الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نمط حياة هذا العالم المحموم (1)

مجدى زكريا

2012 / 10 / 28
الصحة والسلامة الجسدية والنفسية


هل يسحقك احيانا نمط الحياة المحموم ؟ هل يترككم مثبطين, متعبين, ومستنزفى القوى فى كفاحكم للتغلب على الصعاب ؟. اذا كان الامر كذلك, فأنتم ليس وحدكم.
ملايين الاشخاص وخصوصا سكان المدن, يجدون ان الحياة دوامة من السرعة المربكة والمرهقة. ولنطبق هذه الحالة بشكل خاص فى البلدان الغربية. ففى اجتماع دينى جرى مؤخرا فى الولايات المتحدة وطلب احد الخطباء من الحضور ان يرفعوا ايديهم اذا كانوا يشعرون بالتعب معظم الوقت. فارتفع على الفور بحر من الايادى.
يقول كتاب لم انا متعب الى هذا الحد ؟ : " ان الحياة العصرية مليئة بالتوترات التى لم نكن نسمع عنها قبلا - اللحاق بالطائرة فى الوقت المناسب, تسليم عمل قبل المهلة المحددة واخذ الاولاد الى مدرسة الحضانة واصطحابهم منها فى الوقت المحدد - والقائمة لا تنتهى ". فلا عجب ان يوصف التعب بلعنة ايامنا.*
كانت الحياة فى الماضى ابسط ونمطها ابطأ. وكان الناس يعيشون بانسجام اكبر مع دورات الطبيعة - فكان النهار للعمل, والليل للعائلة والنوم. اما اليوم, فهنالك اسباب عديدة تجعل الناس يشعرون بالتعب والارهاق اكثر فأكثر.
احد العوامل هو ان الناس ينامون اقل. ومن اهم التطورات التى اثرت فى وقت النوم النور الكهربائى. فبكبسة ذر, صار الناس قادرين ان يتحكموا فى " طول " النهار. وسرعان ما بدأوا يخلدون الى النوم متأخرين.* وفى الواقع لم يكن لدى الكثيرين الخيار لأن المصانع بدأت تعمل بشكل متواصل والمؤسسات التى تؤمن الخدمات تمدد دوام عملها. قال احد الكتاب : " لقد ولد مجتمع ال24 ساعة ".
وهنالك تطورات اخرى فى التكنولوجيا لعبت ايضا دورا فى حرمان الناس من النوم اللازم. مثل الراديو. التلفزيون, والكمبيوتر الشخصى. ففى بلدان عديدة, تبث البرامج التلفزيونية 24 ساعة فى اليوم, وصار مألوفا ان يذهب محبو الافلام وهواة الرياضة الى عملهم نعسا ومجهدين بعد ليلة طويلة من مشاهدة البرامج. اما حيازة اجهزة كمبيوتر فى المنازل فتقدم قائمة لا تنتهى من اشكال التسلية, وهى ايضا تغرى الملايين بالسهر حتى وقت متأخر. طبعا, ان حيازة هذه المنتجات ليست خطأ بحد ذاتها, لكنها تزود بعض الاشخاص حافزا اضافيا لتجاهل الحاجة الى الراحة.
لم تصبح ايامنا اطول فحسب بل يبدو ان الحياة بحد ذاتها تجرى بشكل اسرع - وتلعب التكنولوجيا مرة اخرى دورا فى ذلك. فقد ولت ايام عربات الخيل التى جابت الطرقات منذ اقل من قرن لتحل محلها اليوم السيارات السريعة, القطارات فائقة السرعة, والطائرات النفاثة. ورجل الاعمال العصرى يمكنه ان يطير عبر المحيط الاطلسى بين وجبتى طعام, فى حين كان جده على الارجح يذهب الى عمله سيرا على الاقدام او ممتطيا صهوة جواد او راكبا على دراجة.
شهد العمل المكتبى ايضا ثورة هائلة تدعم السرعة والانتاجية. فقد استبدلت الالات الكاتبة والبريد التقليدى باجهزة الكمبيوتر, الات الفاكس, والبريد الالكترونى. وبوجود الكمبيوتر القابل للحمل, الهاتف الخلوى, اجهزة النداء الالكترونية صار المرء يخال نفسه فى المكتب وهو جالس فى بيته.
طبعا, لا احد منا يمكنه ان يبطئ نمط الحياة المتسارع. لكن يمكننا ان نصنع افراديا تعديلات تسمح لنا ان نعيش حياة اكثر هدوءا واتزانا. لكن قبل ان نتطرق الى هذه المسألة, لنفحص بعض تأثيرات نمط الحياة المحموم اليوم علينا شخصيا وعلى المجتمع عموما.
" يتبع "

* ليست الضغوط اليومية بالضرورة المسبب الوحيد للتعب المزمن. فهنالك ايضا المشاكل الصحية, النظام الغذائى غير الملائم, تناول العقاقير, التلوث الكيميائى, المشاكل العقلية والعاطفية, الشيخوخة, او اى اتحاد لهذه العوامل.
* يوجد هناك مايدعى بالتلوث الضوئى على غرار التلوث البيئى, ويسببه تعرض الانسان للضوء الصناعى فترات طويلة اثناء الليل. مما يؤدى الى نقص مادة الميلاتونين فى الجسم.ونقص هذه المادة يؤدى الى التعب المزمن, وضعف المناعة والاصابة ببعض انواع السرطان.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - حياة على وتيرة واحدة
عبله عبد الرحمن ( 2012 / 10 / 29 - 11:38 )
تحية استاذي مجدي زكريا
مقالة في صميم الوجع اليومي والارهاق النفسي الحمد المحقق اهنا ننا لسنا وحدنا في هذا الوجع
الاسباب كثيرة كما ذكرت في مقالتك لاحباط نوعي في حياة تفقد مقومات الصحة والسعادة

اخر الافلام

.. استدعاء الهيئة الناخبة في الجزائر للانتخابات الرئاسية


.. الانتخابات الأوروبية: أي تداعيات لفوز اليمين الفرنسي المتطرف




.. الانتخابات الأوروبية: كيف استهدفتها حملات التضليل الروسية؟


.. مجلس الأمن يقر مشروع قرار أميركي بشأن التهدئة في قطاع غزة بـ




.. القيادي بحماس محمود مرداوي لسكاي نيوز عربية: نرفض أي حل يجتز