هو أكثر عراقية منه. ولم تكن هناك فترة في تاريخ العراق أعطي فيها للكرد حق أستخدام لغتهم و ثقافتهم بكل حرية وأعتبروهم عراقيين أكثر من وقت عبدالكريم قاسم و في وقته لم تحاول ولم تمارس عمليات تعريب مبرمجة. و لكن مع ذلك أندلعت حرب طاحتة بين الكرد و حكومة عبدالكريم قاسم.
السبب الرئيسي في ذلك كان عدم أعتراف حكومة عبدالكريم قاسم بكردستان و بالقضية القومية الكردية ولم يكن مستعدا حل هذه القضية على اساس قومي، بل حاول تقسم العراق الى ألوية وأن تتمتع شعوب و مواطنوا تلك الالوية بسقف من الصلاحيات و فتحت المدارس الكردية في كل أنحاء كردستان العراق.
أذن ألغاء الخصوصية القومية للكرد كان السبب الرئيسي في أندلاع الحرب بين الكرد و عبدالكريم قاسم. من هنا نرى أن سياسة اذابة القوميات في العراق و بالذات لدى الكرد مرفوضة وغير مقبولة. اي أن عرب العراق لا يستطيعون أن يكونوا دولة بأسم العراق على اساس صهر باقي القوميات في بودقة الوطن العربي أو حتى في بودقة عرب العراق ناهيك أن كانت تلك الاطراف أخذت شرعيتها جزء من طائفة معينة و ليس من كل العرب.
أمكانية تكوين عراق موحد و مستقر تقتصر على حالة واحدة فقط الا وهو أحترام الهوية القومية لكل القوميات المتعايشة في العراق و ادراة العراق عراقيا و ليس قوميا أو طائفيا، اي أن لا يكون الحكم مقتصرا على قومية معينة دون باقي القوميات. وعندما نقول أحترام الهوية القومية لكل مكونات الشعوب العراقية نعني بها تمتع هذه القوميات بكامل حقوقهم القومية على اساسي سياسي قومي، جغرافي و تأريخي و ليس على اساس الحقوق الثقافية أو الادراية.
يبدوا أن الكثير من الاحزاب و الاطراف العراقية الحالية تريد الرجوع الى سياسة عبدالكريم قاسم (حيث كان خير من يمثل العراقية) و يحاولون صهر باقي القوميات داخل القومية العربية بحجة العراقية و تكوين الامة العراقية و ينسون أو يتناسون أن للكرد و حتى للعرب أنتماءات قومية أخرى. فمحاولات فرض كون العراق جزءا من الوطن العربي تأتي من الانتماء القومي للعرب في العراق و هناك بعض الاطراف التي لديها أنتماء طائفي و ترى نفسها كجزء من أنتماء طائفي أكبر ألا وهم الشعية مثلا أو حتى الانتماء السني، بنفس الطريقة فأن الكرد هم جزء من أنتماء كردي أكبر و حتى التركمان و الارمن و الاشوريون و الكلدان و السريان قد يرون أن لهم أمتدادات أكبر. ولا يمكن لأية حكومة أو حزب أو تنظيم أو قومية أن تمنع عنهم ذلك الاحساس و الانتماء أو ان تحللها لنفسها و تحرمها على الاخرين.
المعارضة العراقية السابقة و التي هي في السلطة الان، تدرك أكثر من غيرها لماذا كان الكرد يقاتلون و لماذا كانت هناك حركة باسم الحركة التحررية الكردستانية. فالخصوصية القومية الكردية و بالذات كردستانية كركوك و باقي المدن الكردستانية التي لم تعد لحد الان الى كردستان، كانت السبب الرئيسي في استمرار الكرد في نضالهم و الى أن استطاعوا وبالتعاون مع أمريكا الاطاحة بصدام.
وعندما كانت الثورة الكردستانية تقاتل الدكتاتور وعندما لم تكن احزاب و أطراف المعارضة العراقية في الحكم و لم تكن تمتلك القدرة حتى الى ايصال صوتها الى الشعب العراقي، فأن هذه المعارضة لم تكن تقف ضد ألحاق كركوك بكردستان بل أن العديد من هذه القوى كانت تؤيد الكرد في مطلبهم. ولم نرى في حينة اي حزب عراقي عربي يدعوا الكرد الى الانتظار و أنهم لن يستطيعوا الاعتراف بكردستانية كركوك لأنهم ليسوا في السلطة او لأن العراق لا يمتلك دستورا بل انهم وهم في ايران و اوربا كانوا يعترفون بكردستانية كركوك أوكانوا على الاقل يفضلون السكوت على الافصاح بما في صدورهم و عقولهم. أي أنهم كانوا يعترفون بكردستانية مدينة لا يمتلكون هم السيطرة عليها. بعد سقوط صدام تقدمت المعارضة السابقة و حلفاء الامس بطلب تأجيل أعادة كركوك الى كردستان و لكنهم كانوا مستعدين لأنهاء التعريب وعودة الكرد الى ديارهم في كركوك و كانوا ايضا مستعدين لكتابة تعهد بذلك الى حين تشكيل حكومة منتخبة.
بعد أجرء الانتخابات بدأت هذه القوى تطالب التأجيل و لكنها سحبت أعترافها و تحاول سحب أعترافها بكردستانية كركوك و ترفض تنفيذ البند 58 من الدستور المؤقت حول كركوك و التعريب.
هذا التراجع التدريجي للقوى العراقية من الاعتراف بكردستانية كركوك هو جرس أنذار للكرد بأن حلفاء الامس يريدون التحايل على الكرد و طوال هذه السنين كانوا يريدون استخدام الكرد و الورقة الكردية من أجل اضعاف النظام البعثي و الوصول الى الحكم.
الان هناك الكثير من الاشخاص و حتى الاطراف العراقيين يتهمون الكرد بأنهم رفعوا سقف مطالبهم او أنهم يمارسون سياسة لوي الذراع. بالله عليكم يا مؤمنين و يا مسلمين، هل الكرد رفعوا سقف مطالبهم أم أن الاحزاب العراقية تنصلت من وعودها و من حقائق كانت تعترف بها الى الامس القريب!!
ما يقولة الان الكرد و ما يطالبون بها هي نفس المطالب التي كانوا يطالبون بها سنة 1961. و لكن الذي حصل هو أن الاحزاب العراقية و قائمة الائتلاف و غيرهم هم الذين تراجعوا ويريدون التحايل على الكرد. فالذي لا يعترف على الورق بكردستانية كركوك فكيف سيوافق عليها عمليا. والذي لا يوافق على كردستانية كركوك الان فسوف لن يوافق عليها عندما يستلم السلطة .
عجيب أمر هؤلاء، يقولون للكرد وافقوا على سياساتنا و على حكومتنا، وأما حقوقكم فالله كريم و أصبروا و سنرى. لا أدري ماذا يتصور هؤلاء الكرد. أهم سذج الى هذه الدرجة !!! كيف يريدون بناء العراق وبموافقة الكرد و لكنهم يرفضون حتى أعطاء وعد للكرد يطمئنونهم فيها على مستقبلهم. لا أدري لماذا لا يطالب هؤلاء القائمة الشيعة بالاعتراف بحقوق الكرد و الاستعجال بأيجاد صيغة ملائمة للحل بدل أن يتهموا الكرد بسياسة لوي الذراع. فأمتناع الكرد عن المشاركة و الموافقة على حكومة قائمة الائتلاف هو أخر ثاني أسلحة يمتلكها الكرد وهو سلاح ديمقراطي و معاصر.
فالتعاون أو عدم التعاون مع اية قائمة كانت هو حق ديمقراطي والذي لا يرضى بتنفيذ قانون وقعوه و بشئ اعترفوا به طوال عشرات السنين، فأنهم سوف لم ولن يعترفوا به.
فهل سيبيع الكرد حقوقهم مرة أخرى بالدَين و الدفع لحين يفتح الله و تلين القلوب الحجرية؟؟ فالموافقه على الاشتراك في الحكومة القادمة من دون تنفيذ و أعطاء ضمانات أكيدة وموثقه لحقوق الكرد كاملة، هو كالذي يبيع أغلى ما لدية بالدَين لشخص متأكد من أنه سوف لن يوفي بدينة و يدفع له حقه.
أن ما تتعرض له الاطراف الكردية من هجمات هذه الايام، يطالبونهم فيها بالاستعجال و الموافقة على التحالف مع قائمة الائتلاف هي محاولات مفضوحة من أجل أن تحصل قائمة الائتلاف على ما تريد و يحرم الكرد من كركوك رسميا. فالسياسة العقلانية تعني أعطني حقي و خذ حقك. و التوافق يعني الاتفاق و ليس الفرض. و ليضغط المستعجلون على الاخرين كي يوافقوا على حقوق الكرد وباقي القوميات و الاطراف كي ترى حكومتهم النور. فالكرد مقابل حقوقهم ليس أمامهم ألا الرفض لسبب بسيط وهو أن الشعب الكردي سوف لن يقبل تأجيل قضية كركوك و الديمقراطية تفرض سماع صوت الناخبين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تحذير دولي من كارثة إنسانية في مدينة الفاشر في السودان


.. أوكرانيا تنفذ أكبر هجوم بالمسيرات على مناطق روسية مختلفة




.. -نحن ممتنون لكم-.. سيناتور أسترالي يعلن دعم احتجاج الطلاب نص


.. ما قواعد المعركة التي رسخها الناطق باسم القسام في خطابه الأخ




.. صور أقمار صناعية تظهر تمهيد طرق إمداد لوجستي إسرائيلية لمعبر