الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جوّع كلبك يتبعك

سيدة عشتار بن علي

2012 / 10 / 27
مواضيع وابحاث سياسية


في مجتمعاتنا العربية كان الجوع بمختلف انواعه هو ثروتنا المعلنة ,فقد كانت ومازالت سياسة التجويع والحرمان هي السياسة المعتمدة للحكام العرب ,وبها يضمن الطغاة الاغبياء استكانة شعوبهم وتخليها عن انسانيتهم في سبيل الاستمرار والبقاء ......
يروى ان احد الملوك كان ظالما لاهل مملكته ,غاصبا لاموالهم وحقوقهم فحذّرته زوجته بعدما سمعته من اصوات الشكوى والقهر قائلة :اني لارحم هؤلاء لما يلقون من الجهد ....ونحن في العيش الرغد، إني لأخاف عليك أن يصيروا سباعًا وقد كانوا لنا أتباعًا. فردّ عليها "جَوِّعْ كَلْبَكَ يَتْبَعْك ...ثم لبث زمانا وهو يعمل بحكمة تجويع الشعب كي يضمن ولائه وخضوعه الى ان طفح الكيل بتلك الاشباح الراكعة ,فثارت ووثبت عليه فقتلته ونكلت به فمرّ احدهم على جثته وكان قد سمع بقوله :جوّع كلبك يتبعك فقال :ربّما أكل الكلب مؤدّبه اذا لم ينل شبعه.....وبذلك ارسل المثل القائل :جوّع كلبك يتبعك
قصة ذات مغزى عميق تفنّد المقولة المعروفة بان الاذلال والتّجويع لا يصنع الوعي والثورة فالفقراء والمحرومون لا يمكنهم القيام باي نشاط سياسي او فكري بما ان كل اهتمامهم يكون منصبا على توفير لقمة العيش
سياسة الاذلال عبر التجويع مازالت سياسة معتمدة لكل من يمسك بزمام الامر من الحكام العربي ,وحكمة تجويع الكلب مازال الاغبياء يعملون بها رغم ان تجربة الانتفاضات العربية اثبتت بطلانها ,فالاشياح الجائعة المهملة والمهمشة والتي لا تدخل في حسابات اولي الامر الذين الفوا العبث بمصائر ومقدرات الشعوب العربية فاجأت انظمتها والعالم بانفجار اثبتت من خلاله انها قادرة على الغضب وقهر الخوف واكل لحم مغتصبها اذا ما جاعت ومورس عليها سياسة الاذلال بحرمانها من كسرة الخبز....
من منا لا يذكر ذلك الكرم الحاتمي الذي هل فجأة على رؤساء وحكام الانظمة العربية ابان الانتفاضات العربية التي كانت تسري كسريان النار في الهشيم فقد كانت هذه الانظمة الى وقت قريب قبل قيام الثورات تبخل على شعوبها بابسط ضروريات الحياة او بنسمة ديمقراطية تشعرها بانسانيتها ثم فجأة وبمجرد ان لفت القارعة ما لفت من الانظمة تحققت هداية العالي القدير وانتفضت الضمائر من سباتها فخرجت الاموال والمساعدات والعطايا لتغدق على الشعوب التي كانت تتوسل بالدعاء والركوع طمعا في رحمة اولي الامر وبركاتهم ....لقد ادركوا وقتها ان هبّة الجياع لا تقهر وان ارادة الشعوب التي كانت عبر التاريخ وقود الثورات ومعولها لا سبيل الى محاولة اخمادها وانها قادرة على تحطيم جميع انواع القيود وتخليص نفسها من الطغاة مهما بلغ جبروتهم.......
الغباء العربي المتأصّل لم يمكّن الحكام الجدد من استيعاب الدروس او على الاقل ابتكار اساليب جديدة لممارسة قمعها ومازالوا الى اليوم يكررون ويجترون نفس سياسة التجويع التي عصفت برقاب غيرهم ومازالوا يعتمدون الجوع كسلاح في حربهم ضد شعوبهم وكما قال السّياب العظيم في انشودته واصفا حال العراق الذي ينطبق على احوال جميع الشعوب العربية :

وَمُنْذُ أَنْ كُنَّا صِغَارَاً ، كَانَتِ السَّمَاء
تَغِيمُ في الشِّتَاء
وَيَهْطُل المَطَر ،
وَكُلَّ عَامٍ - حِينَ يُعْشُب الثَّرَى- نَجُوعْ
مَا مَرَّ عَامٌ وَالعِرَاقُ لَيْسَ فِيهِ جُوعْ .
مَطَر ...
مَطَر ...
مَطَر ...
في كُلِّ قَطْرَةٍ مِنَ المَطَر
حَمْرَاءُ أَوْ صَفْرَاءُ مِنْ أَجِنَّـةِ الزَّهَـرْ .
وَكُلّ دَمْعَةٍ مِنَ الجيَاعِ وَالعُرَاة
وَكُلّ قَطْرَةٍ تُرَاقُ مِنْ دَمِ العَبِيدْ
فَهيَ ابْتِسَامٌ في انْتِظَارِ مَبْسَمٍ جَدِيد
J’aime ·








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كاتس: تركيا رفعت العديد من القيود التجارية المفروضة على إسرا


.. واشنطن تفتح جبهة جديدة في حربها التجارية مع الصين عنوانها ا




.. إصابة مراسلنا في غزة حازم البنا وحالته مستقرة


.. فريق أمني مصري يتقصّى ملابسات حادث مقتل رجل أعمال إسرائيلي ف




.. نزوح الأهالي في رفح تحت القصف المستمر