الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مسكين هو الشعب اللبناني في عيد الحرية

يوسف العادل

2005 / 3 / 7
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


مسكين أيها الشعب اللبناني في عيد الحرية
لبنان الآن يقبع بصرة أحزانه، على بوابة مأساته الثالثة، بعد أن مر بمأساتين:
1. المأساة الأولى التي تمثلت بالحرب الأهلية اللبنانية سيئة الصيت التي أسست للمأساة الثانية.
2. المأساة الثانية المتمثلة بدخول الجيش السوري إلى لبنان على خلفية المأساة الأولى وبمباركة الإدارة الأمير كية وإسرائيل والنظام العربي الرسمي يومذاك(1976)

ولو كانت المسألة محصورة في إطار الخروج المأمول والمرتقب للجيش السوري من لبنان، لكانت انتهت المأساة اللبنانية برمتها وباركنا جميعاً هذا العتق من النار، وهذه الحرية، لكن الأمر غير ذلك،فالأمر أمر المأساة الثالثة التي يشارك فيها( ويا مهزلة التاريخ) نفس أقطاب المأساتين آنفتى الذكر والذين يطبخون هذه المأساة على نار الصفقات السياسية التي تعد في الأروقة كما يلي:
1. لم ينطلق القرار1559 أساسا من أجل سواد عيون لبنان لتحريره ، ولو كان الأمر أمر تحرير لبنان، لما تُرك لبنان كل هذه السنين فريسة للوجود العسكري السوري وللاحتلال الصهيوني لجنوبه بما في ذلك اجتياح الجيش الصهيوني وحصار بيروت1982وصولاً إلى تناسي القرارات الدولية التي تخدم لبنان، لذلك فهذا القرار مطلب حقٍ يُراد به باطلاً، والحق هنا هو أن يخرج الجيش السوري من لبنان، أما الباطل فهو قائم في الصفقة المطلوبة أمير كيا بين الإدارة الأمير كية وبين السلطة السورية التي عليها الإذعان للترتيبات الأمير كية في العراق أويتم نقل اللعب المكشوف ( الأحمق) إلى لبنان كائنةً ما كانت النتائج وفي أولها الخناق الذي يشتد الآن على رقبة النظام السوري المأزوم لبنانياً بشكل غير مسبوق ،وانتقال فوضى احتلال العراق إلى لبنان وربما إلى سوريا.
2. لاشك بأن المعارضة اللبنانية والموالاة تناوبوا في الجلوس على كرسي العمالة للخارج خلال السنوات السابقة، فمنهم من اجتاح لبنان جنباً إلى جنب مع إسرائيل وأبرم اتفاق 17/5/1983معها ومنهم من يريد عودة النفوذ الفرنسي التقليدي إلى لبنان وهو الآن قيد الاحتضان الاختياري في فرنسا، ومنهم من يريد دوام الوجود السوري في لبنان( الموالاة) ومنهم من ينتظر.
ويبدو أن الجميع ( معارضة وموالاة ) مجمعون في عمق وجدانهم(إذا كان لهم وجدان) على بقاء لبنان في حالة احتلال للجهة التي تسند هذا الفريق أو ذاك من المعارضة والموالاة، لذلك فانتفاضة الاستقلال التي أطلق تسميتها الحليف التاريخي للنظام السوري في لبنان سابقاً والمعارض الباسل للوجود السوري في لبنان حالياً
( السيد وليد بيك جنبلاط) ما هي إلا انتفاضة الانتقال من النفوذ السوري الحالي إلى النفوذ الأمير كي أو الفرنسي أو كلاهما معا أو إلى أي نفوذ آخر أو إلى نفوذ الفوضى العارمة.والمسكين هو الشعب اللبناني.
3. من يتابع الإعلام هذه الأيام سيلمس عمق الأزمة السياسية للنظام السوري لبنانياً، التي شارف فيها على العزلة الدولية والإقليمية والنطق بالشهادتين للضغوط المستفحلة عليه والتي وضعته أمام أحد الخيارات التالية:
• الخيار الأول ، خيار احتواء الأزمة، وتأجيل استحقاقاتها، بدأه النظام السوري بتقديم أول تنازل عميق تمثل باستقالة حكومة عمر كرامي( التي بدت وكأنها مفاجئة)، كدفعة على الحساب الجاري للمعارضة اللبنانية التي يريد اختراقها من خلال التجاوب مع مطالب مريدي تنفيذ اتفاق الطائف الأقل وطأة على النظام السوري من رعونة القرار1559الذي سيرمي بهذا النظام خارج الإحداثيات جميعها، هذا إلى جانب تصريحات المسئولين السوريين عن انسحابهم القريب من لبنان في مسعىً لتهدئة الأزمة ولم تلق الدبلوماسية السورية المستنفرة وكذلك المسئولون السوريون غير إعراض الأنظمة العربية عنهم وطلب الانسحاب العاجل من لبنان،والقادم أخطر.
• الخيار الثاني وهو تنفيذ الانسحاب العاجل مضمون القرار1559الأمر الذي سيخلط الأوراق وسيعيد لبنان إلى مربع الحرب الأهلية، لأن تقاسم كعكة السلطة في لبنان على خلفية قوة الموالاة وحزب الله على الأرض العسكرية التي ستترجم نفوذاً سياسيا لهؤلاء في ظل اختلال موازين القوى الداخلية( بعيداً عن أي وجود خارجي) في غير صالح المعارضة سيطرح من جديد في إثر الانسحاب السوري مسألة التدخل الخارجي لضبط الأوضاع في لبنان ولعل المرشحين لذلك هم الجيش الأمير كي أو الإسرائيلي أو كلاهما معاً مع تحالف دولي إن لزم الأمر،وهنا ستنجر الجغرافية العراقية إلى لبنان وقد يحترق لبنان، على قاعدة جملة عوامل داخلية وخارجية يصعب احتواؤها، والمسكين هو الشعب اللبناني.
• الخيار الثالث خيار المناورة وترحيل استحقاقات أزمة النظام السوري إلى الأمام وهو ما تجسد فيما ما أعلنه الرئيس السوري في خطابه أمام مجلس الشعب 5/3/2005عن انسحاب كامل القوات السورية إلى البقاع ثم إلى الحدود السورية اللبنانية ، ولعل شيطان التفاصيل واللبس كان يقبع في هذا الإعلان من حيث غياب التحديدات الزمنية الصارمة للتنفيذ مما أدخل الشك العميق في قلب العماد ميشيل عون الذي أقلقه إعلان الانسحاب الملتبس، وبدرجة أقل كانت شكوك الآخرين من المعارضة اللبنانية.
ويبدو أن خطاب الانسحاب يشكل مرحلة في الأزمة اللبنانية التي سيندفع مسارها إلى مستويات متقدمة بالمعطيات التالية:
• لقد أطفأ الخطاب حالة الفضول والترقب التي سادت في جميع الأوساط.
• لقد حرر الخطاب، النظام السوري من آنية و ملحا حية الضغوط و الاستحقاقات وأعطاه هامش مناورة زمنية على الأقل للإفلات مما هو مطلوب منه حسب الإمكان.
• قد تنجح لغة إعلان الانسحاب الغامضة والتأويلات التي تنطوي عليها في شق التحالف الضاغط على النظام السوري إلى قسمين:
1. قسم يقبل بتطبيق اتفاق الطائف مع فتح اسطوانة الغزل مع النظام السوري والنوم على وسادة إعلان الانسحاب،والتساهل في الجداول الزمنية.
2. قسم يتمسك بقصوية وتطرف واستعجال تنفيذ مطالب القرار1559.
ويبقى هذا الرهان قائما بالنسبة للنظام السوري الذي بدأت تلاحقه لعنة الأزمة العراقية التي انطلقت منها الأزمة اللبنانية، حيث بات لزاماً عليه إضافةً إلى ترك الساحة اللبنانية، أن يتخلى عن دعمه لما يسمى قوى الإرهاب على الساحات(اللبنانية والفلسطينية والعراقية) وأن ينسى مساره التسووي القديم(العادل والشامل ووديعة رابين الخ..) وأن ’يجري الإصلاح السياسي الداخلي المطلوب وفق النغمة الأمير كية السائدة ،ويبدو أنه بات لزاماً عليه السير برجليه إلى نفس المصير الذي لاح للنظام المصري الذي بدأ بتعديل الدستور قبل أن تقع الفأس بالرأس.
وإذا كان النظام السوري قد نجح تاريخياً حتى عشية أزمته الحالية في اللعب المجدي على وتر الإصطفافات السياسية المتناقضة ونقل بندقيته من كتف إلى كتف والإفلات من استحقاقات الأزمات التي مر بها هذا النظام، فإن ما يمر به حالياً من عزلة دولية وإقليمية يجعل أزمته الحالية بمثابة مرض الموت السياسي له.
فمسكين هو الشعب اللبناني وهو يدخل عشية حريته إلى مأساته الثالثة.
يوسف العادل
5/3/2005








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ليبيا: ماذا وراء لقاء رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني


.. صفاقس التونسية: ما المسكوت عنه في أزمة الهجرة غير النظامية؟




.. تونس: ما رد فعل الرئيس الأسبق المنصف المرزوقي بعد فتح تحقيق


.. تبون: -لاتنازل ولا مساومة- في ملف الذاكرة مع فرنسا




.. ما حقيقة فيديو لنزوح هائل من رفح؟ • فرانس 24 / FRANCE 24