الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أوراق من المعتقل . الورقة الحادية عشر . مركزية ديمقراطية أم ديمقراطية مركزية ؟

باسم الخندقجي

2012 / 10 / 29
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية


الذي يتعمق في التغيرات الحاصلة في البنية التنظيمية للحزب ، سيصطدم مباشرة مع هذا السؤال ،الذي يحمل في طياته تخوفاً حقيقياً من مصير وحدة الحزب التنظيمية ، بعد إلغاء العمل بالمبدأ الأساسي المركزي الديمقراطية ، والذي تم الإجهاز عليه في المؤتمر الثالث للحزب ، من خلال التعديلات على النظام الداخلي الذي ينص في هذا الإطار :"ويقيم حزبنا تنظيمه وفق الأسس الديمقراطية في إطار وحدة الحزب ، وبما يضمن التوازن بين حرية النقاش والتعبير عن الرأي ، وبين الإلتزام بوحدة العمل وقرارات الحزب .
ويتجلى جواب السؤال في :"ويقيم هيئاته بالإنتخابات الديمقراطية المباشرة مراعياً مبدأ التجدد والتواصل وإشاعة العلاقة الديمقراطية في حياته الداخلية بما يتناسب مع ظروفه النضالية "
إن مبدأ المركزية الديمقراطية هو عماد الحزب ، وركيزته التنظيمية القائمة على أساس تسوية التناقضات الداخلية وتعزيز وحدة الإرادة التي هي بحد ذاتها المحرك الذي يدفع الحزب بثبات وعزم نحو تحقيق أهدافه . ومهما كان التغيير ، ومهما كانت ذروة التجدد ، إلا أنه لا يمكننا الإنسلاخ بهذا الشكل المُشوش والمتخبط عن القاعدة التنظيمية الأساسية التي بناها ورسخ أسسها (لينين) مهندس التنظيم الأول ، ومن هنا علينا أن ندرك بشدة أصلنا الماركسي اللينيني في عملية التجدد والتقدم ، إذ أنه بهذا التغير المتماهي غير واضح المعالم ينشأ السؤال الذي وضعته عنواناً ،والذي سيجد إجابة له حتماً فيما ينص عليه النظام الداخلي في الجانب التنظيمي ، ألا وهو " الديمقراطية المركزية " وهذا يعني تحول صريح وخطير يقودنا إلى التفكك الداخلي عبر تمركز " السلطة ديمقراطية " بأيدي أشخاص لهم أهدافهم الخاصة التي يسعون إلى تمريرها وتحقيقها من خلال شعار الديمقراطية ، وهذا سيؤدي إلى زوال هيبة الحزب ، وتلاشي سلطته المتمثلة بوحدة الإرادة والإنضباط ، وتمركز هذه الهيبة وإرتباطها بأشخاص،ومن هنا فإن التحول ينعكس في إنحسار التنظيم وتنامي العقيدة والهيبة الشخصية ، ومهما كانت مبررات ومسوغات إلغاء المبدأ اليساري التنظيمي الأصيل فإنها لن تكفي إذ أن المبرر الأكبر لهذا الإلغاء ، قد يكون أن ظروف العمل السَري التي كان يعمل بها الحزب يطبق في شؤونه التنظيمية المركزية قد ولت و أصبح الحزب الآن يمارس أنشطته في العلن وبهذا فإن المركزية الديمقراطية ليس لها ضرورة في العلنية . ولكن الظروف التخبطية للحزب الآن تملي علينا إعادة العمل بهذا المبدأ ،والعمل العلني الجماهيري الآن هو الذي يُعرض وحدة الحزب الداخلي للخطر ،إذ أن الاحتكاك المباشر مع المحيط الاجتماعي والقيام بالأنشطة على كافة أشكالها وأنماطها يؤدي إلى الإنفتاح اللاممنهج والذي لا يمكن أن تكون "الديمقراطية المركزية"درعاً يحميه.والحاصل الآن ما بعد المؤتمر الثالث هو انعدام التأثير المركزي على الهيئات الوسيطية والقاعدة الحزبية أيضًا وهذا هو حتمًا فقدان الجسم التنظيمي لاتزانه مما أدى إلى وقوعه و تخبطه.
وعندما نبحث ونتعمق أكثر في هذا التغير،سنجد أننا نقترب شيئاً فشيئاً من أيديولوجيات ومن حركات وأحزاب كنا وما زلنا حسب إعتقادي نتخذها مثالاً رجعياً وسلبياً في منهجها التنظيمي المشوه وننتقدها بإستمرار وأحياناً نطالبها بالإصلاح والوحدة الداخلية . إن مبدأ المركزية الديمقراطية الذي هو بمثابة ثنائية متناقضة مثل المغناطيس هو الذي يعزز الإنضباط الواعي الذي يقف سوراً منيعاً في وجه الإنتهازيين الذي ينادون بديمقراطية شوفينية هي بحد ذاتها الديمقراطية المركزية المتمثلة بمجموعة أشخاص متنفذين داخل الحزب و هذا الإنضباط المولود من رحم المركزية الديمقراطية وعرفه لينين" وحدة الأعمال وحرية المناقشة والإنتقاد ".
إذ أن المركزية الديمقراطية تعكس في تطبيقها تنظيم الإرادة المشتركة بين أعضاء الحزب وتعكس أيضأ إبداعاً بناءً يتميز في الوعي الإنتقادي الذي لم يعد يوجد له أُفق بعد إلغاء المبدأ وهذا ما يحمل الحزب مسؤولية رئيسية وتاريخية بإهماله في تعزيز الوعي الإنتقادي لدى القاعدة الحزبية إذ أن هذا الوعي يلعب دوراً حاسماً في إعادة النظر في البرامج والخيارات الحزبية والتنظيمية الداخلية وهذا من خلال إيقاظه وإنعاشه فهو موجود ولكنه بحاجة إلى شرارة وإلغاء العمل بمبدأ المركزية الديمقراطية لا يمت للتجدد والإبداع بصلة فهذا إلغاء يشكل بحد ذاته خطراً بدأ يطفو على السطح خطر يتمثل في اللامبالاة بقرارات الحزب المركزية وإعادة العمل بهذا المبدأ ليس تحجراً ولا عرقلة بمسيرة التقدم بل هو إعادة تصحيح إيجابية تهدف إلى النهوض المدعوم تنظيمياً وداخلياً في نفس الوقت يحمي الحزب من إتجاهات فضفاضة تُندر بإنتهازية المُدمرة .
إن المبادئ الماركسية اللينية ما تزال تحيى وتعيش داخل أورقة هذا الحزب ،و أذا كان هناك ثمة جزع برجوازي صغير يقول أن هذه التعاليم والمبادئ إنهارت مع انهيار الإتحاد السوفيتي لذلك وجب التغيير .فإن الإنسلاخ عن هذه المبادئ لن يفي بقيادتنا إلى بر الأمان،بل التجدد المرتبط بالجوهر الماركسي الأصيل هو الذي يقودنا إلى الإستمرارية والتقدم،وكيف يمكننا الإستمرار إذا كانت هويتنا وسياستنا التنظيمية الرئيسية مشوهة وغير واضحة المعالم ؟! إن المركزية الديمقراطية هي التناقض الإيجابي الأصيل الذي يحمي الحزب من التناقض الهدام السلبي،ولا تعني المركزية الديكتاتورية الحديدية بل هي حرية تنبع من السيطرة على ذاتنا الحزبية من خلال أداة تنظيمية صارمة تضبط الحركة التنظيمية، والمركزية الديمقراطية تمنح أفقياً رحباً و واسعاً للإدارة الحزبية،وهذا من خلال معادلة بسيطة الشكل معقدة الجوهر، هي:ديمقراطية في الإنتقاد والإنتقاد الذاتي والترشيح والتصويت،ومركزية ديمقراطية في وحدة الإرادة الحزبية والانضباط التنظيمي الداخلي. وهنالك مؤشرات إيجابية تولد من الواقع الذي تُطبق فيه المركزية الديمقراطية،وتتمركز هذه المؤشرات و العوامل البناءة في خلق العقل الحزبي الجماعي و الإلتحام الحزبي الهرمي أيضاً،إذ أن هذا العقل كفيل بردم الفجوات التي تحصل بين فترة وأخرى،ويقضي أيضاً على أية أوهام أيديولوجية تؤدي إلى الإنتهازية، ويكفل إضفاء المرونة الخالصة في الثنائية المتناقضة ،بمعنى ديمقراطية حرة واعية إنتقادية صاعدة إلى الأعلى،مقابل قرارات واعية مركزية تحتوي الإصلاح وتلبية التطلعات هابطة إلى الأسفل .
إنه من الصعب،لابل من المستحيل القضاء على تناقضات الحزب الداخلية،ولكن من الممكن أن تكون هذه التناقضات المحرك الرئيسي للحزب ودفعه نحو تحقيق أهدافه وتعزيز وحدته الداخلية،وهذا من خلال الفهم الواضح والعميق لطبيعة هذه التناقضات وما هي أسباب نشوئها وهنا تتجلى الإيجابية التقدمية على هذه التناقضات التي ستصبح حتماً محرك الحزب الداخلي . والعمل على إستنهاض وإيقاظ الوعي الإنتقاضي لدى القاعدة وتنوير الحزب وهيئاته التعبوية لهذه القاعدة سيؤدي إلى إدراك بناء لدى هذه القاعدة،إدراك واضح وصريح يقول أنه لا بديل عن المركزية الديمقراطية . وهذا ما يخلق "الإنتقاد الراديكالي" الذي هو بمثابة كفة التنظيم الأخرى،بحيث أن يكون هنالك توازن مابين المركزية وما بين الانتقاد ، فالمركزية تتطلب الإنضباط الصارم،وحرية الإنتقاد تتطلب إنتقاداً راديكالياً بناء يكفل التقدم والتغيير.
ووحده العقل الحزبي الجماعي من يقيم التوازن الهادف إلى تعزيز وحدة الإرادة من جهة وإزالة التشويش وفهم التناقض الداخلي من جهة أخرى . إن عدم إعتماد آلية واضحة تُنظم حركة الحزب الداخلية يُنذر بالتحول إلى حزب تحكمه المناطقية والبلدية و السلطة والهيبة الشخصيتين .
ومن هنا فإن إعادة العمل بمبدأ المركزية الديمقراطية هو العلاج المبكر للمرض القادم من الأعماق








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. - الغاء القوانين المقيدة للحريات ... آولوية -


.. أليكسي فاسيلييف يشرح علاقة الاتحاد السوفييتي مع الدول العربي




.. تضامناً مع غزة.. اشتباكات بين الشرطة الألمانية وطلاب متظاهري


.. طلبة محتجون في نيويورك يغلقون أكبر شوارع المدينة تضامنا مع غ




.. Peace Treaties - To Your Left: Palestine | معاهدات السلام -